رغم الحرب.. التعليم أولاً للطلاب السوريين

الجمل لـ «الشرق الأوسط» : لا تمييز في إعطاء الدروس.. ولبنان يتكفل بالتمويل

رغم الحرب.. التعليم أولاً للطلاب السوريين
TT

رغم الحرب.. التعليم أولاً للطلاب السوريين

رغم الحرب.. التعليم أولاً للطلاب السوريين

وسط العاصمة بيروت، وتحديدًا في «متوسطة ابتهاج قدورة الرسمية المختلطة»، يختلف يوم الطفلة السورية آمنة (ست سنوات) عن باقي زميلاتها، لا لشيء إلا لكونها لاجئة سورية وتتلقى تعليمها في المدارس اللبنانية، إذ منحتها وزارة التعليم اللبنانية الفرصة لأن تتلقى هي وكل من نزحوا وهربوا من الموت في سوريا وبقوا ببيروت لاستكمال تعليمهم.
ثلاثة أمور رئيسية تختلف في وجهة نظر آمنة التي تركت مدرستها في مدينة حلب السورية، فالمكان ليس هو المكان الرئيسي الذي تلقت فيه العلوم، إضافة إلى فقدانها لصديقاتها، والمنهج الدراسي الذي تعودت عليه، ناهيك عن الاختلاف في مواعيد استقبال المدارس لهم، إذ يبدأ الدوام المدرسي نحو منتصف اليوم، إلى نحو الساعة الخامسة مساء، ورغم الأزمة فإنها ما زالت تحتفظ ببراءة الطفولة، وتتطلع إلى مواصلة تحصيلها الدراسي، وحصد علامات كثيرة كي تنال الشهادة التعليمية، وهو ما بررته بأنها تحرص على الجلوس في الصفوف الأولى في الصف الدراسي، وعلى الرغم من عدم تلقيها تعاليم اللغة الإنجليزية مع بدء تعليمها الدراسي، فإنها أصبحت تتقن نطق بعض الكلمات باللغة الإنجليزية، وتجيد كتابتها، وإلى جوارها يقف زميلها حمود الذي تسببت الحرب في جمعهما مع بعضهما البعض في وسط بيروت، ويشير هنا إلى حقيبته التعليمية التي وزعتها الحملة السعودية لنصرة السوريين، مقدمًا شكره للسعودية على مساعدته في استكمال تعليمه.
وقال محمد الجمل الذي يشغل منصب رئيس منطقة بيروت التربوية وضواحيها: «إن المدارس في لبنان تستقبل نحو 90 ألف تلميذ سوري، في المراحل الدراسية كافة، وذلك عبر 12 مركزا دراسيا في بيروت تضم ستة آلاف طالب وطالبة».
وأضاف الجمل، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «المنهج الدراسي الذي يُدرس للطلاب السوريين هو المنهج اللبناني، ويقوم المعلمون اللبنانيون بتدريس الطالب السوري نحو 25 ساعة دراسية أسبوعيًا، بواقع خمس ساعات يوميًا، ووزارة التعليم اللبنانية تتكفل بالتعاون مع المفوضية بكل ما يستلزم في النواحي التعليمية»، موضحًا أن هناك جملة من التحديات التي تواجه تدريس الطلاب السوريين، تتمثل في أن التعليم اللبناني لا يقتصر على تعليم اللغة العربية وحدها، إضافة إلى وجود تلاميذ بحالة ذهاب وعودة بصفة مستمرة، مع ضعف الإمكانات المادية.
وأشار محمد الجمل إلى أن وزارة التعليم اللبنانية، استحدثت مرشدين تربويين في مجالات الصحة والعلوم النفسية، لمعالجة أي مشكلات للطلاب جراء فقدان بعض ذويهم، أو نشوء بعض المشكلات النفسية.
وشدد رئيس منطقة بيروت التربوية على عدم وجود تفرقة في إعطاء الدروس التعليمية، موضحًا أن الوزارة تتكفل بتعليم الطلاب السوريين وتقدم الخدمات التربوية بشكل مجاني، وأن التكاليف التشغيلية لتعليم الطالب السوري الواحد تقدر بنحو 600 دولار سنويًا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم