ملك المغرب يدعو أفريقيا إلى تجاوز مخلفات الماضي

قال في رسالة إلى «منتدى كرانس مونتانا» إنه يجب ألا ينظر إليها كمصدر للهشاشة

ملك المغرب يدعو أفريقيا إلى تجاوز مخلفات الماضي
TT

ملك المغرب يدعو أفريقيا إلى تجاوز مخلفات الماضي

ملك المغرب يدعو أفريقيا إلى تجاوز مخلفات الماضي

دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس القارة الأفريقية إلى ضرورة تجاوز مخلفات الماضي الأليمة، وتأكيد حضورها كفاعل أساسي في العلاقات الدولية.
جاء ذلك في رسالة وجهها العاهل المغربي أمس إلى منتدى (كرانس مونتانا) في افتتاح دورته الـ27 بمدينة الداخلة، الواقعة بأقصى الجنوب المغربي، والتي يشارك فيه أزيد من ألف شخص من 131 دولة. وخلافا للعادة التي تقتضي تلاوة الرسائل الملكية من طرف مستشاري الملك، أو رئيس الحكومة أو وزير، أسندت تلاوة رسالته إلى الخطاط ينجا، الرئيس المنتخب لجهة الداخلة ووادي الذهب، في إشارة قوية إلى الأهمية الجديدة التي أصبحت تكتسبها الجهات في سياق تطبيق القوانين الجديدة للجهوية المتقدمة، والتي جرت على أساسها الانتخابات المحلية والجهوية في الرابع من سبتمبر (أيلول) الماضي.
وقال العاهل المغربي في رسالته إنه «بعد أن عانت قارتنا لعشرات السنين من جراح تقسيم للعالم فرضه الاستعمار، ومن الآثار الجانبية لنزاعات آيديولوجية لا شأن لها بها، فقد آن الأوان لكي تسترجع أفريقيا حقوقها التاريخية والجغرافية.. تاريخ غني لشعوب أفريقية وحدتها قرون من المبادلات والوشائج المتنوعة، وجغرافيا ملائمة لتحقيق تجمعات إقليمية مندمجة ومتكاملة».
وأضاف العاهل المغربي أن «على أفريقيا من الآن فصاعدا أن تؤكد حضورها كشريك أساسي في التعاون الدولي، وليس كمجرد موضوع له، أو هدف لرهانات الأطراف الأخرى. كما يجب ألا ينظر لأفريقيا على أنها مصدر للهشاشة، بل باعتبارها فاعلا أساسيا في عملية التقدم»، وزاد قائلا: «إن التعاون جنوب - جنوب لم يعد شعارا فضفاضا، ولا مجرد عنصر من عناصر السياسات التنموية، يختزل فقط في المساعدة التقنية، بل بات يخضع لرؤية استراتيجية متجانسة، تروم تنمية البلدان والاستجابة لحاجيات السكان. كما أصبح هذا التعاون مندمجا يتمحور حول مؤهلات وخبرات كل طرف».
وأشار العاهل المغربي إلى أن المغرب جعل من التعاون جنوب - جنوب ركيزة أساسية لسياسته الخارجية، ونهجا تسير وفقه كل أنشطته على الساحة الدولية، مضيفا أن المغرب «يسعى جاهدا إلى تحقيق برامج ملموسة في ميادين معينة، تهدف إلى تحقيق نتائج قابلة للقياس، من حيث أثرها على النمو والعيش الكريم لساكنة بلدان الجنوب، ليس فقط في المجالات الاقتصادية، بل أيضا الاجتماعية والثقافية والبيئية والدينية».
كما ذكر الملك محمد السادس أن العالم «يواجه بصفة عامة، والمناطق التي ننتمي إليها على الخصوص، تحديات بيئية غير مسبوقة، تحديات لا تخص فحسب الجوانب المناخية، بل تهم أيضا وبصفة خاصة، المجالات المرتبطة بالتنمية»، وقال بهذا الخصوص «إن القارة الأفريقية مدعوة لتقول كلمتها في هذا النقاش العالمي. فلا يجب عليها أن تلتزم الصمت، أو أن ترضخ لقرارات الغير، أو أن تكون مخيرة بين التنمية والإيكولوجيا».
