الجزائر: إدانة ناشط إسلامي بالسجن بسبب تهديد كاتب علماني بالقتل

حقوقية تواجه عقوبة السجن بسبب نشر صورة مسيئة لمسؤولين كبار

الجزائر: إدانة ناشط إسلامي بالسجن بسبب تهديد كاتب علماني بالقتل
TT

الجزائر: إدانة ناشط إسلامي بالسجن بسبب تهديد كاتب علماني بالقتل

الجزائر: إدانة ناشط إسلامي بالسجن بسبب تهديد كاتب علماني بالقتل

احتجت الأوساط الحقوقية بالجزائر على مصير السجن الذي يواجه فتاة ناشطة بسبب نشرها صورة على صفحتها في «فيسبوك»، عدتها السلطات مهينة لشخصيات بارزة في البلاد. في غضون ذلك، أدان القضاء أمس ناشطا إسلاميا بالسجن مع النفاذ، لدعوته إلى قتل كاتب صحافي بحجة أنه «يسب الدين ويشوه هوية الجزائريين بكتاباته».
وينتظر أن تصدر محكمة تلمسان بغرب البلاد حكمها ضد عضو «الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان»، زليخة بلعربي (35 عاما)، بعدما طلبت النيابة أول من أمس إنزال عقوبة السجن بثلاثة أشهر ضدها. وقال المحامي صالح دبوز إنها «ناشطة حقوقية وسياسية لها آراء تريد أن تعبر عنها، والدستور والاتفاقيات الدولية في مجال احترام حرية الرأي تكفل لها ذلك. فقد عبرت عن رأيها بكل شفافية، بنشر صورة تبين تشابها بين النظام القائم عندنا والنظام العثماني في عصر السلطان سليمان، وهذه وجهة نظر لا تشكل خرقا للقانون. فضلا عن ذلك فالنيابة التي تلاحق زليخة، وجهت إليها التهمة من دون أن تبين وجه الإساءة للمسؤولين الجزائريين الموجودين في الصورة».
واتهمت زليخة، وهي قيادية بـ«الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» بولاية تلمسان، بـ«إهانة هيئات نظامية» و«الإساءة إلى رئيس الجمهورية». ففي الصورة التي نشرتها، يظهر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يرتدي زي سلطان عثماني، ومعه شقيقه السعيد وهو أيضًا مستشاره، ورئيس الوزراء عبد المالك سلال ووزراء سابقون وحاليون، ومسؤولو أحزاب موالية للسلطة. وأطلقت على الصورة «حريم السلطان»، وهو عنوان مسلسل تركي شهير.
وقال المحامي دبوز إن تقرير الشرطة بخصوص القضية «يفيد بأن زليخة شبهت حكم بوتفليقة بالنظام الملكي، ولكن هذا لا يشكل إهانة لا للرئيس ولا للدولة، مع العلم أن بوتفليقة نفسه صرح في بداية حكمه أنه يفضل النظام الملكي»، مشيرا إلى أن المحامين السبعة الذين رافعوا لصالحها «أكدوا أن الوقائع المنسوبة إلى المناضلة بلعربي زليخة، ينعدم فيها الركن المعنوي للتهمة وحتى الركن المادي منعدم، بالنظر إلى أنها ليست هي من فبرك الصورة، فضلا عن كون تلك الصورة لا تشكل أية إهانة». يشار إلى أن الصورة محل الجدل تقاسمها عدد كبير من رواد «فيسبوك» من دون أن يتعرض أحدهم للمتابعة.
وقد ذكرت المتهمة بعد سماع مرافعة ممثل النيابة أن القضاء «مطالب بأن يرتقي بمستواه بالترفع عن مطاردة الناشطين أصحاب الكلمة الحرة». وأظهر ممثل النيابة استياء من كلامها، وهددها بمتابعتها بتهمة «إهانة القضاء». ويرى دبوز أن ما قالته زليخة «طلب مشروع لأنها أحد أفراد الشعب الذي تصدر الأحكام والقرارات القضائية باسمه». ولم تخف بلعربي أبدا انتماءها إلى تنظيمات سياسية معروفة بحدة معارضتها للنظام.
وفي نفس السياق، أدانت محكمة وهران (غرب) أمس الناشط السياسي الإسلامي عبد الفتاح حمداش زراوي، بالسجن لمدة 6 أشهر، 3 أشهر منها مع التنفيذ وبغرامة مالية قيمتها 50 ألف دينار جزائري (500 دولار أميركي)، بناء على تهمة «التحريض على القتل». ويتعلق الأمر بالكاتب الصحافي المعروف كمال داود، كاتب عمود يومي بصحيفة «يومية وهران» الناطقة بالفرنسية.
وتعود الوقائع إلى بضعة أشهر، عندما نشر زراوي خطابا حادا بصفحته الشخصية بـ«فيسبوك»، يتهم فيه داود بـ«الإساءة إلى الدين الإسلامي» وبـ«الارتماء في أحضان الصهيونية». وعرف الكاتب بعدائه لكل ما هو عروبي وإسلامي، ويبدي في كتاباته ولعا بالثقافة الفرنسية. وقد فاز العام الماضي بالجائزة الفرنسية «الغانكور» لأحسن رواية، عن روايته «ميرسو.. تحقيق مضاد». وقال داود عقب تصريحات زرواي إن الإسلامي «يعبر عن حقد دفين لكل رأي يختلف عن الآراء المتعصبة». وطالب السلطات بتوفير حماية له ولأفراد عائلته، بحجة أنه تعرض للتهديد بالقتل من طرف حمداش.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».