وثائق خاصة بزعيم «القاعدة» بن لادن تكشف علاقته بالرئيس السابق صالح

قال مخاطبًا أتباعه: اليمن أرض نصرة ومنطلق لتنفيذ عمليات خارجية.. وندخره كجيش احتياطي للأمة

وثائق خاصة بزعيم «القاعدة» بن لادن تكشف علاقته بالرئيس السابق صالح
TT

وثائق خاصة بزعيم «القاعدة» بن لادن تكشف علاقته بالرئيس السابق صالح

وثائق خاصة بزعيم «القاعدة» بن لادن تكشف علاقته بالرئيس السابق صالح

كشفت وثائق جديدة خاصة بزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن علاقته بالرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح. وأظهرت الوثائق التي نشرها مكتب الأمن الوطني الأميركي اهتمام بن لادن، الذي اغتيل على أيدي قوات خاصة أميركية في أبوت آباد في باكستان، مايو (أيار) 2011، بالوضع اليمني، بعد خروج مظاهرات في فبراير (شباط) 2011 تطالب علي عبد الله صالح بالتنحّي.
الوثائق التي أتاحتها «المخابرات الأميركية»، هي واحدة من 113 وثيقة حصلت عليها الولايات المتحدة بعد عملية اغتيال بن لادن، وتم إطلاق الدفعة الثانية منها الثلاثاء الماضي، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخ منها.
وأشارت إحدى الوثائق إلى رفض بن لادن التدخل في الشأن اليمني، داعيًا إلى التهدئة مع نظام صالح، لأن الأرضية لم تكن مهيّأة لمناصريه لتولّي القيادة. وقال بن لادن في إحدى رسائله الموجهة إلى أول أمير قاعدي على جزيرة العرب والمكنى بـ«أبو بصير»، إن «استنفار الخصوم في اليمن لا يقارن البتة باستنفارهم في أفغانستان، فاليمن بالنسبة للأعداء كالذي هدّده الخطر داخل بيته، فهي في قلب الخليج، الذي يحتوي على أكبر مخزون نفطي في العالم. ولا نرى أن نزجّ أنفسنا وأهلنا في اليمن في هذا الأمر في هذا الوقت، قبل أن تتهيّأ الأوضاع، فنكون كالذي يبني في مجرى سيل، فإذا سال اجتاح ذلك البناء وأسقطه، ثم إذا ما أردنا بناء البيت مرة ثانية نفر الناس وانفضوا عن مساعدتنا في البناء. فإني أرى أن يبقى اليمن هادئًا، وإنا ندّخره كجيش احتياطي للأمة».
واقترح بن لادن التوسّط عند من سماهم «كبار العلماء وشيوخ القبائل في السعي للاتفاق على هدنة منصفة تساعد على استقرار اليمن، رغم علمنا أن علي عبد الله صالح قد لا يستطيع الموافقة على الهدنة، فإن رفضت الحكومة الهدنة، فسيظهر أنها هي المصرّة على تصعيد الأمور المؤدية للقتال، وأن أمرها ليس بيدها، وبذلك يكون تعاطف الشعب مع (المجاهدين) مستمرًا وبشكل أكبر، ويتحمل الخصم مسؤولية تبعات الحريق وليس نحن، ويظهر للناس أننا حريصون على وحدة الأمة الإسلامية وسلامة المسلمين بأسس سليمة».
ورأى بن لادن أن نظام صالح سيكون أفضل من النظام الذي سيرثه. وقال: «لا نرى التصعيد، لأننا ما زلنا في مرحلة إعداد. فليس من المصلحة التسرع في العمل على إسقاط النظام، فهو رغم ردّته وسوء إدارته، إلا أنه أخف ضررًا ممن تريد أميركا استبداله بهم، فعلي عبد الله صالح عاجز عن قمع النشاط الإسلامي. وكونه رجلاً غير إسلامي ومواليًا للغرب، كان بمثابة مظلة للنشاطات الإسلامية طيلة السنين الماضية، فاستفاد من ذلك (الإخوان) والسلفيون والسلفية الجهادية».
وأشار زعيم «القاعدة»، إلى أن استنزاف أميركا من خارج اليمن أفضل من الدخول في اشتباك معها على الأراضي اليمنية، التي اعتبرها أرض نصرة لعناصره للتوجه منها إلى الصومال أو العكس، لتنفيذ عمليات خارجية.
وحذر بن لادن واليه على اليمن «أبو عبد الله» من استهداف الجيش والشرطة في مراكزهم: «مع الإشارة في إصداراتنا وبياناتنا إلى أن مرادنا هو الأميركيون الذين يقتلون أهلنا في غزة وفي غيرها من بلاد الإسلام، والتأكيد على العسكر أن يحذروا ولا يكونوا دروعًا تحمي الصليبيين، فنحن لا بد سندافع عن أنفسنا إن تعرضوا لنا أثناء قتالنا للصليبيين».



