العلاقة بين «القاعدة» وإيران في {الميزان} الغربي

الإعلام الأميركي تجاهل الإشارة إليها رغم تأكيدها بحكم قضائي أميركي في أحداث 11 سبتمبر

العلاقة بين «القاعدة» وإيران في {الميزان} الغربي
TT

العلاقة بين «القاعدة» وإيران في {الميزان} الغربي

العلاقة بين «القاعدة» وإيران في {الميزان} الغربي

كان الحكم القضائي الأميركي الذي أصدره أخيرًا القاضي جورج دانيالز، في مدينة نيويورك الأميركية، بتغريم السلطات الإيرانية تعويضات لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة حدثًا مهمًا مع أنه لم يكن من حيث بُعده السياسي جديدًا تمامًا. إنه مهم لأنه يثبت بصورة قاطعة العلاقة المريبة بين القيادة في إيران وتنظيم «القاعدة» الذي نفذ أفراد فيه الاعتداءات في نيويورك وضواحي واشنطن وولاية بنسلفانيا. أما إنه ليس جديدًا تمامًا، فذلك لأنه منذ العام 2012 كانت ثمة دلائل على وجود هذه العلاقة. القاضي أصدر حكمه بعدما رأى، وفق نطقه، أن طهران أخفقت في الدفاع عن نفسها ضد الادعاءات التي تفيد بتورطها في اعتداءات 11 سبتمبر. وكانت «الشرق الأوسط»، قد نشرت بالفعل خلال الأيام الفائتة ست وثائق كانت قد حصلت عليها، واستند إليها القاضي دانيالز في حكمه الذي يفرض على إيران دفع أكثر من عشرة مليارات دولار أميركي لذوي الضحايا.

عندما بدأ حسن نصر الله، أمين عام ميليشيا «حزب الله» في لبنان البحث عن حجج لتدخله دعمًا لنظام بشار الأسد في وجه ثورة الشعب السوري، كانت حجته الأولى الدفاع عن مواطنين لبنانيين يقيمون في بلدة القصير وقرى محيطة بها عبر حدود لبنان الشمالية الشرقية مع سوريا.
وبعد ذلك، مع اتساع نطاق الحرب والقمع وتورط «حزب الله» وعدد من الميليشيات الشيعية ولا سيما العراقية والأفغانية دعمًا للنظام، تحولت الحجة من حماية مواطنين لبنانيين إلى الدفاع عن الأماكن الشيعية المقدسة داخل سوريا وفي مقدمها مقام السيدة زينب قرب العاصمة دمشق. غير أن الثورة استمرت، ومعها استمر القمع والتورّط الميليشياوي، بإشراف إيراني كان في البداية مستترًا، قبل أن يصبح مكشوفًا، ويسقط عدد من القادة الميدانيين الإيرانيين وتظهر صور لقائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني وهو يتفقد الجبهات، وخصوصًا بالشمال السوري، حول «الجيوب» الشيعية مثل الفوعة ونبّل والزهراء وكفريا. وعند هذه النقطة صار واضحًا أن القرار بالتدخل لحماية نظام الأسد أكبر من «حزب الله» وحده، ومشاركة ميليشيات عراقية وإيرانية وغيرها، تأكد أن القرار متخذ في طهران وتنسيق العمليات جارٍ معها. كذلك، في هذه المرحلة تغيّرت لهجة أمين عام «حزب الله» ومعها حجة التدخل لتصبح قتال الجماعات «التكفيرية» التي اتهمها أولاً بأنها صنيعة إسرائيلية وأميركية ثم صارت حسب اتهاماته سعودية وخليجية وتركية.
ولكن مع إثارة موضوع الجماعات «التكفيرية»، وفي مقدمها تنظيم داعش و«جبهة النصرة» المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، كانت التقارير تتزايد عن دور إيراني بتغذية بعض هذه الجماعات «التكفيرية» لتبرير دعم النظام والتستر على جرائم قصفه المدنيين وتهجيره ملايين المواطنين السوريين. وكان لافتًا ظهور جدل وتهم متبادلة بين قيادات «داعش» و«جبهة النصرة» منها تهم الارتباط بعلاقات مشبوهة مع طهران.

