رصد مخططات إرهابية محورها الرئيس المخلوع

تنظيم القاعدة يعمل وفق منهج يتطابق مع الأجندة الحوثية في اليمن

رصد مخططات إرهابية محورها الرئيس المخلوع
TT

رصد مخططات إرهابية محورها الرئيس المخلوع

رصد مخططات إرهابية محورها الرئيس المخلوع

رصدت الأجهزة المختصة في اليمن مخططات إرهابية في محافظة شبوة، عمادها المال وقوة السلاح المنتشر في طول البلاد وعرضها، أما محورها فهو الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح.
وأكدت المعطيات العسكرية التي تم توفيرها والتثبت من مصداقيتها حتى الآن، أن تنظيم القاعدة يعمل بطريقة مطابقة لعمل الميليشيات الحوثية في الشمال، حيث ظهرت جميع المؤشرات التي تؤكد تسليم معسكرات بكامل عتادها لتنظيم القاعدة بصورة مشابهة لتسلم الميليشيات للمعسكرات في صنعاء قبيل سقوطها العام الماضي.
وفي هذا الشأن، أبلغ «الشرق الأوسط» عبد الله النسي، محافظ شبوة، خلال اتصال هاتفي معه أمس، أن تنظيم القاعدة الذي تم رصد تحركاته على الأرض في شبوة، وغيرها من المحافظات في المناطق الجنوبية من اليمن، يعمل وفق منهج يتطابق تماما مع الأجندة الحوثية التي صنعت بالتحالف مع الرئيس المخلوع حالة من الدمار الشامل في شمال اليمن وجنوبه منذ الاستيلاء على السلطة واغتصابها رغم وجود سلطة شرعية.
وشدد محافظ شبوة على أن تنظيم القاعدة وعلي عبد الله صالح وجهان لعملة واحدة، وقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك وجود «القاعدة» وتمددها في الأماكن التي يتم تحريرها وطرد ميليشيات صالح والحوثي منها.
وركز على أهمية الوضوح والشفافية والتركيز على المصداقية في إظهار الوضع الراهن في شبوة، واصفا ما يحدث مع تنظيم القاعدة بأنه متطابق مع ما حدث مع الميليشيات الحوثية التي سقطت على يدها العاصمة بعد سيطرة أسلحتها الخفيفة على معسكرات مدججة بالأسلحة الثقيلة، في إشارة منه إلى أن تسليم المعسكرات لم يتم إلا تنفيذا لأوامر قيادات عسكرية موالية للرئيس المخلوع.
وقال النسبي إن المحافظات الجنوبية التي خرجت منها الميليشيات الحوثية والعفاشية الموالية للرئيس المخلوع سلمت جميع ألويتها العسكرية بكامل عتادها لتنظيم القاعدة، وهو ما يعني أن الرئيس المخلوع باشر على أرض الواقع صناعة مشكلة جديدة ستخلف المزيد من العقبات أمام السلطة الشرعية للبلاد.
وركز على أن هذه الإجراءات تؤكد وجود مخطط شيطاني آخر من قبل علي عبد الله صالح الذي يوجه تنظيم القاعدة ويعطيه شارات البدء للوجود في الأماكن التي انسحب منها كي يضع اليمن في مأزق آخر بعد التخلص من الميليشيات الحوثية المدحورة في أغلب أرجاء البلاد نتيجة خيباتها المتتالية في العديد من المعارك الأخيرة.
وذهب محافظ شبوة إلى أن المناطق الجنوبية مستهدفة وتسير وفق مخطط خفي لا تعرف تفاصيله حتى الآن، لكن الشواهد تؤكد وجوده، فمنذ شهر أغسطس (آب) ومحافظة شبوة لا تتسلم أي دعم، رغم تجنيد ثلاثة ألوية دون وجود أي نوع من الدعم العسكري أو المالي، فقط توجد ثلاثة ألوية عسكرية بالاسم فقط، وبجهود ذاتية.
ولفت النسبي إلى أن تنظيم القاعدة يعمل وفق المخطط الذي عمل به الحوثي، من خلال استقطاب الشباب بالمال والقوة. وبين أن فكرة المجلس جاءت نتيجة لتقاعس الحكومة عن معالجة الوضع ميدانيا في المناطق المحررة، والانزلاق الأمني، وعدم تقديم الدعم الكامل للجيش والأمن في شبوة، موضحا أنه في مقابل ذلك يمتلك تنظيم القاعدة الدبابات والمدرعات والإمكانيات العسكرية والمالية الهائلة.
وأفاد النسي بأنه عندما قدم تنظيم القاعدة إلى شبوة بدأ باستقطاب الناس من خلال ترغيبهم وترهيبهم. وقال في هذا الشأن إنه «على الرغم من النداءات المتكررة للحكومة الشرعية فإنه لم يتم التجاوب مع احتياجات محافظة شبوة وتأمينها من تمدد (القاعدة) بعد رحيل الحوثيين منها».
وشدد المحافظ على أن «شبوة واقعة بين فكي كماشة، فثلاث مديريات في شمالها محتلة من قبل الحوثي، وثلاث أخرى محتلة من قبل (القاعدة)»، مضيفا أنه «رغم الخطر ومحاولة الاستنجاد نظرا للخطر الواقع على هذه المنطقة ومقابلته بالتغافل، ومواجهته من قبل أهالي المحافظة بإمكانياتهم البسيطة، تقرر اتخاذ موقف موحد كي لا تكون شبوة حاضنا لأعداء اليمن، مما أدى إلى إنشاء مجلس مقاومة يضم جميع شرائح المجتمع».
وأوضح أنه رغم انحصار تنظيم القاعدة في منطقة عزان فإن وجود الدعم من البداية كان سيغير معادلة وجودهم فيها، مشيرا إلى أن الاستهتار بالنداءات المناهضة لتمدد هذا التنظيم وسيطرته على المناطق واتخاذ الإجراءات الجادة لمواجهته جعل وجودهم وتمركزهم خطرا يتطلب المجهودات المدنية في ظل غياب المنظمات الدولية والحكومة الشرعية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.