«ويكليكس داعش» تكشف تفاصيل عشرات المقاتلين البريطانيين

الوثائق تكشف هويات أستراليين من أصول لبنانية.. و6 كنديين في التنظيم الإرهابي

مقاتلون أجانب في الرقة («الشرق الأوسط»)
مقاتلون أجانب في الرقة («الشرق الأوسط»)
TT

«ويكليكس داعش» تكشف تفاصيل عشرات المقاتلين البريطانيين

مقاتلون أجانب في الرقة («الشرق الأوسط»)
مقاتلون أجانب في الرقة («الشرق الأوسط»)

يعتقد بأن معلومات تفصيلية عن ما يصل عددهم إلى 64 من البريطانيين أو أشخاص على صلة بالمملكة المتحدة، قد وردت ضمن آلاف الوثائق المسربة لتنظيم داعش. من بين أولئك الواردة معلومات بشأنهم في مجموعة الوثائق التي تتولى وكالات الاستخبارات البريطانية فحصها، رجلان شابان من مانشستر، بحسب ما أفادت الوثائق. وقالت محطة «سكاي نيوز» الإخبارية إنها حصلت على المعلومات، التي تحدثت عنها تقارير صحافية في وقت سابق هذا الأسبوع، من بطاقة ذاكرة سلمها شخص جندته الجماعة الإرهابية في السابق. والآن يزعم أن الملفات، التي يقال إنها تظهر عناوين، وأرقام هواتف وأرقام اتصال أقارب المتطرفين الذين تعهدوا بالانضمام لـ«داعش»، تحتوي أسماء عشرات البريطانيين. وقالت المصادر البريطانية إن من بين الواردة أسماؤهم في الوثائق المسربة، رافائيل هوستي، وهو أب شاب من مانشستر، كراع لبريطاني آخر اسمه أنوش، ومعروف بـ«أبو دجانة البريطاني».
وهوستي الذي درس في جامعة جون موريس في ليفربول، كان غادر المملكة المتحدة في 2013، وهو في أوائل العشرينات من العمر، وكان يشتبه بانضمامه لـ«داعش». وكان وصفه قاض بأنه أصبح «شخصية ملهمة، ومشجعا للآخرين على السفر والالتحاق بالمتطرفين». وهناك بريطاني آخر ورد اسمه في الملفات، وهو خليل رؤوفي، الذي غادر إلى سوريا كذلك من أجل الانضمام إلى «داعش» في 2013، وهو من أبناء مانشستر. توفي رؤوفي في فبراير (شباط) 2014، بعد يوم على إتمامه عامه العشرين، بعدما تدرب مع الجماعة الإرهابية وشارك في حرب العصابات. وتقول تقارير إن مواطنين من أكثر من 51 جنسية، بما في ذلك المملكة المتحدة، مدرجون في صيغة «تسجيل» يحوي 23 سؤالا، مع انضمامهم لـ«داعش». واعتبر خبير بريطاني في مكافحة الإرهاب أن التسريب «منجم ذهب»، بالنسبة لأجهزة الأمن وإنفاذ القانون. وقال شاشانك جوشي، زميل مركز أبحاث الأمن بالمعهد الملكي للخدمات الموحدة، إن هذه الملفات قد تسهل من ملاحقة المقاتلين الذين يعودون إلى البلاد، ويمكن أن توفر معلومات جديدة حول أشخاص لم يكن معروفا أنهم غادروا البلاد. وظهرت معلومات عن ما لا يقل عن اثنين من الأستراليين في الوثائق التي سربها العضو السابق المنشق عن «داعش»، بالإضافة إلى ستة كنديين و4 أميركيين في التنظيم الإرهابي، بينهم فرح محمد شريدون من كاليغاري على قوائم الإنتربول، ومتهم غيابيا بالإرهاب في كندا. والتساؤل الأكثر أهمية بالنسبة للمسؤولين الأميركيين، هو لماذا لم تقم ألمانيا، حليف الولايات المتحدة، بتسليم هذه القائمة بالأسماء سريعًا إلى الولايات المتحدة؟ خصوصا أن المسؤولين الألمان أقروا بأن لديهم هذه الوثائق التي نشرتها وسائل الإعلام. وظهرت استمارتان منقحتان تحويان تفاصيل عن الأستراليين من أصل لبناني في قصة إخبارية نشرتها قناة «الآن» الناطقة بالعربية. ولم يتسن لـ«غارديان أستراليا» التأكد من صحة هذه المعلومات.
