منال العالم: هاجسي إيصال تفاصيل مطبخنا الشرقي إلى العالم

أول طاهية تدخل ثقافة المعايير على المطبخ العربي من أجل وصفات مطابقة

وصفات منال العالم في كتاب - حلوى منال - البيتزا على طريقة منال العالم
وصفات منال العالم في كتاب - حلوى منال - البيتزا على طريقة منال العالم
TT

منال العالم: هاجسي إيصال تفاصيل مطبخنا الشرقي إلى العالم

وصفات منال العالم في كتاب - حلوى منال - البيتزا على طريقة منال العالم
وصفات منال العالم في كتاب - حلوى منال - البيتزا على طريقة منال العالم

قد يكون القول المأثور «الوصول إلى قلب الرجل يمر بمعدته»، هو حقيقة لامستها الشيف منال العالم.
فعندما اكتشفت شغفها بالمطبخ لم يكن لديها إلا زوجها، لتجري عليه تجارب التذّوق لأطباقها المالحة والحلوة. وتقول: «أنا ستّ بيت بالدرجة الأولى. وعندما تزوّجت شعرت أن مسؤوليتي تجاه زوجي كبيرة بخصوص تحضير الطعام له. وبما أنني كنت أستقرّ في الكويت بعيدًا عن أمي في الأردن، قررت أن أخوض هذا التحدّي وحدي وأن أكون على المستوى المطلوب». وتضيف الشيف التي أعدّت وقدّمت أكثر من برنامج تلفزيوني على شاشات عربية: «التحدّي الأكبر بالنسبة للوصفات التي كنت أقرأها في كتب تعليم الطبخ هو تطبيق الوصفة كما هي، ولم يكن هذا الأمر مكتملا في تلك الوصفات إذ كانت تعتمد على معايير بدائية: ملعقة شاي ونصف كوب ورشة بهار، وإلى ما هنالك من معايير اعتدنا استعمالها في مطبخنا على البركة. ومن هنا جاءتني فكرة استعمال المقادير بمكاييل خاصة. فهذا الأمر مهم جدّا لتحضير الطبق نفسه أكثر من مرة وليتمتّع بنفس الطعم».
وعن دور زوجها في تلك الفترة قالت: «لا شك أن زوجي لعب دورا هاما في مشواري هذا، إذ كان يتقبّل أطباقي ويزودني بملاحظاته بنعومة دون أن يجرحني. والأهم هو أنه كان يثني على طعامي دائما ويقول لي «ست الستات فأطباقك لذيذة جدا»، مع أنني كنت أعلم أنه كان ينقصها بعض النكهات. لقد كان باله طويلا ومشجعا كبيرا لي، ويعطيني ملاحظاته بطريقة إيجابية وهذه التفاصيل مجتمعة تلعب دورا هاما لدى الزوجة، التي يهمّها رأي زوجها أولا في صناعة أطباقها».
وتتذكّر: «لقد كان لدي في البداية تجارب فاشلة لا بل محبطة، فأول مرة صنعت طبق يخنة البازيللا كانت مجرّد حبيبات خضراء تسبح في مرقة حمراء، لا طعم ولا نكهة. حينها قال لي زوجي أنت تصنعيها بطريقة مختلفة فهذا يميّزك عن غيرك، ولكن ما رأيك لو جعلت المرق أكثر سماكة؟»
تؤكّد الشيف منال، التي ذاع صيتها في العالم العربي، فصارت مثلا يحتذى به في المطبخ الشرقي، وشاركت في لجنة حكم برنامج «النجم الشيف» على قناة «إم بي سي»، كما صار يستعان بها في المهرجانات كعضو في لجان حكم تشرف على مسابقات إعداد الطعام، أن كتب الطبخ العربية في الماضي لم تكن شبيهة وصفاتها أبدا بتلك الموجودة في المجلات الأجنبية، فكانت تشعر دائما بأن هناك أمرا ما ناقصا في الوصفة. «صرت أقرأ وأبحث وأفتّش عن الحلّ لملء هذا النقص، وأضع ميزانية مادية لشرائي بعض الكتب والمجلات، فبدل أن أشتري فستانا أو حقيبة كنت أفضل أن أشتري كتابا للطبخ في معارض الكتب التي كانت تجري هنا وهناك».
