جونسون يحث أعضاء الحكومة على تأييد الانسحاب من التكتل الأوروبي

كاميرون يواجه مخاطر سحب الثقة.. ويدعو المشككين في أوروبا إلى الإقرار بمخاطرة الخروج

ديفيد كاميرون ... بوريس جونسون
ديفيد كاميرون ... بوريس جونسون
TT

جونسون يحث أعضاء الحكومة على تأييد الانسحاب من التكتل الأوروبي

ديفيد كاميرون ... بوريس جونسون
ديفيد كاميرون ... بوريس جونسون

يواجه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عقبة الجناح المتشدد والمشكك في أوروبا في حزبه المحافظ، الذي سعى لتهدئته مع الإعلان عن استفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي في يونيو (حزيران) المقبل.
وحذر أمس نواب الحكومة كاميرون، من مؤامرة للإطاحة به إذا فشل في وضع حد للهجمات على النواب المشككين في أوروبا، وهو ما كشفت عنه صحيفة «صنداي تايمز» في عددها أمس، أن عددا من نواب حزب المحافظين هدد بالتحرك للتصويت في البرلمان على قرار سحب الثقة عن كاميرون إذا فشل في توقيف الهجمات على رئيس بلدية لندن بوريس جونسون (الذي أكد موقفه المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد) والوزراء المشككين في أوروبا.
وعندما يتم سحب الثقة من الحكومة، يلزم على رئيس الوزراء الاستقالة، وهناك الحاجة إلى موافقة 50 نائبا لإطلاق تصويت في البرلمان لسحب الثقة عن زعيم حزب الحاكم. وقال نائب محافظ: «لا يمكن أن يدافع كاميرون عن نفسه في حالة فوزه في الاستفتاء المقبل، إذا استمرت انتقاداته إلى المشككين من أوروبا. ولن يكون هناك مشكلة في الحصول على موافقة 50 نائبا».
من جانبه، دعا كاميرون أنصار خروج بريطانيا من التكتل الأوروبي إلى الإقرار بـ«مخاطر» هذا الخروج، وفي مقال في صحيفة «ديلي تلغراف» المحافظة وصف كاميرون احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بأنه «رهان القرن»، وأضاف زعيم المحافظين أن «حين نطلب ممن يروجون لخروج بريطانيا من الاتحاد أن يقدموا مشروعا للبلاد خارج الاتحاد الأوروبي، تصبح أجوبتهم مبهمة جدا، وأن ما يطرحونه هو قفزة في ظلمات المجهول». وشدد بالقول: «لا يكفي ببساطة أن نؤكد أن كل شيء سيكون على ما يرام، حين تكون وظائف ومستقبل بلادنا في الميزان».
ورد رئيس الحكومة البريطانية الحجة القائلة بأن بريطانيا ستتمكن حتى بعد مغادرة الاتحاد من الوصول إلى سوق الاتحاد الأوروبي، وقال: «ما من شك لدي في أن الأمر الأكيد الوحيد في حال الخروج من الاتحاد هو هيمنة الشك.. هناك الكثير من المخاطر في مغادرة أوروبا».
وتشتد الحملة بين مؤيدي ورافضي بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي منذ أن حصل كاميرون على تنازلات من شركائه الأوروبيين، وقال النائب المحافظ، بوب بلاكمان لـ«الشرق الأوسط» بأنه بقدر ما أعتقد بجهود رئيس الوزراء في التفاوض على علاقة بريطانيا مع أوروبا صادقة، أشعر أن اتفاق كاميرون لن يعالج مجالات الاهتمام الرئيسية لدائرتي في شمال شرقي لندن، ولهذا السبب سأصوت لخروج بريطانيا من الاتحاد في يونيو المقبل.
