عشرات المجموعات المقاتلة المتعددة الجنسيات تنهش سوريا

تسعى لتوسيع مناطق نفوذها بهدف رفع سقفها التفاوضي

عشرات المجموعات المقاتلة  المتعددة الجنسيات تنهش سوريا
TT

عشرات المجموعات المقاتلة المتعددة الجنسيات تنهش سوريا

عشرات المجموعات المقاتلة  المتعددة الجنسيات تنهش سوريا

ازداد المشهد الميداني السوري العام الماضي تعقيدا وتشعبا بعد دخول موسكو عسكريا على خط الصراع الذي باتت تنشط فيه عمليا عشرات المجموعات والفصائل المقاتلة المتعددة الجنسيات التي تسعى لتوسيع مناطق نفوذها، بهدف رفع سقفها التفاوضي. وقد خسر جيش النظام السوري، الذي وصل عدد قواته المقاتلة إلى 300 ألف عنصر قبل اندلاع الأزمة في عام 2011، نصف عناصره الذين قتلوا خلال المعارك أو فروا أو انشقوا.
ومنذ 2011، خسرت قوات النظام 70 في المائة من أراضي البلاد لصالح تنظيم داعش والأكراد والفصائل المقاتلة وجبهة النصرة، لكن الدخول الروسي على الخط لدعم نظام بشار الأسد في نهاية سبتمبر (أيلول) غيّر من المعطيات الميدانية، فتقدم الأخير في اللاذقية ودرعا وحلب، مع استمرار سيطرته على مناطق استراتيجية تشمل حاليا دمشق وأجزاء واسعة من محافظتي حمص وحماة.
وفي حين يقتصر الدور الروسي حاليا على تقديم الدعم الجوي والاستشاري، يُقاتل بين مائة وخمسين ومائتي ألف عنصر إلى جانب قوات النظام، أبرزهم منضوون في إطار «قوات الدفاع الوطني» التي أُنشئت في عام 2012، وتضم في صفوفها تسعين ألف مقاتل. ويضاف إلى المجموعات المحلية، مقاتلون من لبنان وإيران والعراق وأفغانستان. ويشكل مقاتلو حزب الله اللبناني الذين يتراوح عددهم، بحسب خبراء، بين خمسة آلاف وثمانية آلاف، المجموعة الأبرز بين هؤلاء.
وتُعد إيران الحليف الإقليمي الرئيسي للنظام السوري، وأرسلت آلاف العناصر من الحرس الثوري لمساندة الجيش في معاركه، بالإضافة إلى مستشارين عسكريين. كما توفر إيران مساعدات اقتصادية لدمشق. أما مقاتلو معارضة فينقسمون كذلك على أكثر من فصيل ومجموعة بتنوع مصادر دعمها وتمويلها، وتُعد حركة أحرار الشام واحدة من أبرز الفصائل المقاتلة، أنشئت في عام 2011 وتوجد بشكل رئيسي في محافظتي إدلب وحلب. ويُعد «جيش الإسلام» الفصيل الأبرز في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، وقد قُتل قائده زهران علوش في ديسمبر (كانون الأول) في غارة للطيران الحربي السوري. وتنشط «الجبهة الجنوبية» جنوب البلاد، وهي عبارة عن تجمع فصائل مسلحة تمكنت من السيطرة على أجزاء من محافظة درعا.
ومن المجموعات الأبرز على الساحة السورية جبهة النصرة، المصنفة «إرهابية» التي لم تشملها و«داعش» الهدنة التي انطلقت في 27 فبراير (شباط) الماضي. وتُعد الجبهة، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا وعلى رأسها أبو محمد الجولاني، تتألف في معظمها من سوريين، وجذبت المقاتلين إلى صفوفها بسبب حسن تنظيمها وقدراتها المالية. وتتحالف الجبهة مع فصائل مقاتلة غالبيتها إسلامية تحديدا في محافظتي إدلب (شمال غربي سوريا) وحلب، ولها وجودها الميداني في محافظة دمشق وفي جنوب البلاد. ويُعد «جيش الفتح» أهم تحالفات جبهة النصرة المعلنة في سوريا، وهو عبارة عن ائتلاف مجموعة من الفصائل الإسلامية بينها حركة أحرار الشام، ويسيطر على كامل محافظة إدلب باستثناء بلدتين.
أما تنظيم داعش الذي يتزعمه أبو بكر البغدادي منذ انطلاقه عام 2013، فيضم الآلاف من المقاتلين العراقيين والسوريين بينهم نحو ثلاثين ألف مقاتل أجنبي، وهو المجموعة المسلحة الأكثر ثراء والأكثر وحشية في سوريا.
ويخوض التنظيم المتطرف، الذي أعلن في يونيو (حزيران) 2014 إقامة «الخلافة الإسلامية» في المناطق الواقعة تحت سيطرته في سوريا والعراق، معارك متزامنة ضد كل من قوات النظام والفصائل المقاتلة، ومنها جبهة النصرة، وكذلك ضد المقاتلين الأكراد. وقد خسر «داعش» كثيرا من مواقعه في عام 2015، وتحديدا أمام تقدم الأكراد، ويسيطر حاليا على كامل محافظة دير الزور النفطية وعلى الجزء الأكبر من محافظة الرقة، كما على كامل المنطقة الصحراوية الممتدة من مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي، وصولا إلى الحدود العراقية. كما توجد عناصر من التنظيم في ريف حماه الشرقي وريف دمشق وجنوب العاصمة. وتصاعد نفوذ الأكراد مع اتساع رقعة النزاع في سوريا في عام 2012 مقابل تقلص سلطة النظام في المناطق ذات الغالبية الكردية. وبعد انسحاب قوات النظام تدريجيا من هذه المناطق، أعلن الأكراد إقامة إدارة ذاتية مؤقتة في ثلاث مناطق في شمال سوريا.
وتتلقى وحدات حماية الشعب الكردية دعم التحالف الدولي بقيادة واشنطن التي تعد أن الأكراد هم الأكثر فعالية في قتال تنظيم داعش، وقد نجحوا في طرده من مناطق عدة، كان آخرها في محافظة الحسكة الواقعة شمال شرقي البلاد. ويسعى الأكراد لربط مقاطعاتهم الثلاث، الجزيرة (الحسكة)، وعفرين (ريف حلب الغربي)، وكوباني (ريف حلب الشمالي)، من أجل إنشاء حكم ذاتي عليها على غرار كردستان العراق.
ويتهم بعض المعارضين الأكراد بالتواطؤ مع النظام، لا سيما أنهم لم يخوضوا أي معارك ضده، في حين حاربوا فصائل معارضة كثيرة لطردها من مناطقهم. ومنذ بداية شهر فبراير الماضي، استغل المقاتلون الأكراد هزيمة الفصائل المقاتلة في ريف حلب الشمالي أمام هجوم واسع لقوات النظام، ليسيطروا على مناطق تبعد نحو عشرين كيلومترا عن الحدود التركية. وتسبب هذا التقدم على الأرض بتدخل تركي مدفعي عنيف ضد المقاتلين الأكراد، إذ تخشى أنقرة إقامة حكم ذاتي كردي على حدودها.
أما التحالف الدولي للمحاربة الإرهاب فتشارك فيه دول عدة غربية وعربية بقيادة واشنطن. وينفذ منذ صيف 2014 غارات جوية مكثفة على مواقع لتنظيم داعش خاصة. ومن أبرز الدول المشاركة فيه أستراليا والبحرين وكندا وفرنسا والأردن وهولندا والسعودية وتركيا والإمارات العربية المتحدة وبريطانيا والولايات المتحدة.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.