رئيس لجنة المدعين: تعويضات ضحايا «11 سبتمبر» ستصل إلى نحو 150 مليار دولار

قال لـ «الشرق الأوسط» : طهران ملزمة بدفع 21 مليارًا لـ45 حالة فقط من مجموع 850

لقطة أرشيفية من هجمات {11 سبتمبر} (غيتي)
لقطة أرشيفية من هجمات {11 سبتمبر} (غيتي)
TT

رئيس لجنة المدعين: تعويضات ضحايا «11 سبتمبر» ستصل إلى نحو 150 مليار دولار

لقطة أرشيفية من هجمات {11 سبتمبر} (غيتي)
لقطة أرشيفية من هجمات {11 سبتمبر} (غيتي)

شهدت محكمة مقاطعة جنوب نيويورك ما بين عامي 2002 و2004، مجموعة من القضايا التي رفعها عدد من ضحايا أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) وشركات التأمين الخاصة بهم ضد دول ومؤسسات مالية ووسطاء ماليين وأفراد ومنظمات، جراء تقديمهم دعما مباشرا أو غير مباشر لمنفذي عمليات سبتمبر الإرهابية.
وقد حكم القاضي جورج دانيلز بتغريم إيران 10.07 مليار دولار لبعض ضحايا هجمات سبتمبر لثبوت تورطها الصريح في تلك الأحداث.
ولكن بقي السؤال الأساسي من أين ستدفع تلك الأموال؟ هل تستطيع المحكمة التصرف بالأموال الإيرانية المحجوزة في المصارف الأميركية؟ وماذا إذا لم تغط تلك المبالغ المحجوزة لدى المصارف الأميركية التعويضات التي أقرها القاضي؟ ماذا سيكون موقف إدارة الرئيس أوباما من هذا التطور؟
يقول المحامي جيمس كريندلر، رئيس لجنة المدعين في قضية تورط إيران وعملائها في المنطقة في مقدمتهم «حزب الله» اللبناني، إن هناك 850 حالة وفاة ونحو ألفي حالة إصابة، إضافة إلى مطالبات بتعويضات تأمينية، مثل تلف الممتلكات وتعويض العمال.
ويضيف كريندلر رئيس لجنة المدعين لـ«الشرق الأوسط» أن القضية التي تم الحكم فيها وتولاها القاضي دانيلز تخص 45 حالة وفاة فقط، وأصدر القاضي حكما غيابيا يقضي بتغريم طهران 7.5 مليار دولار لفائدة عائلات الضحايا الذين قضوا في مبنى مركز التجارة الدولية ومبنى وزارة الدفاع، وثلاثة مليارات أخرى لصالح شركات التأمين التي تضررت كذلك. ومع إضافة الفائدة على التعويض عن فترة ما قبل صدور الحكم، والتي تقدر بـ9 في المائة سنويا، سيتجاوز التعويض مبلغ 21 مليار دولار.
وقال كريندلر: «قبل نحو عام، طلب المدعون من القاضي تطبيق هذا الحكم على الـ850 حالة مع حالات الإصابات، والتأمين الاتحادي، وهو ما فعله. وعليه فإن مبلغ 7 مليارات ونصف المليار سوف تتجاوز 150 مليار دولار أميركي بكثير عندما نحصل على أحكام نهائية تخص بقية المدعين».
وتابع رئيس لجنة المدعين «كان الكونغرس أصدر قانونًا في نهاية العام الحالي، يُنشأ بموجبه صندوق لضحايا الأحكام ضد إيران، ويستخدم المال الإيراني الموجود ببنك (بي إن بي باريبا) الفرنسي. وتمت محاكمة بنك (بي إن بي باريبا) لانتهاكه العقوبات ونقل الأموال الإيرانية. وعن عشرات المليارات من الدولارات الإيرانية المجمدة لدى الولايات المتحدة والتي يتم إعادتها إلى إيران كجزء من الاتفاق النووي».
وقال كريندلر إن «القليل جدًا من هذه الأموال تحت السيطرة الأميركية ولكن التقديرات تؤكد أن الأصول المجمدة تبلغ على الأرجح ما بين 50 إلى 60 مليار دولار أميركي وتوجد خارج الولايات المتحدة».
وكان حاكم المصرف المركزي الإيراني، ولي الله سيف أعلن، أن الموجودات الإيرانية المجمدة في الخارج تبلغ 29 مليار دولار، وليس مائة مليار كما أعلنت الولايات المتحدة. ونقل التلفزيون الرسمي عن سيف قوله إن «23 مليار دولار هي موارد من عائدات المصرف المركزي، و6 مليارات تقريبا هي للحكومة، أي ما مجمله 29 مليار دولار».
