مصادر دبلوماسية: أيرولت يريد أن يكون أكثر حذرًا في طرح المبادرة الفرنسية

قالت إن الـ«تكتيك» الدبلوماسي لوزير الخارجية «سلاح ذو حدين»

عناصر أمن إسرائيليين يركضون باتجاه متظاهرين فلسطينيين في قرية كفرقدوم قرب نابلس أمس (أ.ف.ب)
عناصر أمن إسرائيليين يركضون باتجاه متظاهرين فلسطينيين في قرية كفرقدوم قرب نابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

مصادر دبلوماسية: أيرولت يريد أن يكون أكثر حذرًا في طرح المبادرة الفرنسية

عناصر أمن إسرائيليين يركضون باتجاه متظاهرين فلسطينيين في قرية كفرقدوم قرب نابلس أمس (أ.ف.ب)
عناصر أمن إسرائيليين يركضون باتجاه متظاهرين فلسطينيين في قرية كفرقدوم قرب نابلس أمس (أ.ف.ب)

عاد وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك أيرولت، من زيارة اليومين التي قام بها إلى القاهرة، وهي الأولى من نوعها إلى منطقة الشرق الأوسط، منذ تسلمه حقيبة الخارجية من سلفه لوران فابيوس. ووفرت الزيارة للوزير الفرنسي، إلى جانب التحضير لزيارة الرئيس هولاند إلى مصر منتصف الشهر المقبل، الالتقاء بنظرائه العرب أعضاء لجنة المتابعة العربية، مصر والأردن والمغرب وفلسطين، ليعرض عليهم المبادرة الفرنسية القائمة على الدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام قبل الصيف المقبل، في محاولة لإحياء مسار متوقف منذ سنتين، على خلفية «إهمال» أميركي لهذا الملف وتركيز الاهتمام على محاربة الإرهاب والوضع في سوريا والعراق.
بيد أن أيرولت أثار تساؤلا جديا حول مدى عزمه السير بالمبادرة الفرنسية، كما تصورها سلفه لوران فابيوس. ذلك أن فابيوس كان قد أعلن أكثر من مرة أنه في حال فشل الجهود الفرنسية فإن باريس ستعمد إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية. قال ذلك أمام الجمعية الوطنية، التي «حثت» الحكومة قبل أقل من عامين، على الإقدام على هذه الخطوة، وكرر ذلك في 29 يناير (كانون الثاني) الماضي، لكن أيرولت تملص، جزئيا، من «وعد» فابيوس عندما أعلن في مؤتمر صحافي مع نظيره المصري سامح شكري، يوم الأربعاء، متحدثا عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أنه «ليس هناك شيء تلقائي. فرنسا تقوم بهذه المبادرة وستعرضها على شركائها، وليس هناك أي شيء محدد بشكل مسبق». وبشأن المؤتمر الموعود، قال أيرولت: «لم نحدد موعدا ولكن الهدف أن يلتئم هذا المؤتمر من الآن حتى حلول الصيف إذا توافرت الشروط لذلك».
وتقول مصادر دبلوماسية في باريس، في معرض تفسيرها لخطوة الوزير الفرنسي المتراجعة، إن الأخير يبدو «أكثر حذرا» من سلفه فابيوس، وإنه يأخذ بعين الاعتبار مسألتين مهمتين: الأولى، الرفض الإسرائيلي المطلق لإمكانية اعتراف فرنسا «أحاديا» بالدولة الفلسطينية التي لا تنتج عن اتفاق سلام معها. وخلال زيارته الأخيرة إلى ألمانيا، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الخطة الفرنسية بـ«العجيبة»، والتلويح بالاعتراف التلقائي بأنه سيكون «دافعا للفلسطينيين لعدم التحرك ورفض تقديم أية تنازلات، ما داموا يعرفون، سلفا، أنهم سيكافأون». أما السبب الثاني فيتمثل في رغبة باريس في مراعاة «حساسيات» المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي قالت بمناسبة استقبالها نتنياهو إن الفترة الحالية «ليست ملائمة لمبادرات كبيرة».
