خلافات النواب تؤخر إقرار اللائحة وتصيب البرلمان المصري بالشلل

انسحاب أعضاء أحزاب ومستقلين احتجاجًا على إدارة الجلسات وتشكيل الائتلافات

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمره الصحافي مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في العاصمة طوكيو امس (رويترز)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمره الصحافي مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في العاصمة طوكيو امس (رويترز)
TT

خلافات النواب تؤخر إقرار اللائحة وتصيب البرلمان المصري بالشلل

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمره الصحافي مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في العاصمة طوكيو امس (رويترز)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمره الصحافي مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في العاصمة طوكيو امس (رويترز)

بعد نحو شهرين من انعقاده، يواجه البرلمان المصري حالة من الشلل بسبب الخلافات بين نوابه، وعدم إقراره للائحته الداخلية. وانسحب نواب أحزاب ومستقلون من الجلسة العامة أمس، احتجاجا على ما اعتبروه «إدارة غير ديمقراطية» للجلسات. وقالت النائبة نادية هنري عضو حزب المصريين الأحرار إنه «فيما يتعلق بالتصويت على مواد اللائحة هناك توجه غير مقبول بتمرير كل ما يطرحه (ائتلاف دعم الدولة) دون استماع للرأي الآخر».
ويهيمن ائتلاف دعم الدولة الذي أعلن تأييده للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على غالبية مقاعد البرلمان، ورغم ذلك فشل الائتلاف في تمرير عدد من القوانين التي حظيت بدعم الحكومة ومؤسسة الرئاسة. وهو ما اعتبره نواب في الائتلاف دليلا على ممارسة ديمقراطية جادة، ونفيا ضمنيا للاتهامات التي تلاحق الائتلاف.
وواصل البرلمان سلسلة جلساته العاصفة، وبعد يوم من واقعة الاعتداء على نائب بالحذاء، طرد الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب، نائبا بسبب سلوكه في الجلسة، بعدما احتج عدد من النواب على طريقة إدارته للجلسة واتهموه بـ«محاباة ائتلاف دعم الدولة»، وإدارة الجلسة بـ«طريقة غير ديمقراطية».
وطرد عبد العال النائب أحمد طنطاوي بعد أن طالبه بالتزام الهدوء. وقال عبد العال: «لن تختطف المجلس، اخرج خارج الجلسة.. هذا الوطن أمانة في أعناقنا ويجب أن نحافظ عليه، والبعض يريد هدم الدولة المصرية، ولا مكان لهم في هذه القاعة، تحية لهذه الدولة، ستظل مصر قوية وحرة، ولا مكان لمن يريد هدم هذه الدولة الأبية القوية المستقلة».
وأعلن نحو مائة نائب مقاطعة الجلسات وانسحبوا من الجلسة أمس احتجاجا على إدارتها مطالبين بإعادة التصويت على المادة المتعلقة بالنسبة المقررة لتشكيل الائتلافات داخل المجلس (المادة 79 من اللائحة)، وقالت النائبة هنري إن «اللائحة الداخلية للبرلمان يتم تفصيلها لصالح ائتلاف بعينه»، وأشارت إلى أن ائتلاف دعم مصر يهدف إلى وضع مادة في اللائحة بأن يكون الائتلاف مكونا من 25 في المائة بتوزيع جغرافي معين يخدم مصالحه.
وأضافت هنري، وهي نائب رئيس الهيئة البرلمانية عن حزب المصريين الأحرار صاحب الأكثرية الحزبية في المجلس إن «هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها التغاضي عن مواد يسعى دعم مصر لتمريرها باللائحة، رغم أنها تفرز الديكتاتورية، وتواكب لوائح سابقة لا تعطي الفرصة للمعارضة»، مشيرة إلى أن نواب حزب المصري الديمقراطي انسحبوا أيضا من الجلسة.
وتعرقل الخلافات بين نواب المجلس قدرته على ممارسة مهامه، ورغم مرور نحو شهرين على بدء دورته البرلمانية لم تقدم الحكومة المصرية بعد بيانها للبرلمان الذي يواصل جلسات التصويت على اللائحة.
وفي غضون ذلك، وافق مجلس النواب على حرمان النائب توفيق عكاشة من حضور 10 جلسات للمجلس، وذلك اعتبارا من الجلسة القادمة، وذلك بسبب ما بدر منه من تجاوزات بحق مجلس النواب ورئيسه الدكتور علي عبد العال.
وكان مجلس النواب قد شكل لجنة خاصة للتحقيق مع عكاشة بعد أن استقبل الأربعاء الماضي السفير الإسرائيلي في قريته شمال دلتا مصر، الأمر الذي أثار موجة عاصفة من الغضب في جلسة شهدت الاعتداء على عكاشة بالحذاء وسط تصفيق عدد من نواب، ولا تزال هذه اللجنة تواصل عملها ولم تصل لقرار بعد.
كما وافق المجلس أيضا في جلسته العامة أمس على قبول اعتذار النائب عكاشة، وذلك عقب التوصيات التي رآها التقرير الذي عرضه النائب صلاح حسب الله مقرر اللجنة المشكلة للتحقيق فيما نسب لتوفيق عكاشة من تجاوزات.
وقال حسب الله: «إن اللجنة حققت في مذكرتين وردتا إليها، تتعلقان بتجاوزات النائب عكاشة، ضد رئيس المجلس في الجلسة المسائية يوم 22 فبراير (شباط) الماضي، والتجاوزات التي قالها النائب في البرامج التلفزيونية من حيث الإساءات لمؤسسات الدولة ومجلس النواب ورموزه».
وأضاف أن اللجنة عقدت جلستين، وتم الاستماع إلى العضو، وقدم اعتذارا عن تجاوزاته ضد رئيس المجلس ورموزه وتجاوزاته في البرامج التلفزيونية، منوها بأن اللجنة أوصت بعد المداولة والنقاش بقبول اعتذاره وإقفال محضر التحقيق، وحرمان النائب من حضور 3 جلسات كعقوبة، لكن في ختام المناقشة حول تقرير اللجنة، وافق النواب على أن يتم حرمان النائب توفيق عكاشة من حضور 10 جلسات.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».