حزب الله أرسل عناصره بأمر طهران لتدريب الحوثيين لضرب دول الخليج

وثائق كشفت تورطهم بإدخال السلاح والمدربين

لم تستبعد وزارة الداخلية السعودية، وقوف ميليشيات الحوثي وتنظيم «حزب الله» في لبنان خلف عمليات تهريب المخدرات للبلاد.. ويبدو في الإطار كميات كبيرة من الأسلحة ضبطتها السلطات البحرينية عمدت إيران إلى تهريبها للمنامة لزعزعة استقرار البلاد
لم تستبعد وزارة الداخلية السعودية، وقوف ميليشيات الحوثي وتنظيم «حزب الله» في لبنان خلف عمليات تهريب المخدرات للبلاد.. ويبدو في الإطار كميات كبيرة من الأسلحة ضبطتها السلطات البحرينية عمدت إيران إلى تهريبها للمنامة لزعزعة استقرار البلاد
TT

حزب الله أرسل عناصره بأمر طهران لتدريب الحوثيين لضرب دول الخليج

لم تستبعد وزارة الداخلية السعودية، وقوف ميليشيات الحوثي وتنظيم «حزب الله» في لبنان خلف عمليات تهريب المخدرات للبلاد.. ويبدو في الإطار كميات كبيرة من الأسلحة ضبطتها السلطات البحرينية عمدت إيران إلى تهريبها للمنامة لزعزعة استقرار البلاد
لم تستبعد وزارة الداخلية السعودية، وقوف ميليشيات الحوثي وتنظيم «حزب الله» في لبنان خلف عمليات تهريب المخدرات للبلاد.. ويبدو في الإطار كميات كبيرة من الأسلحة ضبطتها السلطات البحرينية عمدت إيران إلى تهريبها للمنامة لزعزعة استقرار البلاد

