القبائل اليمنية تمد الجيش الوطني بالمقاتلين وتتجهز لدحر «الميليشيات»

وزير الدولة اليمني لشؤون الحوار الوطني: المتمردون لا يرغبون في أي حلول سياسية

مسلح من القبائل اليمنية يقاتل بصفوف المقاومة الشعبية خلال معاركها المستمرة ضد المتمردين الحوثيين وحليفهم صالح في منطقة نهم غرب مدينة مأرب (غيتي)
مسلح من القبائل اليمنية يقاتل بصفوف المقاومة الشعبية خلال معاركها المستمرة ضد المتمردين الحوثيين وحليفهم صالح في منطقة نهم غرب مدينة مأرب (غيتي)
TT

القبائل اليمنية تمد الجيش الوطني بالمقاتلين وتتجهز لدحر «الميليشيات»

مسلح من القبائل اليمنية يقاتل بصفوف المقاومة الشعبية خلال معاركها المستمرة ضد المتمردين الحوثيين وحليفهم صالح في منطقة نهم غرب مدينة مأرب (غيتي)
مسلح من القبائل اليمنية يقاتل بصفوف المقاومة الشعبية خلال معاركها المستمرة ضد المتمردين الحوثيين وحليفهم صالح في منطقة نهم غرب مدينة مأرب (غيتي)

جددت الحكومة اليمنية تأكيد التزامها بالمسار السياسي، رغم استمرار الانقلاب على الشرعية وتعنت الانقلابيين، وقال ياسر الرعيني، وزير الدولة اليمني لشؤون الحوار الوطني لـ«الشرق الأوسط» إن الدولة اليمنية «تلتزم بالمسار السياسي، وما وصلت الأمور إلى ما هي عليه اليوم إلا لحرص الدولة على الحل السياسي واستغلال قوى الانقلاب لهذا الأمر في تنفيذ الانقلاب والسيطرة على مؤسسات الدولة».
وفي الوقت الذي أكد فيه التزام الحكومة بالحلول السياسية، في ضوء المساعي التي تبذلها الأمم المتحدة، فقد أشار إلى أن «الانقلابيين لا رغبة لديهم في أي حلول سياسية وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216»، وإلى أنهم «لم يلتزموا بما تم الاتفاق عليه في المشاورات السابقة». وذلك في إشارة نتائج جولة المشاورات الأخيرة «جنيف 2»، التي نصت على قيام الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بعدد من إجراءات بناء الثقة، وفي مقدمتها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وفي مقدمتهم وزير الدفاع اللواء محمود سالم الصبيحي.
وأكد الوزير اليمني، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لم يحرز أي تقدم في تنفيذ القرار الأممي أو التأكيد على الالتزام به».
وتأتي تصريحات الوزير اليمني في الوقت الذي يجري فيه المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، سلسلة لقاءات ومباحثات مع المسؤولين اليمنيين في العاصمة السعودية الرياض، تتعلق بسعيه إلى استئناف العملية السياسية من خلال جولة جديدة من المباحثات بين الطرفين، حيث التقى بالرئيس عبد ربه منصور هادي ونائبه في قيادة الجيش، الفريق الركن علي محسن الأحمر، إلى جانب مسؤولين كبار في الحكومة، في ظل انسداد أفق استئناف العملية السياسية.
إلى ذلك، تلعب القبائل اليمنية دورا مهما في الحرب الدائرة وتعد بمثابة مرتكزا أساسيا لأي طرف من الأطراف، وقال مصدر قبلي لـ«الشرق الأوسط»، رفض الكشف عن هويته، إن القبائل اليمنية بات لديها ثأر كبير لدى الحوثيين، بدرجة رئيسية، بعد أن تعرضت لانتهاكات «لا تتنافى فقط مع القوانين، وإنما، أيضا، مع الأعراف القبلية».
وجاء ذلك في رده على سؤال حول المواقف السياسية للقبائل ومدى تطابقها مع مواقف الحكومة والقوى السياسية، بخصوص الكثير من القضايا، وفي المقدمة منها ما يتعلق بالتفاوض مع المتمردين الحوثيين وحليفهم المخلوع علي عبد الله صالح، وقال المصدر القبلي إن «القبائل تراهن على الميدان حتى تصل المعركة إلى مراحل متقدمة»، وإنها ترى أن التفاوض «يجب أن يتم في اللحظة الأخيرة».
وأضاف المصدر أن «القبائل تجمع على أنه عندما تتم محاصرة العاصمة صنعاء، سيكون للتفاوض مع الحوثيين بمنطق القوة، لأن لدينا تجربة صعبة مع الحوثيين، فهم يكذبون ولا يفاوضون بصدق إلا حين يضيق عليهم الخناق». وحول ما إذا كانت القبائل سوف تتعاون في عملية تحرير صنعاء، رد المصدر القبلي بالقول لـ«الشرق الأوسط» إن «القبائل نوعان، نوع مغامر وآخر متربص، لكنها، بشكل عام، تعتبر العمود الفقري في المقاومة والجيش»، وأردف: «الطرف المغامر، الآن في المشهد، هو في الجبهات التي تقترب من صنعاء، من جهة الشرق، وتقترب صعدة من الشمال والغرب والتي تقترب من إب وذمار من جهة الجنوب والبيضاء وهؤلاء مصرون على لغة الحرب حتى كسر ميليشيات الانقلاب وكتائب صالح».
ويمضي المصدر القبلي قائلا إن «الطرف المتربص، هو الذي ما زال محايدا أو يظهر بعض التعاطف مع المتمردين، وفي داخلهم ينتظرون ويتحينون الفرصة وسينقلبون على الميليشيات وأهمهم قبائل طوق صنعاء وعمق صعدة»، ويؤكد أن «هذه القبائل تجري تنسيقا على مستوى عال وبسرية تامة مع التحالف والشرعية، وخاصة الفريق الركن علي محسن الأحمر (نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن) وممثليه، في الداخل، من قيادات الجيش الوطني في المحاور الساخنة»، إضافة إلى «قيامهم بعمليات يمكن أن توصف بأنها رديفة للعمل العسكري والاستخباراتي لصالح الشرعية».
وكان عدد من الشخصيات القبلية والقيادات في المقاومة الشعبية، تحدثوا، الأيام القليلة الماضية لـ«الشرق الأوسط» عن تلقي الشرعية مزيدا من رسائل التأييد من قبل قيادات ورموز قبلية في العاصمة صنعاء والمناطق المحيطة بها، وقد تحركت جبهة القبائل في مناطق طوق العاصمة، مع اقتراب قوات الشرعية من صنعاء، حيث باتت تسيطر على معسكر رئيسي وكبير في منطقة «فرضة نهم»، على بعد نحو 40 كيلومترا من المدينة (شرقا).
وفي ذات السياق، نظم رجال القبائل في محافظة مأرب، بشرقي البلاد، عرضا عسكريا في «مطارح نخلا». وبحسب مركز سبأ الإعلامي، التابع للسلطة المحلية بمأرب، فإن العرض العسكري هدف إلى «رفد الجيش الوطني في مختلف جبهات القتال»، وذلك بعد أن «عادت قبائل مأرب إلى تشكيل مطارحها مطلع الأسبوع الحالي، وحشدت جمعا من مسلحيها إلى مطارح نخلا»، والمطارح هي عبارة عن موقع أو مواقع محدد تتجمع فيها القبائل للأمور الهامة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.