الكنيسة الإنجيلية بألمانيا تدعو الأزهر لتدشين «بيت عائلة» للديانات الثلاث لنشر السلام

شيخ الأزهر يزور فرنسا للتصدي لأفكار «داعش» و«الإسلاموفوبيا»

الطيب خلال لقائه أسقف الكنيسة الإنجيلية في برلين أمس (الشرق الأوسط»)
الطيب خلال لقائه أسقف الكنيسة الإنجيلية في برلين أمس (الشرق الأوسط»)
TT

الكنيسة الإنجيلية بألمانيا تدعو الأزهر لتدشين «بيت عائلة» للديانات الثلاث لنشر السلام

الطيب خلال لقائه أسقف الكنيسة الإنجيلية في برلين أمس (الشرق الأوسط»)
الطيب خلال لقائه أسقف الكنيسة الإنجيلية في برلين أمس (الشرق الأوسط»)

في وقت دعت الكنيسة الإنجيلية ببرلين الأزهر في مصر للمشاركة في تدشين «بيت العائلة» في ألمانيا والذي يضم الديانات الثلاث لنشر السلام بين الشرق والغرب، قرر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر زيارة العاصمة الفرنسية باريس للتصدي لأفكار تنظيم داعش الإرهابي ومواجهة ظاهرة «الإسلاموفوبيا» التي انتشرت ضد المسلمين منذ أحداث تفجيرات باريس قبل أربعة أشهر، وأكد الطيب في ختام زيارته لألمانيا أمس، أنه «مستعد لزيارة كل أرجاء أوروبا لتعريفهم بالصورة الحقيقية للإسلام دين السلام الذي لا يعرف عنفا ولا تطرفا ولا انحرافا، حتى لو أساء إليه قلة من تابعيه، في إشارة إلى تنظيم داعش الإرهابي».
وسبق أن شن إرهابيون هجمات دامية على مناطق متفرقة في أوقات متزامنة بالعاصمة الفرنسية باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أسفرت عن وقوع أكثر من 140 قتيلا ونحو 200 مصاب، وأعلن تنظيم «داعش» الإرهابي وقتها تبني الاعتداءات والهجمات، وأعقب ذلك قيام عدد من المتطرفين في فرنسا بشن حملات عدائية ضد الإسلام والمسلمين.
وقالت مصادر مطلعة بالأزهر إن «المشيخة حذرت من قبل من مساعي تنظيم داعش الإرهابي لتأسيس خلايا صغيرة في أوروبا، للقيام بهجمات إرهابية موسعة على غرار هجمات فرنسا، التي وقعت قبل نهاية العام الماضي». وأكدت المصادر أن «هناك مخاوف الآن في الغرب خاصة بعد أن طورت (داعش) من قدراتها القتالية بشكل يتيح لها شن هجمات إرهابية كبيرة على الصعيد العالمي، خاصة في فرنسا من أجل زيادة أعداد الضحايا من المدنيين»، لافتة إلى أن «ما توعد به التنظيم ضد الغرب، مؤشر خطير جدا وينذر بالتصعيد من قبل التنظيم».
ويستعد الطيب لزيارة العاصمة الفرنسية باريس خلال الفترة المقبلة، في إطار جولاته الخارجية للحوار بين الشرق والغرب، وذلك بعد زيارته الخارجية الناجحة لكل من إندونيسيا في فبراير (شباط) الماضي، وألمانيا التي حققت ردود فعل دولية واسعة.
وأوضح مسؤول رسمي في المشيخة بالقاهرة أمس، أن «شيخ الأزهر يستعد لزيارة باريس في أبريل (نيسان) المقبل ضمن جولاته للحوار بين الشرق والغرب، وسوف يجري خلالها حوارا فكريا مع عدد من مفكري ومثقفي الغرب من خلال عدة حلقات نقاشية لإظهار الصورة الصحيحة للإسلام ومفاهيمه السمحة، بالإضافة إلى عدة لقاءات ومشاورات مع عدد من القيادات الفكرية والعلمية من أجل تفكيك ظاهرة (الإسلاموفوبيا) في الغرب والتقارب الحقيقي بين الشرق والغرب»، فيما قالت المصادر المطلعة إن «شيخ الأزهر سوف يفند للمجتمع الفرنسي أفكار تنظيم داعش الإرهابي، لحماية الشباب الفرنسي من أفكار التنظيم الخاطئة التي لا تمت للإسلام بصلة».
وتوعد «داعش» في فيديو مصور، قبل شهر، الغربيين بهجمات «تنسيهم» - على حد زعمه - هجمات نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) وهجمات باريس الأخيرة، وذلك عقب تنفيذ عملية إعدام خمسة «مرتدين» عراقيين، قتلهم بالرصاص خمسة من متطرفيه، يتقدمهم متشدد ناطق بالفرنسية.
