توقعات بمشاركة مليون برازيلي في تظاهرات ضد رئيسة البلاد

توقعات بمشاركة مليون برازيلي في تظاهرات ضد رئيسة البلاد
TT

توقعات بمشاركة مليون برازيلي في تظاهرات ضد رئيسة البلاد

توقعات بمشاركة مليون برازيلي في تظاهرات ضد رئيسة البلاد

من المتوقع أن يشارك أكثر من مليون شخص في تظاهرات اليوم (الأحد) في شوارع البرازيل للمطالبة باستقالة الرئيسة اليسارية ديلما روسيف التي تواجه أزمة سياسية كبيرة قد تؤدي إلى اقالتها. 
وتواجه البرازيل، التي تستضيف الألعاب الأولمبية في الصيف المقبل، تراجعا لنموها الاقتصادي وتضخماً كبيراً يحملان على التخوف من حصول أعمال عنف خلال التظاهرات.
وقالت روسيف أمس (السبت): "ادعو المواطنين إلى تجنب أعمال العنف، ومن حق الجميع أن يتظاهروا، ولا يحق لأحد أن يقوم بأعمال عنف".
وتأمل المعارضة في حشد أعداد كبيرة من معارضيها، لممارسة ضغوط على النواب الذين يترددون في التصويت على بقاء الرئيسة أو استقالتها في الأسابيع المقبلة.
وتم الإعلان عن تنظيم تظاهرات في أكثر من 438 مدينة في البرازيل، منها ساو باولو، العاصمة الاقتصادية والمالية للبلاد، ومعقل المعارضة، حيث تتوقع السلطات مشاركة مليون متظاهر.
وتبدأ البرازيل السنة الثانية من الركود الاقتصادي الشديد، فيما الأزمة السياسية التي تؤججها فضيحة الفساد في بتروبراس، تصيب بالشلل عمل حكومة حزب العمال (اليساري) الحاكم منذ 2003.
منظمو تظاهرات الأحد ينتمون إلى حركات تعتبر يمينية، وقد دعت في العام الماضي إلى ثلاثة أيام من الاحتجاجات المماثلة.
وشارك في أبرز تلك التظاهرات 1.7 مليون برازيلي في مارس (آذار) 2015، ضد الفساد في حين لبت الأحزاب المعارضة ضمنا للمرة الأولى دعوة تلك الحركات.
وقال الحزب الاشتراكي الديمقراطي البرازيلي (يمين وسط)، أبرز أحزاب المعارضة، "هذه هي اللحظة المؤاتية لحمل علم البرازيل والنزول سلميا إلى الشوارع للاحتجاج على فساد حكومة ديلما".
وسيشارك رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي السناتور اسيو نيفيس، الذي ترشح ضد روسيف في الانتخابات الرئاسية في 2014، في التظاهرة التي ستجرى في ساو باولو، فيما تستغل المعارضة المتاعب القضائية الأخيرة للرئيس السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا (2003-2010) المرشد السياسي لروسيف.
وكان دا سيلفا النقابي العمالي السابق الذي شهد ولادة "المعجزة" الاجتماعية-الاقتصادية البرازيلية في العقد الأخير من القرن الماضي، تعرض للملاحقة جراء فضيحة الفساد في شركة بتروبراس التي تلطخ سمعة الائتلاف الحاكم.
وقد كشف تحقيق "الغسل السريع للاموال" حول بتروبراس عن منظومة تزوير منهجية للصفقات المعقودة بين المجموعة النفطية التي تملكها الدولة و16 شركة، تنجم منها عمولات على كل صفقة، ويخصص جزء منها لنواب من حزب العمال (اليساري) والائتلاف الحكومي.
في المقابل، طلب مدعون في ساو باولو بدء ملاحقات ضد دا سيلفا بتهمة "اخفاء أصول وتبييض أموال" ووضعه قيد التوقيف التحفظي، في شأن شقة كان ينكر امتلاكها.
وكان رد فعل دا سيلفا عنيفا قبل ثمانية أيام على استجوابه القصير والمذل في منزله من قبل المحققين في ملف بتروبراس.
وكان دا سيلفا الذي قال إنه ضحية اضطهاد قضائي يرمي إلى استبعاده من السباق الرئاسي في 2018، دعا أنصاره إلى النزول للشوارع.
وقرر حزب العمال البقاء على الحياد في تظاهرات الاحد "لتجنب الاستفزازات"، داعيا أنصاره إلى التظاهر في 18 و31 مارس.
ويزداد الوضع سوءا بالنسبة إلى روسيف التي تصدرت نهاية الأسبوع المحفوفة بالمخاطر بتأكيدها الجمعة أنها لا تنوي الاستقالة.
وكانت روسيف حاولت انقاذ دا سيلفا من خلال دعوته إلى القبول بتسلم منصب في حكومتها.
وتلقت الرئيسة السبت اشارة تحذير جديدة، إذ امهل حزب الحركة الديمقراطية، الحليف الوسطي الأساسي في ائتلافها، نفسه 30 يوما ليقرر ما إذا كان سيتخلى عنها أم لا، خلال مؤتمره الوطني في برازيليا.
وقد أعاد مندوبو الحزب الاشتراكي الديمقراطي انتخاب ميشال تامر رئيسا لهم، وهو نائب الرئيسة البرازيلية، الذي سيتولى مقاليد الحكم إذا اقيلت روسيف، حتى انتخابات  2018.
وتعيش الرئيسة منذ ديسمبر (كانون الأول) تحت تهديد اجراء برلماني باقالتها أطلقته المعارضة التي تتهمها بتزوير الحسابات العامة في 2014 لدى اعادة انتخابها وفي الفصل الأول من 2015.
وقد أوقفت هذا الاجراء المحكمة الفيدرالية العليا، لكنه سيعاود الظهور سريعا ما إن تحدد المحكمة بصورة نهائية قواعد عملها الأربعاء.
وسيكون ثلثا اصوات النواب ضروريين (342 من 512) من اجل اتهام روسيف في مجلس الشيوخ، حيث تتطلب اقالتها أيضا تصويت يحتاح ثلثي الأصوات (54 من 81).



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.