روسيا تعزز قواتها في سوريا بقدرات استطلاعية حديثة تراقب وقف إطلاق النار

سفينة إنزال روسية تصل إلى ميناء طرطوس وأخرى قريبة منه محملة بالعتاد الحربي

روسيا تعزز قواتها في سوريا بقدرات استطلاعية حديثة تراقب وقف إطلاق النار
TT

روسيا تعزز قواتها في سوريا بقدرات استطلاعية حديثة تراقب وقف إطلاق النار

روسيا تعزز قواتها في سوريا بقدرات استطلاعية حديثة تراقب وقف إطلاق النار

قال مصدر عسكري - دبلوماسي روسي إن سفينة الإنزال الكبيرة «نوفوتشيركاسك» ستصل اليوم، 4 مارس (آذار)، إلى قاعدة الدعم التقني البحرية الروسية على ميناء طرطوس في سوريا.
ونقلت وكالة «تاس» عن المصدر قوله إن سفينة الإنزال ستصل إلى سوريا في هذا الموعد، إلا إذا حالت الظروف الجوية دون ذلك، مشيرًا إلى أنها تحمل على متنها مواد ومؤنا للقوات الجوية الروسية في مطار حميميم في اللاذقية، دون أن يفصح عن طبيعة تلك المواد. وأوضح المصدر العسكري الروسي أن المهمة الحالية لسفينة الإنزال هي جزء من مهام دورية مخطط لها تقوم بها سفن روسية ضمن ما أطلق عليه «الجسر البحري» الذي افتتحته روسيا منذ بداية عمليتها الجوية في سوريا، بغية ضمان الإمدادات بالعتاد الحربي والمؤن للقوات العاملة في تلك القاعدة. وأضاف أن سفينة «نوفوتشيركاسك» ستفرغ حمولتها في طرطوس وتتزود بالماء والوقود، لتبحر بعد ذلك عائدة إلى قاعدتها في ميناء نوفوروسيسك، مؤكدًا أن سفينة إنزال أخرى محملة بالعتاد الحربي ستحل محلها، ويقصد على الأرجح أن سفينة محملة بالعتاد الحربي ستتجه قريبا نحو ميناء طرطوس.
في السياق ذاته، واصلت روسيا تعزيز القدرات العسكرية لقواتها في سوريا، وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في وقت سابق أنها أرسلت إلى القاعدة الجوية الروسية في مطار حميميم مطلع الشهر الحالي، عددًا إضافيًا من طائرات الاستطلاع دون طيار، ومحطتين راداريتين حديثتين، بهدف تكثيف عمليات مراقبة الهدنة وتحديد المناطق التي تشهد انتهاكًا لوقف إطلاق النار. وأوضحت وزارة الدفاع الروسية أنه تم نصب هذه المنظومات الرادارية مؤخرًا في مطار حميميم، وهي تتمتع بقدرات على رصد الأهداف صغيرة الحجم، فضلا عن قدرتها على الكشف عن مصادر القصف المدفعي. وبغية تحديد مصادر القصف باستخدام راجمات الصواريخ والمدفعية من كل الأنواع، أكدت وزارة الدفاع الروسية نشر منظومتي استطلاع خاصة لرصد حالات القصف بهذه الأنواع من الأسلحة، الأمر الذي سيساهم، حسبما ترى موسكو، في رصد أكثر دقة لحالات انتهاك وقف إطلاق النار، والمنطقة التي يصدر منها القصف.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تعزز فيها روسيا قدراتها العسكرية في سوريا منذ بدء عمليتها العسكرية الجوية هناك نهاية سبتمبر (أيلول) 2015. فبالإضافة إلى 50 طائرة مقاتلة ومروحية في القاعدة، قررت روسيا نصب منظومة الدفاع الجوي المتطورة «إس - 400» في إطار إجراءات اتخذتها للرد على إسقاط تركيا لقاذفة روسية من طراز «سو - 24»، وللحيلولة دون تكرار حوادث كهذه، وفق ما تؤكد وزارة الدفاع الروسية. وفي مطلع فبراير (شباط) الماضي، انضمت أربع من أحدث المقاتلات الروسية من طراز «سو - 35 إس» إلى القوة الجوية التي تقوم بتنفيذ الضربات في سوريا. ومؤخرًا أرسلت روسيا طائرة استطلاع حديثة من طراز «تو 214 إر»، إلى سوريا، وهي طائرة مزودة بأحدث المعدات الإلكترونية والمسح الضوئي. وكل هذه الخطوات أتت إما في سياق ما تقول روسيا إنها إجراءات ضرورية لتعزيز أمن القوة الجوية الروسية العاملة في مطار حميميم، أو بغية عمليات مراقبة وقف إطلاق النار في سوريا التي دخلت حيز التنفيذ في 27 فبراير (شباط) الماضي بموجب اتفاق أميركي - روسي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.