قاعدة حميميم الروسية تفتح أبوابها لـ«معارضين» لبحث الدستور السوري الجديد

مصادر: موسكو تسعى إلى توسيع دورها وتقديم نفسها كقوة «حفظ سلام»

قاعدة حميميم الروسية تفتح أبوابها لـ«معارضين» لبحث الدستور السوري الجديد
TT

قاعدة حميميم الروسية تفتح أبوابها لـ«معارضين» لبحث الدستور السوري الجديد

قاعدة حميميم الروسية تفتح أبوابها لـ«معارضين» لبحث الدستور السوري الجديد

قالت وزارة الدفاع الروسية في تقريرها يوم أمس عن مركز مراقبة وقف إطلاق النار في سوريا ومقره في مطار حميميم، إن ممثلين عن قوى المعارضة السورية توجهوا بطلب من المركز يعربون فيه عن رغبتهم بالمشاركة في عملية مناقشة الدستور الجديد لسوريا.
وهذه ليست هي المرة الأولى التي يتحدث فيها مركز حميميم عن أمر كهذا. إذ تعمدت وسائل الإعلام الروسية التركيز بشكل كبير على لقاء جرى يوم أول من أمس في القاعدة الجوية الروسية في مطار حميميم، بمشاركة شخصيات قال الجانب الروسي، في التقرير الإعلامي اليومي الصادر عن مركز حميميم، إنهم يمثلون تنظيمات معارضة سورية وشخصيات دينية. من جانبها قالت قناة «روسيا اليوم» إن «مطار حميميم السوري تحول إلى مركز للمصالحة بين السوريين، إذ توافدت عليه السبت 5 مارس (آذار) وفود مثلت أطيافا سياسية معارضة ودينية ومستقلة في إطار الهدنة المعلنة ومساعي السوريين للمصالحة».
وبين الأطراف المشاركة في لقاء حميميم حسب القناة التلفزيونية ذاتها ممثلون عن تيار «من أجل سوريا الديمقراطية»، وزعيم حزب «المؤتمر الوطني»، إضافة إلى شخصيات دينية، وممثلين عن فصائل المعارضة السورية المسلحة ومستقلين.
في غضون ذلك وصفت صحيفة «كومسولسكايا برافدا» ذلك اللقاء بأنه «تاريخي دون أي تضخيم»، نظرًا لأنه «جمع خلف طاولة واحدة قادة مختلف منظمات المعارضة والفصائل المسلحة، الذين وقفوا بوجه القوات الحكومية على مدار عدة سنوات»، وفق ما تقول الصحيفة، لتؤكد بعد ذلك أنه «كان لافتًا أن اللقاء بحد ذاته جرى بمبادرة من المعارضة».
وأكد مصدر مطلع عن كثب على ذلك اللقاء لـ«الشرق الأوسط» أن الأمر جرى بناء على طلب من غرفة التنسيق الروسية في مطار حميميم التي وجهت الدعوة لمجموعة من الفعاليات السياسية لمناقشة أمور تتعلق بالأزمة السورية دون تحديد الموضوع. حيث اتصل ضابط روسي يتكلم العربية لتوجيه الدعوة دون أن يوضح جدول الأعمال والغرض من ذلك. وقال المصدر إن اللقاء حضره كل من ميس كريدي واليان مسعد والإعلامي السوري المستقل مازن بلال، منوهًا إلى أن الجانب الروسي طرح للنقاش مسألتي الدستور وتثبيت الهدنة.
وعن الشخصيات الدينية التي يؤكد الجانب الروسي أنها تمثل فصائل معارضة مسلحة، أشار المصدر إلى أمرين، الأول أن اللقاء كان في واقع الأمر على مرحلتين، حيث جرى استقبال المجموعة الأولى من المدعوين، وفي ختام الحديث معهم دخل رجلا دين، هما شيخان من منطقة يلدا وببيلا ينشطان في مجال المصالحات المحلية. ويضيف المصدر أن دخول وسائل الإعلام إلى قاعة اللقاء شكل مفاجأة للمشاركين الذين لم يكن لديهم علم بهذه التغطية الإعلامية الكبيرة من الجانب الروسي.
جدير بالذكر أن المركز الإعلامي في المكتب الروسي لتنسيق وقف إطلاق النار في سوريا ينشر منذ اليوم الأول لعمله معلومات حول توقيع فصائل معارضة مسلحة لاتفاقات وقف إطلاق النار ويؤكد أن عدد هذه المجموعات يتزايد يومًا بعد يوم. في غضون ذلك تنفي فصائل المعارضة السورية المسلحة توقيع أي اتفاقات مع مركز التنسيق الروسي. حتى إن «جيش الإسلام» أصدر بيانًا رد فيه على ما جاء في تقرير عن المركز الروسي حول توقيع قادة مجموعات «جيش الإسلام» في القلمون لاتفاقات مع المركز الروسي، نفى فيه ادعاء الجانب الروسي بتوقيع قادة من منطقة الرحيبة في القلمون لأي اتفاقات. ويرى معارضون أن هذا الضخ الإعلامي الروسي إنما يهدف إلى تقديم روسيا وكأنها قوات حفظ سلام، وطرف وسيط وراع للعملية السياسية يساعد السوريين للتوصل إلى مصالحات تنهي معاناتهم، بينما يحذر آخرون من أن روسيا تواصل محاولاتها لخلق «معارضة موازية»، عشية استئناف العملية السياسية في جنيف، وتريد من هذه اللقاءات تعزيز مواقع بعض القوى لفرضها كشريك في العملية السياسية، فضلا عن أن ما تزعمه من اتفاقيات يجري توقيعها لا يتعدى كونه محاولة لسحب البساط من تحت أقدام المعارضة في بعض المناطق السورية. من جانب آخر، تنظر المعارضة السورية باستهجان ودهشة لما تقوم به روسيا في مطار حميميم، وتحديدًا تجاوز الصلاحيات وبحث قضايا مدرجة بموجب القرارات الدولية ضمن خطة تسوية الأزمة السورية مثل الدستور والانتخابات.



