المرشحون الأميركيون يسعون إلى التفوق في انتخابات «ثلاثاء الحسم»

اتهموا ترامب بتأجيج أعمال العنف في السباق الانتخابي

دونالد ترامب يتحدث في تجمع انتخابي ببوكا راتو بفلوريدا أول من أمس (رويترز)
دونالد ترامب يتحدث في تجمع انتخابي ببوكا راتو بفلوريدا أول من أمس (رويترز)
TT

المرشحون الأميركيون يسعون إلى التفوق في انتخابات «ثلاثاء الحسم»

دونالد ترامب يتحدث في تجمع انتخابي ببوكا راتو بفلوريدا أول من أمس (رويترز)
دونالد ترامب يتحدث في تجمع انتخابي ببوكا راتو بفلوريدا أول من أمس (رويترز)

بدأ المرشحون الساعون للحصول على ترشيح الحزبين الجمهوري والديمقراطي لخوض سباق الرئاسة، اللحظات الأخيرة من حملاتهم أمس للحصول على أصوات قبل اختبار انتخابي حاسم جديد، وسط أعمال العنف التي شابت تجمعات الملياردير الجمهوري دونالد ترامب.
وسيكون يوم «الثلاثاء الكبير الثاني»، كما يطلق عليه الإعلام الأميركي، موعدا مهما في الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية التي ستجري في نوفمبر (تشرين الثاني)، وسيشهد تنافسا شديدا سواء بين المرشحين الديمقراطيين أو الجمهوريين في ولايات فلوريدا، وأوهايو، وإيلينوي، وميزوري، ونورث كارولاينا.
ويتطلع ترامب إلى إحراز تفوق كبير في هذه الولايات، إلا أن خصومه الجمهوريين سناتور تكساس تيد كروز، وسناتور فلوريدا ماركو روبيو، وحاكم أوهايو جون كايستش، أكثر تصميما من أي وقت مضى على التغلب عليه.
وخلال الأيام القليلة الماضية أحرز ترامب انتصارا في الولايات التي تضم الكثير من المندوبين، رغم الانتقادات التي واجهها بسبب الصدامات في تجمعه الانتخابي الجمعة في شيكاغو والذي اعتبر نتيجة طبيعية للهجته العنيفة في حملته الانتخابية. وكان ترامب استهدف في خطابه المهاجرين والمسلمين والمتحدرين من أميركا اللاتينية وغيرهم من الأقليات، والصحافيين والمعاقين. وكما يحدث في كل مرة ينطلق الجدل حوله، يبدو أن ترامب خرج من هذه المسألة دون أضرار تذكر، حيث أشارت الاستطلاعات إلى أنه لا يزال يسير بخطى ثابتة باتجاه الحصول على ترشيح حزبه بعد أن يجتاز الثلاثاء الحاسم. ورفض ترامب (69 عاما) أي تلميح إلى أن خطابه الملتهب أثار أجواء العنف، وألقى باللوم على أنصار خصمه بيرني ساندرز، وهدد بالرد بالمثل بإرسال عدد من أنصاره لافتعال مشكلات في تجمعات المرشح الديمقراطي.
ودفع ذلك بساندرز، سيناتور فيرمونت البالغ من العمر 74 عاما، إلى الرد بقوة الأحد، حيث قال إن «دونالد ترامب كاذب بالفطرة». كما سارع خصوم ترامب الجمهوريين إلى مهاجمته بعد أن هزتهم أحداث الشغب التي شابت تجمعات ترامب الانتخابية. ووصف روبيو، الذي حل ثالثا ويواجه مثل كايسك يوما حاسما الثلاثاء، لغة ترامب بأنها «خطيرة». أما كايسك فقد اتهم ترامب بخلق جو «مسموم».
وخلال أعمال الشغب في شيكاغو الجمعة، اشتبك أنصار ومعارضو ترامب بالأيدي، بعد أن شجع ترامب خلال عشرات التجمعات الانتخابية، الحشود على إساءة معاملة المحتجين لفظيا وجسديا. وبدا أن ترامب وافق أول من أمس على حادث عنف، عندما تعرض محتج إلى لكمة من أحد أنصاره بينما كانت تقتاده الشرطة لإخراجه من تجمع انتخابي الأسبوع الماضي في نورث كارولاينا. وقال ترامب إن موظفيه يعملون على دفع تكاليف الشكوى القضائية التي سترفع بحق المعتدي.
وأصبح التوتر يسود تجمعات ترامب الانتخابية، حيث يشاهد رجال جهاز الأمن السري الحكومي يحيطون بترامب بعد أعمال العنف الجمعة، ومحاولة رجل السبت الوصول إلى منبر تجمع انتخابي للمرشح الجمهوري في أوهايو، مما أرغم رجال الشرطة السرية على التدخل. وبعد ساعات قليلة، ألقى شرطيون الغاز المسيل للدموع على متظاهرين معارضين لترامب في كانساس سيتي.
وزعم ترامب أن المحتج الذي حاول الوصول إلى منبره مرتبط بتنظيم داعش، ورفض التراجع عن زعمه حتى بعد أن أصبح واضحا أنه يستند إلى تسجيل فيديو زائف. فالرجل المعني شاب (22 عاما) معارض للعنصرية يدعى توماس ديماسيمو، وصرح لشبكة «سي إن إن» الأحد أنه كان يحاول خطف الميكروفون من ترامب، ولم يكن ينوي أن يتسبب له بأذى.
وفي بوكا راتو بفلوريدا ساد الهدوء تجمع ترامب الانتخابي الذي حضره الآلاف.
وقال ترامب: «أنا أفضل من الأشخاص الذين أنافسهم (..) أنا أفضل من هيلاري (كلينتون).. كلينتون ليست جيدة».
وفي وقت سابق، اصطف المئات في سينسيناتي بولاية أوهايو لرؤية ترامب رغم الأمطار الخفيفة، فيما تجمع متظاهرون وهتفوا «لا لترامب، لا للفاشية». وقاطعه أحد المحتجين الذي كان يحمل شعار ساندرز، قبل أن يتم إخراجه من التجمع وسط صيحات الجمهور. وقال ترامب: «لا بأس في ذلك (..) إنه يجعل الأمر أكثر تشويقا».
من جهته، قال ادام وورد (34 عاما) المحارب السابق في العراق إنه يعتقد أن المحتجين يساعدون ترامب. وقال: «لم أكن على الأرجح سآتي إلى هذا التجمع الانتخابي، لو لم أشاهد ما حدث في شيكاغو». وسيتوجه ترامب إلى أوهايو وفلوريدا ونورث كارولاينا لحضور تجمعات انتخابية.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.