بيد أن المصادر الدبلوماسية في باريس تصف «التكتيك» الدبلوماسي لوزير الخارجية الفرنسي بأنه «سلاح ذو حدين»، فإذا كان «يريح» من جهة الطرف الإسرائيلي، لأنه ينحي التهديد بالاعتراف المباشر بالدولة الفلسطينية، إلا أنه من جهة ثانية ينتزع من باريس «ورقة الضغط الوحيدة والجديدة» التي كانت تمتلكها، والتي كان من شأنها «إحداث تغيير ما» في مسار الأزمة وسلسلة المؤتمرات الفاشلة التي عرفها النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، من مؤتمر مدريد وحتى اليوم. وبحسب هذه المصادر فإن اعترافا فرنسيا بالدولة الفلسطينية كان سيحدث «تغييرا جذريا» في مواقف الدول داخل الاتحاد الأوروبي، لأنه كان سيشجعها على الاقتداء بباريس. وتضيف هذه المصادر أن فرنسا بوزنها داخل الاتحاد، ولكونها دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، كانت ستجر وراءها المترددين من الدول الأوروبية وغير الأوروبية.
لكن المصادر الفرنسية التي تعرض بالتفصيل صعوبات المهمة، نظرا للرفض الإسرائيلي و«الفتور» الأميركي التقليدي إزاء أية مبادرة أوروبية تأخذ من يديها الملف الفلسطيني الإسرائيلي، ناهيك بدخول الولايات المتحدة كلية في الانتخابات الرئاسية وتردد أوروبا... تعتبر أنه يتعين عليها «التقدم بحذر، حتى لا تجابه برفض يجهض مبادرتها». وتركز هذه المصادر على الحاجة «ليمشي الجميع معها» في طريق البحث عن إعادة إطلاق مسار السلام. وفي أي حال، فإنها تضيف أن كلام الوزير أيرولت لا يعني أن باريس «لن تعترف» بالدولة الفلسطينية، بل إنها «لن تعمد إلى ذلك بشكل آلي ومباشرة في حال لم تعط جهودها أية نتيجة». ولخص الوزير الفرنسي، وفق ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية، الموقف بجملة واحدة، إذ قال إن الاعتراف التلقائي «سيؤدي إلى التجميد»، بينما الخطة الفرنسية هي العمل على مراحل من أجل بناء إجماع دولي. وكانت مصادر فرنسية رسمية قالت لـ«الشرق الأوسط»، قبل رحلة أيرولت إلى القاهرة، إن المبادرة الفرنسية «ليست في موضع تنافس» مع ما يمكن أن تقوم به واشنطن، خصوصا أنه لم يفهم حتى الآن ما تنوي فعله.
هل للخطة الفرنسية حظ في أن ترى النور؟ الواقع أن الوزير فابيوس سعى، الصيف الماضي، إلى تحريك المياه الراكدة في الشرق الأوسط، وزار مصر وإسرائيل وفلسطين لهذا الغرض. وكانت خطته تلك تقضي باستصدار قرار من جلس الأمن الدولي يعيد التأكيد على محددات السلام (المعروفة من الجميع)، ويتبع ذلك تكوين «مجموعة دعم» لمواكبة المفاوضات وتوفير المغريات والضمانات. لكن نتنياهو رفضها جذريا، ما أدى إلى تجميدها لتظهر بعد ذلك بحلة جديدة.
ويقول دبلوماسي عربي في باريس إن أهمية المبادرة الفرنسية تكمن في أنها «موجودة»، وأن باريس «تتحرك» بينما الآخرون يشيحون بوجوههم عن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ويخافون من إغضاب هذا الطرف أو ذاك، بينما واشنطن «رفعت يديها» عمليا عن الموضوع، بعد الآمال الكبيرة التي أثارها الرئيس أوباما في بداية عهده الأول. وبين من يستبعد أن يتحرك الرئيس الأميركي في الأشهر الأخيرة من وجوده في البيت الأبيض، بأن يقتدي بما فعله الرئيس الأسبق بيل كلينتون، وبين من يرى أنه سينأى بنفسه عن متاعب جديدة، ولخوفه من الإساءة إلى حملة هيلاري كلينتون الرئاسية، لم يتبقَّ في الساحة إلا التحرك الفرنسي بما له وما عليه.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.