منتجو النفط يعودون للدوحة مجددًا في أبريل لتجميد الإنتاج

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: الدول لم تتسلم أي دعوة رسمية للاجتماع حتى الآن

الاجتماع  سيضم كبار المنتجين لحثهم على تجميد إنتاجهم النفطي لدعم استقرار السوق (رويترز)
الاجتماع سيضم كبار المنتجين لحثهم على تجميد إنتاجهم النفطي لدعم استقرار السوق (رويترز)
TT

منتجو النفط يعودون للدوحة مجددًا في أبريل لتجميد الإنتاج

الاجتماع  سيضم كبار المنتجين لحثهم على تجميد إنتاجهم النفطي لدعم استقرار السوق (رويترز)
الاجتماع سيضم كبار المنتجين لحثهم على تجميد إنتاجهم النفطي لدعم استقرار السوق (رويترز)

منذ أن اجتمعت السعودية وروسيا وفنزويلا وقطر في الدوحة قبل شهر من الآن والجميع ينتظر لمعرفة مكان وزمان انعقاد الاجتماع التالي، والذي سيضم كبار المنتجين لحثهم على تجميد إنتاجهم النفطي لدعم استقرار السوق.
ويبدو أن الجميع سيعودون إلى الدوحة؛ ولكن هذه المرة لن تكون أربع دول فقط، ولكن ما يزيد عن عشر دول إضافية، حيث أكدت أربعة مصادر في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لـ«الشرق الأوسط» أن اجتماع المنتجين الذي سينعقد بهدف إقناعهم للانضمام إلى اتفاقية تجميد الإنتاج سينعقد في الدوحة في الشهر القادم، ومن المرجح أن يكون خلال أول أسبوعين من الشهر، وبحد أقصى منتصف أبريل.
إلا أن المصادر أبلغت «الشرق الأوسط» أن الدعوات الرسمية لم يتم إرسالها إلى الدول الأعضاء في المنظمة، ولهذا لا تزال الأمور غير نهائية أو رسمية؛ رغم أن الاحتمالية الكبرى ستكون للدوحة على حساب روسيا وفيينا، والتي كانت من بين الأماكن التي تم طرح اسمها مؤخرًا.
وقال أكثر من مصدر إن اختيار الدوحة يأتي لكونها تترأس مؤتمر أوبك الوزاري هذا العام، رغم أن الدولة الداعية للاجتماع الثاني هي روسيا.
وسبق أن نشرت «الشرق الأوسط في الأسابيع الماضية نقلاً عن مصادر أن الاجتماع سيكون مقره الدوحة في منتصف الشهر الجاري. وسبق أن أوضح وزراء روسيا وفنزويلا ونيجيريا والأكوادور أن الاجتماع سيكون بين 20 مارس (آذار) والأول من أبريل.
* مشكلة إيران:
ويبدو أن إيران لن تنضم إلى اتفاقية التجميد، إذ أن وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه قال في تصريحات يوم السبت: «لن ننضم إلى اتفاقية التجميد حتى نرفع إنتاجنا إلى 4 ملايين برميل، وحتى ذلك الحين فليتركونا وشأننا».
ومع هذا لا تزال روسيا تتوقع أن يتم الاجتماع حتى من دون انضمام إيران إلى الاتفاق. وكان وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك قد التقى بالأمس بنظيره الإيراني بيجن زنغنه في طهران. وقال نوفاك عقب الاجتماع إن إيران ما زالت مصرة على زيادة إنتاجها من النفط قبل أي تجميد محتمل لمستويات الإنتاج.
وأضاف نوفاك أنه من المرجح عقد الاجتماع بين أوبك والمنتجين المستقلين في أبريل بهدف إبرام اتفاق مبدئي على تجميد مستوى الإنتاج لتعزيز الأسعار، وقد يعقد هذا الاجتماع في الدوحة.
ونقل موقع معلومات وزارة النفط الإيرانية على الإنترنت بالأمس عن نوفاك قوله إن روسيا تتفهم وتتقبل مطالب إيران بالسماح لها باستعادة مستويات إنتاجها النفطي السابقة على العقوبات قبل المشاركة في أي مناقشات بخصوص تجميد مستويات الإنتاج العالمي.
ونقل الموقع عن نوفاك القول: «على كبار منتجي النفط التنسيق بعضهم مع بعض. لكن في ظل انخفاض الإنتاج الإيراني بسبب العقوبات؛ فإننا نتفهم تماما موقف إيران بشأن زيادة الإنتاج واستعادة حصتها في الأسواق العالمية».
وأضاف نوفاك عقب اجتماعه مع وزير النفط الإيراني: «في إطار عمل كبار منتجي النفط (داخل أوبك وخارجها)، يمكن لإيران أن تمضي وحدها في زيادة إنتاجها من النفط».
وكانت روسيا أكبر منتج للنفط خارج أوبك والسعودية أكبر منتج بالمنظمة اتفقتا الشهر الماضي على تجميد الإنتاج إذا وافق كبار المنتجين الآخرين على المشاركة في هذه الخطوة. وتبقى إيران حجر عثرة في طريق الاتفاق إذ تريد رفع إنتاجها إلى مستويات ما قبل العقوبات.
وكان مدير مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني قال يوم الخميس إن إيران يجب أن تستعيد حصتها في سوق النفط العالمية قبل أن تشارك في أي اتفاق بين الدول المنتجة لتقييد الإمدادات.
ومتحدثا في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، قال محمد نهاونديان: «بالطبع فإن سوق النفط يجب أن تدار بشكل أكثر حكمة». وأضاف: «حتى تشارك إيران في خفض للإمدادات فإن المطلب الأساسي هو أن تصل إلى الحصة السوقية التي كانت لديها ثم من ذلك الموقع تساعد في خفض للإمدادات».
* الدعوات لا تزال غائبة:
وأعلن كل من وزير الطاقة الجزائري صالح خبري ووزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي أنهما لم يتسلما أي دعوات حتى الآن. وبالأمس قال وزير النفط الكويتي بالوكالة أنس الصالح بأنه لم يتلق دعوة حتى الآن للاجتماع.
وفي الأسبوع الماضي أوضح كل من وزير النفط النيجيري إيمانيول إيبي كاتشيكو ووزير النفط الإكوادوري كارلوس باريخا أنهما يظنان أن الاجتماع سينعقد في روسيا أواخر شهر مارس الجاري.
وكانت روسيا والسعودية وقطر وفنزويلا اتفقت الشهر الماضي على تجميد إنتاج النفط عند مستويات يناير (كانون الثاني)، وهي مستويات مرتفعة شبه قياسية لروسيا والسعودية. واشترطت الدول الأربعة انضمام باقي المنتجين الكبار إليهم حتى يدخل الاتفاق حيز التنفيذ.
وحتى الآن هناك أكثر من 15 دولة مؤيدة لاتفاق تجميد الإنتاج، بحسب وزير النفط الروسي. وفي الأسبوع الماضي أعلنت روسيا أنها متفائلة بانضمام كل من أذربيجان وكازاخستان إلى الاجتماع.
* مساعٍ لتوحيد الصفوف:
وفي الوقت ذاته، تسعى الإكوادور وفنزويلا إلى توحيد صفوف منتجي النفط في أميركا الجنوبية وإقناعهم بالانضمام إلى اتفاقية التجميد. وكان من المفترض لوزراء دول أميركا اللاتينية الاجتماع أول من أمس، ولكن الاجتماع قد تأجل إلى نهاية الشهر الجاري أو مطلع شهر أبريل المقبل.
ولا تزال روسيا حتى الآن هي الأكثر اهتماما بالاتفاق، بعد أن تمكنت من إقناع الشركات النفطية الروسية بتجميد إنتاجها. وأكدت الشركات النفطية هذا الأمر أمام الرئيس فلاديمير بوتين قبل أسبوعين في اجتماع خاص.
وسبق أن أوضح وزير الطاقة الروسي إن اتفاق التجميد ينبغي أن يستمر عاما على الأقل، مضيفًا أن من غير الواضح حاليا هل سيكون تجميد الإنتاج المقترح اتفاقا شفهيا فقط أم وثيقة موقعة.



الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

TT

الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري «الذي خسر 24 عاماً من التنمية البشرية حتى الآن».

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

لبنان

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.