* الصمت الغربي الغريب
كان من المفترض أن يثير الكشف عن علاقة تنظيم القاعدة بالسلطات الحاكمة في إيران، وبالأخص، عبر مرجعيات قضائية أميركية، عاصفة من السخط على القيادة الإيرانية. غير أنه لم يسجل حتى اللحظة أي رد فعل في مستوى خطورة الاعتداءات التي ارتكبت سواءً في نيويورك وواشنطن يوم 11 سبتمبر (أيلول) 2001. أو لندن أو مدريد أو غيرها في الفترة اللاحقة.
كان هذا سيكون رد الفعل الطبيعي، أولاً في ظل اعتبار دول غربية كبرى في مقدمها الولايات المتحدة الأميركية – المستهدفة باعتداءات 11 سبتمبر التي قضى فيها نحو ثلاثة آلاف قتيل – مكافحة الإرهاب في رأس أولوياتها الأمنية. وثانيًا، بعد ظهور تنظيمات متطرفة تسير على خطى «القاعدة» وتهدد الدول الغربية في أعقاب حصولها على «أرضية» لها في العراق وسوريا واليمن وليبيا، بل وفي مناطق عدة بغرب أفريقيا. وثالثًا، اكتشاف خلايا لهذه التنظيمات داخل الدول الغربية، سواء على شكل خلايا نائمة أو بفعل تسلل إرهابيين وسط جموع اللاجئين إلى غرب أوروبا من غرب آسيا وشمال أفريقيا.
بل كان الإحجام عن التدخل العسكري ضد النظام السوري، المدعوم من إيران جزءًا أساسيا من قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما. ووجود «داعش» و«جبهة النصرة» (التابعة لـ«القاعدة»). وبالتالي، في ضوء التفاهم حول الملف النووي الإيراني، بل على الطريق نحو هذا التفاهم، اقتنع البيت الأبيض بأن إيران قد تلعب «دورًا إيجابيًا» بالنسبة لواشنطن في حرب مشتركة ضد الإرهاب بوجهه الإسلاموي السنّي، كما يزعم «داعش» وتزعم «القاعدة» ومعها «جبهة النصرة».
ثمة سؤال يفرض نفسه هو: لماذا تحاشي أو إهمال تحميل إيران مسؤولية اعتداءات 11 سبتمبر؟

* الإعلام الأميركي يجامل إيران
في الولايات المتحدة، بالذات، كان لافتًا إهمال وسائل الإعلام الأميركية الرئيسية قرار القاضي دانيالز في المحكمة الاتحادية بنيويورك خلال الأسبوع الماضي تحميل إيران مسؤولية هجمات 11 سبتمبر وتغريمها مليارات الدولارات تعويضات لعائلات الضحايا، وذلك بالمقارنة مع تركيز الإعلام الأميركي منذ تلك الهجمات، على تحميل المملكة العربية السعودية مسؤولية الهجمات. وفي هذا السياق أصدر مركز «آكيوراسي إن ميديا» (الدقة في الإعلام) في العاصمة الأميركية واشنطن، الذي يرصد الإعلام الأميركي منذ تأسيسه عام 1979. تقريرًا اتهم فيه أجهزة الإعلام الأميركية الرئيسية بـ«مجاملة إيران»، خاصة خلال، وبعد، مفاوضات الأسلحة النووية الإيرانية، التي أسست للتفاهم الحالي بين واشنطن وطهران.
وجاء في التقرير ما يلي «بعدما دأبت إيران على البصق في وجه الأمم المتحدة وفي وجه الرئيس أوباما، الذي يحاول الدفاع عن شرف إيران، ويحاول أن يبرر أخطاءه نحوها، وجدت إيران صحافيين أميركيين يجاملونها». وأشار التقرير مفصّلاً إلى شبكة تلفزيون «سي إن إن»، فقال: إنه «يواصل حجب الحقائق عن الشعب الأميركي»، وأضاف التقرير «تحرص أجهزة الإعلام الأميركي الكبرى، مثل (سي إن إن) على أن يعيش الشعب الأميركي في الظلام حول هذه الصفقة الكارثية مع إيران».
ومن ناحية أخرى، أعاد التقرير إلى الذاكرة مناسبات أخرى جاملت خلالها شبكة «سي إن إن» – التي صنعت سمعتها على ريادتها الإخبارية – فيها حكومة إيران، مشيرًا إلى مقابلة أجريت في عام 2013 مع الرئيس الإيراني الجديد – في ذلك الوقت – حسن روحاني. ولقد نشرت صحف إيرانية مقابلة روحاني ذاتها. لكن بينما نشرت الصحف الإيرانية كلام روحاني بحذافيره حول من ينكرون «المحرقة اليهودية» (الهولوكوست) على أيدي ألمانيا الهتلرية، خففت «سي إن إن» من تصريحات روحاني.
في ذلك الوقت، قال جوناثان توبين، الكاتب في مجلة «كومنتري» (اليمينية التي تنتقد حكومة إيران كثيرًا) معلّقًا «ليس ثمة شك في أن (سي إن إن) خففت من تصريحات روحاني لكي يقبلها الرأي العام الغربي».
كذلك انتقد موقع «واشنطن فري بيكون» الإعلامية الأميركية – الإيرانية الأصل كريستيان أمانبور، التي أجرت المقابلة، وقال: إنها أثنت كثيرًا على روحاني مطرية على ما وصفته بـ«سياساته المعتدلة»، ورأى أنه كان لمجاملات أمانبور صلة بخلفيتها الإيرانية.
وفي الاتجاه نفسه، انتقد خبراء في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» ما وصفه بـ«تجاهل» الإعلام الأميركي مناورات إيران خلال مفاوضات الأسلحة النووية، وكذلك خروقات إيران للاتفاق النووي بعد التوقيع عليه. وخلال الأسبوع الماضي، قال دنيس روس، وهو مستشار عدد من الرؤساء الأميركيين السابقين لشؤون الشرق الأوسط، إن «النظام الإيراني لن يتغير»، وإن على الشعب الأميركي أن يعرف ذلك على الرغم من «التغطية الإعلامية الإيجابية للاتفاق النووي». وأردف روس قائلا: «يجب أن يفهم الأميركيون دور الحرس الثوري، ليس فقط فيما حدث أخيرا (اعتقال بحارة الزوارق الأميركيين في مياه الخليج العربي)، ولكن أيضا، خارج إيران، مثل ما يحصل راهنًا في العراق وسوريا».