وتتابع: «لقد استهللت عصارة أبحاثي هذه بدعوة أصدقاء وأقارب لي لمشاركتي في وصفات قرأتها في المجلة الأميركية (شوكولاتييه). فحققت نتائج جيّدة وكرّت السبحة بعدها، إذ صرت أدعو صديقاتي لمشاهدتي وأنا أحضّر أطباقًا عدة، مشترطة عليهن أن لا يدونوا ما أقوم به، بل أن يستمتعوا بمراقبتي، وأنا بعدها أوزّع عليهن الوصفة مكتوبة بخطّ يدي».
درست الشيف منال الأردنية الأصل علم النفس في كلية الآداب في جامعة عين شمس، إلا أن شغفها بالطبخ حوّلها لامتهان الطهي ونشر أسلوبها في العالم أجمع.
وتشير الشيف منال، وهي واحدة من النساء القليلات المعروفات في هذا المجال عربيا، والذي تقتصر نجاحاته على الرجل الشيف في غالبية الوقت، إلى أن «أي وصفة قد نرغب في القيام بها علينا عدم تجزئة أي مقادير منها، أو التلاعب فيها لتكون متينة بعناصرها. فلا يتبدّل طعمها أبدا وهنا يكمن سرّ ربّة المنزل الناجحة في المطبخ حسب رأيها».
المعلومات التي تقدّمها الشيف منال في أي وصفة ترتكز على ذكر المقادير مع معاييرها مع درجة الحرارة للفرن ونوع الأواني المستخدمة فيها. وتعلّق: «كل هذه العناصر مجتمعة تؤثّر على الطبق، فإذا ما استعملنا مثلا وعاء معدنيا غير الذي يجب أن يطبخ فيه الطعام قد يشهد طعمه تغييرا». فلا سكّينة ولا ملعقة ولا لوح خشب ولا كوب ولا ملعقة تهيمن على مسيرة تحضير الطبق عند الشيف منال، إذ إن المكاييل الخاصة هي التي تلازمها فقط في مطبخها.
استمرّت «منال العالم» في عقد تجمعاتها هذه، إلى حين تحولّت من لقاءات بسيطة إلى صفوف تعلّم فيها الطبخ. وحسب خبرتها فهناك سرّين ساهما في انتشارها، ويرتكز الأول على نشرها ثقافة المعايير، والثاني على الشغف الذي تكنّه للطبخ. «هي متعة لا تشبه أي متعة أخرى، تعتمد على الوضوح وليس على سحر الأنامل كما يخيّل للبعض، فمن أجل تقديم طبق جيد عليك أن تستمتعي في تحضيره وتطبّقيه بالمقادير اللازمة له. كل التعب الذي تبذله المرأة في المطبخ يتحوّل إلى سعادة، عندما يقال لها «ما أطيب أكلاتك كيف حضّرتها؟».
للشيف منال العالم عدة إصدارات في مجال الطهي، بينها كتاب «وصفات في بطاقات» و«الطهي بالمايكرويف» و«منال العالم». ومن بين برامجها التلفزيونية المعروفة، «تسلم إيدك» على قناة الكويت، و«مطبخ منال» على «إم بي سي»، و«سفرة منال» على تلفزيون «الراي».
اليوم يستعان بالشيف منال في المطاعم والفنادق، عندما تطلب بالاسم لتحضير مائدة ضخمة لمناسبة مهمّة (أعراس وخطوبة وغيرها).كما أسست «نادي منال» ويضمّ في عضويته 6 آلاف امرأة من الكويت والعالم العربي.
أما فنّ الاستحداث، فهو لا يغيب عن «مطبخ منال»، إذ لمعت في تحضير حلوى الكنافة مثلا والتي تقدّمها على شكل أقماع محشوة، صارت أسلوبا يحتذى به في المطاعم والفنادق، كذلك الأمر بالنسبة لأسلوبها في تحضير العوامات والزلابية في أكياس خاصة توضع فيها عجينة هذه الحلويات لتخرج بشكل يسيل له اللعاب.