«زينبيات» الحوثيين يُرغِمن يمنيات على فعاليات تعبوية وأنشطة لصالح «المجهود الحربي»

جانب من تجمع مسلَّحات حوثيات أثناء حملة تبرع للجبهات أطلقتها الجماعة في صنعاء (إكس)
جانب من تجمع مسلَّحات حوثيات أثناء حملة تبرع للجبهات أطلقتها الجماعة في صنعاء (إكس)
TT

«زينبيات» الحوثيين يُرغِمن يمنيات على فعاليات تعبوية وأنشطة لصالح «المجهود الحربي»

جانب من تجمع مسلَّحات حوثيات أثناء حملة تبرع للجبهات أطلقتها الجماعة في صنعاء (إكس)
جانب من تجمع مسلَّحات حوثيات أثناء حملة تبرع للجبهات أطلقتها الجماعة في صنعاء (إكس)

أرغمت الجماعة الحوثية مئات النساء والفتيات اليمنيات في 4 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، وريفها، وحجة، وإب، على حضور فعاليات تعبوية، ودفع تبرعات مالية وعينية، بزعم الدفاع عن غزة، ودعم ما تسمى «القوة الصاروخية» والطائرات المُسيَّرة، حسبما ذكرته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وكشفت المصادر عن تشكيل الجماعة -في سياق احتفالها بما تسمى «ذكرى ميلاد فاطمة الزهراء»- عشرات الفرق النسائية الميدانية، بموجب تعليمات مباشرة من زعيم الجماعة، لاستهداف اليمنيات وإجبارهن على المشاركة في الفعاليات التعبوية، ودعم المجهود الحربي.

الحوثيون يخضعون الفتيات لفعاليات تعبوية ذات صبغة طائفية (إعلام حوثي)

وبموجب التعليمات، شرعت كتائب الأمن النسائية الحوثية (الزينبيات) بتنظيم أول أنشطتها؛ إذ نظمت بصنعاء وريفها في يوم واحد نحو 6 فعاليات بطابع طائفي، لإحياء المناسبة، وجرى خلالها دعوة النساء للتبرع، وحث أبنائهن على التوجه إلى الجبهات.

ووفقاً لوكالة «سبأ» بنسختها الحوثية، سيَّرت ما تسمَّى «الهيئة النسائية» للجماعة بصنعاء، قافلة نسوية مالية وعينية، تقدر قيمتها بنحو 100 ألف دولار (الدولار يعادل 530 ريالاً يمنياً في مناطق سيطرة الحوثيين) بزعم دعم ما تسمى القوة الصاروخية، والقوة البحرية، والطيران المُسيَّر.

وتحدثت نساء في أحياء وقرى عدة في صنعاء وريفها لـ«الشرق الأوسط»، عن قيام «الزينبيات» بزيارات مباغتة إلى منازلهن لحثهن على المشاركة مع أفراد أسرهن في إحياء المناسبة ذات الصبغة الطائفية، ومطالبتهن بتقديم ما لديهن من مال وحُلي، بزعم مناصرة غزة، والوقوف في وجه الاعتداءات الأميركية والإسرائيلية.

وتحدث بعض النساء عن وسائل ترهيب وترغيب وتهديد بالحرمان من أقل الحقوق والخدمات، استُخدمت من قبل مشرفات حوثيات أثناء تحشيد النساء والفتيات.

الحوثيون يرغمون النساء اليمنيات على حضور فعاليات ودفع تبرعات للجبهات (إعلام حوثي)

وروت أم عبد الله -وهي ربة منزل في حي القاع بمدينة صنعاء- أنها أُرغِمت ونساء أخريات في الحي الذي يقطنَّه على المشاركة قسراً في مناسبة حوثية هدفها «التحشيد الطائفي» وتقديم الدعم للجماعة.

وأبدت استياءها البالغ من لجوء الجماعة إلى فرض إتاوات جديدة على النساء، بزعم تمويل فعاليات نسوية ظاهرها دعم غزة ولبنان بالقوافل، وباطنها تمويل المجهود الحربي، مع تجاهل الظروف المعيشية والمادية الصعبة التي يعانيها أغلب السكان.

استهداف مُكثف

شمل التحرك الميداني لمجندات الحوثي مدينة حجة (مركز المحافظة) الواقعة شمال غربي اليمن، ومديريات أفلح الشام وكحلان الشرف ومبين والشغادرة والمحابشة، كما تواصل ما تسمى «الهيئة النسائية» و«كتائب الزينبيات» استهداف الأمهات وربات البيوت بمناطق متفرقة في محافظة إب اليمنية (وسط اليمن) بحملات «التطييف» وجمع التبرعات، ووفقاً للذريعة نفسها.

واتهمت نساء يمنيات يقطنَّ مديرية الظهار في إب، شاركن في فعالية حوثية، قادة الجماعة، باستغلال القضية الفلسطينية ومعاناة وأوجاع السكان بالمحافظة، وتكوين ثروة هائلة من التبرعات التي يفرضونها على اليمنيين.

«زينبيات» يرفعن أسلحة تظهر عليها شعارات الحوثيين في صنعاء (إكس)

وجاء استهداف الجماعة الحوثية للنساء بمناطق سيطرتها متزامناً مع مواصلة ارتكابها جرائم وتعسفات متنوعة بحقهن، وسط استمرار المنظمات الدولية والمحلية في إطلاق النداءات الإنسانية المتكررة لوقف هذه الانتهاكات.

وفي تقرير لها، وثقت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات» نحو 10 آلاف و156 انتهاكاً، ارتكبتها الجماعة الحوثية بحق النساء اليمنيات في 18 محافظة، خلال الفترة من سبتمبر (أيلول) 2016 وحتى مارس (آذار) الماضي.

ووفقاً لـ«الشبكة»، فقد قتلت الجماعة بتلك الفترة 2786 امرأة، وأصابت 4369 أخريات بطرق متنوعة، مثل القصف بالمدفعية وصواريخ «الكاتيوشا»، وانفجارات الألغام والعبوات الناسفة، وأعمال القنص المتعمدة، وإطلاق النار العشوائي على الأحياء السكنية.