وزاد الملك محمد السادس قائلا: «إن هذه الرؤية هي التي تبناها المغرب وجعل منها مذهبا، باستضافته للدورة 22 للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية، التي ستحتضنها مدينة مراكش في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل»، وعبر عن أمله في أن تشكل هذه الندوة العالمية مناسبة للاحتفاء بالتعاون جنوب - جنوب في خدمة البيئة، وأن تضع أفريقيا وكافة البلدان النامية في صلب الأجندة الدولية.
وأضاف العاهل المغربي بهذا الخصوص «إننا نراهن من خلالها على إسماع صوت القارة الأفريقية، قارة متحدة وقوية، ملتفة حول قضاياها، قارة يسمع صوتها ويصغى إليها»، مشيرا إلى أن العالم أصبح مطالبا اليوم «بابتكار أنماط تنموية، من شأنها ضمان عيش أرغد لشعوبنا، مع الحفاظ على شروط استدامته». ولهذه الغاية، قال الملك محمد السادس «فلنجتهد جميعا في هذا الاتجاه، ولنصغي للمبدعين وللشباب، الذين يجددون باستمرار، ويهيئون لنا عالم الغد».
في سياق ذلك، قال الملك محمد السادس إن من مسؤولية الدول أن تتبنى رؤى مستقبلية، وتعمل على بلورتها على أرض الواقع، من خلال تدابير مهمة وأوراش مهيكلة، مشيرا إلى أن السياسات العمومية، مهما كانت طموحة، تظل هشة ما لم يتملكها السكان ومنظمات المجتمع المدني.
كما ثمن العاهل المغربي اختيار مدينة الداخلة للمرة الثانية لاحتضان المنتدى، معتبرا أنه «غني بالدلالات، ويؤسس لانبثاق رؤية جديدة للصحراء المغربية، كأرض للتلاقي، وفضاء للمبادلات الإنسانية والتجارية، ولتبادل ما راكمه الشمال والجنوب، عبر تاريخهما من معارف».
من جانبه، أشاد جان بول كارتيغون، مؤسس المنتدى ورئيسه الشرفي، بالنموذج التنموي المغربي في محافظاته الصحراوية، وقال: «لقد برهن المغرب عبر النتائج التي حققها في الصحراء بأن تحقيق المعجزة ممكن في بلد أفريقي»، مشيرا إلى التحول الذي عرفته مدينة الداخلة من منطقة قاحلة وغير مضيافة، إلى بؤرة للتنمية واستقطاب الاستثمارات الضخمة بفضل السياسة الإرادية التي انتهجها المغرب، ولتصبح نقطة اتصال بين أفريقيا الغربية والعالم.
وأضاف كارتيغون أن زمن فرض الحظر والعزلة على الشعوب الأفريقية قد ولى، وأنه أصبح على أفريقيا اليوم أن تفتح النوافذ أمام شبابها، لأن «أفريقيا اليوم تتوفر على شباب عصريين، وعلى أفريقيا أن تفتح النوافذ وأن تستلهم التجربة التنموية للمغرب في الصحراء لكي تتحول إلى أرض الأنوار».
وحقق منتدى «كرانس مونتانا»، وهو منظمة دولية سويسرية غير حكومية، إشعاعا عالميا منذ عام 1986. من خلال تنظيم دوراتها في بلدان مختلفة، أصبح من ضمنها المغرب مند العام الماضي. وتسعى المنظمة، التي أسسها الدبلوماسي السويسري جان بول كارتيغون، إلى الإسهام في بناء عالم أكثر إنسانية وأكثر إنصافا وتشجيع التعاون الدولي والتنمية الشاملة والمستدامة. كما تسعى إلى نشر الممارسات الجيدة والحوار الدائم بين أصحاب القرار وكبار المسؤولين عبر العالم.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.