تقرير للأمم المتحدة: سلاح «حزب الله» يهدّد سيادة واستقرار لبنان

دو فريج قال لـ «الشرق الأوسط» إنه توصيف للواقع في ظل سيطرة الحزب على مفاصل الدولة

تجمع سابق لعناصر من «حزب الله» أثناء استماعهم لإحدى خطب حسن نصر الله عبر شاشة كبيرة في منطقة وادي الحجير (إ.ب.أ)
تجمع سابق لعناصر من «حزب الله» أثناء استماعهم لإحدى خطب حسن نصر الله عبر شاشة كبيرة في منطقة وادي الحجير (إ.ب.أ)
TT

تقرير للأمم المتحدة: سلاح «حزب الله» يهدّد سيادة واستقرار لبنان

تجمع سابق لعناصر من «حزب الله» أثناء استماعهم لإحدى خطب حسن نصر الله عبر شاشة كبيرة في منطقة وادي الحجير (إ.ب.أ)
تجمع سابق لعناصر من «حزب الله» أثناء استماعهم لإحدى خطب حسن نصر الله عبر شاشة كبيرة في منطقة وادي الحجير (إ.ب.أ)

أشار تقرير صدر عن أمين عام الأمم المتحدة اليوم الأربعاء، إلى أن «حزب الله» وإسرائيل خرقا القرار الدولي رقم 1701 أكثر من مرة. وقال بان كي مون، إن سلاح «حزب الله» لا يوفر الحماية للبنان، كما يدّعى الحزب، بل يقوّض حكم القانون اللبناني ويشكل تهديدا خطيرا على السيادة والاستقرار.
وفي هذا الإطار، رأى وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج، أنّ تقرير الأمم المتحدة الذي جاء بعد سلسلة القرارات الخليجية نتيجة سياسة «حزب الله» يقدم توصيفا للواقع اللبناني في ظل سيطرة الحزب على مفاصل الدولة مما أدى إلى عدم التوازن في لبنان. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لم يعد سلاح الحزب يخدم المصلحة الوطنية كما كان قبل العام 2000. عند تحرير الجنوب، وبات على العكس من ذلك يؤثر سلبا على سير عمل المؤسسات»، مضيفا: «ندرك تماما أن «حزب الله» لن يأخذ أي قرار أو أي تقرير في عين الاعتبار لأن القرار بهذا الشأن ليس في يده بل في يد إيران».
وأشار التقرير إلى الهجوم الذي قام به «حزب الله» ضد سيارتين للجيش الإسرائيلي في 4 يناير (كانون الثاني) وإطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل في 20 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأشار إلى أن كل هذه الحوادث تشكل انتهاكات خطيرة للقرار 1701 ووقف الأعمال العدائية، مضيفا: «إن الضربات الانتقامية من قبل إسرائيل على لبنان تشكل أيضا انتهاكات لنفس القرار ووقف الأعمال العدائية».
ويغطي تقرير الأمين العام، المقدم تنفيذا لقرار مجلس الأمن رقم 1701، الفترة بين 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 و26 فبراير (شباط) 2016.
وشدد كي مون على أن الأسلحة التي بحوزة الحزب وميليشيات أخرى خارج سيطرة الدولة اللبنانية تتناقض مع التزامات البلاد بموجب القرارين 1559 و1701 (2006) معربا عن شعوره بالقلق البالغ «إزاء استعداد (حزب الله) لاستخدام قدراته في انتهاك للقرار 1701 محذرا من أن «امتلاكه الأسلحة أو محاولاته لشراء أسلحة متطورة تثير الصراع، وستكون عواقبها خطيرة جدا على لبنان والمنطقة».
وقال كي مون إن الأسلحة التي يملكها «حزب الله» والجماعات الأخرى هي مسألة ينبغي معالجتها بالحوار الوطني، بمجرد انتخاب رئيس للجمهورية، مطالبا كذلك، بتنفيذ القرارات السابقة للحوار الوطني، وتحديدا تلك المتعلقة بنزع سلاح المجموعات غير اللبنانية وتفكيك قواعد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة وفتح الانتفاضة، ورأى أن «التأجيل الذي طال أمده في التعامل مع هذه القضايا زاد من المخاطر على لبنان وإسرائيل».
ووصف التقرير الحالة في المنطقة التي تسمى «الخط الأزرق» بـ«الهش»، في ضوء التطورات بالمنطقة ولا سيما في سوريا. ولفت التقرير إلى أنه لا يوجد أي تقدم بشأن مسألة مزارع شبعا المحتلة ولم يصل إلى الأمم المتحدة لغاية الآن أي رد فعل حول «التعريف المؤقت لتلك المنطقة» من إسرائيل أو الجمهورية العربية السورية. وأعرب كي مون عن قلقه لغياب التقدم في هذه المنطقة بحيث إن الأحداث الأخيرة تشير إلى: إمكانية زعزعة الاستقرار التي تأتي من عدم معالجة هذه المسألة»، مكررا دعوته لسوريا وإسرائيل لتقديم ردودها على تقريره الذي صدر في 30 أكتوبر (تشرين الأول) 2007.
وقال كي مون إن الجيش الإسرائيلي لا يزال يواصل احتلال شمال منطقة الغجر المتاخمة لشمال الخط الأزرق، في انتهاك للقرار 1701. وذكر إسرائيل بالتزامها بسحب قواتها المسلحة من المنطقة، وفقا للقرار، وحثها على اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق هذه الغاية. وقال إنه يشجعها على التنسيق مع القوات الأممية بشأن ترتيبات الانسحاب على نحو سلس وآمن من المنطقة.
وأشار إلى استمرار انتهاك المجال الجوي اللبناني بشكل شبه يومي، من قبل إسرائيل، في تجاهل تام لسيادة لبنان وأحكام القرار 1701 مما يشكل مصدر قلق بالغ قائلا: «أدعو مرة أخرى، حكومة إسرائيل لوقف جميع التحليق من الأراضي اللبنانية والمياه الإقليمية».
ويبلغ قوام البعثة الأممية (اليونيفيل) 10.538 عسكريا من 40 دولة من بينهم 394 امرأة، ومن المدنيين نحو 252 موظفا دوليا، بينهم 75 امرأة، وكذلك 551 موظفا من اللبنانيين المحليين، بينهم 145 من النساء.
ورحب التقرير بالاستئناف الحالي من الهدوء، إلا أنه عاد وأشار إلى أن الوضع على طول الخط الأزرق لا يزال هشا وعرضة لتطورات الأوضاع في المنطقة، مضيفا أن هناك مخاطر عالية من سوء تقدير لعواقب مدمرة على لبنان وإسرائيل بسبب حادثة الرابع من يناير الماضي، حيث قال إنها «تشكل خطرا حقيقيا لتجدد الصراع عبر الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل». وفي هذا الشأن، دعا التقرير الطرفين إلى الالتزام الكامل بالقرار 1701 واحترام وقف الأعمال العدائية، وتحقيقا لهذه الغاية، حثها على اتخاذ التدابير اللازمة، بالتنسيق الوثيق مع اليونيفيل، لمنع أي عمل من شأنه أن يقوض الهدوء والاستقرار في المنطقة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.