وقد نشرت وسائل إعلام ألمانية وعربية، إلى جانب منافذ إعلامية أخرى كـ«الغارديان»، تقارير تتعلق بالوثائق الأسبوع الماضي، وقالت إن الاستخبارات الألمانية حصلت عليها من عضو سابق بـ«داعش». وأحد الأستراليين الواردة أسماؤهم، شاب يبلغ 25 عاما، وكنيته أبو منذر اللبناني. ولم يرد اسم قانوني للرجل. وتشير الوثائق إلى أنه درس علوم الطيران، وأنه متزوج وعمل في آخر وظيفة التحق بها، كعامل بناء. لا تتعدى معرفة الرجل بالشريعة حدود المعرفة «السطحية». وقد سافر إلى ماليزيا ولبنان، ودخل سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) 2013، عن طريق معسكر كلس للاجئين على الأرجح، والواقع على الحدود التركية السورية. وعندما طلب منه أن يحدد ما إذا كان مقاتلا أم انتحاريا، أجاب بأنه مقاتل، بحسب ما تشير الوثيقة. لم يشارك في عمليات جهادية عسكرية من قبل. وحجبت المصادر الجزء الذي يشير إلى تاريخ ومكان موت الرجل، وكذا التفاصيل عن جهات اتصاله خارج «داعش». ويشير قسم يضم ملاحظات متنوعة إلى أنه بعد تدرب أبو منذر اللبناني، فمن المقرر إرساله إلى حلب بأمر أمير داعش أبو بكر العراقي (المعرف أيضا بالحاج بكر)، الذي قتل في فبراير 2014. ويشار إلى أن المعلومات المتعلقة بمقاتلي «داعش» تباع في الشرق الأوسط منذ شهور، حيث تعرض على الصحافيين مقابل مبالغ ضخمة. وتلفت الوثيقة إلى أن جواز سفر الرجل قد أخذ منه. أما الرجل الأسترالي الثاني، فهو أبو عبيدة اللبناني، 36 عاما. ولم تبين الوثيقة اسمه الرسمي. وزعم التقرير أن الرجل «ألقي القبض عليه في أستراليا على خلفية اتهامات بالإرهاب سابقا، لكن أفرج عنه في توقيت لاحق». وتشير الوثيقة إلى أنه لم يشارك في القتال العسكري من قبل.
وأبو منذر اللبناني مهندس كومبيوتر وأخصائي موارد بشرية، التحق بـ«داعش» في أكتوبر 2013، ودخل سوريا كذلك عبر معسكر كلس.
وتضمنت الوثائق أسماء وأرقام هواتف وكنيات (أسماء حركية) لـ22 ألف شخص من المنضمين إلى التنظيم، بالإضافة إلى صلاتهم العائلية، كما كشفت عن هويات عدد من المقاتلين في صفوف «داعش» لم تكن معروفة سابقا في بريطانيا وشمالي أوروبا، وكثير من دول الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا والولايات المتحدة وكندا. وتشير الوثائق، إلى عبور كثير من مسلحي التنظيم سلسلة «نقاط ساخنة» مثل اليمن والسودان وتونس وليبيا وباكستان وأفغانستان في أوقات مختلفة من مسيرة التحاقهم بالتنظيم.
كما كشف ملف عثر عليه ضمن الوثائق، يحمل اسم «الشهداء»، عن هويات المنضمين إلى التنظيم الذين يرغبون في تنفيذ هجمات انتحارية، وقد تم تدريبهم للقيام بهذه المهمة. وتبين أن بعض أرقام الهواتف في القائمة لا تزال مستخدمة بالفعل، كما يعتقد أن كثيرا منها يخص أفرادا في تنظيم داعش، فضلا عن أخرى تعود إلى ذويهم.
وسرق هذه البيانات أحد أفراد «داعش»، كان ينتمي بالأصل إلى الجيش السوري الحر، ويطلق على نفسه اسم أبو حامد، الذي قال إن ما رآه داخل التنظيم دفعه إلى الرحيل عنه. يشار إلى أن كثيرا من التقارير الغربية اعتمدت على التقديرات في تحديد أفراد التنظيم والدول التي ينتمون إليها، وهي أرقام ليست مؤكدة، لكنها تقريبية. وتظهر التقديرات الأولية أن هناك 1300 عنصر من «داعش» قدموا من فرنسا، بينما جاء من روسيا 800 عنصر، ومن الشيشان 186 عنصرا، بينما بلغ عدد البريطانيين، بحسب تلك التقديرات نحو 700 عنصر. وتتساوى التقديرات بشأن عدد عناصر التنظيم من كل من ألمانيا وتركيا، فيما تشير إلى أن نحو 270 أستراليًا التحقوا بـ«داعش»، و250 من بلجيكا، و150 شخصًا التحقوا بالتنظيم من كل من كازاخستان والولايات المتحدة والسويد و120 من هولندا ومائة من كل من إسبانيا والدنمارك وكندا، بالإضافة إلى المئات من دول أوروبية أخرى. أما من الدول العربية، فتشير التقديرات إلى أن كثيرا ممن التحق بالتنظيم جاءوا من تونس والأردن والخليج ومصر والمغرب. وتفيد تقارير استخباراتية أن ثروة «داعش» تقدر بنحو 2.9 مليار دولار، يحصل عليها التنظيم بطرق عدة، لكن أبرز عوائده في الوقت الحالي هي النفط والغاز الطبيعي. ووفقًا للتقارير فإن عوائد التنظيم موزعة على النحو التالي، 38 في المائة من النفط، أي ما يعادل 1.095 مليار دولار، و17 في المائة من الغاز الطبيعي (489 مليون دولار) في حين يشكل الفوسفات ومنتجاته نحو 10 في المائة من عوائد التنظيم، أي 300 مليون دولار.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.