«أحب تحضير أطباق الحلويات فأتفنن في تطبيقها وكذلك الأمر بالنسبة للطعام، إلا أنه لدي ضعف للأول ولكن في الحالتين أقوم بما أشعر به وبما يدفعني إحساسي لإنجازه بهذه الطريقة أو بتلك». تقول الشيف منال في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط».
وعما يستفزّها في المطبخ الحديث أجابت: «يستفزني فيه أسلوب الطهي، فالناس بدأت تفقد هويتها بفعل ظاهرة (الفيوجن) الرائجة في مطابخنا اليوم، لست ضدّها فأنا استخدمها أيضًا، وهي تشكّل نوعا من لقاء الأجيال، شرط أن لا تفقدنا هويتنا العربية الحقيقية. فمن الجيّد المزج بين أطباقنا العربية والغربية، ولكن بعيدا عن المبالغة، فهناك حركات تجري في هذا الإطار غير مدروسة بتاتا، فالدمج يجب أن يحصل بذكاء».
وتضيف بهذا الصدد: «كيف يمكن أن يقوم يابانيا مثلا بتحضير طبق الكوسى باللبن الشرقي؟ فلذلك يجب أن نبذل جهدا لنتعلّم كيف نكتب تلك الوصفات، وهذا هو هاجسي في الحقيقة، لأوصل مطبخنا الشرقي بحذافيره للعالم أجمع». وتختم قائلة: «زي ما نحنا انفتحنا على الغرب علينا أن نكون جاهزين لانفتاحهم علينا وعلى أسس وركائز متينة».
وعن نصيحتها للمرأة العربية تقول: «عليها أن تعرف كيف تختار وبوعي أطباق مائدتها اليومية. فالحفاظ على الصحة من خلال أطباق صحية وتحتوي على عناصر التغذية المطلوبة يجب أن تتصدّر مائدتها». كيف ذلك؟ «ثقافة الغذاء تتضمن تقديم أطباق منوعة (مرة سمك ومرة لحمة حمراء أو بيضاء)، فيجب أن تحتوي الأطعمة على فيتامينات وبروتينات ونشويات، تحمينا من الأمراض، وتشكّل لنا أسلوبا غذائيا صحيحا. فهذا الموضوع ما زال بعيدًا عنّا ولا نعطيه الاهتمام المطلوب كوننا متعلقين حتى الآن بموروثات مطبخنا القديم، فيجب أن ندخل التغيير ونعلّمه لأولادنا». وتضيف: «أنا شخصيا أضع خطة أسبوعية للأطباق التي علي أن أحضّرها لأفراد عائلتي، وهذا الجدول يتبدّل من أسبوع لآخر، لكن ضمن عناصر تغذية مطلوبة لصحة سليمة». وتدعو الشيف منال المعروفة جدا في العالم العربي، إلى اتباع هذه الخطة حتى أثناء تسوقنا في السوبر ماركت والتعاونيات وتقول: «ممنوع علينا اليوم أن نتسوق بشكل عشوائي، وإنما بطريقة مدروسة، وبذلك نكون قد وفّرنا المال من ناحية والوقت اللازم للقيام بهذه الأمور من ناحية ثانية».
وتشدد الشيف منال على وجود طبق السلطة يوميا على المائدة: «قد يجهل كثيرون فوائد هذا الطبق الضروري في حياتنا اليومية، فالجرجير كما البقدونس والخسّ وجميع الخضراوات الورقية تحتوي على الألياف المهم تناولها».
مع «منال العالم» اجتاز مطبخنا المسافات البعيدة وتجاهل التقاليد البالية، فارتفع إلى مستوى المطبخ العالمي، من خلال تمسّكها بمعايير وصفات أطباقه، التي معها يستطيع أي شخص في أي بقعة وجد فيها على كوكبنا، أن يتلذذّ بطعمها الأصيل دون زيادة أو نقصان.



المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
TT

المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)

في الماضي، كان الناس يخرجون لتناول الطعام في مطعمهم المفضل وتذوق طبقهم الألذ فيه، أما اليوم، وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي وتوفر كاميرا الهواتف الذكية في كل مكان وزمان، ونشر صور الطعام على منصات رقمية على رأسها «إنستغرام» أصبحت زيارة المطعم لالتقاط الصور ومشاركتها مع العالم، دون أكلها أحياناً. ولكن هل كل ما تأكله الكاميرا قبل المعدة لذيذ كما تراه في الصورة؟

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)

هناك فئة من المطاعم التي تحمل مصطلح «إنستغرامابل» Instagrammable وتعني أنها تبدو جميلة على صفحات «إنستغرام» نظراً للتركيز على شكل الأطباق وطريقة تقديمها واستخدام الألوان فيها، بعيداً عن التركيز عن النكهة والمنتج المستخدم فيها.

وفي دراسة نشرت أخيراً على موقع رقمي متخصص بأخبار المطاعم والطعام، تبين أن تصوير مأكولات (تبدو شهية مثل الكيك وأنواع الحلوى المنمقة) قد تزيد من نكهتها قبل أكلها، والسبب قد يعود إلى أن مقولة «العين تعشق قبل القلب أحياناً» صحيحة، وذلك لأن العين هنا تقع في حب الطبق قبل تذوقه، فقط بسبب الصور التي نلتقطها.

طبق شهير نشرت صوره على وسائل التواصل الاجتماعي (إنستغرام)

في الآونة الأخيرة، وفي تغير واضح في طريقة تصرف الذواقة في المطاعم أصبح التقاط صور الطعام أمراً مبالغاً به، لدرجة أنه أصبح من الضروري الاستئذان من الجالسين على طاولتك قبل مد يدك لتناول الأكل بسبب اهتمام بعضهم بالتقاط الصور ونشرها على الإنترنت، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل كل ما تلتقطه الكاميرا وينشر على الشبكة العنكبوتية يتمتع بنكهة لذيذة توازي الشكل الجميل؟

ديكورات تلفت الانظار والمهتمين بنشر صور المطاعم (إنستغرام)

هذا السؤال يذكرني بحادثة وقعت معي، بعدما تحمست لزيارة أحد المطاعم الإيطالية في لندن، بعد رؤية العديد من المؤثرين ينشرون صوراً لثمار البحر يسيل لها اللعاب، فقررت الذهاب وتذوق تلك التحف الصالحة للأكل، وللأسف انتهى الحماس بمجرد تذوق أول لقمة من طبق الأسماك المشكلة الذي جئت حالمة بصورته وتذوقه، فالمذاق لم يكن على المستوى الذي توقعته، خاصة أن لائحة الانتظار للحصول على حجز في ذلك المطعم طويلة مما اضطرني للتكلم مع المدير المسؤول في هذا الخصوص، والاعتراض على نوعية المنتج.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)

الأكل في أيامنا هذه بالنسبة للأجيال الصاعدة مثل «جين زي» وجيل الألفية يعدّ نوعاً من التعبير عن المكانة الاجتماعية والمادية، فنشر صور الأكل بالنسبة لهم يتعدى مفهوم التهام الطعام والتمتع بمذاقه، وإنما يكون نوعاً من المفاخرة والتباهي في أوساط مجتمعاتهم ومعارفهم.

فالطعام نوعان؛ الأول يركز على المذاق والنكهة، أما الثاني فيعتمد على التصميم الخارجي، تماماً مثل ما حصل مع دوناتس قوز القزح، أقراص الحلوى التي غزت الإنترنت وشبكة التواصل الاجتماعي، وسميت بـRainbow Food Craze فكل من تذوق هذه الحلوى بوصفة الدونات المعدلة والمبتكرة قال إن النوع التقليدي يتمتع بمذاق ألذ بكثير.

تاباس أسماك (إنستغرام)

هناك عدد من المطاعم حول العالم التي تشتهر بتقديم أطباق جميلة وجذابة بصرياً على «إنستغرام»، لكنها ليست بالضرورة لذيذة. غالباً ما يكون الهدف من هذه المطاعم هو جذب الانتباه من خلال الإبداع في العرض وتنسيق الألوان والتفاصيل الجمالية، ولكن عند تذوق الطعام قد يكون الطعم عادياً أو غير مميز.

فيما يلي بعض الأمثلة التي تُذكر عادة في هذا السياق، مثل مطعم «ذا أفو شو» في أمستردام المعروف بتقديم يعتمد بشكل كامل على الأفوكادو بطريقة مبهرة وجميلة، إنما هناك بعض الآراء التي تشير إلى أن الطعم لا يرقى إلى مستوى العرض البصري.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)cut out

أما مطعم «سكيتش» في لندن ويعدّ من المطاعم ذائعة الصيت والمميز بديكوراته الجميلة وألوانه الزاهية، فهناك آراء كثيرة حول مذاق أطباقه الذي لا يكون على قدر التوقعات العالية التي يولدها المظهر الفاخر.

