المركز الروسي في حميميم يواصل استضافة اجتماعات مع فعاليات داخلية سورية

مشاركون لـ «الشرق الأوسط»: اللقاء أكد عن مرجعية جنيف وفيينا

المركز الروسي في حميميم يواصل استضافة اجتماعات مع فعاليات داخلية سورية
TT

المركز الروسي في حميميم يواصل استضافة اجتماعات مع فعاليات داخلية سورية

المركز الروسي في حميميم يواصل استضافة اجتماعات مع فعاليات داخلية سورية

بعيدًا عن الصخب الإعلامي هذه المرة ورصد عدسات الكاميرات، استضافت القاعدة الجوية الروسية في مطار حميميم في سوريا اجتماعًا ثانيًا يوم أول من أمس، دعت إليه ممثلين عن عدد من «الأحزاب المرخصة» وبعض أحزاب «المعارضة الموالية»، فضلا عن شخصيات مستقلة وعدد من أعضاء ما يُعرف باسم «مجلس الحكماء»، وممثلين عن فصائل مسلحة، وفق ما أكد بعض المشاركين لـ«الشرق الأوسط»، الذين لاحظوا غياب أي مسؤول من نظام الأسد عن هذا اللقاء الذي تم برعاية روسية بحتة.
وحضر الاجتماع أكثر من أربعين شخصية من مختلف المحافظات السورية، بعد أن خصص للقادمين من دمشق طائرة خاصة لنقلهم إلى اللاذقية.
المشاركون في اللقاء الثاني الذي يرعاه أوضحوا أن «اللقاء لم تتخلله نقاشات مفتوحة، بل وجهت أسئلة للضباط الروس بشأن الجانب الإنساني وإيصال المساعدات. وقدم بعض المشاركين أوراقا قالوا إنها من بعض الفصائل التي ترغب في الالتزام بالهدنة». في حين أشار مشارك آخر إلى أن الجانب الروسي اقترح تشكيل لجنة حقوقية وسياسية. «ووقعنا بيانًا، يؤكد فيه المجتمعون موافقتهم على الاتفاق الروسي - الأميركي لوقف إطلاق النار في سوريا». وأشار مصدر ثالث مشارك في اللقاء، إلى أن بعض من حضر، قدم نفسه ممثلا عن مجموعات من المعارضة السورية المسلحة في مناطق وادي بردى ومضايا، وورد ذكر (كتائب الأبدان)، وهو اسم لم يسبق أن سمع به أحد لجسم لفصيل عسكري سوري. واستطرد المصدر قائلا، إن «المستشار الإعلامي في مركز حميميم الروسي لمراقبة وقف إطلاق النار، افتتح الجلسة بالحديث عن مخرجات مؤتمر جنيف، واعتبر أن وضع دستور جديد سيساهم في إعادة اللحمة للمكونات الوطنية السورية». وأشار المسؤول الروسي إلى أهمية العمل للدفع نحو صياغة دستور جديد، حسب قول المصدر، الذي أعرب عن اعتقاده بأن الروس قد يسعون بهذا الشكل إلى تهيئة الأجواء الداخلية لما قد يتم الاتفاق عليه في جنيف، أو إنهم يحاولون خلق مسارات موازية، لا سيما وأن مدير المركز الروسي للمراقبة، من جانبه، تحدث عن احتمال إرسال بعض المشاركين إلى جنيف.
وتابع المصدر، بقوله: «إن الضابط الروسي قدم عرضًا حول دور المركز، وانتقل إلى الحديث عن المصالحات، ليؤكد أنها (تحتاج إلى إطار دستوري وهذا ما نص عليه بيان فيينا)»، مشددًا على «الحاجة في نهاية المطاف إلى أن يكون هناك دستور جديد وانتخابات، وهما سيكرسان الهدنة ووقف إطلاق النار». وكان لافتا أن من تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» من المشاركين في اللقاء الثاني في القاعدة الجوية الروسية، تأكيدهم أن مدير مركز مراقبة وقف إطلاق النار، صرح بأن المقاتلات الروسية ملتزمة كليا بوقف إطلاق النار، حتى إنهم يضربون «جبهة النصرة بأقل قدر ممكن، وفقط خلال تنقلاتهم أو في تجمعاتهم الواضحة، وذلك حرصا على عدم إصابة مواقع لمجموعات من المعارضة السورية انضمت لوقف إطلاق النار، هناك تدخل جغرافي بينها وبين مقرات النصرة». ويعتقد «المصدر الثالث» أن الغرض من كل هذا النشاط الروسي زيادة الضغط على المعارضة عشية استئناف مفاوضات جنيف.
ويعد هذا اللقاء الثاني من نوعه الذي يستضيفه مركز حميميم لمراقبة وقف إطلاق النار، الذي كان قد بادر منذ أيام إلى توجيه دعوات لعدد من الشخصيات، قال إنهم يمثلون المعارضة الداخلية ومجموعات مسلحة أبدت رغبتها في توقيع اتفاقات وقف إطلاق النار. وشارك في ذلك اللقاء شيخان هما أنس الطويل وصالح الخطيب، عرّابا المصالحات في المنطقة الجنوبية من دمشق.
وكانت موسكو أعلنت أن «مركز المصالحة» في قاعدتها العسكرية داخل مطار «حميميم» في اللاذقية، استضاف يوم السبت اجتماعًا في إطار الهدنة المعلنة ومساعي السوريين للمصالحة، مؤكدة أن ممثلين عن فصائل المعارضة السورية المسلحة قد شاركوا فيه أيضًا، وأن هذه الفصائل الناشطة في ريف دمشق قد وقعت في المركز الروسي اتفاقات تعلن فيها انضمامها لوقف إطلاق النار. إلا أن فصائل الجيش السوري الحر في جنوب دمشق أصدرت بيانا وصفت فيه الشيخين بـ«شيوخ التهدئة»، مؤكدة عدم التزامها نهائيًا بأي قرار صدر أو اتفق عليه خلال الاجتماع، والذي تم دون مشاورة أو موافقة الفصائل والتجمعات الثورية في جنوب دمشق، مشيرة إلى أنها لم تفوض أيًا من المجتمعين باتخاذ أي قرار بدلاً عنها.
وذكر البيان أن فصائل الجنوب الدمشقي، تؤكد على التزامها بجميع الاتفاقيات السابقة المبرمة مع النظام جنوب دمشق.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.