5 عمليات فلسطينية في 24 ساعة.. وسلطات الاحتلال ترد بجدران جديدة وعقوبات

موجة هجمات خلال زيارة بايدن الذي انتقد ضمنًا مواقف عباس

عناصر من شرطة الاحتلال الإسرائيلي في موقع الهجوم الذي وقع قرب باب دمشق في القدس القديمة (إ.ب.أ)
عناصر من شرطة الاحتلال الإسرائيلي في موقع الهجوم الذي وقع قرب باب دمشق في القدس القديمة (إ.ب.أ)
TT

5 عمليات فلسطينية في 24 ساعة.. وسلطات الاحتلال ترد بجدران جديدة وعقوبات

عناصر من شرطة الاحتلال الإسرائيلي في موقع الهجوم الذي وقع قرب باب دمشق في القدس القديمة (إ.ب.أ)
عناصر من شرطة الاحتلال الإسرائيلي في موقع الهجوم الذي وقع قرب باب دمشق في القدس القديمة (إ.ب.أ)

انفجرت موجة من العمليات الفلسطينية، بشكل مفاجئ، تزامنًا مع زيارة نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، ودان بنفسه الهجمات الفلسطينية، منتقدا الرئيس الفلسطيني ضمنا لعدم إدانته لها.
فقد نفذ الفلسطينيون خمس عمليات خلال 24 ساعة، قتل بنتيجتها، أميركي، وجرح 14 إسرائيليا، فيما قضى 6 فلسطينيين وسيدة، ليرتفع عدد الذي قضوا، منذ بداية الهبة الشعبية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى 197، بينهم 51 قضوا منذ بداية عام 2016.
وهاجم فلسطينيان أمس، حافلة إسرائيلية في القدس، وأطلقوا الرصاص تجاه آخرين، قبل أن يقتلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومن ثم هاجم فتى جنديا بالسكين في سلفيت، قبل أن يطلق الجندي عليه النار ويقتله.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية، إن قوات الاحتلال قتلت في القدس عبد الملك أبو خروب (19 عامًا)، ومحمد الكالوتي (21 عامًا)، من بلدة كفر عقب، شمال القدس. كما قتلت الطفل أحمد عامر (16 عاما)، من سكان قرية مسحة، على أحد الحواجز العسكرية بالقرب من سلفيت، وجرحت آخر بإصابات خطيرة.
وجاءت هذه الهجمات بعد يوم واحد من سلسلة هجمات وقعت في تل أبيب والقدس ويافا.
وقال موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، إن السائح الأميركي تايلور فورس، الذي قتل في عملية الطعن، هو ضابط سابق في الجيش الأميركي، وقاتل ضمن وحدات النخبة الأميركية في الحربين على أفغانستان والعراق.
وعلى «تويتر» وصف بايدن الهجوم، بأنه «مأساوي.. إزهاق روح أميركي»، وأن «ما من مبرر لمثل هذه الأعمال الإرهابية».
وقد نُفذت الهجمات المفاجئة، بعد فترة هدوء نسبية، جعلت مراقبين يربطون بينها وبين زيارة بايدن للمنطقة. لكن قائد الشرطة الإسرائيلية في القدس، قال إنه لا يرى صلة مباشرة بين زيارة بايدن وتسارع وتيرة الهجمات الفردية.
وأجرى بايدن محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في القدس، أمس، قبل أن ينتقل للقاء الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في رام الله. ووجّه بايدن انتقادًا ضمنيًا إلى القيادة الفلسطينية، لعدم إدانتها الهجمات ضد الإسرائيليين.
وقال بايدن، بعد لقائه نتنياهو، إن «الولايات المتحدة الأميركية، تدين هذه الأعمال»، مضيفًا أن «هذا النوع من العنف الذي شهدناه، والفشل في إدانته، والخطاب الذي يحض على العنف والانتقام الذي ينجم عنه، يجب أن يتوقف».