* بريطانيا.. تجاهل شبه كامل
لم يُثر خبر تورّط النظام الإيراني في اعتداءات 11 سبتمبر التي غيّرت العالم اهتمام الرأي العام البريطاني، أو بالأصح الإعلام البريطاني. لم يبرز الإعلام البريطاني تغريم طهران المليارات في قضية 11 سبتمبر، لا في عناوين الصفحات الأولى ولا في النشرات الإخبارية الصباحية، بل لم يناقش الأمر في البرلمان البريطاني كغيره من التطورات البارزة على الساحة العالمية.
على الرغم من أهمية الحكم القضائي الأميركي، على صعيد تبرئة المملكة العربية السعودية من شبهات تورّطها في الاعتداء الإرهابي وإدانة إيران وعملائها في المنطقة بكل وضوح، واستنادا على وثائق وشهادات، لم يعر الإعلام البريطاني ذرّة اهتمام لهذا التطور البارز بل فضّل التركيز على قضايا جانبية تعلّقت برفض طهران إعادة طالبي لجوء رفضت إقامتهم في أستراليا، أو المهرجان السينمائي المنظم في طهران بمناسبة حلول العام الإيراني الجديد (النوروز).
وفي أحسن الأحوال، اكتفت أبرز الصحف البريطانية بنشر خبر مختصر عن قرار المحكمة الأميركية، نقل في معظمه من وكالة «أسوشيتدبرس»، ولم يحظَ باهتمام كبير على مواقعها الإلكترونية التي يجري تحديثها على مدار الساعة. ولكن، في المقابل، نشرت الصحف نفسها ردّ وزارة الخارجية الإيرانية التي اعتبرت الحكم «سخيفًا» و«مضحكًا»، بينما اتهم الإعلام الإيراني الأكثر تشددا الحكومة الأميركية «بالتواطؤ» مع المؤسسة القضائية ضدّها.
مراقبون في لندن يتابعون الساحة السياسية البريطانية برون أن سبب تجاهل الإعلام البريطاني تورط إيران في أحداث 11 سبتمبر له دوافع سياسية واضحة، مدعومة برغبة في إنجاح فرص الاتفاق النووي وتحسين نظرة الرأي العام البريطاني، والغربي عامّة تجاه طهران، وحكومتها الموصوفة بـ«المعتدلة».
بموازاة ذلك، شهد الإعلام البريطاني والأميركي اهتمامًا خاصًا بالسعودية في الفترة الأخيرة، على مختلف المستويات الاجتماعية والحقوقية والعسكرية والسياسية. حتى إن بعض المنابر الإعلامية، على غرار هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» في نسختيها العربية والإنجليزية، كرّست سلسلة تقارير خاصّة مصوّرة على موقعها الإلكتروني لهذا الغرض، شملت حوارات وتحقيقات (ريبورتاجات) ومقاطع إخبارية.
وفي المقابل، تكشف عملية بحث بسيطة في أرشيف الصحف البريطانية عن علاقة السعودية بـ«القاعدة» ودورها المزعوم في هجمات سبتمبر، عن عشرات التقارير الإعلامية حول الدعوى القضائية ضد المملكة وعرض مفصّل عن تفاصيلها. ومعلوم أن القاضي دانييلز، وهو نفسه القاضي الذي بتّ في القضية المرفوعة ضد إيران وأدانها وغرّمها، كان قد برّا السعودية من جميع التهم الموجّهة إليها لغياب أدلّة تدينها.

