وفد من «حماس» في القاهرة بعد أسبوع من اتهام الحركة بالمشاركة في اغتيال النائب العام

المتحدث باسم الحركة لـ «الشرق الأوسط»: خالد مشعل نسق اللقاء قبل أسابيع من اتهامنا بقتل النائب العام المصري

وفد من «حماس» في القاهرة بعد أسبوع من اتهام الحركة بالمشاركة في اغتيال النائب العام
TT

وفد من «حماس» في القاهرة بعد أسبوع من اتهام الحركة بالمشاركة في اغتيال النائب العام

وفد من «حماس» في القاهرة بعد أسبوع من اتهام الحركة بالمشاركة في اغتيال النائب العام

وصل القاهرة أمس، وفد رفيع المستوى من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في زيارة تأتي بعد أسبوع من اتهام وزير الداخلية المصري، اللواء مجدي عبد الغفار، بضلوع الحركة في اغتيال النائب العام المصري.
وقال المتحدث الرسمي باسم حركة حماس، سامي أبو زهري لـ«الشرق الأوسط»، إن الزيارة تستهدف سماع ملاحظات القاهرة أملا في بناء علاقات إيجابية مع مصر وتخفيف الضغط على قطاع غزة. وكان وزير الداخلية المصري وجه اتهاما صريحا لحركة حماس بالاشتراك في عملية اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، الذي قضى متأثرا بجراحة في انفجار استهدف موكبه بالقاهرة أوائل العام الماضي. وقال اللواء عبد الغفار إن عناصر من جماعة الإخوان المسلمين تلقت تدريبا على أيدي حماس في غزة لتنفيذ ما أسماه بـ«المؤامرة الكبرى» ضد بلاده.
وتعهد عبد الغفار خلال مؤتمر صحافي باتخاذ كل الإجراءات القانونية للقبض على المتهمين من حركة حماس وتنظيم الإخوان المتورطين في عملية اغتيال النائب العام والمتهمين خارج البلاد. وأوضح أبو زهري، أن الحركة طلبت قبل 3 أسابيع من اتهام الداخلية لقاء المسؤولين المصريين، لبحث سبل التعاون المشترك مع مصر بما يخدم ما وصفه بالهموم التي تعيشها غزة، نافيا ضلوعها في مقتل النائب العام والتدخل في الشأن الداخلي المصري، فيما لم يتسن لـ«الشرق الأوسط» الحصول على تعليق مصري حول الزيارة.
ووصل وفد من حركة حماس، ظهر أمس، معبر رفح البري، قادما من قطاع غزة، استعدادا للتحرك باتجاه القاهرة، ويضم 12 عضوا وقياديا بالحركة بينهم أعضاء المكتب السياسي الدكتور محمود الزهار، وخليل الحية، وعماد العلمي، فيما وصل القيادي بالحركة موسى أبو مرزوق، أول من أمس، إلى القاهرة، للتمهيد للزيارة.
وتدهورت العلاقات المصرية مع حماس بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين والتي تعد حماس أحد أذرعها. وكانت محكمة مصرية قضت باعتبار الحركة منظمة إرهابية أوائل العام الماضي، لكن محكمة أعلى درجة نقضت الحكم، وهو ما لقي ترحيبا من حماس والتي اعتبرته خطوة في الاتجاه الصحيح في علاقاتها بمصر.
وأكد أبو زهري، أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل اتصل هاتفيا بمدير جهاز المخابرات العامة المصرية، الوزير خالد فوزي، طالبا عقد لقاء ثنائي، مشيرًا إلى حرص حماس على علاقات إيجابية مع القاهرة والعمل على فتح صفحة جديدة من العلاقات. وقال شهود عيان إن السلطات الأمنية المصرية أنهت دخول وفد حماس إلى مصر وسط تأمين مشدد، واستقل الوفد حافلتين للعاصمة المصرية القاهرة.
وكانت «الشرق الأوسط» نشرت أول من أمس أن حماس أبلغت القاهرة أنها مستعدة لأي تعاون في التحقيقات المتعلقة بحماس أو قطاع غزة، وستقدم مذكرة للقاهرة تتضمن تفاصيل تثبت براءة الحركة من دم بركات، وقد طلبت من مسؤولي المخابرات المصرية السماح لوفد منها زيارة القاهرة لمناقشة الأمر. وبحسب المصادر انتقل مسؤولو حماس من غزة إلى القاهرة بحماية المخابرات المصرية. وأضافت المصادر «تنقلوا بسيارات المخابرات المصرية فور خروجهم من معبر رفح».
وأوضح المتحدث باسم الحركة، أن حماس عاشت ضغطًا كبيرًا على الحدود مع مصر، وأنها على استعداد لسماع أي ملاحظات من الجانب المصري في سبيل علاقات إيجابية مع مصر. وأضاف أبو زهري أن حماس لا علاقة لها بالشأن الداخلي المصري، مؤكدًا على أن المسؤولين المصريين يدركون ذلك وأن كل الاتهامات الموجهة لحماس لا أساس لها من الصحة.
وفي وقتٍ سابق، نفى الزهار وهو رئيس وفد حماس بالقاهرة، علاقة الحركة بمقتل النائب العام، حيث قال في تصريحات صحافية: «اتهامنا ليس رأي كل الأجهزة الأمنية في مصر، وإنما يقتصر على وزارة الداخلية، التي سبق لها أن اتهمت حماس بالتورط في تفجير كنيسة القديسين ثم ظهر أن الحادث من تدبير اللواء حبيب العادلي».
وأضاف الزهار أن علاقة حماس بجهاز المخابرات العامة كانت مبنية على التفاهم وعلى الترتيب والتنسيق المشترك منذ أيام عمر سليمان، مشيرًا إلى أن العلاقة انقطعت في الفترة الأخيرة، ثم تمت إعادة ترتيب الأوراق من جديد. ونفى الزهار إمكانية تلقي أي شخص لتدريبات في معسكرات غير أعضائها، قائلا: «مراكز تدريبنا موجودة في مقرات تعيش بها الكتائب، وهي أماكن أمنية بالدرجة الأولى لا يدخلها أحد ولا يتدرب فيها أحد». ويشير هذا الإجراء إلى أن مصر مصرة على التعامل مع وفد حماس من زاوية أمنية وليست سياسية، بعدما ظلت الاتصالات مقتصرة كذلك على القناة الأمنية فقط في السنوات القليلة الماضية.
وكان مسؤولو حماس قد أبدوا قلقهم من أن تقدم مصر طلبا للجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي على غرار الموقف من حزب الله. وقالت مصادر حماس إن لقاء الحركة بالمسؤولين المصريين يشير إلى التطور في العلاقة على الرغم من الاتهامات الأخيرة التي سيجري معالجتها في لقاءات القاهرة.
ويفترض أن يكون قد جرى اجتماع فوري ليلة أمس بين مسؤولين مصريين ووفد حماس على أن تجري اجتماعات ثانية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.