استدعاء وزير خارجية المغرب للاستماع إليه بشأن تصريحات بان كي مون حول الصحراء

جمعية صحراوية تكشف رفض الأمين العام للأمم المتحدة لقاء معارضين لـ«البوليساريو»

صلاح الدين مزوار  -  بان كي مون
صلاح الدين مزوار - بان كي مون
TT

استدعاء وزير خارجية المغرب للاستماع إليه بشأن تصريحات بان كي مون حول الصحراء

صلاح الدين مزوار  -  بان كي مون
صلاح الدين مزوار - بان كي مون

قطعت التصريحات الدبلوماسية المثيرة، التي صدرت عن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، التي وصف فيها المغرب بـ«دولة الاحتلال» خلال زيارته الأخيرة إلى مخيمات تندوف (جنوب غربي الجزائر)، العطلة الربيعية للبرلمان المغربي، حيث دعا رئيسا البرلمان بغرفتيه أمس إلى عقد اجتماع مشترك للجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية، والمغاربة المقيمين في الخارج بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، ولجنة الخارجية والحدود والمناطق المحتلة والدفاع الوطني بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان) مساء اليوم (الجمعة)، وذلك بحضور وزير الخارجية، طبقا لأحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 68 من الدستور.
وكشفت مصادر «الشرق الأوسط» أن رشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب وحكيم بنشماش رئيس مجلس المستشارين، وجها رسالة مستعجلة إلى صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية المغربي، لعقد جلسة استماع مشتركة بين المجلسين من أجل تقديم التوضيحات اللازمة، والخلفيات السياسية والدبلوماسية التي تقف وراء تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، الذي يستعد لإصدار تقريره السنوي حول قضية الصحراء في نهاية شهر أبريل (نيسان) المقبل. وأوضحت المصادر ذاتها أن الاجتماع سيخصص لدراسة الموقف المغربي اتجاه تحيز الأمين العام، خصوصا بعد اعتذار السلطات المغربية عن استقبال بان كي مون، ورغبتها في تأجيل زيارته للرباط إلى شهر يوليو (تموز) المقبل.
وعد النائب علي اليازغي من حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض، وعضو لجنة الخارجية بالغرفة الأولى، تصريحات الأمين العام بالخطيرة، وقال إنها «استفزاز للشعور الوطني للمغاربة»، مضيفا أن تصريحات أكبر موظف أممي «أبانت عن ابتعاد حقيقي عن واجبات الحياد المطلوبة، والمفروض تحري الدقة في التصريحات».
وأكد اليازغي أن التصريحات التي أدلى بها كي مون تتنافى مع روح التوافق السياسي، الذي نصت عليه القرارات الأممية في موضوع النزاع، مضيفا أن القضية مطروحة لدى الأمم المتحدة تحت يافطة البند السادس، الذي يشدد على التواصل إلى حل متوافق بشأنه بين أطراف النزاع، وأن ما صدر عن الأمين العام لا يدخل ضمن روح المقاربة الأممية التي يفترض منها تقريب وجهات النظر. كما أكد اليازغي أن أقصى عرض يمكن أن يقدمه المغرب لحل ملف النزاع حول الصحراء هو ما اقترحه حول منح المنطقة المتنازع بشأنها حكما ذاتيا موسعا، تحت السيادة المغربية.
في غضون ذلك، كشفت الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان عن رفض الأمين العام للأمم المتحدة لقاء معارضين لقيادة جبهة البوليساريو، واتهمته بعدم الحياد خلال زيارته الأخيرة إلى مخيمات تندوف، وذلك بإصراره على لقاء قيادة جبهة البوليساريو، ورفض الالتقاء بمعارضيها.
وقال رمضان بنمسعود، رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان، التي يوجد مقرها في برشلونة الإسبانية خلال مؤتمر صحافي، أقيم أمس في الرباط، إن بان كي مون تغاضى عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تقترفها «البوليساريو» في مخيمات تندوف، مبرزا أن كي مون لم يلتق أيا من معارضي الجبهة بسبب الحصار الذي تضربه على كل النشطاء الذين يعارضونها، عكس المغرب، حيث يمكنه لقاء من يشاء.
وأضاف بنمسعود: «إن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة يلتقي بالأطراف التي تتبنى الطرح الانفصالي من داخل المغرب، لكن كي مون حين زار المخيمات رفض مقابلة معارضي جبهة البوليساريو هناك، رغم أن المعارضة طلبت لقاءه. إلا أنه رفض».
وأشار بنمسعود إلى أن تنظيمات معارضة لجبهة البوليساريو داخل المخيمات، مثل «شباب 5 مارس»، و«خط الشهيد»، طلبت لقاء الأمين العام للأمم المتحدة في زيارته الأخيرة إلى تندوف، لكنهم لم يتلقوا جوابا، وأضاف موضحا أنه «لو كان كي مون منصفا لالتقى مع المعارضة أيضا»، واعتبر أن جبهة البوليساريو لا تمثل الصحراويين ولا يحق لها ذلك، مشيرا إلى أن الصحراويين لديهم من يمثلهم من المنتخبين والبرلمانيين في المؤسسات الدستورية المغربية.
وأدانت الجمعية بشدة التصريحات الأخيرة للأمين العام للأمم المتحدة، التي وصف فيها الصحراء المغربية بـ«المحتلة» خلال زيارته الأخيرة للمنطقة، حيث وصف بنمسعود تصريحات كي مون بـأنها «غير مسؤولة.. وجاءت نتيجة تقصير الدبلوماسية المغربية وتقصير المجتمع المدني والأحزاب المغربية».
واعتبر بنمسعود تصريحات كي مون «مستفزة ومزيفة للحقائق»، مضيفا أن الأمين العام للأمم المتحدة تجاهل الحديث عن الأوضاع المأساوية للمحتجزين في مخيمات تندوف، كما تجاهل مئات الصحراويين المختفين ومجهولي المصير لدى «البوليساريو». ودعا رئيس الجمعية إلى تدارك النقص، الذي تعاني منه الدبلوماسية المغربية الموازية. كنا دعا الحقوقي الصحراوي المغاربة المهاجرين في إسبانيا إلى ضرورة التجند لكسب تعاطف مواطني هذا البلد في ملف القضية الأولى للمغرب (قضية الصحراء)، وإلى مزيد من الضغط على الجزائر لكشف مصير المحتجزين في مخيمات تندوف، وكذا المختفين الذين يقدرون بالمئات.
وأعلن رئيس الجمعية عن تأسيس فرع لها في المغرب، مشيرا إلى أن هدفها سينصب على الدفاع عن حقوق الصحراويين المحتجزين في تندوف والمختفين منهم.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم