قادة الميليشيات الانقلابية تتلقى صفعة أخرى من جنيف

رئيس الحكومة الأسبق يخرج عن صمته ويعد ما حدث انقلابًا كاملاً على الشرعية

قادة الميليشيات الانقلابية تتلقى صفعة أخرى من جنيف
TT

قادة الميليشيات الانقلابية تتلقى صفعة أخرى من جنيف

قادة الميليشيات الانقلابية تتلقى صفعة أخرى من جنيف

صفعة أخرى تلقاها الرئيس المخلوع وأتباعه من العاصمة السويسرية جنيف. وجاءت هذه المرة من رئيس الحكومة الأسبق، الدكتور علي مجور، مندوب اليمن الدائم في المقر الأوروبي للأمم المتحدة، الذي وصف صالح بـ«المخلوع»، متهما إياه بقيادة انقلاب على الرئيس هادي.
واعتبر سياسيون يمنيون إعلان القيادي في المؤتمر الشعبي العام، رئيس الحكومة الأسبق، الذي كان قد أصيب في حادثة جامع النهدين مع الرئيس صالح وشخصيات أخرى مقربة في 3 يونيو (حزيران) 2011، بمثابة خطوة مفاجئة لقادة الميليشيات الانقلابية.
وقال رئيس الحكومة الأسبق، في كلمته التي ألقاها في الدورة «31» لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، بأن «العالم يتذكر كيف انقلبت ميليشيات الحوثي وصالح على كل الاتفاقيات الوطنية والتفاهمات السياسية وعلى الشرعية، ابتداء من القيام باحتجاجات مزعومة حول أسعار المشتقات النفطية ودخولهم المسلح إلى صنعاء، مرورا بالاستيلاء على السلطة واستهداف وحصار قيادات الدولة وعلى رأسهم رئيس الجمهورية الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء منذ 9 يناير (كانون الثاني) ومنع كل تواصل معهم، معرضين حياتهم ومعهم بقية الحكومة إلى خطر الموت في كل لحظة».
وقال المحلل السياسي اليمني، رئيس مركز «الجزيرة للدراسات»، نجيب غلاب، لـ«الشرق الأوسط»: «الحوثية هي بنت حزب الله وصورة الحزب الإرهابية في اليمن، وكلاهما أدوات لخدمة الأجندات الإيرانية في المنطقة العربية. ولم يعد خطاب مقاومة حزب الله ذات جدوى في التعبئة وتغطية طبيعة الحزب ووظيفته، وإسرائيل نفسها لا تتعامل مع حزب الله باعتباره تهديدا جديا لأمنها وإنما يمثل عاملا إيجابيا ومفيدا لإسرائيل».
وأشار مجور، في كلمته، إلى أن «ما يجري في اليمن ليس اختلافا في وجهات النظر السياسية كما يعتقد البعض، بل إن ما حدث هو انقلاب كامل على الشرعية وعبر ميليشيات مسلحة مدعومة من بعض الوحدات المتمردة من الجيش والأمن».
وتطرق إلى حجم المأساة التي يعيشها اليمن جراء الانقلاب العسكري الذي قامت به ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وحجم الكارثة التي منيت بها، جراء الانقلاب وعمليات الميليشيات التابعة لهم في تدمير كل ما يمكن تخيله باليمن، من بنى أساسية، ومن مؤسسات واستيلاء على البنوك والمال العام ومصادرة للحريات وانتهاك لكل القيم الإنسانية.
وأوضح أن أسوأ جرائمهم هو ما يقومون به من عمل ممنهج لتمزيق النسيج الاجتماعي وتفتيت لبنية المجتمع وتعزيز خطاب الكراهية والعنصرية وتشجيع للإرهاب ودعم لقوى التطرف.
واستعرض جملة من الانتهاكات والممارسات التي نفذتها ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، وشنها حربا على بقية المدن حتى وصولها إلى عدن، والعمل على فتح حرب شاملة على المدن اليمنية، خصوصا عدن وتعز والضالع ولحج والبيضاء ومأرب وتدمير البنى المختلفة في هذه المدن.
