الصدر يستفز العبادي ويحول المظاهرات إلى اعتصام مفتوح أمام المنطقة الخضراء

بعد تراجع وصف بالتكتيكي ومنح فرصة جديدة لرئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وذلك بنقل مكان مظاهرات أول من أمس الجمعة من أمام بوابة المنطقة الخضراء إلى ساحة التحرير، دعا الصدر المتظاهرين إلى الاعتصام أمام بوابات المنطقة الخضراء بدءا من الجمعة المقبل وحتى نهاية مهلة الـ45 يوما التي حددها للحكومة لتنفيذ الإصلاحات.
وقال الصدر في بيان له أمس السبت: «في البدء أحيي المتظاهرين الأبطال الذين تظاهروا في ساحة التحرير بكل شجاعة وثبات وإصرار على الإصلاح، فجزاهم الله خير جزاء المحسنين، وأحيي كل القوات الأمنية التي كانت يدا بيد مع المتظاهرين، وكانوا العين الساهرة من أجل سلامتهم، وأسأل الله أن يثبت أقدامهم وينصرهم على القوم الظالمين». وأضاف الصدر: «ثم أوجه ندائي التاريخي هذا لكل عراقي شريف للحب والإصلاح، بل محب للعراق والعراقيين، أن ينتفض لبدء مرحلة جديدة من الاحتجاجات السلمية الشعبية، مرحلة أخرى غير التظاهر، لتبدأ مرحلة جديدة تقومون بها بالاعتصام أمام بوابات المنطقة الخضراء حتى انتهاء المدة المقررة، أعني الـ45 يوما».
وتابع الصدر: «فاستعدوا ونظموا أموركم وتوحدوا من أجل إقامة خيم الاعتصام السلمي، فهذا يومكم لاجتثاث الفساد والمفسدين من جذورهم وتخليص الوطن من تلكم الشرذمة الضالة المضلة»، داعيا إلى «الرجوع في ذلك إلى اللجنة المنظمة لذلك الاعتصام الوطني السلمي». وحدد الصدر «الجمعة القادمة موعدا لبدء الاعتصام، بتوفيق من الله وبإسناد من الشعب»، خاتما بالقول: «فحيا الله الجميع، أملا من الجميع أن لا يقصر في ذلك، فإني أجد ذلك من واجبات المواطن لنصرة وطنه، وإلا سيكون مقصرا أمامه وخاذلا له، لا سمح الله، وآخر دعوانا أن يثبت أقدامكم ويسلمكم من كل سوء».
وجاءت خطوة الصدر التصعيدية الجديدة بعد فشل الاجتماع الذي عقدته قيادة التحالف الوطني الشيعي في مدينة كربلاء الأسبوع الماضي، والذي أثار جدلا في الأوساط السياسية، لا سيما بعد الخلاف على مضمون البيان الذي صدر عقب الاجتماع؛ ففي الوقت الذي أعلن فيه البيان عن حصول توافق بالرؤى بين المجتمعين، فإن الصدر أعلن أن البيان الصادر لا يمثله ولم يكتب بحضوره ولا حضور زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم. كما تأتي خطوة الصدر التي أنهت الهدنة مع العبادي، بعد أقل من 24 ساعة على إصداره بيانا عد فيه خطوات العبادي الإصلاحية بمثابة خريطة طريق وهو ما يحتاج إلى الوقوف بجانبه، بعد الحديث عن وصول وفد إيراني برئاسة الجنرال قاسم سليماني بهدف الضغط على الصدر واتهامه بالعمل على تهديم وحدة التحالف الشيعي، وهو ما يعني إعلانا ضمنيا من الصدر بأنه لا يخضع للضغوط الإيرانية.
على صعيد متصل، فإنه في الوقت الذي أكد فيه قيادي بالتحالف الوطني الشيعي أن العبادي على وشك الإعلان عن التشكيلة الوزارية الجديدة، فإن قياديا في «ائتلاف الوطنية» الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق، إياد علاوي، أكد أنه طلب من كتلته «إرسال سير ذاتية لوزراء لا نعرف أين سيتم تكليفهم».
من جهته، قال عضو البرلمان العراقي عن «ائتلاف دولة القانون» صادق اللبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «رئيس الوزراء لم يعد لديه مزيد من الوقت، ولذلك فإنه أعطى الكتل السياسية مهلة أسبوع من أجل إعطاء تصوراتهم لوثيقة الإصلاح، ومن جملتها مسألة التغيير الوزاري» مبينا أن «لدى العبادي تصورا شاملا بهذا الشأن، وسوف يعلن أسماء المرشحين لشغل المناصب التي سوف تشمل بالتغيير الوزاري، وربما ستكون هناك تعديلات هنا أو هناك من خلال الملاحظات التي سوف تبديها الكتل السياسية».
من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي عن «ائتلاف الوطنية» شعلان الكريم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة التي تواجهنا في عملنا السياسي بشكل عام هي عدم وجود رؤية واضحة لكل شيء؛ بدءا من الإصلاح، فالتغيير الوزاري، ولذلك فإننا في كل مرة ندور في حلقة مفرغة، ومن ثم نعود إلى المربع الأول دون حسم أي قضية من القضايا العالقة التي تهم الناس». وأضاف شعلان الكريم أن «وثيقة الإصلاح عامة وشاملة، وتكاد تكون إنشائية، دون تحديد لرؤى وتصورات محددة تتضمن خريطة طريق قابلة للتطبيق»، مشيرا إلى أنه «طلب منا مثلا إرسال سير ذاتية لوزراء دون أن نعرف ما حصتنا نحن (ائتلاف الوطنية) وكم وزارة، وما المعايير التي يمكن أن نرسل السير الذاتية بموحبها». وأوضح الكريم أنه «سبق لزعيم (الوطنية) إياد علاوي أن أبلغ اجتماعات الرئاسات والكتل السياسية أن وثيقة الإصلاح مجرد رؤى عامة وتصورات لا يمكن الاستناد إليها في أية عملية تغيير جادة».