«داعش» يبني أمجاده على جماجم الأطفال

خبراء: غرروا بالأطفال في تحد لسنن الكون والله أعفاهم من التكاليف قبل التعقل

«داعش» يبني أمجاده على جماجم الأطفال
TT

«داعش» يبني أمجاده على جماجم الأطفال

«داعش» يبني أمجاده على جماجم الأطفال

حذّر مراقبون وخبراء من متابعي تحركات «داعش» الإرهابي المتطرف من تزايد اعتماد التنظيم على الأطفال للقيام بعمليات انتحارية. ويشير هؤلاء إلى أن التنظيم المتطرف يستغل الأطفال للنفاذ إلى أهدافه بسهولة، الأمر الذي قد يجبر السلطات الأمنية على تعميم إجراءات تمس بالأطفال لتفادي هذه الثغرات.
ويلفت الخبراء إلى أن التنظيم غرر بالأطفال، بدعوى الفوز بالجنة والاستشهاد، في تحد واضح لسنن الكون، رغم أن الله أعفى الصغار الفاقدي الأهلية من أي تكليف قبل سن التعقل، مؤكدين لـ«الشرق الأوسط» أن «داعش» غيّر من استراتيجيته بتوظيف الأطفال كبدلاء للعناصر القتالية، وذلك لإيمان التنظيم بأن أرواح الصغار تعد ثمنًا هينًا مقابل خسارة أي عنصر من عناصره. فضلا عن كونه يحتاج للكثير من عناصره لحماية توسعاته الجديدة والأراضي التي سيطر عليها في العراق وسوريا.
مع تزايد تجنيد «داعش» للأطفال الصغار للقيام بعمليات إرهابية، أكدت دار الإفتاء في مصر أن «داعش» يستغل النزعة الدينية لدى الصبية ويسيطر على الآباء ويُجبرهم على إقناع أبنائهم بتفجير أنفسهم لنشر أفكار التنظيم المتطرفة. وحذر الأزهر في القاهرة «من تداعيات إقحام الأطفال والقُصر في أعمال قتالية دامية والقيام بهجمات انتحارية في أماكن متفرقة من العالم».
وفي مشهد أفزع العالم كله، كان قد أطل طفل صغير لا يتعدى الـ11 من عمره قبل أسبوع، يحتضن أباه في ريف حلب بالشمال السوري، ثم يتسلق سيارة محملة بأطنان من المتفجرات بعدما علّمه والده كيف يقودها؟، ثم قبل الطفل يد أبيه قبل الرحيل، ليمضي الطفل بعيدا في مهمة انتحارية، ويفجّر نفسه فيها. حسب الخبراء، لم تكن هذه العملية التي تمت وأعلن عنها «داعش» في ريف حلب هي الأولى، إذ سبق أن بث التنظيم، أخيرًا، مقطعًا مصورًا لطفل معصوب الرأس يضغط زرًا للتحكم عن بعد كي يفجر سيارة فيها ثلاثة من المتهمين بالتجسس على التنظيم الإرهابي. وقال الخبراء والمراقبون إن «داعش» دأب على إرسال أطفال في مهام صادمة وقتالية لتصوير للعالم الخارجي بمدى قوته القتالية.. وإن «هناك عشرات من الهجمات الانتحارية استخدم فيها داعش أطفالا ومراهقين تم بثها عبر داعش خلال الفترة الماضية».
دار الإفتاء مصر قالت، بدورها، إن «التنظيم يستغل النزعة الدينية لدى الصبية ويحولهم لمتسرّعين ومتهوّرين لا يستطيعون التمييز بين الصواب والخطأ». ولفتت إلى أن التنظيم يغرس في نفوس أعضائه عقيدة التفجير، حيث ينقلونها لأبنائهم، مستغلين ثقة هذه النشء في آبائهم، وأنهم هم من يرون لهم طريق الصواب الذي يختم لهم بالجنة، في وقت يكون فيه ولاء الآباء للفكرة والاقتناع بها.. أهم عندهم من خوفهم على الأبناء.
وقال مسؤول في دار الإفتاء لـ«الشرق الأوسط»، إن «تجنيد الأطفال لتنفيذ العمليات الانتحارية نابع من كون الطفل أسهل في الإقناع من الكبار من عناصر التنظيم، الذين بدا لأغلبهم تضليل التنظيم لعناصره الآن، بعدما اكتشفوا زيف مزاعم التنظيم الإرهابي على الأرض».
ومن ناحية أخرى، يرى مراقبون أن «التنظيم نشر الشهر الماضي سلسلة صور دعائية، تُظهر أبا يودع ابنه قبل أن يتمنطق بحزام ناسف، لتضاف إلى مجموعة كبيرة من صور المديح على مواقع الإنترنت، توضح كيف يستخدم الأطفال في العمليات القتالية والمواجهات على الأرض ضد المدنيين في العراق وسوريا».
في غضون ذلك، يرى مصدر في الأزهر أن «حب التقليد لدى الصغار قد يكون من بين الأسباب التي تساعد الداعشيين على إقحامهم للقيام بالعمليات الانتحارية، عقب القيام بتجنيد هؤلاء القُصر، الذين يرون في حمل السلاح واستعماله بطولة وفدائية يطمحون إلى تحقيقهما»، لافتا إلى أن ما عرضه التنظيم من مشاهد مصورة لطفل يذبح «دُمية» وآخر يحمل السلاح ويرتدي زي المقاتلين، يعكس حرص «داعش» على تأهيل القُصّر ليصبحوا أكثر قدرة على إراقة الدماء، ومن ثم يستخدمهم في تنفيذ مخططه في العمليات الانتحارية التي قد يعتمد التنظيم عليها بشكل كبير مستقبلاً. وتابع أن «التنظيم يلجأ للأطفال في العمليات الانتحارية لإنتاج انتحاريين جُدد، ولبعد احتمالية الاشتباه بهم من قبل سلطات الدول، خلال قيام الأطفال بأي عمليات غير متوقعة».
وأكد المصدر في الأزهر أن ما يقرب من «ثلاثة آلاف طفل يتدربون راهنًا في معسكرات التنظيم في سوريا والعراق ويطلق عليهم (أشبال الخلافة) وتتراوح أعمارهم من 5 إلى 15 سنة.. ويرى تدريبهم على القتل وقطع الرقاب وكيفية التمنطق الأحزمة الناسفة».
من جهة أخرى، يفيد مصدر مطلع في الأزهر التقته «الشرق الأوسط» بأن «داعش» يعتمد على غسل أفكار الصغار بإقناعهم بأن القتال جهاد في سبيل الله، بعدها يتم شرح بعض المفاهيم الدينية عليهم وتلاوة بعض آيات من القرآن الكريم بالخطأ، التي تدعو للجهاد في سبيل الله وفي سبيل دولة «الخلافة المزعومة».. وكل هذا بهدف إقناعهم بأنهم سيموتون شهداء وسيفوزون بالجنة.. كما يُعرضون الأطفال لمشاهدة رجال تقطع أيديهم وأرجلهم، ويعلمونهم أن هذا بسبب كفرهم وحربهم ضد - دولة «داعش» المزعومة -، لافتا إلى أن «داعش» غير من استراتيجيته، فبدلا من الاعتماد على عناصر للقيام بعمليات انتحارية، بات يلجأ للأطفال للقيام بعمليات انتحارية، لأنه في حاجة إلى جنود لحماية توسعاته في الكثير من الدول.. أما الأطفال فلن يؤثر مقتلهم على التنظيم في شيء.
وأضاف المصدر أن «التنظيم يوظف الأطفال في صفوف (داعش) بدلاء للعناصر القتالية؛ لإيمانه بأن أرواح هؤلاء الأطفال الصغار تعد ثمنًا هينًا مقابل خسارة أي عنصر من عناصره القتالية، فضلا لكونه يحتاج للكثير من عناصره لحماية توسعاته الجديدة والأراضي التي سيطر عليها في العراق وسوريا». وللعلم، سبق أن لقي 11 طفلا على الأقل حتفهم خلال عمليات لـ«داعش» جرت في يناير (كانون الثاني) الماضي، مقارنة بستة فقط في الشهر نفسه من العام الماضي.
ومن جانبه، قال الدكتور أحمد سمير، وهو أكاديمي وإعلامي مصري، إن «داعش» إنما «يعيد استخدام الأطفال في الحروب والمعارك مثلما كان يحدث قديمًا. وتجربة الحرب العراقية الإيرانية ليست ببعيدة، فكلا الجيشين قام بتجنيد الأطفال للعمل كمقاتلين في الجيش، إبان الحرب المُمتدة لمدة ثمان سنوات، في انتهاك واضح لكل المواثيق الدولية التي تمنع ذلك وتحرمه».
وعن أن ما يقوم به «داعش» يعد انتهاك للطفولة، قال سمير «إن الأطفال وقت الحروب والقتال هم الضحية طيلة الوقت، ضحية لأنهم الحلقة الأضعف بين ضحايا التنظيم الإرهابي، ضحية لأنهم حين يقع عليهم قرار بعض (المهاويس) من (داعش) بتجنيدهم، يكونون أسهل الطرق لتنفيذ عمليات انتحارية على الأرض».
وحول اختيار «داعش» للأطفال، أكد سمير، وهو أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر، أن «الطفل وجه بريء وكيان رقيق، يمكنه النفاذ إلى الأهداف بسهولة، لا يحتاج إلى التدريب على خداع الطرف الذي يريد قتله، فهو بطبيعته وسجيته وابتسامته كفيل بالوصول إلى الهدف، وكفيل بتنفيذ عملية لا يعرف مداها ولا خطورتها.. وبالتالي لا مجال للفشل، هو بالنسبة لداعش عنصر مطيع يكفل نجاح للعمليات بنسبة عالية لا يمكن تحقيقها في الغالب بالطرق التقليدية». وأردف أن «هذه التجربة التي تقوم بها «داعش» الآن تستلهم فكرة «المماليك» سبايا الحروب من الأطفال، الذين كانوا يربّون في ظروف قاسية ليعملوا منذ نعومة أظفارهم كمقاتلين محترفين، بكل ما يعنيه هذا من اغتصاب للبراءة، وانتهاك للمعاني الإنسانية». ولفت إلى أن «التشوه الذي يصيب الطفل في هذا الإطار لا يتوقف عند تشوهات سلوكية؛ بل يتعداها لتشوهات فكرية وعقدية ونفسية، خاصة إذا ما جرى ربط هذا الفعل الإجرامي بالعقيدة أو المشاعر الدينية.. وعبر هذا الإجراء تتحول حواضن (داعش) إلى (مفرخة مماليك) جُدد، تُنتج مجموعة من الكائنات المشوهة التي تم غسل أدمغتها ودفعها نحو أذى النفس والغير بدعاوى باطلة».
ومضي الدكتور أحمد سمير شارحًا: «إن داعش يسير على طريق حركة طالبان في استخدام الأطفال في العمليات الانتحارية. ورغم خلو التاريخ الإسلامي من فكرة العمليات الانتحارية؛ فإنها تمكنت في ضمير بعض المتطرفين لأسباب متعددة». وأضاف أن «الانتحاري شخص عاقل مُكلف، درس وفكّر وقرّر ودبّر، وعليه فهو يتحمل مسؤولية قتل نفسه أمام الله.. أما الطفل الذي يعد فاقدًا للأهلية، لا يعي؛ بل لا يستطيع أن يفهم أو يدرس أو يفكر أو يقرر أو يحيط بالصراع الدائر مع (داعش). ولا يمكن بحال تصور أن تتوافر لديه إرادة الفعل على الإطلاق.. إنه ضحية بريئة لتنظيم قرر أن يقتله ضمن من يستهدفهم، لمجرد أنه طفل، تكلفته أقل، يوفر فرص نجاح أعلى للعملية، يوفر دماء المقاتلين الكبار».
وتابع الأستاذ في الأزهر «إننا في هذا الصدد أمام حالة قتل ممنهجة تتم بدم بارد، يروح ضحيتها أطفال كانوا في أصل وجودهم تحت سيطرة (داعش) ضحايا كذلك، تحكم فيهم بعض ناقصي العقل والضمير (أي داعش).. بعض من أصيبوا بهوس الحرب وجنون الدماء، ليجعلوهم (أي الأطفال) وقودا رخيص الثمن والتكلفة في أتون حرب مستعرة لا تهدف في حقيقة الأمر إلى قيام دولة ولا نزاع على أرض ولا سلطة؛ بل فقط لاستمرار التناحر بين المسلمين، وتأكيد حالة الصراع في هذه المنطقة ودعمها لأطول فترة ممكنة، مهما كان الثمن.. حتى لو كان هذا الثمن.. أرواحا بريئة لم تذق معنى الحياة بعد».



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».