* فرنسا: فتش عن التطبيع
أما فيما يتعلق بالموقف الإعلامي الفرنسي، فيقول الأكاديمي والباحث الدكتور خطار أبو دياب، إن «الإعلام الفرنسي المكتوب والمرئي – المسموع والإلكتروني تعود التركيز على الحدث الساخن والاستطالة في معالجته والتعليق عليه. ورغم أن وزن مجموعات الضغط (اللوبيات) في أوروبا عمومًا، وفرنسا خصوصًا، لا يقارن بمزاج الولايات المتحدة في هذا الخصوص، فإن اللافت رغم حرية الإعلام وعدم تبعيته من حيث المبدأ، ركوبه على موجة حملات ضد بلدان معينة وتحميلها مسؤوليات ونسج تصورات عنها. وهذا بالفعل ما تعرّضت له قطر في فرنسا إبان آخر حقبة نيكولا ساركوزي بعد ضخها استثمارات كبيرة في هذا البلد. ومنذ فترة، وتحديدًا منذ «عاصفة الحزم» هناك حملة ضد المملكة العربية السعودية وربط ذلك بالدور الهجومي الجديد للرياض».
ويتابع أبو دياب: «في المقابل، بعد التطبيع مع إيران والتهافت نحو (الإلدورادو - أرض الذهب) الإيراني، هناك حملة إبراز لإيجابيات التعاون مع هذا البلد وإغفال حقبة صعبة بين البلدين». ويضيف: «بالطبع هناك السير وراء التيار ومماشاة الواقف كما يقال. لكن الأدهى اليوم أن هناك حكمًا أصدره قاضي محكمة نيويورك الفيدرالية، الأسبوع الماضي، وقضى بتغريم إيران مليارات الدولارات تعويضًا لعوائل أميركيين قتلوا في هجمات 11 سبتمبر، ولشركات التأمين التي تحملت أضرارًا مالية، لدور إيران في تسهيل مهمة تنفيذ العمليات الإرهابية التي استهدفت نيويورك وواشنطن. وهو يكشف مدى تورط إيران وعملائها في المنطقة، وبينها (حزب الله)، في هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، التي أودت بحياة الآلاف من الأميركيين».
ورغم أهمية هذا التطور لتحديد المسؤولية في صنع الإرهاب والتلاعب بأدواته والاستثمار فيه، فإن الصحافة المكتوبة وكبرى محطات التلفزيون والإذاعة تعاملت مع الحدث كأنه لا حدث ولم تنبس ببنت شفة.. فقط بعض المواقع الإلكترونية ذكرته بسرعة ومن دون تعمق».
وحسب الدكتور أبو دياب «إن التغاضي وشبه التجاهل يمثل محاباة لإيران وإغفالا للحقائق، ويكشف عن توجه خطر عند الدوائر الغربية في محاولة تبرئة ساحة إيران وتنصيبها شريكًا فيما يسمى الحرب ضد الإرهاب، وكشريك أساسي في الشرق الأوسط». ويستطرد موضحًا «كانت أحداث 11 سبتمبر المنطلق لتعزيز الإسلاموفوبيا في الغرب عامة، وفي فرنسا خاصة. وما الاستمرار في عدم السعي لفهم هذه الأحداث والمسؤولين الحقيقيين عنها إلا ضربًا من تعمية الرأي العام ومنع إيصال الحقيقة له. وهكذا يفقد الإعلام دوره، في تجاهل متعمد، على الأرجح، كي تلتصق بذهن الرأي العام رواية واحدة يريدون فيها تحميل الإرهاب لبلدان بعينها بقصد الاستمرار بالابتزاز أحيانًا أو لغايات أخرى في نفس يعقوب».

* ردة الفعل الإيرانية
الجدير بالذكر، أن رد فعل إيران تمثل بشنها هجومًا عنيفًا ضد حكم القاضي دانيالز في نيويورك. ولقد وصف المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية، حسين جابري الأنصاري، الحكم القضائي بـ«الظالم» و«السخيف».
وورد في تصريحات أدلى جابري يوم الاثنين الفائت، قوله: إن هذا الحكم «هو أحدث منتجات نظام العدالة الأميركي في إطار سعيه الحثيث لاتباع السيناريوهات الصهيونية المعادية لإيران». وأضاف: «الحكم هزلي وسخيف لدرجة أنه يجعل من مبدأ العدالة ذاته أضحوكة، في الوقت الذي يزيد من تردي سمعة القضاء الأميركي».
وعلى صعيد آخر، أكدت الحكومة الإيرانية أن المحكمة الأميركية طلبت منها المشاركة في المحاكمة بتمثيل لها، لكنها رفضت لأن أحدًا من المسؤولين لم يأخذ الأمر على محمل الجد. ويأتي الحكم الصادر عن المحكمة الأميركية ليضيف قضية أخرى لمجموعة القضايا المثيرة للخلاف بين صفوف القيادات الإيرانية حول العلاقات مع واشنطن.
ومن جانبها، نظرت صحيفة «كيهان» اليومية، المعروفة بأنها تعكس آراء المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، إلى الحكم القضائي الذي يدين دور إيران في اعتداءات 11 سبتمبر باعتباره «مؤشرًا آخر على أن إدارة أوباما غير صادقة في ادعائها برغبتها في تحسين العلاقات مع الجمهورية الإسلامية».
وفي حين يعتمد حكم المحكمة بنيويورك على تقرير اللجنة المعنية بالتحقيق في اعتداءات 11 سبتمبر، الذي ذكر أن بعض المتورطين بالهجمات انتقلوا عبر إيران ولم يجر ختم جوازات سفرهم، ادعت مصادر إيرانية أنه من الممكن أن يكون الجناة قد مرّوا عبر إيران في طريقهم إلى أوروبا من خلال تركيا سرًا بنتيجة تفاهمات بينهم وبين حكومة طالبان التي كانت مسيطرة على مقاليد الحكم آنذاك في كابل. وزعمت أنه، بطبيعة الحال، لم تعلم طهران أن «العرب الأفغان» المارين عبر أراضيها كانوا ينوون القيام بأي عمل ضد واشنطن. وهذا، بينما أعرب مسؤول إيراني عن اعتقاده بأن مثل هذه الأحكام تبعث برسالة «بالغة الخطورة والأهمية» إلى الإرهابيين وحلفائهم مفادها «إنكم بمأمن ويمكنكم المضي في قتل أبناء الشعب الأميركي وآخرين حول العالم لأننا لن نكتفي بعدم ملاحقتكم ردًا على جرائمكم، وإنما سنستهدف أقوى أعدائكم وأكثرهم فاعلية».
ومن ثم، عبّر المسؤول الإيراني عن أسفه من أن التوجه «المخالف للمنطق والصواب والأخلاق» الذي تنتهجه الخارجية الأميركية تسبب في وضعها إيران لسنوات على قائمة ما يدعي بالدول الراعية للإرهاب. ثم أضاف: «هذه الخطوة شكّلت الأساس لتجاهل جميع مبادئ المحاكمة العادلة أو حتى المنطق في أحكام سياسية صادر عن محاكم أميركية معينة». وقال: «رغم أن هذه الخطوة تستهدف بوضوح الشعب والحكومة في إيران، فإن الشعب الأميركي وعائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر هم من تعرّضت حقوقهم، نهاية الأمر، للانتهاك جراء هذه الأحكام (المضللة) الصادرة عن المحاكم الأميركية» على حد زعمه.



نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا
TT

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فيما حصل أقرب منافسيها باندوليني إيتولا على 26 في المائة فقط من الأصوات. شكَّل فوز نيتومبو الملقبة بـ«NNN»، حلقةً جديدةً في حياة مليئة بالأحداث، عاشتها المرأة التي ناضلت ضد الاحتلال، واختبرت السجن والنفي في طفولتها، قبل أن تعود لتثبت نفسها بصفتها واحدة من أبرز النساء في السياسة الناميبية وقيادية فاعلة في الحزب الحاكم «سوابو».

في أول مؤتمر صحافي لها، بعد أسبوع من إعلان فوزها بالانتخابات الرئاسية، تعهدت نيتومبو، التي ستتولى منصبها رسمياً في مارس (آذار) المقبل، بإجراء «تحولات جذرية» لإصلاح مستويات الفقر والبطالة المرتفعة في ناميبيا، الدولة الواقعة في الجنوب الأفريقي، والتي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة.

نيتومبو أشارت إلى أنها قد تنحو منحى مختلفاً بعض الشيء عن أسلافها في حزب «سوابو» الذي يحكم ناميبيا منذ استقلالها عن جنوب أفريقيا في عام 1990. وقالت نيتومبو: «لن يكون الأمر كالمعتاد، يجب أن نُجري تحولات جذرية من أجل شعبنا».

لم توضح نيتومبو طبيعة هذه التحولات الجذرية التي تعتزم تنفيذها، وإن أشارت إلى «إصلاح الأراضي، وتوزيع أكثر عدالة للثروة». وبينما يصنف البنك الدولي ناميبيا على أنها دولة ذات «دخل متوسط»، فإنها تعد واحدة من أكثر الدول التي تعاني من عدم المساواة في توزيع الدخل على مستوى العالم، مع ارتفاع مستويات الفقر التي ترجع جزئياً إلى إرث عقود الفصل العنصري وحكم الأقلية البيضاء.

ووفق تقرير رسمي من البنك الدولي صدر عام 2021 فإن «43 في المائة من سكان ناميبيا يعيشون فقراً متعدد الأبعاد». وهو مؤشر يأخذ في الاعتبار عوامل عدة إلى جانب الدخل، من بينها الوصول إلى التعليم والخدمات العامة.