لم يكن المشهد غريبا أو متفردا بأحداثه عما يدور في اليمن عن سائر الدول العربية، فاليمن وقبل أكثر من أربعة أعوام طاله التدخل الإيراني بكل أشكاله من المال والسلاح، إلى الحلقة الأهم والتي تعتمد عليها طهران في تنفيذ مخططاتها، بإيعاز من أذرعها المتمركزة في عدد من الدول العربية، للقيام بدور محوري مع بدء انطلاق شرارة الثورة اليمنية والمتمثلة في وضع الخطط وتدريب الأفراد وصناعة الصواريخ والمتفجرات.
ولعل ما يعرف بحزب الله كان الخيار الأبرز للعاصمة الإيرانية طهران، لتنفيذ هذه الأجندة منذ مطلع عام 2011، حيث كانت المنطقة العربية برمتها تعيش مرحلة حرجة من الصراعات والتدخلات، الأمر الذي سهل لعناصر حزب الله التنقل للوصول إلى القرن الأفريقي ومن ثم إلى قلب صنعاء، وهذا التنقل لم يكن مراقبا بحكم أن الحزب وعناصره لم يصنفوا في تلك المرحلة ضمن المنظمات الإرهابية.
وقبل انطلاق العناصر من الضاحية، وضع قيادات الحزب كل ما ورد إليهم من طهران أمام الخبراء الذين اختيروا بعناية، لتنفيذ وتطبيق هذه الأوامر على أرض الواقع، والاستفادة من الأموال التي أرسلتها إيران إلى قيادات حزب «أنصار الله» أو ما يعرف بميليشيا الحوثيين، التي وفرت الأرضية المناسبة لتدريب أفرادها وتطوير قدراتهم العسكرية في صناعة المتفجرات وأنواع مختلفة من الأسلحة، قبل إعلان الانقلاب الرسمي للحزب في مطلع 2015.
وكانت الرؤية واضحة أمام خبراء حزب الله لفرض واقع جديد في منطقة الشرق الأوسط، بعد أن تمكن الحوثيون من امتلاك مساحات شاسعة من الأراضي والممتلكات في كل المدن وتحديدا إقليم تهامة، نقطة الانطلاق ومنفذ الجماعة الرئيسي على البحر الأحمر، والذي من خلاله بدأ توافد عناصر حزب الله التي اتخذت من بعض القرى والمديريات بعيدا عن العاصمة مقرا لها في تدريب وتطوير القدرات.
في هذه الفترة، وبحسب مصادر عسكرية يمنية، لم تكن الصورة واضحة حول مدى تورط حزب الله في تقديم الدعم المالي واللوجيستي، إضافة إلى التدريب العسكري وصناعة المتفجرات التي أصبحت الميليشيا متخصصة فيها، خاصة أن البلاد كانت تعيش مرحلة التغيير الجذري في حكومتها بعد أن تصدر المشهد العام الرئيس الجديد لليمن عبد ربه هادي منصور، إذ كانت البلاد تعيش مرحلة تحول وتقلبات سياسية وعسكرية لم تمكنها من مراقبة الوضع الداخلي في ملاحقة هذه العناصر. وأجمع خبراء عسكريون على أن القدرة العسكرية التي كانت تمتلكها الميليشيا، قبل انطلاق «عاصفة الحزم» حتى بتحالفها مع الحرس الجمهوري الموالي لعلي صالح، لم تأتِ من فراع، إذ لم تمتلك الميليشيا هذه المقومات العسكرية التي تؤهلها للمواجهة ما لم يكن أفراد الميليشيا وقياداتها انخرطوا قبل الانقلاب العسكري في دورات عسكرية مكثفة، تمكنهم من الاستمرار في مواجهة المقاومة الشعبية التي ظهرت مع سقوط الجيش اليمني وخروج معظم قياداته من المشهد العام.
وفي أواخر مارس من العام الماضي 2015، بدأت تتوافر معلومات لقيادات في الجيش الوطني الذي بدأ يستعيد قدراته العسكرية مع رجوع عدد من الضباط إلى المهام العسكرية لمواجهة زحف الميليشيا والتي وصلت إلى العاصمة المؤقتة عدن بوجود عناصر من حزب الله تقوم بتدريب قيادات ميليشيا الحوثيين، وكانت هذه مجرد معلومات اعتمد عليها الجيش في مرحلة متقدمة لملاحقة ورصد وجود هذه العناصر على الأراضي اليمنية. وفي منتصف أكتوبر (تشرين الأول) 2015، كانت «الشرق الأوسط» تقوم بجولة صحافية في عدد من المدن اليمنية المحررة ومنها مأرب، والتقت حينها مع قيادات عسكرية رفيعة، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن تحقيقات أجرتها جهات عسكرية موالية للرئيس عبد ربه منصور هادي كشفت عن تورط قيادات لبنانية، تنتمي لحزب الله وأخرى إيرانية في تهريب كميات من الأسلحة قادمة من إيران عبر السواحل الشرقية والغربية لليمن، التي جرى الكشف عنها من خلال عملية استخباراتية نفذها أفراد من المقاومة الشعبية والجيش الوطني. وقال في حينها مسؤول عسكري لـ«الشرق الأوسط» إن الكميات التي ضبطت وجد عليها ما يشير لجهة التصنيع وتحمل شعار الدولة الموردة لميليشيا الحوثي وحليفهم علي صالح، إضافة إلى أن هذه الكميات كبيرة وتكفي لتسليح ألوية عسكرية بالمفهوم الحديث، ومن ضمنها صواريخ كاتيوشا وذخائر لأسلحة متنوعة، وهذه المعلومات التي حصل عليها الجيش كان مصدرها قيادات من ميليشيا الحوثيين الذين سقطوا أسرى لدى الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، إضافة إلى قيادات لبنانية وإيرانية، أقروا بتورطهم في تهريب السلاح لدعم الميليشيا.
وكانت هذه الواقعة أول عملية يتم الإعلان عنها بشكل رسمي، وانفردت بتناولها «الشرق الأوسط»، لتورط حزب الله في تأجيج الحرب من خلال دعم الميليشيا، وتوافق مع هذا الإعلان لقاء الأمين العام لحزب الله اللبناني مع الوفد الحوثي، قبل عدة أيام من هذه الواقعة، والتي نقل خلالها الوفد الحوثي كل التطورات الجارية في اليمن. كما نقلت مصادر أن اللقاء كان يتضمن العديد من النقاط الرئيسية، والتنسيق السياسي لمواكبة تطورات المنطقة، بعد دخول روسيا في العملية العسكرية.
وقال اللواء الركن الدكتور ناصر الطاهري، نائب رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة اليمنية، لـ«الشرق الأوسط»، إن ميليشيات الحوثيين والحرس الجمهوري منذ اللحظات الأولى وقبل عملية الانقلاب على الشرعية استعانت بقوى خارجية وتحديًدا طهران، وحزب الله الذين ضبطوا على الأراضي اليمنية وهم يقاتلون أو يقومون بعمليات استخباراتية وعسكرية لخدمة المصالح الإيرانية، لافتا إلى أن ميليشيا الحوثيين في الآونة الأخيرة وبعد تضييق الخناق عليها وسقوط العديد من الخبراء الذي قدموا لمساعدتها في قبض الجيش، استعانت بعناصر متعددة من جنسيات مختلفة، في محاولة منها لأن تعزز مواقفها العسكرية التي بدأت تنهار في الكثير من الجبهات خاصة جبهتي صعدة وصنعاء، وسعيها خلال هذه الأيام إلى جلب أعداد كبيرة للقيام بالأعمال العسكرية للدفاع عن المدينة.
ومع تطور الأحداث العسكرية، وتقدم الجيش الوطني على جميع الجبهات بدعم من قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، وتقهقر الميليشيا وتراجعها إلى صنعاء، بدأ يظهر على السطح وبشكل علني مدى تورط حزب الله في الحرب اليمنية، الأمر الذي دفع الميليشيا، وفقا لمصدر عسكري، للتفكير جديا في تهريب الخبراء والقيادات العسكرية الكبيرة ومنها بحسب مصادر مطلعة عناصر من حزب الله، من خلال إصدار تأشيرات مزورة من الحديدة التابعة إقليميا لإقليم تهامة، بأسماء مزورة، مستغلة في ذلك سيطرتها على إدارة الجوازات ومركز المعلومات في صنعاء، من خلال قوارب صغيرة ترسو في مواني إقليم تهامة التي تسيطر عليها الميليشيا.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.