أصحاب المصالح التجارية في ضاحية بيروت الجنوبية وتحدّي الاستمرار

جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)
TT

أصحاب المصالح التجارية في ضاحية بيروت الجنوبية وتحدّي الاستمرار

جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)

غادرت لينا الخليل ضاحية بيروت الجنوبية، بعد بدء إسرائيل قصفاً مدمّراً على المنطقة قبل نحو شهرين، لكنها تعود كل يوم لتخوض تحدّياً، يتمثل بفتح أبواب صيدليتها ساعتين تقريباً، ما لم تمنعها الضربات الجوية من ذلك، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتصف المرأة الخمسينية الصيدلية التي أنشأها والدها في الضاحية الجنوبية في عام 1956 بأنّها «أهم من بيتي... ففيها يمكن أن تشتمّ رائحة أدوية صُنعت منذ 60 عاماً».

في كثير من الأحيان، تسارع الخليل إلى إقفال أبواب الصيدلية، عندما يُصدِر الجيش الإسرائيلي إنذارات للسكان للإخلاء قبل البدء بشنّ غارات.

وبات عملها يقتصر على بيع ما تبقى في الصيدلية من أدوية وسلع، بعدما نقلت 70 في المائة من موجوداتها إلى منزلها الصيفي في إحدى القرى.

وهي مقيمة حالياً داخل العاصمة، وتتوجّه يومياً إلى بلدة عالية الواقعة على بُعد نحو 20 كيلومتراً من بيروت، لإحضار أدوية تُطلب منها، وتوصلها إليهم أو يحضرون إلى الصيدلية في حال تمكّنوا من ذلك لأخذها.

وحال لينا الخليل كما حال كثير من سكّان الضاحية الجنوبية لبيروت الذين غادروها واضطرّوا إلى البحث عن بدائل لأعمالهم أو مواصلتها بما تيسّر من قدرة أو شجاعة.

وتؤكد الخليل أنّ «الخسائر المادية كبيرة»، مشيرة إلى أنّها تعطي موظفيها حالياً نصف مرتّب، بسبب تزايد المصروف وتضاؤل المدخول.

«عائدون من الموت»

مع استمرار الحرب، لا يزال من غير الواضح حجم الدمار الذي طال المصالح التجارية في الضاحية الجنوبية التي كان يسكنها 600 - 800 ألف شخص قبل الحرب، وفق التقديرات، وباتت شبه خالية من سكانها.

في الضاحية، خاض علي مهدي مغامرته الخاصة مع شقيقه محمد بعد انتهاء دراستهما الجامعية، فعملا على تطوير تجارة والدهما التي بدأها قبل 25 عاماً. ووسّعا نطاقها من متجر لبيع الألبسة بالجملة إلى مستودع ومتجرين، إضافة إلى متجرين آخرين في صور والنبطية (جنوب) اللتين تُستهدفان بانتظام بالغارات في جنوب البلاد. وكل هذه المناطق تُعتبر معاقل لـ«حزب الله» الذي يخوض الحرب ضد إسرائيل.

