تعهد رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ، أمس السبت، بـ«تكثيف التحفيز المالي»، في البلاد التي تواجه تراجعا في نسبة النمو المستهدفة للعام الحالي، إلى «مابين 6.5 و7 في المائة» في الموازنة التي بلغ فيها نسبة العجز 3 في المائة بزيادة 560 مليار يوان (78 مليار يورو) عن العام الماضي.
وحققت الصين 6.9 في المائة نموًا سنويًا العام الماضي، هو الأدنى منذ 25 عامًا، بينما كان معدل النمو المستهدف عند 7 في المائة، وقال تشيانغ في هذا الصدد، إن نسبة النمو المتوقعة لعام 2016 «ستساهم في توجيه توقعات الأسواق والإبقاء على استقرارها».
وتوقعت كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي، في كلمتها خلال افتتاح اجتماع محافظي البنوك المركزية ووزراء المالية لدول مجموعة العشرين، نمو اقتصاد الصين 3.6 في المائة في 2016.
كانت «الشرق الأوسط» قد أشارت في أحد التحليلات المالية عن الصين يوم الأربعاء الماضي، بعنوان «المؤشرات الاقتصادية في الصين.. نحو سياسة التحفيز المالي»، إلى التوجه الذي ستنتهجه بكين خلال العام الحالي، نتيجة محدودية البدائل المتاحة، في ضوء النتائج المخيبة للآمال في معظم القطاعات الصينية، الأمر الذي أثر على معدلات النمو، مع استمرار التراجعات الحادة في البورصة الصينية، الذي أجبر البنك المركزي الصيني على ضخ مليارات الدولارات في أسواق المال.
وبعد تبني بكين سياسة «التحفيز المالي»، فمن المقرر أن يكون ضخ السيولة ودعم بعض القطاعات والتحفيز الضريبي، بشكل دوري، لإنعاش ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وحتى يتم تعويض عملية النزوح الكبيرة لرؤوس الأموال عن الصين. واتفقت دول مجموعة العشرين المجتمعة في شنغهاي، الأسبوع الماضي، على اعتماد سياسات تحفيز نقدي وضريبي لدعم الاقتصاد العالمي المتباطئ. وأشار وزراء مالية الدول الأكثر ثراء في العالم، في بيانهم الختامي إلى المخاطر التي يواجهها النمو العالمي، مشددين على ضرورة استخدام كل الوسائل من سياسات نقدية وتحفيز ضريبي وإصلاحات هيكلية على صعيد «فردي وجماعي».
وقال لي كه تشيانغ: «حين نحلل جميع العوامل، نلاحظ أن الصعوبات ستكون هذه السنة أكبر عددًا وحجمًا، والتحديات أكثر جسامة، ذلك علينا أن نستعد لخوض معركة قاسية».
وقال رئيس الوزراء مفتتحًا الدورة السنوية للجمعية الوطنية الشعبية التي تصادق على قرارات الحزب الشيوعي الصيني، إن الاقتصاد العالمي يعاني من «انتعاش ضعيف» في حين أنه في الصين نفسها «تزداد الضغوط على الاقتصاد دافعة إلى التراجع».
وسجلت الصين طلبًا ضعيفًا وهبوطًا في التجارة الخارجية وتراجعًا في نشاط قطاع التصنيع، وركودًا في الاستثمارات في القطاع العقاري، الذي لا يزال من أسس إجمالي الناتج الداخلي، بالإضافة إلى الفائض الكبير في القدرات الإنتاجية الذي ينعكس سلبًا على القطاع الصناعي.
وأكد كه تشيانغ عزم الحكومة على «إزالة القدرات الإنتاجية الفائضة» من خلال إعادة هيكلة كبرى المجموعات المملوكة من الدولة وعمليات إلغاء وظائف حتمية. كما دعا إلى «حل سريع» للشركات غير المربحة الناشطة في قطاع المناجم والتعدين والتي لا تستمر إلا بفضل الديون ودعم الدولة.
حسين شكري رئيس مجلس إدارة بنك «إتش سي» للأوراق المالية والاستثمار، يقول إن الصين تحاول حاليًا إعادة هيكلة اقتصادها من جديد من خلال التوازن بين الاستهلاك المحلي والتصدير، مشيرًا إلى الخطوة التي اتخذها البنك المركزي الصيني بضخ سيولة في السوق، التي قال إنها «محاولة لتقليل آثار إعادة الهيكلة والتباطؤ الاقتصادي الحالي عن طريق الإنفاق الحكومي». وتوقع شكري لـ«الشرق الأوسط» أن «يأخذ إعادة هيكلة الاقتصاد في الصين، حتى تنتهي مرحلة التباطؤ التي تأخذنا نحو الركود، من 3 إلى 4 سنوات، على أن يتشكل لدينا شكل جديد للاقتصاد العالمي، سيكون أكثر توازنا ما بين الاستهلاك المحلي والتصدير للخارج».
وأوضح رئيس الوزراء الصيني، أن الصين ستستمر في سياستها النقدية اللينة التي «تطبق بمرونة ملائمة» و«ستكثف» تدابير التحفيز المالي ولا سيما من خلال تمديد الإعفاءات الضريبية، لوقف التباطؤ المقلق في النشاط الاقتصادي.
وتشهد البورصات الصينية اضطرابات شديدة تغذيها المخاوف حيال تراجع الظروف الاقتصادية، فيما يخضع اليوان لضغوط كبيرة مقابل الدولار.
وحددت الصين هدفًا للتضخم عام 2016 بـ«نحو 3 في المائة» بتراجع كبير عن مستواه الحالي، على خلفية ضغوط انكماشية، وهي عازمة على إبقاء مستوى البطالة «دون 4.5 في المائة».
وفي إطار دعم الاستثمارات الأجنبية، وجذب الأموال، قالت الحكومة الصينية إنها ستلغي القيود المفروضة على مشاركة الأجانب في بعض قطاعات الخدمات ومن بينها تصميم البناء والمحاسبة والمراجعة، كما ستسمح أيضًا باستثمارات أجنبية أكبر في قطاعات المصارف والتأمين ورعاية المسنين.
وقالت الحكومة الصينية في إطار خطتها التنموية للفترة بين عامي 2016 و2020، إنها تسعى كي تصبح رائدة في مجال الصناعات المتقدمة في العالم في مجالات أشباه الموصلات والجيل القادم من مواد الرقائق الذكية والروبوتات ومعدات الملاحة الجوية والأقمار الصناعية.
وتمثل الخطة الخمسية الثالثة عشرة للصين ورقة عمل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية فيما بين عامي 2016 و2020. وسيوافق البرلمان على النسخة النهائية من الخطة خلال الأسبوعين المقبلين.
وقالت الصين في مشروع الخطة التي كشف عنها النقاب أمس السبت، إنها تهدف كي تستخدم الإنترنت لتعزيز اقتصادها المتباطئ كي تصبح الصين قوة في مجال الفضاء الإلكتروني. وتعتزم الصين زيادة الإنفاق في مجال البحوث والتطوير إلى 2.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال مدة الخطة الخمسية بالمقارنة بنسبة 2.1 في المائة في الخطة الخمسية 2011 - 2015.
وقال رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ، إن الابتكار هو القوة الأساسية الدافعة لتحقيق التنمية في البلاد.
بدء إعادة هيكلة ثاني أكبر اقتصاد في العالم
الصين تتوقع نسبة نمو أكثر من 6.5 %
بدء إعادة هيكلة ثاني أكبر اقتصاد في العالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة