افتتاح قاعدة عين الأسد في العراق لاستقبال متطوعي العشائر لحرب «داعش»

التحالف الدولي يبحث رفع المخلفات الحربية وإعادة إعمار الرمادي

جانب من عمليات تنظيف المناطق والأحياء السكنية من الأنقاض والدمار في الرمادي («الشرق الأوسط»)
جانب من عمليات تنظيف المناطق والأحياء السكنية من الأنقاض والدمار في الرمادي («الشرق الأوسط»)
TT

افتتاح قاعدة عين الأسد في العراق لاستقبال متطوعي العشائر لحرب «داعش»

جانب من عمليات تنظيف المناطق والأحياء السكنية من الأنقاض والدمار في الرمادي («الشرق الأوسط»)
جانب من عمليات تنظيف المناطق والأحياء السكنية من الأنقاض والدمار في الرمادي («الشرق الأوسط»)

بحث محافظ الأنبار صُهيب الراوي مع خبراء من التحالف الدولي أمس، رفع المخلفات الحربية وإعادة إعمار المناطق المحررة في مدينة الرمادي وباقي المدن في محافظة الأنبار.
وقال الراوي لـ«الشرق الأوسط» إن «فرقًا متخصصة تابعة لقوات التحالف الدولي ستساهم بصورة فاعلة في رفع العبوات وتفكيك آلاف المخلفات الحربية والقيام بمسح تقني شامل لمدينة الرمادي وباقي مدن الأنبار، فقد تباحثنا مع خبراء من قبل التحالف الدولي في مبنى المقر المسيطر في منطقو عامرية الفلوجة»، وأضاف أنه «تم الاتفاق على المشاركة الفعلية لرفع المخلفات الحربية وإعادة إعمار المدن المحررة وعودة العائلات النازحة من أجل استتباب الأمن وإعادة الاستقرار إلى مدن المحافظة».
وتابع الراوي: «ستباشر تلك الفرق المتخصصة بعمليات إزالة الألغام والعبوات الناسفة من مناطق مدينة الرمادي كمرحلة أولى من عملياتها في محافظة الأنبار، وستبدأ عملها قريبًا جدًا خصوصًا بعد أن تم رفع الأنقاض والمسح المرئي لهذه المخلفات، من قبل فرق المقر المسيطر والفعاليات المجتمعية ومتطوعي العشائر، وتفكيك الممكن من العبوات الناسفة والمواد غير المنفجرة».
وأشار الراوي إلى أن «حكومة الأنبار المحلية استعانت بالجهود المحلية والدولية بالتنسيق مع الحكومة المركزية، لإنجاز المسح المرئي والتقني للمخلفات الحربية والمواد غير المنفجرة، لتمضي بعدها قدمًا وبجهود مضاعفة في تنظيم عودة آمنة وعاجلة للنازحين التي شهدت المناطق الشرقية لمدينة الرمادي عودة 600 عائلة فيما تستمر عودة المتبقي منها بواقع 75 عائلة في اليوم الواحد».
وتواصل فرق الجهد الهندسي والدوائر الخدمية التابعة للمقر المسيطر في محافظة الأنبار وبمشاركة 3 آلاف متطوع من أبناء المحافظة، عمليات إزالة العبوات الناسفة والألغام وتنظيف المناطق من آثار الدمار الذي تسبب بانهيار آلاف المنازل التابعة للمواطنين والدوائر والمؤسسات الحكومية بعد العمليات العسكرية التي شهدتها مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار من سيطرة تنظيم داعش.
وفي سياق متصل، أعلن رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار راجح بركات العيساوي، عن تطهير 25 في المائة من مناطق مدينة الرمادي، من العبوات الناسفة والمتفجرات.
وقال العيساوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «دوائر الدولة الخدمية التابعة لوزارات البلديات والصحة والبيئة وبمشاركة فاعلة من قبل قوات الجيش والشرطة تعمل على رفع العبوات الناسفة ومعالجة الأجسام الغربية من المناطق والأحياء السكنية في مدينة الرمادي لضمان عودة النازحين إلى منازلهم بعد تأمين سلامتهم عبر تأمين المناطق بالكامل من إزالة تلك العبوات التي خلفها بالآلاف مجرمو تنظيم داعش الإرهابي قبل خروجهم من المدينة».
وأشار العيساوي إلى أن «تنظيم داعش الإرهابي زرع كميات كبيرة جدا من العبوات يصعب تفكيكها ومعالجتها، خاصة وأن هناك طريقة ونوعًا من العبوات تسمى (البقلاوة) زرعها التنظيم الإرهابي في شوارع وطرقات الرمادي، وهي على شكل مربع ومرتبطة بشبكة من العبوات تنفجر بشكل متسلسل حال لمس أحدهما مما يسبب دمارًا كبيرًا وهائلاً، الأمر الذي صعّب علينا إتمام مهمة إزالة العبوات بفترة قياسية».
ميدانيًا، عزا قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، تأخر عملية تطهير جزيرة الخالدية شرقي الرمادي إلى وجود المئات من المباني المفخخة والعبوات الناسفة.
وقال المحلاوي لـ«الشرق الأوسط» إن «الكم الهائل من المباني المفخخة والعبوات الناسفة الموضوعة عند الطرق الرئيسية والفرعية المؤدية إلى منطقة الجزيرة شرقي مدينة الرمادي، أصبحت عائقًا صعبًا أمام عملية تقدم القوات الأمنية باتجاه تطهير المنطقة كون هذه المنطقة تعد من أهم مناطق ارتكاز (داعش) الإجرامي في القطاع الشرقي للمدينة».
وأضاف أن «القوات الأمنية تتعامل بحذر مع هذه المناطق وتحاول إيجاد طرق بديلة تضمن محاصرة عصابات (داعش) الإجرامي واقتحام المنطقة وبأقل الخسائر».
وبين المحلاوي أن «وحدة معالجة المتفجرات تعمل على معالجة حقول الألغام والتمركز في مناطق متقدمة من المنطقة المستهدفة»، موضحًا أن «(داعش) ابتكر طرقًا إجرامية خبيثة لزرع كميات كبيرة من الألغام في المناطق التي تخضع لسيطرته».
وأشار المحلاوي إلى أن «طيران الجيش العراقي، تمكن من خلال ضربة جوية من قتل القائد العسكري لمنطقة البو شجل، شمالي مدينة الفلوجة المدعو إسماعيل محمد اليوسف والمكنى بـ(أبو مصطفى) و20 من مرافقيه، بقصف استهدف تجمعًا لهم شمالي مدينة الفلوجة، وإن العملية استندت إلى معلومات استخبارية دقيقة مكنت طيران الجيش من استهداف المنزل الذي عقد فيه اليوسف اجتماعًا لأتباعه».
وتمكنت القوات الأمنية خلال الأسابيع الماضية من تحرير مدينة الرمادي خلال عملية أمنية كبرى، بمشاركة كل القطاعات العسكرية ومقاتلي العشائر في الأنبار، فيما واصلت تقدمها باتجاه كل المحاور الأخرى القريبة من المدينة بهدف تأمينها بالكامل استعدادًا لعودة العائلات النازحة.
من جانب آخر، أعلن رئيس مجلس ناحية البغدادي بمحافظة الأنبار، الشيخ مال الله العبيدي، عن افتتاح قاعدة عين الأسد لاستقبال متطوعي العشائر بالجيش.
وقال العبيدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي وافق على تطوع أبناء عشائر حديثة والبغدادي وهيت وكبيسة في الجيش ضمن الفرقة السابعة». وأضاف العبيدي أنه «تم افتتاح قاعدة عين الأسد لاستقبال متطوعي العشائر بالجيش»، لافتًا إلى أنه «من المقرر أن يتم استقبال نحو أكثر من 3 آلاف متطوع من أبناء العشائر من أجل زجهم في صفوف الجيش العراقي».
يذكر أن القوات الأمنية ورجال العشائر، يسيطرون على قضاء حديثة وناحية البغدادي، فيما يشهد القضاء والناحية هجمات لتنظيم «داعش» بين الحين والآخر، والتي غالبا ما يتم صدها وإلحاق خسائر مادية وبشرية بصفوف التنظيم المتطرف.
إلى ذلك أعلن المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب صباح النعمان، بأن قوات مكافحة الإرهاب استكملت استعداداتها للبدء بعمليات تحرير مناطق غرب محافظة الأنبار من سيطرة تنظيم داعش. وقال النعمان في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن قواتنا أتمت استعداداتها العسكرية بشكل كامل وهي جاهزة تمامًا الآن للبدء بعمليات تحرير مناطق غرب محافظة الأنبار من سيطرة عصابات داعش الإرهابية، حيث تمت عمليات تجهيز القوات بالأسلحة والمعدات الحديثة والمتطورة من أجل حسم المعركة وتحرير مدن الأنبار بالكامل من سطوة تنظيم داعش».
وأضاف النعمان أن «قوات جهاز مكافحة الإرهاب تنتظر الأوامر العسكرية من القيادات العليا للبدء بعمليات تحرير هيت وعنه وكبيسة وراوة، بالإضافة إلى فك الحصار عن مدينة حديثة غرب الأنبار».
يشار إلى أن قيادة العمليات المشتركة أعلنت عن إلقاء طيران الجيش لمئات الآلاف من المنشورات على مدن غرب الأنبار تحث المدنيين المحاصرين داخل مدن هيت وعنه وراوة وكبيسة على الخروج من تلك المدن وتدلهم على الطرق الآمنة التي ستوصلهم إلى القوات الأمنية العراقية ثم نقلهم إلى الأماكن الآمنة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».