«حزب الله» يمارس أسلوب تأجيج المخاوف الدينية

مع اعتبار خامنئي تدخّله في سوريا «حرب الإسلام ضد الكفر»

صورة أرشيفية لمقاتلين من حزب الله اللبناني يحملون علم البلاد وعلم الحزب أثناء مسيرة في يوم الشهيد بالضاحية الجنوبية في بيروت ({غيتي})
صورة أرشيفية لمقاتلين من حزب الله اللبناني يحملون علم البلاد وعلم الحزب أثناء مسيرة في يوم الشهيد بالضاحية الجنوبية في بيروت ({غيتي})
TT

«حزب الله» يمارس أسلوب تأجيج المخاوف الدينية

صورة أرشيفية لمقاتلين من حزب الله اللبناني يحملون علم البلاد وعلم الحزب أثناء مسيرة في يوم الشهيد بالضاحية الجنوبية في بيروت ({غيتي})
صورة أرشيفية لمقاتلين من حزب الله اللبناني يحملون علم البلاد وعلم الحزب أثناء مسيرة في يوم الشهيد بالضاحية الجنوبية في بيروت ({غيتي})

قرّرت المملكة العربية السعودية خلال الأسبوع الماضي وقف منحة بقيمة 4 مليارات دولار أميركي كانت مخصصة لقوات الجيش والأمن اللبناني، وإعادة النظر في علاقاتها الدبلوماسية مع لبنان. وجاء هذا الموقف إثر امتناع وزارة الخارجية اللبنانية عن التصويت على قرارات جرى اتخاذها خلال اجتماعين لوزراء الخارجية العرب ضد إيران، وأيضا إثر التصريحات الشرسة المعادية للسعودية التي أطلقها أمين عام حزب الله حسن نصر الله. وفي البيان الصادر عن مجلس الوزراء السعودي، استنكرت المملكة «الحملات السياسية والإعلامية التي يقودها حزب الله ضد المملكة العربية السعودية»، فضلا عما وصفته «من إرهاب ضد الدول العربية والإسلامية». ومن جانبها، استنكرت أحزاب لبنانية كتيار المستقبل، أقوى قوى القاعدة السنية وحزب «القوات اللبنانية» المسيحية توتير العلاقات مع المملكة العربية السعودية.
تجد الحكومة اللبنانية نفسها اليوم بين مطرقة دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وسندان حزب الله. فالتهجمات الكلامية الأخيرة والمواقف المتخذة من جهات يفترض أنها رسمية اعتبرتها «المملكة مؤسفة وغير مبررة ولا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين»، وأدّت من ثم إلى تفاقم الأزمات التي تعانيها الدولة اللبنانية منذ عام 2008. وبشكل خاص منذ عام 2012 حين قرّر حزب الله التدخّل قتاليًا في الحرب السورية. وزاد هذا الأمر من عمق التصدّعات في التركيبة السياسية والحكومية اللبنانية الهشّة أصلا. فكيف ستترجم هذه الأزمة على مستوى أولويات حزب الله؟ وهل ستصل الأمور إلى حد تغيير النظام السياسي اللبناني؟
وتعليقا على الوضع اللبناني - الطائفي المتأزم، اعتبر الدكتور بول سالم، نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن أن «منسوب التوترات مرتفع في لبنان (بين حزب الله والأحزاب الأخرى) منذ اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري (الزعيم السنّي البارز الذي وجهت تهمة اغتياله إلى خمسة من أعضاء في حزب الله)، ومن ثم، بسبب الحرب السورية، والآن الأزمة مع السعودية. ورغم أن الوضع في لبنان يبدو على حافة الانفجار، فإن تجربة الحرب الأهلية سوف تحميه. ولكن يبقى السؤال: إلى متى سيستمر هذا الوضع على حاله؟»..
تتمحور أولويات حزب الله اليوم حول شقين: فهو أولاً يصب كامل تركيزه على سوريا وعلى دعم نظام الرئيس بشار الأسد، ومن ثم، في الداخل اللبناني يحاول إبقاء النظام تحت سيطرته، وبالأخص، السياسة الخارجية والأمن.
لتبرير تدخله في سوريا، اعتمد حزب الله أسلوب تأجيج المخاوف الدينية والمذهبية. إذ أخذ عدد من قياديي الحزب وعناصره في الآونة الأخيرة يزعمون «توجه أعداد من المقاتلين المرتزقة الأجانب، بعض منهم كان مسجونًا في دول الخليج وأفرج عنه، إلى سوريا لتهديد الشيعة وهدم مساجدهم».
وفي اتجاه تأجيجي وتحريضي مماثل، وصف خلال الأسبوع الماضي «المرشد» الإيراني علي خامنئي القتال الدائر في سوريا، الذي تقف إيران فيه إلى جانب نظام الأسد ضد قوات المعارضة «بحرب الإسلام على الكفر»، بحسب موقع «سوريا نت». وأضاف خامنئي زعمه «إن باب الشهادة الذي أغلق بانتهاء الحرب الإيرانية العراقية، فُتح مجدّدًا في سوريا، وإن الشباب طلبوا بإصرار السماح لهم بالذهاب إلى جبهات القتال في سوريا، حيث يقاتل الإسلام فيها الكفر، كما كان أيام الحرب الإيرانية العراقية»، على حد وصفه.
