قبائل الطوق حول صنعاء ترفض الاستجابة لطلب صالح والحوثيين التصدي لقوات الشرعية

قائد مقاومة صنعاء يدعو إلى الحسم العسكري وإسقاط «المشروع الفارسي»

طلب الميليشيات الانقلابية قوبل بالرفض. أحد تلك اللقاءات عقد في منطقة بني الحارث في شمال صنعاء (رويترز)
طلب الميليشيات الانقلابية قوبل بالرفض. أحد تلك اللقاءات عقد في منطقة بني الحارث في شمال صنعاء (رويترز)
TT

قبائل الطوق حول صنعاء ترفض الاستجابة لطلب صالح والحوثيين التصدي لقوات الشرعية

طلب الميليشيات الانقلابية قوبل بالرفض. أحد تلك اللقاءات عقد في منطقة بني الحارث في شمال صنعاء (رويترز)
طلب الميليشيات الانقلابية قوبل بالرفض. أحد تلك اللقاءات عقد في منطقة بني الحارث في شمال صنعاء (رويترز)

كشفت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن فشل لقاءات جمعت ممثلين للحوثيين والمخلوع صالح بمشايخ قبائل وشخصيات اجتماعية من القبائل المحيطة بصنعاء، وبأن المتمردين يسوقون ويروجون لأفكار طائفية ومناطقية، بأنهم يقدمون عروضا مغرية للأطراف القبلية، تتمثل في أموال وأسلحة ومناصب، في الوقت الراهن وفي المستقبل، إذا ما ظلت صنعاء صامدة ولم تسقط بيد الشرعية. وقالت المصادر بأن طلب الميليشيات الانقلابية قوبل بالرفض. أحد تلك اللقاءات عقد في منطقة بني الحارث في شمال صنعاء.
وأشارت المصادر إلى أن المتمردين يطالبون القبائل بتجنيد عدد أكبر من المقاتلين، بمن فيهم طلاب المدارس والأطفال، للمشاركة في القتال، إضافة إلى مطالبتهم بخروج مسيرات كبيرة في ضواحي صنعاء لإدانة قصف طيران التحالف وللتنديد باقتراب قوات الشرعية، وكذا التهديد بأعمال انتقامية وعمليات خطف وغيرها من الأعمال التي تؤدي إلى اضطرابات في مناطق الطوق.
وذكرت المعلومات أن هذه اللقاءات سعت إلى الحصول على تأييد من القبائل لما سمي النفير العام، وذلك بعد أن أدركت الميليشيات خطورة اقتراب قوات الشرعية من العاصمة. وقد لجأت الميليشيات إلى الاستعانة ببعض الوجاهات الاجتماعية لنقل بعض الرسائل والمطالب إلى القبائل، غير أن معظم الوجاهات الاجتماعية المعروفة في الصفين الأول والثاني، رفضت القيام بما طلب منها، الأمر الذي دفع المخلوع إلى الاستعانة بأحد قيادات حزبه للقيام بهذا الدور، وهو ما يعتبر «عيبا» في العرف القبلي.
وقالت المصادر إن معظم القبائل تحجم عن الانصياع لمطالب الحوثيين وصالح، رغم العروض والإغراءات، وإن الحوثيين عبروا، بطرق غير مباشرة، عن أسفهم لاستهداف بعض المناطق القبلية حول صنعاء وبرروا ذلك بأنه كان يستهدف القيادات والشخصيات الموالية للشرعية.
في المقابل، أكدت مصادر قيادية في المقاومة الشعبية أن مناطق الطوق للعاصمة ومحافظة صنعاء لا تمثل حاضنة اجتماعية للمتمردين الحوثيين أو لفكرهم الدخيل على المجتمع اليمني المتعايش، وقالت هذه القيادات لـ«الشرق الأوسط» إن المقاومة تتلقى، يوميا، تأييدا من زعامات قبلية من مختلف المستويات، وإن ظروف سيطرة وهيمنة الميليشيات على الكثير من المناطق، تمنع أي تحركات معلنة ومؤيدة للشرعية، وأشارت إلى أن تقدم قوات الشرعية سوف يسهم في إزالة الكثير من العوائق، وإلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورات مهمة على صعيد مواقف القبائل المحيطة بصنعاء وستظهر مواقفها الحقيقية، خاصة بعد ما تعرضت له هذه القبائل من بطش على يد الميليشيات.
وأشار الناشط السياسي محمد مبخوت إلى أن دعوة صالح والحوثيين للقبائل للدفاع عنهم «كشفت عن إفلاس وعن نهاية وشيكة للانقلابيين وانتهاء لمشروعهم الفوضوی، خاصة مع وصول طلائع قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية إلى قرب صنعاء».
وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الدعوة «تأتي بعد أن استنفد الانقلابيون كل قواهم من جيش ومال ونفوذ وتهديد وقتل»، معتبرا «اللجوء، حاليا، إلى ورقة القبيلة غير مجد، خاصة أن قبائل اليمن لم تعرف من الانقلابيين سوى النهب والقتال والتشريد والقتل». وأن «الدعوة كشفت زيف تباهي النظام بقدرته على القتال 11 عاما».