ولأن طريق نيتومبو السياسي لم يكن أبداً ممهداً، لم يمر إعلان فوزها بالانتخابات دون انتقادات. وقالت أحزاب المعارضة إنها ستطعن على نتيجة الانتخابات الرئاسية، متحدثةً عن «صعوبات فنية وقمع ضد الناخبين». لكنَّ نيتومبو، المعروفة بين أقرانها بـ«القوة والحزم»، تجاهلت هذه الادعاءات، واحتفلت بالفوز مع أعضاء حزبها، وقالت: «أنا لا أستمع إلى هؤلاء المنتقدين».

نشأة سياسية مبكرة

وُلدت نيتومبو في 29 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1952 في قرية أوناموتاي، شمال ناميبيا، وهي التاسعة بين 13 طفلاً، وكان والدها رجل دين ينتمي إلى الطائفة الأنغليكانية. وفي طفولتها التحقت نيتومبو بمدرسة «القديسة مريم» في أوديبو. ووفق موقع الحزب الحاكم «سوابو» فإن «نيتومبو مسيحية مخلصة»، تؤمن بشعار «قلب واحد وعقل واحد».

في ذلك الوقت، كانت ناميبيا تعرف باسم جنوب غرب أفريقيا، وكان شعبها تحت الاحتلال من دولة «جنوب أفريقيا»، مما دفع نيتومبو إلى الانخراط في العمل السياسي، والانضمام إلى «سوابو» التي كانت آنذاك حركة تحرير تناضل ضد سيطرة الأقلية البيضاء، لتبدأ رحلتها السياسية وهي في الرابعة عشرة من عمرها.

في تلك السن الصغيرة، أصبحت نيتومبو ناشطة سياسية، وقائدة لرابطة الشباب في «سوابو»، وهو ما أهّلها فيما بعد لتولي مناصب سياسية وقيادية، لكنها تقول إنها آنذاك «كانت مهتمة فقط بتحرير بلدها من الاحتلال»، مشيرةً في حوار مصوَّر نُشر عبر صفحتها على «فيسبوك» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن «السياسة جاءت فقط بسبب الظروف، التي لو اختلفت ربما كنت أصبحت عالمة».

شاركت نيتومبو في حملة «ضد الجَلْد العلنيّ»، الذي كان شائعاً في ظل نظام الفصل العنصري، وكان نشاطها السياسي سبباً في إلقاء القبض عليها واحتجازها، عدة أشهر عام 1973، وهي ما زالت طالبة في المرحلة الثانوية. ونتيجة ما تعرضت له من قمع واضطهاد، فرَّت نيتومبو إلى المنفى عام 1974، وانضمت إلى أعضاء «سوابو» الآخرين هناك، واستكملت نضالها ضد الاحتلال من زامبيا وتنزانيا، قبل أن تنتقل إلى المملكة المتحدة لاستكمال دراستها.

تدرجت نيتومبو في مناصب عدة داخل «سوابو»، فكانت عضواً في اللجنة المركزية للحركة من عام 1976 إلى عام 1986، والممثلة الرئيسية للحركة في لوساكا من عام 1978 إلى عام 1980. والممثلة الرئيسية لشرق أفريقيا، ومقرها في دار السلام من عام 1980 إلى عام 1986.

درست نيتومبو في كلية غلاسكو للتكنولوجيا، وحصلت على دبلوم في الإدارة العامة والتنمية عام 1987، ودبلوم العلاقات الدولية عام 1988، ودرجة الماجستير في الدراسات الدبلوماسية عام 1989 من جامعة كيل في المملكة المتحدة، كما حصلت على دبلوم في عمل وممارسة رابطة الشبيبة الشيوعية التابعة للاتحاد السوفياتي، من مدرسة «لينين كومسومول العليا» في موسكو.

ونالت الكثير من الأوسمة، من بينها وسام النسر الناميبي، ووسام «فرانسيسكو دي ميراندا بريميرا كلاس» من فنزويلا، والدكتوراه الفخرية من جامعة دار السلام بتنزانيا.

تزوجت نيتومبو عام 1983 من إيبافراس دينجا ندايتواه، وكان آنذاك شخصية بارزة في الجناح المسلح لجيش التحرير الشعبي في ناميبيا التابع لـ«سوابو»، وتولى عام 2011 منصب قائد قوات الدفاع الناميبية، وظل في المنصب حتى تقاعده في عام 2013، ولديها ثلاثة أبناء.

العودة بعد الاستقلال

بعد 14 عاماً من فرار نيتومبو إلى المنفى، وتحديداً في عام 1988، وافقت جنوب أفريقيا على استقلال ناميبيا، لتعود نيتومبو إلى وطنها، عضوة في حزب «سوابو» الذي يدير البلاد منذ الاستقلال.

