المركزي المصري بين الحفاظ على الأسعار أو تخفيض الجنيه

طرح استثنائي بقيمة 500 مليون دولار للمرة الأولى

المركزي المصري بين الحفاظ على الأسعار أو تخفيض الجنيه
TT

المركزي المصري بين الحفاظ على الأسعار أو تخفيض الجنيه

المركزي المصري بين الحفاظ على الأسعار أو تخفيض الجنيه

بين الحفاظ على مستوى ثابت للاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية، وجذب الاستثمارات الأجنبية مع الحفاظ على الأسعار المحلية، يعيش البنك المركزي المصري حاليًا أوضاعًا لا يُحسد عليها.
ويتوجب على المركزي أن يتخذ قرارا بين اتجاهين متناقضين، إما أن يحافظ على سعر صرف الدولار الرسمي الحالي لتجنب ارتفاعات محتملة لمعدلات الأسعار، أو أن يتجه إلى خفض الجنيه وتقليل الفجوة الكبيرة الموجودة حاليًا بين سعر الصرف الرسمي للدولار وسعر السوق الموازية، في محاولة لتوفير العملة الأجنبية وزيادة تنافسية الصادرات وجذب الاستثمارات التي خرجت من السوق لنقص العملات الأجنبية، وعدم قدرتها على مواصلة أنشطتها التجارية وتحويل أرباحها إلى الخارج.
وأصدر البنك المركزي بيانًا بالأمس الأحد قال فيه إنه قام بطرح عطاء استثنائي لبيع 500 مليون دولار، بدلا من العطاء المعتاد اليومي، وهو العطاء الأكبر في عهد محافظ المركزي الجديد طارق عامر بعد اشتعال سعر العملة الصعبة في السوق السوداء، كونه يمثل زيادة بأكثر من عشرة أضعاف العطاء الدوري للعملة البالغ 40 مليون دولار، والذي يطرحه المركزي ثلاث مرات أسبوعيًا في مزادات دورية للبنوك.
وقال مصدر مسؤول في البنك المركزي إن «عطاء البنك المركزي جاء بالأساس لتغطية سلع استراتيجية أساسية»، وفقا لما نقلته رويترز. وتعتمد مصر على الأسواق الخارجية بشدة، فيما يتعلق ببعض السلع الأساسية كالأقماح والزيوت والوقود ومدخلات الإنتاج المختلفة، والتي سيتأثر سعرها في الأسواق المحلية حال تخفيض قيمة العملة المحلية وزيادة الدولار.
ولم يغير المركزي سعر بيع الدولار في عطاء الأمس عن الأسبوع الماضي، الذي باع فيه 38.8 مليون دولار، وثبت سعر الجنيه في آخر عطاء الأمس عند 7.73 جنيه للدولار. في حين واصل الدولار قفزاته في السوق الموازية بمصر ليصل إلى 9.75 جنيه بالأمس لأول مرة، في مقابل 9.50 جنيه الخميس الماضي. ويسمح البنك رسميا لمكاتب الصرافة ببيع الدولار بفارق 15 قرشا فوق أو دون سعر البيع الرسمي، لكن السوق السوداء في العملة تنشط مع شح الدولار، دون أي بوادر على انحسار أزمة شح الدولار رغم طرح شهادات دولارية للمصريين العاملين في الخارج، ووصول قروض بالعملة الصعبة للبلاد.
ودخل خزينة البنك المركزي المصري نحو 1.4 مليار دولار في صورة قرضين من الصين والبنك الأفريقي للتنمية منذ بداية العام الحالي، وكذلك قام المركزي منذ نحو أسبوع بإصدار شهادات «بلادي» للمصريين العاملين بالخارج بالدولار، كمنتج جديد يسهم في زيادة احتياطي العملات لدى المركزي المصري، ولم يعلن البنك المركزي أو أي من البنوك المشاركة في المبادرة حتى الآن أي معلومات عن مدى الإقبال على الشهادات.
ووصف بعض المحللين خطوة المركزي المصري بعد الطرح الاستثنائي بالهامة والتي ستعمل على تهدئة المضاربات في السوق الموازية، في حين قال آخرون إنها جاءت متأخرة بعد أن أوصلت المضاربات في السوق الدولار إلى مستويات غير مسبوقة، وأكدوا على أنه لا بد من خطوات تالية للطرح الاستثنائي لضبط السوق الموازية وغير الرسمية.
وتواجه مصر، التي تعتمد بشكل واسع على الاستيراد، نقصا حادًا في الدولار منذ ثورة 2011 والقلاقل السياسية التي أعقبتها، وأدت إلى عزوف السياح والمستثمرين الأجانب وتحويلات المصريين في الخارج وهي المصادر الرئيسية للعملة الصعبة، بجانب إيرادات قناة السويس التي لم تحقق حتى الآن الزيادة المرجوة كما كان متوقعًا بعد افتتاح قناة السويس الجديدة، وذلك نظرا لتباطؤ النمو العالمي وتأثر حركة التجارة.