لقد استعملت هذه «البروباغندا» التحريضية نفسها لإقناع القاعدة الشعبية الشيعية لحزب الله في لبنان بأهمية تدخل الحزب في سوريا. ووفق سالم «هذه الحجج التي حاول الحزب ترويجها كان من الصعب تصديقها في البداية وكانت كلفتها باهظة جدًا على الشيعة، غير أنه مع ظهور المجموعات المتطرّفة على غرار «داعش» وجبهة النصرة، باتت الحجج (لجمهور الحزب) أقرب إلى التصديق». وتابع سالم «إن الخطط البديلة لم تعد واردة، نظرًا لظهور المجموعات المتطرفة، ما يعني أن خروج حزب الله من سوريا بات مستحيلاً»، مضيفا: «إن أولوية حزب الله في سوريا تقوم على تأمين المناطق الأساسية من دمشق إلى الساحل الشمالي الغربي، وإنشاء ممرّ ضد الجماعات المعادية، مع تأمين حدود لبنان وضمان بقاء نظام الأسد».
الجدير بالذكر، أنه حتى بداية التدخل الروسي، أي 30 سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، كان حزب الله وسنده الإيراني في وضع صعب بل دقيق جدًا بعدما فقدوا مناطق عدة في سوريا. وكان رجال المعارضة يحرزون تقدمًا على جبهات مختلفة، وبشكل خاص في معقل الطائفة العلوية الرئيسي – التي ينتمي إليها الأسد وعدد من أركان نظامه – في محافظة اللاذقية بشمال غربي سوريا. غير أن التدخل الروسي، الذي زوَّد النظام وحزب الله بالخبرة العسكرية والدعم الجوي الهائل، سمح بقلب كفة ميزان التوازن العسكري. وعليه، تراجع مقاتلو المعارضة في جميع أنحاء سوريا من الشمال الغربي إلى حلب، وكذلك في جنوب سوريا. وهذه المكاسب التي حققتها روسيا وإيران ونظام الأسد قد تفسِّر ولو جزئيا لعبة الانتظار التي فضّل حزب الله أن يلعبها في لبنان.
إن الفراغ الرئاسي يسيطر على لبنان منذ ما يقارب السنتين بسبب الخلاف بين تكتل 8 آذار بقيادة حزب الله وتكتل 14 آذار بقيادة تيار المستقبل. كذلك أدت الأزمة التي تسببت فيها مواقف وزير الخارجية جبران باسيل - المنتمي لتكتل النائب ميشال عون، حليف حزب الله - مع المملكة العربية السعودية أيضا إلى صب الزيت على النار، وهدّدت باندلاع أزمة وزارية جديدة. إذ وجهت كتلة المستقبل النيابية يوم الثلاثاء الماضي انتقادات لاذعة لسياسات حزب الله التي اعتبرت أنها تشكل «تهديدًا حقيقيًا» للبنان ومصالح اللبنانيين، وأصدرت بيانا اعتبرت فيه أن «ممارسات حزب الله المتزايدة لفرض هيمنته على الإدارات والمؤسسات وقرارات الدولة، وتخريب العلاقات الخارجية اللبنانية بشكل عام، والعلاقات العربية على وجه الخصوص، بدأت تشكّل تهديدًا حقيقيا لحرية لبنان وسيادته ومصالح اللبنانيين في الداخل والخارج»، بالإضافة إلى ذلك، قدّم وزير العدل أشرف ريفي - المحسوب على 14 آذار، وتحديدًا على تيار المستقبل - استقالته مبررًا ذلك بعدم قدرته على الاستمرار في حكومة «تحكمها إرادة حزب الله».
غير أن طموحات حزب الله قد تكون أكبر من مجرد التحكم بمجلس الوزراء اللبناني. ذلك أن الدولة اللبنانية قائمة على تقاسم للسلطة بين المسيحيين والمسلمين، بمن فيهم السنة والشيعة، علما بأن نظام المحاصصة الطائفي ثبّت رسميًا في «اتفاق الطائف» في التسعينات عقب الحرب الأهلية اللبنانية، بعدما كان عرفًا في مرحلة ما بعد الاستقلال. وفي هذا الصدد، تعبِّر مصادر سياسية في لبنان عن مخاوفها من أن لعبة الانتظار والترقّب التي يلعبها حزب الله إنما يسعى من خلالها للتوصل إلى اتفاق جديد بشأن لبنان، يغيّر من خلاله ميزان القوى، ولا سيما تقسيم السلطة بين المسيحيين والسنة والشيعة.
هذا الاحتمال يستبعده الدكتور سالم معتبرًا أنه «حتى الآن ليس من أي دليل يثبت ذلك»، غير أنه يعود ليشرح أن حزب الله ليس مكترثًا بالانتخابات الرئاسية اللبنانية، علمًا بأن ثمة الكثير من العوامل التي تدخل في حساباته، مثل تأييد عدوّه السياسي سمير جعجع لحليف الحزب القديم ميشال عون، ودعم تيار المستقبل لترشيح سليمان فرنجية، حليف الأسد الوثيق. كذلك تشير الأدلة إلى أن حزب الله ليس على عجلة من أمره فيما خص انتخاب رئيس للجمهورية بما أن مصالحه مؤمنة في الوقت الراهن. ومن الأرجح أن الاتفاق الذي يريده هو صفقة سياسية عامة تشمل اتفاقًا بشأن الرئيس المقبل وقائد الجيش وأجهزة الاستخبارات، فضلاً عن إقرار قانون برلماني جديد»، وفق سالم.
الوقت وحده، وما تحمله التطورات المستقبلية، تكشف حقيقة ما يطمع لتحقيقه الحزب في ضوء تحالفاته وارتباطاته الإقليمية والمشاريع المذهبية في المنطقة.



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».