تدرجت نيتومبو في المناصب وشغلت أدواراً وزارية عدة، في الشؤون الخارجية والسياحة ورعاية الطفل والمعلومات. وعُرفت بدفاعها عن حقوق المرأة.

وعام 2002 دفعت بقانون عن العنف المنزلي إلى «الجمعية الوطنية»، وهو القانون الذي يعد أحد أبرز إنجازاتها، حيث دافعت عنه بشدة ضد انتقادات زملائها، ونقلت عنها وسائل إعلام ناميبية في تلك الفترة تأكيدها أن الدستور يُدين التمييز على أساس الجنس.

وواصلت صعودها السياسي، وفي فبراير (شباط) من العام الماضي، أصبحت نائبة رئيس ناميبيا. كانت أول امرأة تشغل مقعد نائب رئيس حزب «سوابو» بعدما انتخبها مؤتمر الحزب في عام 2017 وأعيد انتخابها في مؤتمر الحزب نوفمبر 2022، مما أهَّلها لتكون مرشحة الحزب للرئاسة عام 2024، خلفاً للرئيس الحاج جينجوب، الذي توفي خلال العام الماضي، وتولى رئاسة البلاد مؤقتاً نانجولو مبومبا.

صعوبات وتحديات

لم تكن مسيرة نيتومبو السياسية مفروشة بالورود، إذ اتُّهمت في فترة من الفترات بدعم فصيل منشق في حزب «سوابو» كان يسعى لخلافة سام نجوما أول رئيس لناميبيا بعد الاستقلال، لكنها سرعان ما تجاوزت الأزمة بدعم من هيفيكيبوني بوهامبا، خليفة نجوما.

يصفها أقرانها بأنها قادرة على التعامل مع المواقف الصعبة بطريقة غير صدامية. خلال حياتها السياسية التي امتدّت لأكثر من نصف قرن أظهرت نيتومبو أسلوباً عملياً متواضعاً في القيادة، ولم تتورط -حسب مراقبين- في فضائح فساد، مما يمنحها مصداقية في معالجة مثل هذه الأمور، لكنَّ انتماءها منذ الطفولة إلى «سوابو»، وعملها لسنوات من خلاله، لا ينبئ بتغييرات سياسية حادة في إدارة البلاد، وإن تعهَّدت نيتومبو بذلك.

ويرى مراقبون أنها «لن تبتعد كثيراً عن طريق الحزب، ولن يشكل وجودها على سدة الحكم دعماً أكبر للمرأة». وأشاروا إلى أن نيتومبو التي كانت رئيسة المنظمة الوطنية الناميبية للمرأة (1991-1994)، والمقررة العامة للمؤتمر العالمي الرابع المعنيّ بالمرأة في عام 1995 في بكين، ووزيرة شؤون المرأة ورعاية الطفل 2000-2005، «لا يمكن وصفها بأنها نسوية، وإن دافعت عن بعض حقوق النساء».

خلال الانتخابات قدمت نيتومبو نفسها بوصفها «صوتاً حازماً يتمحور حول الناس، وزعيمة سياسية وطنية، مخلصة للوحدة الأفريقية، مناصرةً لحقوق المرأة والطفل والسلام والأمن والبيئة»، وتبنت خطاباً يضع الأوضاع المعيشية في قمة الأولويات، متعهدةً بـ«خلق 250 ألف فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة» ليتصدر هذا التعهد وسائل الإعلام الناميبية، لكن أحداً لا يعرف إن كانت ستنجح في تنفيذ تعهدها أم لا.

تبدأ نيتومبو فترة حكمها بصراعات سياسية مع أحزاب المعارضة التي انتقدت نتيجة الانتخابات التي جعلتها رئيسة لناميبيا، تزامناً مع استمرار تراجع شعبية الحزب الحاكم. وفي الوقت نفسه تواجه نيتومبو عقبات داخلية في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعيشها نحو نصف السكان، مما يجعل مراقبون يرون أنها أمام «مهمة ليست بالسهلة، وأن عليها الاستعداد للعواصف».

