المفاوضات السورية تنطلق اليوم وخلافات حول شكل الحكم ومصير الأسد

نقطة اللقاء الوحيدة بين النظام والمعارضة الرفض الكامل لمشروع الفيدرالية

المفاوضات السورية تنطلق اليوم  وخلافات حول شكل الحكم ومصير الأسد
TT

المفاوضات السورية تنطلق اليوم وخلافات حول شكل الحكم ومصير الأسد

المفاوضات السورية تنطلق اليوم  وخلافات حول شكل الحكم ومصير الأسد

يجتمع وفدا النظام والمعارضة اليوم الاثنين في مفاوضات غير مباشرة، تترافق للمرة الأولى مع هدنة لا تزال صامدة، في ظل ضغوط دولية للتوصل إلى حل سياسي ينهي النزاع الذي يدخل بعد يومين عامه السادس. ورغم الخلافات الجوهرية بينهما؛ ومن أبرزها مصير الأسد، فإن النظام، والهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة، يشاركان في المفاوضات التي من المفترض أن تبدأ اليوم وتستمر أسبوعين.
وتختلف هذه الجولة من المفاوضات عن مبادرات سلام سابقة، خصوصا تلك التي عقدت في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي ولم تستمر سوى أيام وباءت بالفشل؛ إذ تترافق مع اتفاق لوقف الأعمال القتالية يستثني المتطرفين، وسبقتها خلال الفترة الماضية قافلات مساعدات وصلت إلى 250 ألف شخص في 18 منطقة محاصرة في سوريا.
وكشف موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا الجمعة الماضي أن المفاوضات ستتركز على ثلاث مسائل؛ هي: تشكيل حكومة جامعة، ووضع دستور جديد، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية برعاية الأمم المتحدة، في مهلة 18 شهرا تبدأ مع انطلاق المفاوضات اليوم.
وقال متحدث باسم المعارضة السورية، أمس، إن وفد المعارضة مستعد للمشاركة في محادثات جادة لإنهاء الحرب المستمرة منذ خمس سنوات، لكن لا يمكن أن يكون هناك دور لرئيس النظام بشار الأسد في أي حكومة انتقالية. ونقلت «رويترز» عن سالم المسلط، المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات، قوله للصحافيين فور وصوله إلى جنيف، إن «المعارضة تتطلع لبدء المفاوضات (اليوم الاثنين)، لبحث تشكيل هيئة حكم انتقالية لها صلاحيات تنفيذية» تشمل صلاحيات رئيس النظام الذي قال إنه لن يضطلع بأي دور في المرحلة الحالية أو في أي مرحلة. وأعرب المسلط عن أمله في التوصل لحل في أقرب وقت وإنهاء سفك الدماء.
ويعد مصير الأسد نقطة خلاف محورية بين طرفي النزاع والدول الداعمة لكل منهما؛ إذ تتمسك المعارضة بأنه لا دور له في المرحلة الانتقالية، بينما يصر النظام على أن مصير الأسد يتقرر فقط من خلال صناديق الاقتراع.
وكان محمد علوش، كبير المفاوضين في وفد المعارضة، قد صرح السبت الماضي، إلى مجموعة صغيرة من ممثلي وسائل الإعلام، وبينها وكالة الصحافة الفرنسية، في مقر إقامته في جنيف: «نعتبر أن المرحلة الانتقالية تبدأ برحيل بشار الأسد أو بموته»، مؤكدا أن المرحلة الانتقالية «لا يمكن أن تبدأ بوجود هذا النظام أو رأس هذا النظام في السلطة».
إلا أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم أعلن السبت، أن الكلام عن الأسد «خط أحمر». وأكد النظام أن وفده برئاسة مبعوث سوريا إلى الأمم المتحدة بشار الجعفري لن يقبل «بأي محاولة لوضع هذا الأمر على جدول الأعمال» خلال المفاوضات.
وتختلف الحكومة والمعارضة حول رؤيتيهما للمرحلة الانتقالية، ففي حين يتحدث النظام عن حكومة وحدة وطنية موسعة تضم أطيافا من المعارضة، تريد المعارضة هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية دون أن يكون للأسد أي دور فيها.
أما المعلم فأكد من جهته: «ليس هناك شيء في وثائق الأمم المتحدة يتحدث عن مرحلة انتقالية في مقام الرئاسة، ولذلك لا بد من التوافق على تعريف المرحلة الانتقالية، وفي مفهومنا هي الانتقال من دستور قائم إلى دستور جديد، ومن حكومة قائمة إلى حكومة فيها مشاركة مع الطرف الآخر».
وبحسب قوله، فإن حكومة الوحدة الوطنية هي التي ستعين لجنة دستورية لوضع دستور جديد أو تعديل الدستور القائم.
أما نقطة اللقاء الوحيدة بين النظام والمعارضة، فهي الرفض الكامل لمشروع الفيدرالية، الذي يفضله حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
وأقر دي ميستورا الجمعة بأن «أكراد سوريا فئة أساسية في البلاد، وبالتالي يجب إيجاد صيغة يمكن من خلالها أن يتمكنوا من التعبير عن رأيهم حول الدستور وإدارة البلاد».
وتضغط واشنطن وموسكو لإنجاح المفاوضات، ويقول جوزيف باهوت، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد «كارنيغي»، لوكالة الصحافة الفرنسية: «أمسكت الولايات المتحدة وروسيا بزمام القيادة في الموضوع السوري».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.