واشنطن: متمسكون بسوريا موحدة وعلمانية

متحدث باسم الخارجية الأميركية: نتقصى الحقائق حول هجمات للنظام السوري بالأسلحة الكيماوية

واشنطن: متمسكون بسوريا موحدة وعلمانية
TT

واشنطن: متمسكون بسوريا موحدة وعلمانية

واشنطن: متمسكون بسوريا موحدة وعلمانية

وسط مخاوف من انهيار هدنة وقف إطلاق النار وتقارير عن انتهاكات يقوم بها النظام السوري ضد المدنيين، أكدت الخارجية الأميركية حدوث انخفاض «لا يمكن إنكاره» بشكل عام في الأعمال العدائية في سوريا، وانخفاض في عدد الضربات الجوية ضد المعارضة السورية والمدنيين عما كان من قبل إبرام اتفاق وقف الأعمال العدائية، وأشارت في الوقت نفسه إلى بحث وتقصي التقارير التي تحدثت عن هجمات تقوم بها دبابات النظام السوري ضد المدنيين في اللاذقية وحمص.
ورفض مسؤولو الخارجية الأميركية التقارير التي تحدثت عن خطط لتقسيم سوريا، مشيرين أن الولايات المتحدة وروسيا ومجموعة دعم سوريا اتفقوا على ضرورة بقاء سوريا موحدة وعلمانية كأساس لحل الصراع الدائر هناك.
وقال مارك تونر المتحدث باسم الخارجية الأميركية خلال المؤتمر الصحافي يوم الأربعاء «هناك تفسير خاطئ لتصريحات وزير الخارجية الأميركي أمام الكونغرس الأسبوع الماضي عندما حذر من انهيار سوريا كسيناريو لأسوأ الحالات، لكن هناك حقيقة واحدة هي اتفاق الولايات المتحدة وروسيا ومجموعة دعم سوريا على ضرورة بقاء سوريا موحدة وعلمانية كأساس لمحاولة حل الصراع الدائر في سوريا ونحن لا نزال نريد أن نراها هكذا».
ورغم عدم وضوح قدرة الولايات المتحدة أو روسيا على التحقق من الانتهاكات المرتكبة للهدنة، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية: «أعتقد أننا شهدنا انخفاضا عاما في مستوى العنف لا يمكن إنكاره، وانخفاضا في عدد الضربات الجوية ضد المعارضة السورية والمدنيين عما كان قبل إبرام اتفاق وقف الأعمال العدائية».
وحول شكاوى المعارضة من قيام النظام السوري بتكثيف الهجوم ضد المدنيين، قال تونر «نشعر بالقلق إزاء التقارير التي تتحدث عن هجمات للنظام السوري بالدبابات والمدفعية ضد المدنيين قرب اللاذقية وحمص وحماه وجميع أنحاء دمشق. ونحن نبحث في هذه الادعاءات وفي كل تقرير بشكل وثيق جدا ونتقاسم المعلومات مع الأعضاء الآخرين في مجموعة دعم سوريا، بما في ذلك روسيا وإيران، ونحث جميع الأطراف على الاستمرار في ضبط النفس».
وأشار المتحدث باسم الخارجية إلى تقارير تفيد بقيام الحكومة السورية باستخدام الأسلحة الكيماوية، وقال: «نحن على علم بهذه التقارير لكننا لا يمكننا تأكيدها، وسياستنا هي أننا ندين بشدة أي استخدام للأسلحة الكيماوية وهناك بعثة لتقصي الحقائق لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية للتأكد من المزاعم بشأن استخدام أسلحة كيماوية في سوريا، وإذا تم تحديد حادث معين فسيحال الأمر إلى آلية تحقيق أنشئت بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 2235 لمزيد من التحقق».
وحول الكيفية التي تقوم بها الخارجية بتقصي الحقائق والتأكد من وقوع الانتهاكات ومراقبة الهدنة، قال تونر «أول نوع من الرصد يتم عبر امتثال الأطراف نفسها وتقديم تقرير حين يرون انتهاكات تحدث، وهذه الأطراف هي الولايات المتحدة وروسيا، وأيضا من خلال الأمم المتحدة. ثم هناك شبكات ونقاط اتصال بين هذه الجهات المختلفة لتبادل المعلومات بسرعة حين يكون هناك تقارير موثوق بها حول الانتهاكات. ثم يتم تقرير كيف نرد على ذلك، ونقاط الاتصال هذه على اتصال مستمر مع بعضهم من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل».
وأضاف المتحدث باسم الخارجية أن المجموعات التي تراقب الهدنة هي مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة ومقرها جنيف ومجموعات أخرى (مراكز تنسيق)، في الأردن تضم عناصر من الولايات المتحدة وروسيا لرصد الانتهاكات والتأكد منها ثم محاولة التصدي لها.
من جانب آخر، أشار مسؤولو الخارجية الأميركية أنهم يعملون على حل المشاكل المتعلقة باللغة التي تواجه الخط الهاتفي الساخن الذي أنشأته لتلقي بلاغات السوريين حول انتهاكات هدنة وقف الأعمال العدائية في سوريا.
وكانت الخارجية قد أعلنت عن إنشاء خط هاتفي ساخن وبريد إلكتروني وخط رسائل صوتية عبر موقع غوغل وعبر بعض التطبيقات، لتلقي بلاغات السوريين حول وقوع انتهاكات للهدنة التي يتم التوصل إليها بين الولايات المتحدة وروسيا الأسبوع الماضي. وتم نشر أرقام الاتصال في مواقع مختلفة باللغتين العربية والإنجليزية. وشكا المتصلون أن الموظفين الذين تلقوا بلاغاتهم لم يفهموا بشكل جيد البلاغات.
وقال مارك تونر «إن بعض المتطوعين الذين يتلقون المكالمات الهاتفية لا يجيدون التحدث باللغة العربية بصورة كافية»، موضحا أنه «سيتم التأكد من معالجة هذا الأمر». وقال تونر «نعمل على تصحيح الأمر لأنه من المهم أن يكون لدينا من يتحدثون اللغة العربية ويكونون قادرين على تلقي المكالمات الواردة».
وأضاف تونر أن الخط الساخن تم إنشاؤه في وقت قصير جدا، وأن مهارات التحدث باللغة العربية لدى المتطوعين لم يتم فحصها بشكل صحيح.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.