يوم «هادئ» في مناطق الهدنة بسوريا.. تخرقه معارك في حي الشيخ مقصود بحلب

«داعش» يستعيد معبر «النتف» بعد ساعات من سيطرة المعارضة عليه.. ومعلومات عن انشقاق «المئات»

أطفال سوريون يتزودون بالمياه في حي صلاح الدين بحلب («غيتي»)
أطفال سوريون يتزودون بالمياه في حي صلاح الدين بحلب («غيتي»)
TT

يوم «هادئ» في مناطق الهدنة بسوريا.. تخرقه معارك في حي الشيخ مقصود بحلب

أطفال سوريون يتزودون بالمياه في حي صلاح الدين بحلب («غيتي»)
أطفال سوريون يتزودون بالمياه في حي صلاح الدين بحلب («غيتي»)

شهدت المناطق التي تشملها الهدنة في سوريا أمس يوما وصفه المرصد السوري لحقوق الإنسان بـ«الأكثر هدوءا» منذ وقف الأعمال القتالية قبل تسعة أيام، عكرته عمليات عسكرية قامت بها جبهة «النصرة» باتجاه حي الشيخ مقصود الواقع تحت سيطرة الأكراد. وفي حين استعاد «داعش» معبر النتف الذي يربط بين البادية السورية بريف حمص الجنوبي الشرقي وبين الأراضي العراقية، بالقرب من الحدود مع الأردن، وذلك بعد ساعات من تمكن فصائل من المعارضة من السيطرة عليه، أكّدت مصادر في المعارضة انشقاق المئات من مقاتلي «داعش» في ريف حلب الشمالي وانضمامهم إلى «فيلق الشام»، في خطوة وصفها بـ«الصفعة» للنظام السوري الذي كان يعتمد على التنظيم في هجوماته في هذه المنطقة. ونشر «فيلق الشام» أحد فصائل المعارضة شريطًا مصورًا يظهر عددًا كبيرًا من عناصر «داعش» قال إنهم انشقوا عن التنظيم في ريف حلب الشمالي وتوجهوا إلى المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة.
وبحسب المكتب الإعلامي لـ«الفيلق» فإن العناصر المنشقين عن التنظيم كانوا قد نسقوا في وقت سابق مع المجموعات التابعة له الموجودة على جبهات القتال ضد «داعش». ونقلت شبكة «الدرر الشامية» عن أحد قياديي الفيلق الذي فضل عدم ذكر اسمه أفاد بأن نحو 42 عنصرًا تم تأمين انشقاقهم عن التنظيم بعد تواصل استمر لأكثر من شهر تقريبًا، فيما رفض القيادي ذكر تفاصيل وآلية عملية الانشقاق التي وصفها بالمعقدة والسرية، وأضاف أن جميع العناصر المنشقين سيخضعون لمراقبة مركزة للتأكد من صدق نواياهم. وفي مقطع الفيديو المنشور، قال أحد العناصر الذي عرّف عن اسمه بـ«أبي ريم» من دير الزور، إنه وزملاء له انشقوا عن «داعش» بمساعدة فيلق الشام بعدما تعرضوا للكثير من الضغوط من التنظيم.
ميدانيا، قال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن يوم أمس «هو الأكثر هدوءا في المناطق التي يشملها اتفاق وقف الأعمال القتالية منذ دخوله حيز التنفيذ ليل 27 فبراير (شباط) الماضي». وأشار عبد الرحمن إلى اشتباكات محدودة في ريف اللاذقية الشمالي حيث توجد جبهة النصرة مع فصائل معارضة أخرى.
وتستثني الهدنة، بشكل أساسي، تنظيم داعش وجبهة النصرة، لتقتصر المناطق المعنية على الجزء الأكبر من ريف دمشق، ومحافظة درعا جنوبا، وريف حمص الشمالي وريف حماه الشمالي (وسط)، ومدينة حلب وبعض مناطق ريفها الغربي. ويطرح استثناء جبهة النصرة صعوبات في توثيق الهدنة كونها توجد في محافظات عدة، وغالبا في تحالفات مع فصائل مقاتلة معارضة.
وأفاد كل من المرصد السوري لحقوق الإنسان ووسائل إعلام سورية بسقوط عدد من القتلى والجرحى في قصف بالقذائف استهدف حي الشيخ مقصود الواقع تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية.
وأشار المرصد إلى أن نحو 70 قذيفة أطلقتها جبهة النصرة وفصائل إسلامية ومقاتلون قوقازيون بقيادة صلاح الدين الشيشاني من جهة دوار الجندول وطريق الكاستيلو، والفرقة 16 من جهة السكن الشبابي على حي الشيخ مقصود بمدينة حلب الذي يقطنه نحو 40 ألف شخص غالبيتهم من السوريين الكرد، ما أدى إلى مقتل 3 أشخاص وإصابة 26 آخرين بجراح متفاوتة الخطورة، بالإضافة لوجود 9 أشخاص لا يزالون تحت أنقاض المباني التي دمرها القصف.
من جهتها، ذكرت وسائل إعلام سوريا أن 14 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب العشرات في قصف بالمورتر والصواريخ استهدف سوقا مزدحمة في حي سكني في مدينة حلب بشمال سوريا. وهذا الجزء من المدينة تقطنه أغلبية كردية وكان على مدى أسابيع جبهة معارك وقعت بين وحدات حماية الشعب الكردية والمعارضين الذين يسيطرون على أجزاء كبيرة من الجزء الشرقي للمدينة.
وينعكس وقف إطلاق النار على حصيلة القتلى، إذ وحتى بعد ظهر أمس، لم يسجل سقوط خسائر بشرية في مناطق الهدنة، مقارنة مع نحو 12 قتلوا أول من أمس، وفق المرصد. وأشار عبد الرحمن إلى «انخفاض الخسائر البشرية من مدنيين بنسبة تسعين في المائة، ومن مسلحين سواء عناصر من قوات النظام أو الفصائل المقاتلة بنحو ثمانين في المائة» مقارنة مع ما كانت تشهده سوريا قبل الهدنة.
ووثق المرصد في مناطق الهدنة خلال تسعة أيام مقتل 148 شخصا، بينهم 37 مدنيا و52 عنصرا من الفصائل المقاتلة و26 من قوات النظام و25 من جبهة النصرة ومجموعات حليفة لها. وتستثني هذه الحصيلة المعارك مع تنظيم داعش.
ويتواصل القصف والمعارك في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، إذ تدور اشتباكات مع قوات النظام في محيط مدينتي تدمر والقريتين في ريف حمص الشرقي. كما تستهدف طائرات حربية مواقع في محافظة دير الزور (شرق) والواقعة تحت سيطرة التنظيم المتطرف.
مع العلم أن المعارضة تؤكد ومنذ اليوم الأول للهدنة أن النظام يخرق الهدنة بشكل يومي، في وقت قال فيه المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا إن «وقف العمليات القتالية هش وليست هناك ضمانة بالنجاح، لكن هناك تقدمًا وكان مرئيًا ولا يمكن لأحد أن يشكك فيه. ويكفي أن تسأل السوريين، وسيقولون ذلك».
وأكد أن الأمم المتحدة أوصلت خلال الفترة الأخيرة مساعدات إلى «115 ألف شخص»، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن العدد يبقى «غير كاف، لدينا أكثر من 300 ألف شخص آخرين»، ووعد بمواصلة إيصال المساعدات.
ويعيش حاليا، وفق الأمم المتحدة، 486 ألف شخص في مناطق محاصرة في سوريا، كما يبلغ عدد السكان الذين يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها 4.6 مليون نسمة.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.