التنظيمات المتطرفة وهشاشة النشأة والتأسيس

مجهول وضع جرثومة تنظيمات التطرف

التنظيمات المتطرفة.. تعددت الأسماء والإرهاب واحد
التنظيمات المتطرفة.. تعددت الأسماء والإرهاب واحد
TT

التنظيمات المتطرفة وهشاشة النشأة والتأسيس

التنظيمات المتطرفة.. تعددت الأسماء والإرهاب واحد
التنظيمات المتطرفة.. تعددت الأسماء والإرهاب واحد

لا يحتاج العنف الاجتماعي والديني غير العاطفة أو الغضب، ولا يحتاج الغضب إلا العاطفة والانفعال، أما الفعل والحوار الحضاري الواعي بعصره وتحدياته، وتراثه وأزماته، فيحتاج التأمل والتدبير والتأسيس العميق للفعل تنظيما وتنظيرا.
من هنا يمكننا أن نرصد نشأة التنظيمات المتطرفة - تنظيمات الغضب الإسلامي - كما يحلو للبعض أن يسميها كحالة من هشاشة التأسيس الفكري والفقهي منذ بدايتها وحتى قمتها وصعودها الحالي، والإصرار على اللاتاريخية بل الانقلاب على التاريخ وعدم احترام قوانينه، وعلى تجذير القضايا الواقعية والوضعية دينا وإيمانا لا يقبل التدرج، ويرفض التطور في آن، بل كانت - وما زالت - مقصلة وحائط صد قويا للإصلاح والنهضة الإسلامية التي كانت حينها تنبت أزهارها وتؤتي آثارها. سنعرض دليلا على ذلك، نموذجا من نشأة تنظيم الجهاد المصري الذي أسسه مجهول تخلى عنه واختفى بعد ذلك، حركه الشعار واستمد له سندا دينيا مجزوءا، فتوى أو صفحة واحدة، من خمسة وثلاثين مجلدا هي مجموع فتاوى ابن تيمية، والأدهى أنه نقلها خطأ ولكن على أساسها كان قتال الأنظمة والمجتمعات وتكفيرها والحكم بردّتها كما اتضح في التأسيس الثاني والأهم عند محمد عبد السلام فرج.
حول النشأة المتطرفة واغتيال الحداثة
> ثمة روايتان - نرصدهما - لنشأة الجماعات المتطرفة:
أولاهما: تنسب هذه النشأة لمؤلفات الأستاذ سيد قطب - رحمه الله - قد مهدت الأرض لصعود الفكرة والمجموعات المتطرفة، التي خرجت من مخاض الصدام الحاد مع الأنظمة القومية والناصرية بعد الاستقلال في خمسينات وستينات القرن الماضي، ويعد أيمن الظواهري أبرز مؤرخي هذه الرواية الأكثر شيوعا، حيث يقول: «بدأت الحركة المتطرفة في مصر مسيرتها الحالية ضد النظام بعد منتصف الستينات حينما قام النظام الناصري بحملته الشهيرة في سنة 1965 ضد الإخوان المسلمين، وأودع السجون سبعة عشر ألف مسلم، وتم إعدام الأستاذ سيد قطب رحمه الله واثنين من رفاقه، وظن النظام أنه بذلك قد قضى على الحركة الإسلامية في مصر بلا رجعة»، كما تناولها كثيرون غيره من أعضاء ومؤرخي الحركات المتطرفة.

> ثانيتهما: الشاب المجهول نبيل البرعي:
شاب مجهول اختفى بعد ذلك، تأثر وآمن بفكر الإسلام السياسي، وتجربة الإخوان وحزب التحرير في استهداف وتقديم هدف الدولة الإسلامية، كشرط لإيمان المسلمين وحياتهم ومجدهم، ومن بذرته وجرثومته كانت شجرة الجهاديات القطرية والعالمية في المنطقة والعالم.
جند الظواهري والشيخ فضل، انشق عن الإخوان واعتمد على فتاوى متناثرة في الجهاد طار بها، ومن هنا نرى النشأة المتطرفة مجهولة الهوية وهشة في التأسيس مما ساعد على عظم تأويلها وانحرافها فيما بعد، حيث كانت قطيعتها مع كل المدارس الفقهية والمؤسسات الإسلامية - كالأزهر والزيتونة وغيرها - ولكن الأهم أنها طعنت وكادت وتكاد تقتل تجربة الإصلاحية الإسلامية التي مثلتها أسماء كجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده والكواكبي والزهراوي في مصر والشام، وأسماء كعبد الحميد بن باديس وعلال الفاسي في المغرب العربي.
نجد هذا التأسيس المجهول في شهادة موثقة للدكتور محمد مورو في كتابه المبكر عن تنظيم التطرف الصادر سنة 1995 حين قال: «يؤكد الشهود الذين شاركوا في بدايات التنظيم، أو الذين أتيح لهم الحديث مع هؤلاء الذين بدأوا بإنشاء التنظيم، أن تنظيم التطرف نشأ عام 1958 على يد شاب يدعى نبيل البرعي، وكان يبلغ من العمر وقتها 22 عاما، وحسب رواية نبيل البرعي فإنه قد عثر يوما ما على أحد كتب ابن تيمية على سور الأزبكية، في إطار اهتمامات شاب متدين بالكتب الدينية، وما إن قرأ البرعي هذا الكتاب حتى أعجب بابن تيمية، وراح يبحث عن المجموعة الكاملة لكتبه، لقراءتها والتزود منها، بما يريد أن يعلمه، وإذا كان ابن تيمية، ذلك العالم الذي ترك ثروة فقهية وفكرية إسلامية كبيرة، والذي شارك بسيفه في كفاح التتار، وانتهى به الأمر ليموت في سجن القلعة بسبب مواقفه السياسية، قد آثار نبيل البرعي، وكثيرا ما آثار انتباه الشباب والشيوخ الذين يقرأون في كتب العلماء عموما، فإن المفارقة هنا جاءت من اهتمام نبيل البرعي بشكل خاص بكتب وفتاوى ابن تيمية الخاصة بالجهاد والتي كان ابن تيمية قد كتبها في إطار الجهاد ضد الصليبيين والتتار».
وحسب رواية د. محمد مورو رفض نبيل البرعي فكر وآليات جماعة الإخوان المسلمين مؤمنا بدعوته للجهاد الخاص به بعد محاورات له معهم وانشقاقه عليهم، وهكذا تنسب الرواية الثانية التأثير والفعل الأول لفتاوى عند شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو ما أسسه فيما بعد محمد عبد السلام فرج في أول نص المعنون: «الفريضة الغائبة».

التأثر بالفتاوى والوعي اللاتاريخي
رغم غياب أو انعدام أدبيات المجموعات المتطرفة في هذه الفترة، فإننا نرجع تأثرها بالفتاوى دون سواها، وخصوصا فتوى التتار، التي أسقطها الجهاديون على حكم الدولة المصرية المعاصرة، وأنهم حكام كافرون لحكمهم بغير ما أنزل الله، يجب الخروج على حاكمها تحكيم شرع الله فيها، بشكل رئيس، ومما يدعم هذه الرواية ما نلاحظه من التوجه السلفي في التأسيس للمنهج الجهادي، وتجنب عدد من أبرز منظريها المتطرفين المصريين لاستخدام مفهوم «الحاكمية» فلم يرد هذا اللفظ في كتابات محمد عبد السلام فرج، وخصوصا الفريضة الغائبة، كما لا نجد سيد إمام الشريف أو د. عبد القادر بن عبد العزيز يتجنب استخدامه بالكلية كذلك، وفي سؤاله عن ذلك قال إنه تعبير غير شرعي، ويستخدمون التعبير القرآني والسلفي المعهود في مدونات الفقه عن الحكم بغير ما أنزل الله.
عموما، من الخطأ الذي وقع فيه بعض المراقبين أو المؤرخين لتنظيم الجهاد، التأريخ لظهور هذا التنظيم مع ظهور تنظيم محمد عبد السلام فرج عام 1979، متجاهلين المجموعات المتطرفة التي ظهرت قبل هذا التاريخ، والأصح أن تنظيم الجهاد لم يكن تنظيما واحدا في بداياته، ولكن مجموعات متفرقة، جمعها فكر الجهاد أولا والتأثر بفتوى التتار وجهاد ابن تيمية، خصوصا بجوار التأثر بفكر الحركات الإسلامية السابقة، كما نجح محمد عبد السلام فرج في تجميعها تحت لواء تنظيم واحد.
تبدو رسالة «الفريضة الغائبة» نصا بسيطا ومختصرا ومباشرا، مكتوبا بلغة المحاضرة والمذكرات أكثر منه كتابا أكاديميا يخضع لقواعد البحث العلمي والأكاديمي، ورغم أنه قد تلتها كتابات أخرى للتنظيم مثل كتاب «منهج جماعة الجهاد الإسلامي» والذي كان أعده عبود الزمر (ليمان طره 1986) والذي يشير إلى الخلافة باعتبار أن سقوطها أفقد المسلمين سيفهم ودرعهم وقطع أوصال الدولة، ويشير إلى احتلال فلسطين وأفغانستان واضطهاد المسلمين، وأنهم أشتات في مواجهة عدو يستجمع قوته وأنصاره، ورسالة الإحياء الإسلامي يشير كاتبها «أبو عبد الرحمن (كمال حبيب)» في 1986 إلى أحداث مصر وإيران وأفغانستان والحروب الصليبية والاستعمار والصهيونية والخضوع لأميركا، وكل ما يؤسس للصراع المؤبد ويؤكد على التأثر بنجاح الثورة الخمينية - دون اعتبار للاختلاف المذهبي - فالقضية دولة وليست أطرا عقدية أو فقهية.
لكن تظل الفريضة الغائبة النص الأهم، وتحركت بغاية قطبية حاكمية، بل لم تعرف منه إلا فتوى التتار التي نقلتها خطأ عن نص مصحف عن مخطوطة الفتاوى، فكان تأويل خاطئا وتأسيسا خاطئا معا، فمن المعروف أن مبحث الحاكمية والدولة رغم كثرة كتابات ابن تيمية كان مبحثا مهملا لم يكتب فيه، بل رفض أن تكون قضية الإمامة عقيدة أو شرطا لإيمان أو غير ذلك، في نقده للشيعة في ورد على ابن المطهر الحلي، كما لم يعتن ابن تيمية بغير دولة الشريعة والأمة ودورها وإصلاح عقائدها، وهو ما نجده كذلك عند سلفه شيخ الحرمين الإمام الجويني في «غياث الأمم».



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».