الأمم المتحدة تتهم النظام بمنع وصول الأدوية.. ودي ميستورا {لا يضمن الهدنة}

ناشطون: قوات الأسد فجرت عدة أبنية في المنطقة الجنوبية الشرقية من الزبداني

الأمم المتحدة تتهم النظام بمنع وصول الأدوية.. ودي ميستورا {لا يضمن الهدنة}
TT

الأمم المتحدة تتهم النظام بمنع وصول الأدوية.. ودي ميستورا {لا يضمن الهدنة}

الأمم المتحدة تتهم النظام بمنع وصول الأدوية.. ودي ميستورا {لا يضمن الهدنة}

أعلنت الأمم المتحدة أن قوات الأسد «تمنع وصول الأدوية والمستلزمات الطبية إلى بعض المناطق المحاصرة التي تم الاتفاق عليها مسبقًا». وفي وقت تحدث فيه موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أمس، عن «تقدم واضح بشأن الهدنة في سوريا من دون أن يكون نجاحها مضمونًا»، اتهمت المعارضة السورية، قوات النظام بشنّ هجوم عنيف على مواقعها قرب الحدود التركية وفي محيط بلدتي الزبداني ومضايا المحاصرتين في ريف دمشق، ما قد يحول دون إمكانية انطلاق محادثات السلام برعاية الأمم المتحدة في الموعد المقرر لها في التاسع من مارس (آذار) الحالي.
وقال دي ميستورا، أمام وسائل الإعلام في ختام لقاء لمجموعة العمل حول المساعدة الإنسانية، أمس، إن «الوضع الميداني يمكن تلخيصه بأنه هش، وإن نجاح وقف (الأعمال العدائية) ليس مضمونا، لكن هناك تقدما واضحا، وعليكم أن تسألوا السوريين»!
ويبدو أن ما قاله دي ميستورا عن عدم ضمانة استمرار وقف الأعمال العدائية، تعرفه المعارضة التي شككت بالهدنة منذ اللحظات الأولى لسريانها، وفق تعبير عضو الهيئة العليا للتفاوض جورج صبرة، الذي لفت إلى أن «النظام السوري والروس وحزب الله مستمرون في خرق الهدنة منذ ساعاتها الأولى حتى الآن في الجنوب والشمال وريف دمشق وحمص وحتى في ريف اللاذقية».
وأكد صبرة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «طيران النظام مستمر في قصف مناطق المعارضة بالبراميل المتفجرة، حتى إنه استخدم غاز السارين في قصفه لمنطقة عربين في ريف دمشق، ومن الواضح أن الخروقات في تصاعد كبير، وبالتالي فإن شروط بدء المفاوضات في التاسع من الشهر الحالي غير متوفرة، وما دام أنه لم تتوفر شروط البندين 12 و13 من قرار مجلس الأمن الدولي (2254) فلا جدوى من أي عملية تفاوضية».
وكشف صبرة أن الهيئة العليا تبلغ الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف، ساعة بساعة، عن الخروقات وأنواعها وعدد الضحايا. ورأى أنه «إذا استمرت الأمور على هذه الحال فلن تنطلق المفاوضات، لأن الأسباب التي أدت إلى توقفها لا تزال قائمة».
من جهته، أكد نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، في مؤتمر صحافي عقده داخل مقر المنظمة الدولية في نيويورك أمس، أن «منظمة الصحة العالمية قدمت في الشهرين الماضيين 15 طلبًا إلى النظام لإرسال أدوية ومستلزمات طبية لما يقارب الـ2.5 مليون شخص في 53 منطقة محاصرة، يصعب الوصول إليها».
وأشار حق إلى أن «الأجهزة الأمنية لم تسمح بإدخال المواد الطبية التي تم الموافقة عليها سابقا». وقال إنَّ «النظام وافق على إرسال الأدوية والمستلزمات الطبية إلى دوما ومضايا والمعضمية في ريف دمشق، بينما لا تزال الطلبات الأخرى عالقة».
أضاف المسؤول الأممي أن «قوافل المساعدات المشتركة بين الوكالات الإنسانية ستتوجه إلى كفر بطنا شرقي الغوطة اليوم (أمس)، وهي تشتمل على مواد غذائية ومستلزمات صحية تكفي نحو عشرين ألف شخص، ومن المقرر أن تبدأ السبت المقبل (بعد غد) الجولة الثانية من القوافل المشتركة بين الوكالات الإنسانية إلى أربع مدن هي مضايا والزبداني والفوعة وكفريا».
وأوضح حق أن «الأمم المتحدة تواصل دعوة جميع الأطراف لضمان الوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين في جميع أنحاء سوريا، بشكل سريع وغير مشروط، ودون عوائق».
إلى ذلك، اندلعت أمس اشتباكات على أطراف مدينة الزبداني وبلدة مضايا في ريف دمشق الغربي الخاضعتين لسيطرة المعارضة والمحاصرتين، على أثر محاولة قوات النظام مدعومةً بعناصر حزب الله للتقدم والسيطرة على نقاط جديدة. وأفاد الناشط الإعلامي المعارض حامد الغربي، بأن مقاتلي المعارضة «تصدّوا لمحاولة للهجوم عند أطراف المنطقتين»، لافتًا إلى أن «قوات الأسد فجرت عدّة أبنية خالية من السكان في المنطقة الجنوبية الشرقية من الزبداني الخاضعة لسيطرتها»، معتبرًا أن «محاولة التقدم والتفجير تشكل خرقًا لوقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ منذ السبت الفائت».
إلى ذلك، كشف «مكتب أخبار سوريا» المعارض، عن «اجتماعات عقدت بين ممثلين لفصائل المعارضة ووجهاء أهالي بلدة قدسيا الخاضعة لسيطرة المعارضة شمال غربي مدينة دمشق، ولجنة المصالحة التي تتواصل مع النظام، خصصت لبحث ملف الهدنة في البلدة». وأشار المكتب إلى أن «المجلس المحلي المعارض في قدسيا نفى وجود أي جماعات متطرفة داخل قدسيا، وذلك ردًا على ما يروّج له النظام السوري».
بدوره أكد القيادي العسكري في الجيش السوري الحر، حسان أبو البراء، لـ«مكتب أخبار سوريا»، أن «فصائل الجيش الحر ملتزمة بوقف إطلاق النار، وهي تمارس ضبط النفس تجاه خروقات النظام في ريف حمص التي تزداد يومًا بعد يوم». وحذر من «نفاد صبر فصائل المعارضة وفشل الخطة الأميركية الروسية لوقف إطلاق النار، في حال لم تتوقف قوات النظام عن استهدافها بقذائف المدفعية الثقيلة والصواريخ المناطق المأهولة بالسكان ومقرات التشكيلات العسكرية المعارضة في ريف حمص»، مذكرًا بأن مناطق ريف حمص الشمالي «لا تحتوي على أي مقرات لجبهة النصرة أو تنظيم داعش اللذين لم يشملهما قرار مجلس الأمن لوقف الأعمال العدائية في سوريا».
وكان ناشطون معارضون وثّقوا خلال الأيام الأربعة الماضية أكثر من عشرين حالة خرق لوقف إطلاق النار من قبل جيش النظام في ريف حمص «أبرزها استهداف مدينة تلبيسة بقذائف الدبابات، ما أسفر عن سقوط جرحى مدنيين، وقرية تيرمعلة بالبراميل المتفجرة وقذائف المدفعية، ما أدى إلى سقوط قتلى من عناصر المعارضة».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.