قال الشيخ منصور الحنق، رئيس المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية في محافظة صنعاء إن المقاومة الشعبية وقوات الجيش الوطني باتت على تخوم أحد أبواب العاصمة صنعاء، وعلى أبواب عدة مديريات، وأكد أن «الانقلابيين المجرمين ليس لهم أي حاضنة في صنعاء ولا يوجد طرف ثالث أو فئة صامتة كما يروج له الانقلابيون من خلال أدواتهم المستترة بقماشة الحياد الزائفة»، وأن «أبناء صنعاء لا يعرفون الحياد في وجه الانقلابيين ومشروعهم الدموي».
وأضاف الحنق، في بيان صادر عنه وحمل عدة رسائل لقيادة الشرعية والتحالف والانقلابيين وقوات الجيش الوطني والمقاومة وأبناء القبائل وسكان صنعاء، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن الانقلابيين في تحالف الحوثي – صالح يسعون إلى إطالة فترة عملية التحرير، وذلك لـ«إنتاج أنفسهم ومشروعهم الفارسي المتطرف من جديد وبوجوه أخرى»، داعيا إلى حسم المعركة و«المضي بإصرار ودراية وسرعة نحو استبعاد الانقلابيين من مناصب الدولة وتعيين كفاءات الشرعية والمقاومة لأن ذلك يسهل ويعجل من تحرير البلد وضبط إدارتها وأمنها وبسط نفوذ سلطتها».
وخاطب الحنق أبناء القبائل في محافظة صنعاء وأمانة العاصمة بتحية صمودهم والقول: «قادمون يا صنعاء ومعنا الحياة والنور والنازحون والإغاثة والجرحى والعلاج وتضحيات الشهداء ومجد الوطن.. قادمون يا أهلنا في صنعاء قادمون بمشروع دولة النظام والقانون والنهضة بإذن الله». ودعاهم إلى الاستعداد لـ«الاحتفال بالتحرير بالحياة بالمجد بالنهضة بكل شيء جميل وذلك بفضل الله ثم بتضحيات أبنائكم ودعم إخوانكم وأشقائكم وأصحاب مشروع الحياة والعدالة على مجمل بقاع الكرة الأرضية».
وفي مخاطبته للانقلابيين. أشار الحنق إلى «أننا أحرص الناس على سلامة صنعاء وأهلها وعلى عودة الشرعية دون حرب ونتمنى من الانقلابيين ومن يدعو منهم إلى الحوار المصداقية لتجنيب صنعاء الحرب بالشروع في إخراج الميليشيات التي جاءت من صعدة ومحافظات أخرى وارتكبت أبشع الجرائم ضد الإنسانية بحقنا وبحق أبناء صنعاء واليمنيين عامة، وتجنيب صنعاء الحرب يكون بتسليمها للشرعية دون تلاعب إن كنتم صادقين ما لم فمواكب التحرير قادمة لتعيد الحياة والأمن لليمنيين قاطبة».
في هذه الأثناء، تبذل قيادات الميليشيات الحوثية والقيادات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في حزب المؤتمر الشعبي العام، هذه الأيام، جهودا ومساعي لدى مشايخ القبائل والشخصيات الاجتماعية في مناطق الطوق المحيطة بالعاصمة صنعاء، سواء التي تتبع أمانة العاصمة، أو صنعاء المحافظة إداريا، وذلك من أجل كسب ودها والدفع بها للتمترس والقتال، وذلك مع اقتراب قوات الشرعية، ممثلة في الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من العاصمة، حيث باتت على بعد عشرات الكيلومترات من العاصمة من الجهة الشمالية الشرقية.
وتتقدم قوات الشرعية صوب صنعاء من جهة مديرية نهم، في شمال شرقي العاصمة صنعاء، وباتت هذه القوات تسيطر على أهم منطقة في المديرية وهي «فرضة نهم» ومعسكرها، وتسعى هذه القوات إلى السيطرة على نقيل بن غيلان الجبلي الشاهق، كما تتقدم قوات الجيش الوطني والمقاومة صوب مديرية أرحب، وهي واحدة من أبرز المديريات في محافظة صنعاء، التي تناهض الميليشيات الحوثية وتعرضت قياداتها القبلية والسياسية ومواطنوها لأصناف شتى من الانتهاكات على يد الميليشيات، وفي الجهة الجنوبية الشرقية، تسعى قوات الشرعية إلى فتح طريق من مديرية صرواح بمحافظة مأرب، صوب مديريتي خولان وسنحان في جنوب العاصمة، وفي سياق حالة الإرباك التي تجتاح الميليشيات الحوثية مع اقتراب عملية تحرير صنعاء، تؤكد المصادر أن الميليشيات تواصل سحب الكثير من المقاتلين من جبهات القتال في تعز وغيرها من المناطق، لتعزيز وضعها العسكري حول العاصمة.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.