لكن مهدي اضطر أن يبحث عن بديل لمشروع العائلة بعد اندلاع الحرب المفتوحة بين «حزب الله» وإسرائيل.

ويقول الشاب الثلاثيني إنّه تمكّن بصعوبة من نقل البضائع الموجودة في المتاجر الـ4 والمستودع، إلى 3 مواقع داخل بيروت وفي محيطها.

ويشير إلى أنّ عمّال النقل كانوا يرجعون من النبطية وصور، وكأنهم «عائدون من الموت»، بعد سماعهم بالإنذارات للسكان لإخلاء مناطق والغارات الجوية والتفجيرات المدمّرة التي تليها.

كان يعمل لدى علي وشقيقه 70 موظفاً نزح معظمهم إلى مناطق بعيدة؛ ما دفع الشابين إلى التخلّي عن كثيرين منهم. وبهدف الحفاظ على عملهما، تخلَّيا عن آخرين، وبدآ بدفع نصف الرواتب لمن بقي.

ويؤكد مهدي أنّ تجارته تتمحور حالياً حول «تصفية ما لدينا من بضائع»، مضيفاً أنّ حركة البيع خفيفة.

وتأثر القطاع التجاري في لبنان بشدة جراء الصراع الذي بدأ بين «حزب الله» وإسرائيل قبل أكثر من عام، وشهد تصعيداً في سبتمبر (أيلول).

وفي تقرير صدر عن البنك الدولي، الخميس، تُقدّر الأضرار اللاحقة بالقطاع التجاري بنحو 178 مليون دولار والخسائر بنحو 1.7 مليار دولار.

وتتوقع المؤسسة أن تتركّز نحو 83 في المائة من الخسائر في المناطق المتضرّرة، و17 في المائة منها في بقية أنحاء لبنان.

«لم تبقَ إلا الحجارة»

ويترقّب علي مهدي المرحلة التي ستلي نفاد البضائع الموجودة لديه. ونظراً إلى عدم استقرار الأوضاع المالية والاقتصادية والأمنية والسياسية، يتساءل عمّا إذا كان عليه «مواصلة الاستيراد أو الحفاظ على السيولة التي يملكها».

ويقول بينما يجلس بين بضائع مبعثرة نُقلت إلى متجره الجديد في شارع الحمرا داخل بيروت: «هناك خسائر كبيرة».

بشكل رئيسي، يُرجع التقرير الصادر عن البنك الدولي الخسائر التي مُني بها قطاع التجارة في المناطق المتضرّرة، إلى نزوح كلّ من الموظفين وأصحاب الأعمال؛ ما تسبب في توقف شبه كامل للنشاط التجاري وانقطاع سلاسل التوريد من وإلى مناطق النزاع والتغييرات في سلوك الاستهلاك بالمناطق غير المتضرّرة، مع التركيز على الإنفاق الضروري.

وتنطبق على عبد الرحمن زهر الدين صفة الموظف وصاحب العمل والنازح، تُضاف إليها صفتان أخريان هما المتضرّر والعاطل عن العمل جراء الدمار الذي طال مقهاه في الرويس بالضاحية الجنوبية، في غارة إسرائيلية.

بعدما غادر، في نهاية سبتمبر (أيلول)، إلى وجهة أكثر أماناً، عاد قبل أيام ليتفقّد مقهاه الذي استحال حديداً وحجارة متراكمة.

على يساره، متجر صغير لبيع أدوات خياطة تظهر من واجهته المحطّمة كُتل من الصوف على رفّ لا يزال ثابتاً على أحد الجدران. وبجانبه، متجر آخر كان مالكه يصلح بابه الحديديّ المحطّم ليحمي ما تبقى بداخله.

يقول زهر الدين بينما يتحرّك بين أنقاض الطابق العلوي: «لم تبقَ إلا الحجارة».

ويعرب ربّ الأسرة عن شعور بـ«الغصّة والحزن»، جراء ما حلّ بـ«مصدر رزقه» الوحيد.

ويقول إنّه لم يبدأ بالبحث عن بديل، في ظل ارتفاع بدل الإيجار وأسعار الأثاث والمعدّات، مؤكداً أنّ الخسائر التي تكبّدها «كبيرة، وقد تبلغ 90 ألف دولار».