ومطعم «شوغر فاكتوري» في الولايات المتحدة الذي يملك فروعاً كثيرة، وشهير بحلوياته ومشروباته المزينة بألوان مشرقة على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يصفونه بأنه مجرد «سكر على شكل جميل»، ولا يقدم شيئاً مميزاً من حيث المذاق.

«إيل أند أن كافيه» في لندن، وهو غني عن التعريف، خاصة أنه من أكثر المطاعم التي تنشر صورها على «إنستغرام»، ومن بين أول المطاعم التي استخدمت أسلوب الديكور الذي يعتمد على الورود، فهناك من يعتقد أن أكله ليس جيداً على عكس الصور التي تنشر هنا وهناك.

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)cut out

«فيش أند بابلز» Fish & Bubbles الواقع في نوتينغ هيل بلندن، من المطاعم الإيطالية التي انتشرت بسرعة البرق على وسائل التواصل الاجتماعي، والصور والفيديوهات التي نشرها المؤثرون جرّت الكثير للذهاب إلى المطعم وتذوق ثمار البحر كما رأوها في الصور، ولكن الحقيقة هي عكس ذلك؛ لأن المذاق أقل من عادي والأسماك ليست طازجة، ومن زار هذا المكان فلن يزوره مرة ثانية.

ولمحبي البرغر فقد أغرتهم الصور في مطعم «بلاك تاب كرافت برغرز» في نيويورك بعد الشهرة التي حصل عليها على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يجدون أن النكهات عادية، ولا تتناسب مع الشهرة التي حصل عليها على الإنترنت. ولا يتفق الكثير من الذين زاروا «سيريال كيلار كافيه» Celear Killer Café في كامدن تاون بلندن، الذي يقدم حبوب الإفطار بألوان زاهية وتنسيقات مبتكرة تجعلها مثالية للصور، أن الطعم يوازي روعة الصور، مما عرّض المقهى للكثير من الانتقادات، خاصة أنه ليس رخيصاً.

لائحة أسماء المطاعم التي تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق أطباقها التي لا ترتقي للجودة المطلوبة لا تنتهي، والسبب وفي عصرنا هذا هو التسويق البصري والجذب السريع للزبائن، حيث يعتمد هذا النوع من التسويق بشكل كبير على الصور والفيديوهات القصيرة، خاصة على منصات مثل «إنستغرام» و«تيك توك». الأشخاص يتأثرون بالصور الجميلة والجذابة أكثر من أي شيء آخر. لذلك، عندما تكون الأطباق مصممة بشكل جميل ومبهج، يسارع الناس إلى تصويرها ونشرها، مما يوفVر للمطعم تسويقاً مجانياً وانتشاراً واسعاً.V

الكثير من الزبائن في يومنا هذا يسعون إلى أماكن مثالية لتصوير أطباقهم ومشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي. بعض المطاعم تلبي هذا الاحتياج عبر تقديم أطباق مبهجة بصرياً، مما يجعل المطعم وجهة مفضلة رغم أن الطعم قد يكون عادياً.

في السنوات الأخيرة، بدأ الطعام يُعامل بوصفه نوعاً من الفنون البصرية. فهناك اتجاه كبير نحو تقديم الطعام بطريقة إبداعية وفنية، مما يجعل من الصعب أحياناً التوفيق بين الطعم والتصميم. فالبعض يرى أن تصميم الطبق الجميل يستهلك جهداً كبيراً قد يطغى على الاهتمام بالتفاصيل المتعلقة بالطعم.

ولكن، وفي النهاية، لا يصح إلا الصحيح، ويبقى هذا النوع من المطاعم التي تهتم بالشكل والديكور وطريقة تقديم الأطباق لتشد الكاميرا وتتحول إلى صور يتهافت عليها الزبائن حالة خاصة؛ لأنها ستكون مؤقتة وستجذب الزبون مرة واحدة على عكس المطاعم التي تعتمد على جودة المنتج ونوعية الطعام وطعمه. كما أنه لا يجوز وضع المسؤولية كاملة على كاهل المطاعم إنما يتحمل أيضاً الزبون وبعض المؤثرين المسؤولية في تضليل الرأي العام، والتسويق لمطعم لا يستحق الشهرة والانتشار.