وهذا الرقم أقل بكثير من التقديرات التي صدرت عن الولايات المتحدة بأن الموجودات الإيرانية المجمدة، بسبب العقوبات الدولية على برنامجها النووي، تتراوح بين مائة و150 مليار دولار.
وأوضح سيف أن «رقم مائة مليار كان يشمل 35 مليار دولار تعود إلى مشاريع نفطية، و22 مليارا أودعت بمثابة ضمانات في الصين». وتابع سيف «يمكننا استيعاب بين مائتي و300 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية».
ومنذ التوصل إلى اتفاق تمهيدي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، حصلت إيران على 10 مليارات دولار من أصولها المجمدة في مصارف أجنبية أو من احتياطيها من الذهب المجمد أيضا في الخارج، بحسب وسائل الإعلام الإيرانية.
من جهته يقول الحقوقي الأميركي مايكل روبرت: «في حادثة مشابهة وقبل أكثر من عام وقع الرئيس الأميركي أوباما مشروع قانون يقضي بالتعويض على الأشخاص الذين احتجزوا كرهائن في السفارة الأميركية في طهران. القانون الموقع يسمح لوزارة الخزانة الأميركية باستعمال مبلغ مليار دولار تقريبا رصد من أجل تلك الغاية. وكانت الإدارة الأميركية رصدت هذا المبلغ من الغرامة التي فرضتها الإدارة الأميركية على بنك BNPI لثبوت خرقه قانون العقوبات على كل من إيران وكوبا والبالغة تسعة مليارات دولار أميركي».
وتابع روبرت «إيران لم تلزم بدفع تعويضات للرهائن التي احتجزتهم طوال 444 يوما، وذلك تطبيقا لاتفاق الجزائر عام 1981 الذي حرر بموجبه الرهائن والذي ألزم الولايات المتحدة بمنع اتخاذ أي إجراءات قانونية ضدها من قبل المحتجزين عائلاتهم أو الحكومة الأميركية».
ويضيف روبرت «ومن المؤكد أن هذا الأمر لا ينطبق على عائلات ضحايا 11 ولا على الحكم الصادر من قبل القاضي دانيلز والذي ألزم إيران بدفع غرامة مالية تصل إلى 21 مليارا».
ويبقى السؤال من سيدفع التعويضات؟ هل سترصد إدارة أوباما الأموال اللازمة من جيب الأميركيين حتى لا يعكر صفو اتفاقه النووي مع إيران والذي غالبا ما وصفه في مقابلاته بالإنجاز؟
يقول الباحث الأميركي بجامعة جورج واشنطن ميشال يوهان: «قبل عام 1996، كانت الدول الأجنبية في مأمن من المسؤولية المدنية في المحاكم الأميركية عن النتائج الناجمة عن الأعمال الإرهابية من قبل وكلائها أو عملائها. في عام 1996 عدل الكونغرس الأميركي قانون حصانات السيادة الأجنبية من خلال السماح لرفع الدعاوى المدنية من قبل ضحايا الولايات المتحدة نتيجة الإرهاب ضد بعض الدول المسؤولة عن تلك الأعمال أو المتواطئة فيها. تمتع هذا التعديل بتأييد واسع في الكونغرس، ولكن في البداية قاومته السلطة التنفيذية. أما بعدما أسقطت القوات الجوية الكوبية طائرة مدنية فوق المياه الدولية، وقع الرئيس كلينتون التعديل على هذا القانون».
وأضاف يوهان «ليس واضحا بعد كيف ستتطور الأمور بعد قرار القاضي جورج دانيلز وإن كان من الصعب الحصول على تعويضات من دولة ثالثة، إلا أنه في تلك الحالة يمكن استخدام الأموال الإيرانية المجمدة في الولايات المتحدة لدفع المبالغ لأهالي ضحايا الهجمات من خلال قانون 1996».
من هنا جاءت تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية جابري الأنصاري الذي أعرب عن أسفه لنهج وزارة الخارجية الأميركية «غير المنطقي، غير الصحيح وغير الأخلاقي» في وضع إيران على لائحة ما يسمى بدول الراعية للإرهاب، وذلك لعلمه المسبق أن هذا الحكم قد يطال الأصول والأموال الإيرانية المجمدة في المصارف الأميركية.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.