في السياق نفسه، قال شيخ الأزهر أمس خلال لقائه براندينبورج ماركوس دروجه، أسقف الكنيسة الإنجيلية في برلين، إن زيارته لألمانيا ليست بحثا عن علاقة جديدة بين الإسلام والمسيحية؛ بل لإعادة إحياء العلاقة الأزلية بين الدينين الإسلامي والمسيحي، مشددًا على قناعته بضرورة تأسيس علاقات الصداقة بين علماء الدين الإسلامي ورجال الدين المسيحي قبل التفكير في إشاعة السلام بين الشرق والغرب، معربا عن استعداد الأزهر لتدريب أئمة أوروبا من أجل نشر ثقافة الوسطية والتعايش والسلام التي تقوم عليها مناهج الأزهر، مطالبا أوروبا بدعم المراكز الإسلامية الوسطية، لأنها الأقدر على تثقيف الشباب على الفكر الإسلامي الوسطي.
وأكد أسقف الكنيسة الإنجيلية أن «زيارة شيخ الأزهر لألمانيا تمثل دفعة هائلة للحوار بين الأديان ونشر قيم التسامح»، مشيرا إلى أن هناك علاقات وثيقة تربط بين الكنيسة الإنجيلية في برلين والكنيسة القبطية المصرية، موجها الدعوة لشيخ الأزهر للمشاركة في تأسيس «بيت للعائلة» في ألمانيا يجمع الديانات السماوية الثلاث، على غرار «بيت العائلة المصرية» في القاهرة والذي يضم مسلمين ومسيحيين.
من جهة أخرى، أكد مفتي مصر الدكتور شوقي علام، أن العالم كله يعيش الآن أزمة روحية وخلقية حقيقية تكاد أن تودي به وتدفع به مرة أخرى إلى شرور المهالك والحروب، مشيرًا إلى أنه قد آن للإسلام أن يوصل رسالته الروحية التي تعمل على إنقاذ الإنسان والبشرية من براثن طغيان المادية المدمرة.
وأضاف خلال كلمته في مؤتمر «دور القيم الروحية في التصدي للتطرف والإرهاب» بالهند وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها أمس، أن مجتمعنا العربي والإسلامي ظهرت فيه جماعات كثيرة، بأشكال وأسماء ومناهج متعددة ومتباينة، وكلها تدعو إلى المنهج الإسلامي وتجاهد من أجل عودة المجتمعات الإسلامية إلى جادة الصواب، لكن - وهذا مكمن الخطر - لا توجد جماعة منها قد اعتمدت منهج الإصلاح الروحي كأساس للعودة إلى الله تعالى وكأساس لصلاح الفرد والمجتمع مثلما يفعل التصوف.
وأوضح مفتي مصر أن من تلك الجماعات جماعات ركزت فقط على الإصلاح السياسي وارتأت أن الحكم هو أساس كل شيء؛ لكن التجربة؛ بل التجارب الكثيرة في مصر وغيرها من الدول قد أثبتت فشل هذه النظرية؛ بل إن هذه الجماعات ونتيجة للفشل الذريع لم تقف مع نفسها وقفة مراجعة لله تعالى، وإنما عالجت الخطأ بالخطأ، وتحولت من النضال والصراع السياسي إلى الإرهاب المسلح الذي سيدفعها؛ بل دفعها حتما إلى الانتحار.
ولفت الدكتور علام إلى أن هناك جماعات أخرى أرادت العودة لمنهج السلف بشكل ظاهري دون الاهتمام بالجانب الروحي أو تحسين الأخلاق، وجماعات أخرى يائسة بائسة قد اعتمدت التكفير منهجا والعنف والإرهاب وسيلة.. فهموا آيات الجهاد على غير وجهها وكفروا أهل القبلة واستباحوا دماءهم ودماء المواطنين الآمنين من أهل الكتاب، وشوهوا صورة الإسلام وجعلوه دين إرهاب وعنف ورجعية وتخلف؛ بل جعلوا الإسلام أضحوكة بين الأمم، وتلقفتهم أيدي أعداء الله والإسلام تمدهم بأسباب البقاء والقوة من مال وسلاح، ليقينهم أن هؤلاء أكبر قوة تدميرية ذاتية تستطيع أن تفعل بالإسلام ما عجزت عنه البوارج والطائرات الحربية والدبابات والقنابل.
ووجه مفتي مصر رسالة لكل هذه الجماعات التي انحرفت عن روح الإسلام ومقاصده العليا، قائلا: «لقد ضللتم طريق الصواب، وخالفتم النهج القرآني، وتنكبتم الهدي النبوي، فلم تصلوا إلا إلى ما أضر بالإسلام وشوه في عيون غير المسلمين حقائق الإيمان، وأصبحتم فتنة للناس».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.