سياسة ترامب الخارجية.. كيف ستكون إذا وصل للبيت الأبيض؟

سياسة ترامب الخارجية.. كيف ستكون إذا وصل للبيت الأبيض؟
TT

سياسة ترامب الخارجية.. كيف ستكون إذا وصل للبيت الأبيض؟

سياسة ترامب الخارجية.. كيف ستكون إذا وصل للبيت الأبيض؟

يعرف عن المرشح الجمهوري دونالد ترامب أنه ليس لديه مستشارون دبلوماسيون بعد، لكن ذلك لا يحول دون إدلائه بتصريحات مثيرة للجدل حول السياسة الخارجية التي سينتهجها في حال انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة.
وإذا أخذت أقواله حرفيًا، فإن ترامب الأوفر حظًا في كسب ترشيح الحزب الجمهوري في السباق الرئاسي المقرر في 8 نوفمبر (تشرين الثاني)، سيشيد جدارًا على الحدود مع المكسيك تتكفل هذه الأخيرة بكلفته، وذلك لمنع دخول المهاجرين غير الشرعيين.
كما أنه تعهد بطرد 11 مليون شخص يقيمون بشكل غير شرعي في الولايات المتحدة ويريد أن يمنع دخول المسلمين الأجانب إلى البلاد لأنه على قناعة بأن الإسلام «يكره» الولايات المتحدة.
وتوعد ترامب بتدمير تنظيم داعش ولوح بشن حرب تجارية على الصين واليابان والمكسيك وبالعمل على تقارب أكبر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يكن له إعجابًا.
يجد المعلقون مادة خصبة للتهكم في قيام ترامب بإرجاء إعلان تشكيلة فريقه للسياسة الخارجية إلى الغد.
وعند سؤاله من قبل شبكة «إم إس إن بي سي» حول الموضوع الثلاثاء، أجاب قطب الأعمال «نعم هناك فريق»، لكنه أقر على الفور «حسنًا، لم يتشكل الفريق بعد».
وتابع: «سأشكل فريقًا في الوقت المناسب كما أنني التقيت أكثر من ثلاثة أشخاص»، وتباهى بأنه يحظى بدعم سيناتور ألاباما الجمهوري جيف سيشونز.
وأشار أيضًا إلى لقائه مع الدبلوماسي السابق ورئيس مجلس العلاقات الخارجية ريتشارد هاس، في واشنطن.
وأقر هاس أنه التقى ترامب في أغسطس (آب) لكنه غرد قائلا: «بصفتي رئيسا لمجلس العلاقات الخارجية أنا لا أدعم أي مرشح. أنا أعرض ملخصًا للأوضاع على كل المرشحين وقمت بذلك مع عدد كبير منهم من الديمقراطيين والجمهوريين».
الصحف الأميركية تشير إلى أن 110 دبلوماسيين متقاعدين مقربين من الحزب الجمهوري وقعوا رسالة هاجموا فيها السياسة الخارجية لترامب التي ستقوض برأيهم أمن الولايات المتحدة. كما أشار دبلوماسيون أميركيون في مجالس خاصة إلى قلق نظرائهم الأجانب من تبعات انتخاب ترامب على علاقات الولايات المتحدة مع سائر دول العالم.
منذ انطلاق حملته، اتهم ترامب المكسيك بإرسال مهربي «مخدرات» و«مجرمين» و«مغتصبين» إلى الولايات المتحدة، لذلك تعهد تشييد جدار ضخم بكلفة ثمانية مليارات دولار تتولى المكسيك تسديد كلفته وذلك لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين من هذا البلد. وأثار ذلك غضبًا شديدًا لدى الرئيس المكسيكي إنريكي بينيا نييتو الذي شبه خطاب ترامب بوصول موسوليني وهتلر إلى السلطة واتهمه بـ«الإساءة» إلى العلاقات بين البلدين المتجاورين.
وأكد ترامب في نوفمبر، أنه رأى صورًا لمسلمين يحتفلون في الولايات المتحدة باعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 إلا أن هذه الصور لم تتأكد صحتها أبدًا. وطالب ترامب بمنع المسلمين الأجانب من الدخول إلى الولايات المتحدة للحول دون تنفيذ اعتداءات في البلاد.
والأربعاء، مضى أبعد من ذلك قائلا: «أعتقد أن الإسلام يكرهنا» وهو ما كرره مساء الخميس خلال مناظرة مع منافسيه الجمهوريين إذ اعتبر أن «الكثير» من المسلمين البالغ عددهم 1.6 مليار نسمة «يكرهون» الولايات المتحدة.
وفيما يتعلق بالقضاء على تنظيم داعش الذي تقود الولايات المتحدة تحالفًا دوليًا ضده شن آلاف الغارات في سوريا والعراق منذ 18 شهرًا، اقترح ترامب حلاً جذريًا يقوم على «قطع رؤوس» أفراد التنظيم الذين نعتهم بـ«الحيوانات» و«الاستيلاء على نفطهم».
كما أثار صدمة عندما تعهد بتعذيب «الإرهابيين» وقتل أسرهم قبل أن يعدل عن ذلك ويؤكد أنه سيلتزم بقوانين البلاد في حال انتخابه. وأعلن أخيرًا أنه سيقوم بتعديل التشريع الذي يحظر التعذيب لأن المتطرفين «لا يلتزمون بأي قواعد» بحسب رأيه.
في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا توترًا منذ العام 2012. غالبًا ما يدافع ترامب عن بوتين «القائد القوي» الذي يجب «التفاهم» معه. من جهته، اعتبر بوتين أن ترامب «لافت».
وعلى غرار المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز، ندد ترامب باتفاقات التبادل الحر التي وقعتها الولايات المتحدة والتي «لا تحمل أي جانب إيجابي». وتعهد باتخاذ إجراءات حمائية وحتى بشن حرب تجارية على الصين واليابان والمكسيك إذ يندد خصوصًا بخفض قيمة تداول اليوان والين إزاء الدولار. واعتبر إدوارد الدن الخبير لدى مجلس العلاقات الخارجية أن «ترامب (يشكل) تهديدًا فعليًا بعودة السياسة الحمائية».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.