ولفت إلى تدخل رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي وطلبه من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ومن الجامعة العربية والمجتمع العربي سرعة وقف حالة الدمار والانتقام التي تشنها قوات الانقلاب التي عملت على قصف المدن وضرب المدنيين وتدمير البنية الأساسية وقامت بحملات واسعة لخطف السياسيين وتغييبهم في أماكن مجهولة.
وأكد استجابة المجتمع الدولي ودعم قوى الشرعية بقوى التحالف العربي والدعم الدولي الذي بدأ في 27 مارس (آذار) 2015، أي بعد ستة أشهر كاملة من الانقلاب الدموي للحوثي وعلي عبد الله صالح باليمن، وبعد شهرين من الحرب الشاملة التي شنتها هذه الميليشيات على كل مدن اليمن.
وتحدث مجور إلى ما مارسته القوى الانقلابية من جرائم حرب حقيقية، كما هي الحال في حصارها لمدينة تعز منذ عشرة أشهر، معرضة نصف مليون نسمة على الأقل لموت حقيقي، وارتكابها واحدة من أكبر جرائم تجنيد الأطفال في العالم بشكل مستمر وممنهج وتعمل على حصار المدن بحقول الألغام، ويوميا ترتكب جرائم ضد الإنسانية بشكل لم يسبق له مثيل.
وأردف قائلا: «تحولت صنعاء إلى مدينة مليئة ببيوت الأشباح التي يختطف إليها المئات من الناشطين السياسيين والشباب، وأغلقت كل الوسائل الإعلامية المستقلة والمواقع الإلكترونية التي تعارض الانقلاب، كما أغلقت كل القنوات الفضائية ومكاتب الصحافة المستقلة في واحدة من أكبر موجات الهجوم على حريات الرأي والتعبير بالعالم».
وأكد مجور أن حل إشكالية اليمن لن يتم إلا عبر تطبيق القرارات الدولية وعودة كافة مؤسسات الدولة إلى الشرعية، والبدء في تسلم الحكومة الوطنية لكل المؤسسات والشروع بعودة مؤسسات الدستور، وقيام الحكومة بواجبها في نقل اليمن من المرحلة الانتقالية المؤقتة إلى الدولة المستقرة وعلى أسس الحوار الوطني الشامل الذي ارتضاه شعبنا ومرتكزات العملية السياسية القائمة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن خصوصا القرار «2216» ومخرجات الحوار الوطني الشامل.
وعن إعلان الدكتور مجور المناوئ للانقلابيين قال غلاب: «الدكتور مجور مؤيد للشرعية، ورجل دولة محترم، ولا يمكنه أن يؤيد انقلاب الميليشيات».
وقال المتحدث الرسمي للمقاومة الشعبية الجنوبية، علي شايف الحريري، إن قرار مجلس التعاون الخليجي القاضي بوضع حزب الله في قائمة المنظمات الإرهابية قرار صائب طال انتظاره، خصوصا بعيد تبني الحزب أعمالا إرهابية في عدة دول عربية وعلى رأسها اليمن.
وأضاف الحريري، لـ«الشرق الأوسط»، حزب الله اللبناني تقوده إيران لزعزعة الأمن القومي العربي، مؤكدا أن الحزب ليس له من اسمه ووظيفته شيئا، فالواقع أنه بات ذراعا عسكرية لدولة أجنبية، ومن خلاله قدر لإيران التدخل في شؤون الدول العربية، بدءا من العراق وسوريا ولبنان واليمن ودول الخليج، وحتى تلك البعيدة جغرافيا، مثل مصر التي ضبطت قبل بضع سنوات شبكة تجسس تعمل لمصلحة حزب الله وهدفها الإضرار بأمن مصر.
وتابع: «وصل هذا الحزب الإرهابي ذروة تدخله في اليمن الذي اعتبرته إيران هدفا استراتيجيا، وعملت منذ سنوات في التخطيط للوصول إلى باب المندب وعدن وحضرموت، والسيطرة على الممر المائي، لتضع يدها على باب المندب أهم ممر بعد قناة السويس، ليسهل عليها زعزعة أمن الخليج ومصر والمنطقة عموما».
وأكد الحريري أن وجود قوة عربية بقيادة السعودية وضعت حدا لتدخلات الإيرانية في المنطقة على يد حزب الله والحوثيين والعملاء الذي يتم تجنيدهم للعمل على زعزعة الأمن.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».