ويندهوك عاصمة ناميبيا (أدوب ستوك)

حقائق

ناميبيا بلد الماس... و43% من سكانه يعيشون تحت خط الفقر

في أقصى جنوب غربي القارة الأفريقية تقع دولة ناميبيا التي تمتلك ثروات معدنية كبيرة، بينما يعيش ما يقرب من نصف سكانها فقراً متعدد الأبعاد.ورغم مساحة ناميبيا الشاسعة، فإن عدد سكانها لا يتجاوز 3 ملايين نسمة؛ ما يجعلها من أقل البلدان كثافة سكانية في أفريقيا، كما أن بيئتها القاسية والقاحلة تصعّب المعيشة فيها. ومن الجدير بالذكر أن البلاد هي موطن صحراء كالاهاري وناميب.وفقاً لموقع حكومة ناميبيا، فإن تاريخ البلاد محفور في لوحات صخرية في الجنوب، «يعود بعضها إلى 26000 عام قبل الميلاد»، حيث استوطنت مجموعات عرقية مختلفة، بينها «سان يوشمن»، و«البانتو» وأخيراً قبائل «الهيمبا» و«هيريرو» و«ناما»، أرض ناميبيا الوعرة منذ آلاف السنين.ولأن ناميبيا كانت من أكثر السواحل القاحلة في أفريقيا؛ لم يبدأ المستكشفون وصيادو العاج والمنقبون والمبشرون بالقدوم إليها؛ إلا في منتصف القرن التاسع عشر، لتظل البلاد بمنأى عن اهتمام القوى الأوروبية إلى حدٍ كبير حتى نهاية القرن التاسع عشر عندما استعمرتها ألمانيا، بحسب موقع الحكومة الناميبية.سيطرت ألمانيا على المنطقة التي أطلقت عليها اسم جنوب غربي أفريقيا في أواخر القرن التاسع عشر، وأدى اكتشاف الماس في عام 1908 إلى تدفق الأوروبيين إلى البلاد، وتعدّ ناميبيا واحدة من أكبر 10 دول منتجة للماس الخام في العالم، وتنتج وفق التقديرات الدولية نحو مليونَي قيراط سنوياً.شاب فترة الاستعمار صراعات عدة، وتمرد من السكان ضد المستعمر، تسبَّبا في موت عدد كبير، لا سيما مع إنشاء ألمانيا معسكرات اعتقال للسكان الأصليين، وعام 1994 اعتذرت الحكومة الألمانية عن «الإبادة الجماعية» خلال فترة الاستعمار.ظلت ألمانيا تسيطر على ناميبيا، التي كانت تسمى وقتها «جنوب غربي أفريقيا» حتى الحرب العالمية الأولى، التي انتهت باستسلام ألمانيا، لتنتقل ناميبيا إلى تبعية جنوب أفريقيا، فيما تعتبره الدولة «مقايضة تجربة استعمارية بأخرى»، وفق موقع الحكومة الناميبية.في عام 1966، شنَّت المنظمة الشعبية لجنوب غرب أفريقيا (سوابو)، حرب تحرير، وناضلت من أجل الاستقلال، حتى وافقت جنوب أفريقيا في عام 1988 على إنهاء إدارة الفصل العنصري. وبعد إجراء الانتخابات الديمقراطية في عام 1989، أصبحت ناميبيا دولة مستقلة في 21 مارس (آذار) 1990، وأصبح سام نجوما أول رئيس للبلاد التي ما زال يحكمها حزب «سوابو». وشجعت المصالحة بين الأعراق السكان البيض في البلاد على البقاء، وما زالوا يلعبون دوراً رئيسياً في الزراعة والقطاعات الاقتصادية الأخرى.وتعد ناميبيا دولة ذات كثافة سكانية منخفضة، حيث يعيش على مساحتها البالغة 824 ألف متر مربع، نحو ثلاثة ملايين نسمة. ويشير البنك الدولي، في تقرير نشره عام 2021، إلى أن ناميبيا «دولة ذات دخل متوسط»، لكنها تحتل المركز الثالث بين دول العالم من حيث عدم المساواة في توزيع الدخل، حيث يمتلك 6 في المائة فقط من السكان نحو 70 في المائة من الأملاك في البلاد، وتعيش نسبة 43 في المائة من سكان ناميبيا في «فقر متعدد الأبعاد». وتدير ثروات البلاد الطبيعية من الماس والمعادن شركات أجنبية.وتمتلك ناميبيا ثروة برية كبيرة، لكنها تعاني بين الحين والآخر موجات جفاف، كان آخرها الصيف الماضي، ما اضطرّ الحكومة إلى ذبح أكثر من 700 حيوان بري من أجناس مختلفة، بينها أفراس نهر، وفيلة، وجواميس وحمير وحشية، وهو إجراء ووجه بانتقادات من جانب جمعيات البيئة والرفق بالحيوان، لكن حكومة ناميبيا دافعت عن سياستها، مؤكدة أنها تستهدف «إطعام السكان الذين يعانون الجوع جراء أسوأ موجة جفاف تضرب البلاد منذ عقود».ووفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة منتصف العام الحالي، فإن «نحو 1.4 مليون ناميبي، أي أكثر من نصف السكان، يعانون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، مع انخفاض إنتاج الحبوب بنسبة 53 في المائة ومستويات مياه السدود بنسبة 70 في المائة مقارنة بالعام الماضي».