وتقلصت الاحتياطيات الأجنبية لدى مصر إلى أكثر من النصف لتصل إلى نحو 16.53 مليار دولار بنهاية فبراير (شباط). نزولاً من نحو 36 مليار دولار حتى يناير (كانون الثاني) 2011. وكان البنك المركزي قد أعلن الخميس الماضي، عن ارتفاع صافي احتياطي النقد الأجنبي بنحو 56 مليون دولار في فبراير، مقارنة بيناير، ليصل إلى 16.533 مليار دولار.
* احتمالات تخفيض قيمة الجنيه المصري
وعن خطوات محتملة لتخفيض قيمة الجنيه المصري قالت مؤسسة كابيتال ايكونوميكس للأبحاث ومقرها لندن في مذكرة بحثية الأسبوع الماضي «نعتقد أن الخطوات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي المصري تشير إلى أن خفض الجنيه الذي طال انتظاره قد يكون وشيكا. وسيؤدي ذلك حتما إلى بعض المعاناة في الأمد القصير لكنه سيساهم في المدى البعيد في إرساء الأساس لفترة من النمو الأقوى».
وأضافت المؤسسة البحثية في تقريرها «نعتقد أن سعر الجنيه الرسمي بحاجة للنزول إلى نحو 9.50 جنيه للدولار.. والخبر السار هو أن صناع السياسات باتوا يدركون على ما يبدو أن تخفيف قبضتهم على العملة قد يكون أقل الخيارات سوءا».
ومن ناحية أخرى، ساهم قرار المركزي قبل أكثر من أسبوعين بزيادة الحد الأقصى للإيداع الدولاري في البنوك إلى مليون دولار شهريا للشركات العاملة في التصدير ذات الاحتياجات الاستيرادية، في إنعاش السوق الموازية وزيادة الطلب على الدولار الشحيح.
وتعرض الجنيه المصري لضغوط مع تناقص الاحتياطيات الأجنبية، لكن البنك المركزي يخشى من خفض قيمته، تخوفا من زيادة معدلات التضخم، مع اعتماد مصر بشكل كبير على الاستيراد وبخاصة الكثير من السلع الغذائية الأساسية التي تؤثر في الحياة اليومية للمواطنين.
وقام المركزي المصري خلال الأسابيع الماضية باتخاذ عدة تدابير لتوفير الدولار والحفاظ عليه حتى وصلت إلى تقييد عمليات السحب من بطاقات الائتمان بالدولار، والتحويلات الدولارية عبر ويسترن يونيون العالمية.
* نقص العملة وهروب الاستثمارات
وعلى الرغم من سعي المركزي إلى المحافظة على الاحتياطيات لتمويل واردات الغذاء والوقود والدواء ومكونات الصناعة، عن طريق فرض قيود على الودائع المصرفية والتحويلات المتعلقة بواردات السلع والخدمات غير الأساسية. فإن تلك القيود تعرقل حركة الصناعة والتجارة وتزيد صعوبة تحويل إيرادات المستثمرين الأجانب إلى الخارج.
وقالت كابيتال ايكونوميكس في تقريرها عن العملة المحلية بمصر «نعتقد أن خفض العملة قد يجلب فوائد جمة بمرور الوقت. فمن خلال السماح للعملة بالانخفاض سيستطيع المركزي في النهاية فك القيود المفروضة على النقد الأجنبي رسميا ويشجع المستثمرين الأجانب على العودة إلى البلاد».
وأكدت المؤسسة البحثية في تقريرها أنه إذا جرى تدعيم ميزان المدفوعات بمزيد من الإصلاحات الاقتصادية فسيساعد على تحقيق نمو اقتصادي أقوى في نهاية المطاف.
وقال الخبير الاقتصادي العالمي محمد العريان إن «قيمة الجنيه المصري ليست المشكلة الرئيسية لاقتصاد البلاد، كما أنها ليست الحل لتلك المشاكل»، مشيرا إلى أن المسؤولين المصريين يجب أن يقللوا تركيزهم على قيمة العملة المحلية في حين يحاولون حل المشاكل الاقتصادية للبلاد. وفقا لوكالة بلومبرغ.
وأضاف عضو المجلس التنسيقي للبنك المركزي المصري الذي أعيد تشكيله حديثا لتنسيق السياسات بين الحكومة والبنك أن «مصر لا تنتج ما يكفي وتحتاج لكهرباء مستمرة، وإصلاح لنظام الضرائب، وإجراءات جذرية لدعم النمو لتقليل العجز».



أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
TT

أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، أنها وسّعت مجدداً لائحتها السوداء التي تحظر استيراد منتجات من منطقة شينجيانغ الصينية، أو التي يُشتبه في أنها صُنعت بأيدي أويغور يعملون قسراً.

وقد اتُّهمت نحو 30 شركة صينية جديدة باستخدام مواد خام أو قطع صنِعَت أو جمِعَت بأيدي أويغور يعملون قسراً، أو بأنها استخدمت هي نفسها هذه العمالة لصنع منتجاتها.

وبهذه الإضافة، يرتفع إلى 107 عدد الشركات المحظورة الآن من التصدير إلى الولايات المتحدة، حسبما أعلنت وزارة الأمن الداخلي.

وقالت الممثلة التجارية الأميركية، كاثرين تاي، في بيان: «بإضافة هذه الكيانات، تواصل الإدارة (الأميركية) إظهار التزامها بضمان ألّا تدخل إلى الولايات المتحدة المنتجات المصنوعة بفعل العمل القسري للأويغور أو الأقليات العرقية أو الدينية الأخرى في شينجيانغ».

وفي بيان منفصل، قال أعضاء اللجنة البرلمانية المتخصصة في أنشطة «الحزب الشيوعي الصيني» إنهم «سعداء بهذه الخطوة الإضافية»، عادّين أن الشركات الأميركية «يجب أن تقطع علاقاتها تماماً مع الشركات المرتبطة بالحزب الشيوعي الصيني».

يحظر قانون المنع الذي أقرّه الكونغرس الأميركي في ديسمبر (كانون الأول) 2021، كل واردات المنتجات من شينجيانغ ما لم تتمكّن الشركات في هذه المنطقة من إثبات أن إنتاجها لا ينطوي على عمل قسري.

ويبدو أن المنتجات الصينية ستجد سنوات صعبة من التصدير إلى الأسواق الأميركية، مع تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية تزيد على 60 في المائة على السلع الصينية جميعها، وهو ما أثار قلق الشركات الصينية وعجَّل بنقل المصانع إلى جنوب شرقي آسيا وأماكن أخرى.

كانت وزارة التجارة الصينية، قد أعلنت يوم الخميس، سلسلة من التدابير السياسية التي تهدف إلى تعزيز التجارة الخارجية للبلاد، بما في ذلك تعزيز الدعم المالي للشركات وتوسيع صادرات المنتجات الزراعية.

وكانت التجارة أحد المجالات النادرة التي أضاءت الاقتصاد الصيني في الآونة الأخيرة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من ضعف الطلب المحلي وتباطؤ قطاع العقارات، مما أثقل كاهل النمو.

وقالت الوزارة، في بيان نشرته على الإنترنت، إن الصين ستشجع المؤسسات المالية على تقديم مزيد من المنتجات المالية؛ لمساعدة الشركات على تحسين إدارة مخاطر العملة، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين السياسات الاقتصادية الكلية للحفاظ على استقرار اليوان «بشكل معقول».

وأضاف البيان أن الحكومة الصينية ستعمل على توسيع صادرات المنتجات الزراعية، ودعم استيراد المعدات الأساسية ومنتجات الطاقة.

ووفقاً للبيان، فإن الصين سوف «ترشد وتساعد الشركات على الاستجابة بشكل نشط للقيود التجارية غير المبررة التي تفرضها البلدان الأخرى، وتخلق بيئة خارجية مواتية لتعزيز الصادرات».

وأظهر استطلاع أجرته «رويترز»، يوم الخميس، أن الولايات المتحدة قد تفرض تعريفات جمركية تصل إلى 40 في المائة على وارداتها من الصين في بداية العام المقبل، مما قد يؤدي إلى تقليص نمو الاقتصاد الصيني بنسبة تصل إلى 1 نقطة مئوية.