وأكد بايدن أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل في مواجهة هذه «الموجة الإرهابية». وقال إن «الطريق الوحيد للحفاظ على الطابع اليهودي والديمقراطي لدولة إسرائيل، يتمثل بالخروج من الطريق المسدود نحو تطبيق حل الدولتين للشعبين». وأضاف أن «الولايات المتحدة تدعو الطرفين إلى اتخاذ إجراءات في هذا الاتجاه». ويبدو أن بايدن حمل معه إلى عباس رسالة لوقف الهجمات بطلب إسرائيلي.
وصرح وزير الطاقة، يوفال شتاينيتس، بأنه متشائم من احتمال نجاح بايدن في إقناع عباس بوقف «موجة العنف والإرهاب».
وكان نتنياهو استغل وجود بايدن، وشن هجوما كبيرا على الرئيس الفلسطيني، متهما إياه بالتقاعس في إدانة الهجمات، وقال إنه يقود تنظيما يباركها.
وتوجه نتنياهو إلى بايدن قائلا «مثلما تعلم، في الـ24 الساعة الأخيرة، بما في ذلك ساعات هذا الصباح، كانت صعبة جدا بالنسبة لإسرائيل. 12 شخصا قد أصيبوا بجراح في 5 عمليات إرهابية، ومواطن أميركي يدعى تايلور فورس، قد قتل. أود أن أرسل تعازينا العميقة إلى عائلته، وأتمنى الشفاء العاجل للجرحى. أعلم أنني أتكلم باسمك أيضا، لأنك قد قلت هذا الكلام بالضبط. أثمن إدانتك الواضحة للإرهاب. لا شيء يبرر هذه العمليات الإرهابية. لكن للأسف الشديد، الرئيس عباس لا يرفض إدانة هذه العمليات الإرهابية وحسب، بل حركة فتح التي يترأسها قد أشادت بالإرهابي الذي قتل هذا المواطن الأميركي، واعتبرته بطلا فلسطينيا. هذا هو أمر مروع وعلى المجتمع الدولي أجمع أن يدين الامتناع الفلسطيني عن إدانة الإرهاب».
وأضاف: «لقد بحثنا قبل قليل بعض التحديات التي نتعامل معها، والأول منها هو التحريض غير المتوقف الذي يمارس في المجتمع الفلسطيني، الذي يمجد قتلة الأبرياء، ويعتبرهم أبطالا ويدعو إلى إقامة دولة فلسطينية لن تعيش بسلام مع إسرائيل بل تقام بدلا منها».
وتحدث نتنياهو عن خطوات أكثر صرامة، وطالب بأن تقف جميع المجتمعات المتحضرة معه.
وكان نتنياهو يشير إلى قرارات المجلس الوزاري السياسي والأمني المصغر، الذي اجتمع على عجل، بعد سلسلة العمليات الفلسطينية، واتخذ قرارات للرد عليها ومن بينها إغلاق الفتحات في الجدار حول القدس، واستكمال بنائه في منطقة ترقوميا، وإغلاق المحطات الإذاعية ووسائل الإعلام «التي تبث التحريض»، وتشديد العقوبات على مشغلي العمال الذين لا يحملون تصاريح عمل في إسرائيل، وسحب التصاريح من أقارب وعائلات منفذي العمليات بشكل أوسع من السابق، وتنفيذ عمليات محددة ضد المناطق التي يخرج منها منفذو العمليات وفرض حصار وإغلاق على تلك المناطق.
واتخذت هذه القرارات في الاجتماع الطارئ الذي دعا إليه نتنياهو بحضور وزير دفاعه موشيه يعالون، ووزير الأمن الداخلي جلعاد أردان، ومفوض الشرطة الإسرائيلية روني الشيخ، ورئيس الأركان غادي إيزنكوت وقادة الشرطة و«الشاباك».
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعالون، إن إسرائيل ستتغلب على «موجة الإرهاب الحالية كما كانت قد فعلت في الماضي، حين تغلبت على موجات إرهابية أصعب وحروب قاسية». وأضاف، في حديث إذاعي، إنه «لا توجد حلول سحرية لمشكلة الإرهاب كما ينادي بها البعض، لكننا سنستكمل قريبا بناء السياج الأمني في محيط القدس، وفي المقطع حول بلدة ترقوميا الفلسطينية القريبة جدا من تل أبيب.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.