وبدوره حصل كاميرون أول من أمس، على دعم كامل من مجموعة العشرين في اجتماع وزراء ماليتها في شنغهاي، وأكد الاجتماع «صدمة خروج محتمل للمملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي» من ضمن باقي المخاطر التي تتهدد الانتعاش الاقتصادي العالمي. لكن على كاميرون أولا أن يقنع أنصار خروج بريطانيا داخل حزبه حيث إن ستة من وزراء حكومته والكثير من نواب حزب المحافظين يؤيدون خروج المملكة من الاتحاد.
ومن جانبه، أكد جيمس بيري، النائب المحافظ عن منطقة كينغستون لـ«الشرق الأوسط»: «أنا أدعم البقاء في الاتحاد الأوروبي، وسأصوت للبقاء في الاستفتاء المقبل»، ويدعم بيري تصريحات كاميرون بأنه «نحن بحاجة لمواجهة العواقب الاقتصادية إذا اخترنا الخروج»، محذرا من أن ذلك سيكون «قفزة كبيرة في المجهول».
ومن جانبه، اتهم بوريس جونسون رئيس بلدية لندن الداعي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي معارضيه بـ«تضخيم المخاطر»، وقال لصحيفة «تايمز»: «يمكن أن يكون للمملكة المتحدة مستقبل كبير جدا مع اقتصاد أكثر حيوية وشعب أسعد» خارج الاتحاد الأوروبي.
وحث جونسون وزراء الحكومة البريطانية على الانضمام إلى حملة انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، متحديا من جديد كاميرون.
وقال جونسون، الذي يُعتقد على نطاق واسع أنه يحرص على خلافة كاميرون، بأنه يريد تغيير رأي غالبية أعضاء الحكومة الذين يؤيدون التصويت بالبقاء في الاتحاد الأوروبي. وكشف جونسون لصحيفة «تلغراف» البريطانية «يجب على الناس مناقشة الحجج. أحترم جدا ما يقوله رئيس الوزراء ولكن أعتقد أنه يجب على الناس أن يفكروا في الحجج».
وفي مقابلة منفصلة مع صحيفة «تايمز» رفض جونسون الرأي القائل بأن التصويت بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي قد يؤدي لإجراء محادثات كمحاولة أخيرة لتحقيق تسوية أفضل للجانب البريطاني داخل الاتحاد الأوروبي مما يؤدي لإجراء استفتاء ثان. وسئل عما إذا كان من الممكن إجراء استفتاء آخر قال جونسون: «لا. الانسحاب هو الانسحاب».
وتفاوتت استطلاعات الرأي بشأن النتيجة المحتملة للاستفتاء وأدى هذا الغموض إلى هبوط الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى له منذ سبع سنوات أمام الدولار.
وأظهر أحدث استطلاع نشره الجمعة الماضي، معهد «أو أر بي» لحساب صحيفة «إندبندنت» ارتفاع التأييد لحملة الانسحاب إلى 52 في المائة من 48 في المائة قبل شهر في حين تراجع التأييد للبقاء في الاتحاد الأوروبي إلى 48 في المائة من 52 في المائة.
ويذكر أن كاميرون وجونسون أصدقاء منذ أن كانا معا في جامعة أكسفورد في الثمانينات ولكنهما أيضا متنافسان.



كييف تسعى إلى إقناع ترمب بجدوى الاستثمار في مواردها لمواصلة دعمها

مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)
مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)
TT

كييف تسعى إلى إقناع ترمب بجدوى الاستثمار في مواردها لمواصلة دعمها

مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)
مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

في الوقت الذي يؤكد فيه العديد من المحللين والمدونين أن القوات الروسية تتقدم في أوكرانيا بأسرع وتيرة منذ الأيام الأولى للغزو عام 2022، حيث سيطرت على منطقة كبيرة خلال الشهر الماضي وحده، تكافح أوكرانيا من أجل الاحتفاظ بأوراقها التي قد تتيح لها التوصل إلى اتفاق متوازن قدر الإمكان، بعدما بات من شبه المؤكد أن الإدارة الأميركية الجديدة مقبلة على هذا الخيار.

وتدخل الحرب في أوكرانيا، بحسب ما يصفه بعض المسؤولين الروس والغربيين، المرحلة الأكثر خطورة، بعد أن حققت قوات موسكو جانباً من أكبر المكاسب فيما يتعلق بالسيطرة على الأراضي، وبعد أن سمحت الولايات المتحدة لكييف بالرد باستخدام صواريخ أميركية.

الرئيس فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع عبر الفيديو مع رئيس أركان الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي في كييف الاثنين (أ.ف.ب)

حالة عدم اليقين في كييف

ومع ذلك، تسيطر حالة من عدم اليقين في أوكرانيا بسبب الغموض الذي لا يزال يحيط بخطط الرئيس دونالد ترمب، بحسب ما تنقله تقارير إعلامية عن مسؤولين أوكرانيين. ويسعى هؤلاء إلى التواصل مع فريق إدارته الجديد، والمسؤولين والمديرين التنفيذيين في شركات، يمكنهم بيع فكرة لترمب، مفادها أن أوكرانيا القوية مفيدة لأهدافه السياسية، في الوقت الذي تعرب فيه كييف عن تفاؤل حذر بأنه قد يتصرف بشكل أسرع وأكثر حسماً من الرئيس جو بايدن.

وتأمل كييف في إقناع ترمب بأن المساعدات المقدمة لها ليست صدقة أو خيرية، ولكنها فرصة اقتصادية وجيوستراتيجية فعالة من حيث التكلفة، من شأنها في نهاية المطاف تأمين مصالح الولايات المتحدة. وتأمل أوكرانيا أنه من خلال تبني نهج ترمب الدبلوماسي القائم على المعاملات، بما في ذلك تقديم فرص عمل مربحة للشركات الأميركية، سيساعده في الطلب من روسيا وقف تقدمها العسكري.

وبحسب مجموعات إخبارية روسية، فقد تمكنت القوات الروسية من السيطرة على نحو 235 كيلومتراً مربعاً في أوكرانيا، خلال الأسبوع الماضي، وهي مساحة قياسية أسبوعية في عام 2024. وأضافت أن القوات الروسية سيطرت على 600 كيلومتر مربع في نوفمبر (تشرين الثاني)، نقلاً عن بيانات من مجموعة «ديب ستيت» التي تربطها صلات وثيقة بالجيش الأوكراني، وتدرس صوراً ملتقطة للقتال، وتوفر خرائط للخطوط الأمامية، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع لهما في اليابان عام 2019 (رويترز)

روسيا تتقدم بأسرع وتيرة

وقال محللون في معهد دراسة الحرب، الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، في تقرير: «تتقدم القوات الروسية في الآونة الأخيرة بمعدل أسرع بكثير مما سجلته في عام 2023 بأكمله». وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية في تحديث يوم الاثنين، إن 45 معركة متفاوتة الشدة دارت بمحاذاة كوراخوف على خط المواجهة في فترة المساء.

انفجارات في سماء كييف خلال هجوم روسي بالمسيرات أمس (أ.ب)

وذكر تقرير معهد دراسة الحرب ومدونون عسكريون موالون لروسيا أن القوات الروسية موجودة في كوراخوف. وقالت مجموعة «ديب ستيت» عبر «تلغرام»، الاثنين، إن القوات الروسية موجودة بالقرب من كوراخوف.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه يعتقد أن الأهداف الرئيسية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين هي احتلال منطقة دونباس بأكملها، التي تشمل منطقتي دونيتسك ولوغانسك، وطرد القوات الأوكرانية من منطقة كورسك التي تسيطر على أجزاء منها منذ أغسطس (آب).

إقناع ترمب

تنقل صحيفة «واشنطن بوست» عن أوساط مسؤولين أوكرانيين قولهم إن الآمال في أن يساعد ترمب في إنهاء الحرب بطريقة تعدّها كييف عادلة، لا تزال قائمة، على الرغم من الآراء التي عبر عنها والعديد من دائرته الداخلية، بأن الصراع يكلف دافعي الضرائب الأميركيين الكثير من المال، ويجب إنهاؤه بسرعة. وقد أثار هذا الخطاب مخاوف من أن يقطع ترمب فجأة الدعم الأميركي للجيش الأوكراني، ويدفعه إلى التنازل عن أراضٍ لروسيا.

ورغم إحباط الأوكرانيين من بطء إدارة بايدن في تقديم المساعدات، فإن العديد منهم يتجاهل التعليقات السلبية الأخيرة لترمب ليركزوا بدلاً من ذلك على كيف كان ترمب هو أول رئيس أميركي يبيع أسلحة فتاكة مباشرة لأوكرانيا. وخلال فترة ولايته الأولى، حصلت أوكرانيا على صواريخ جافلين المضادة للدبابات، والتي رفضت إدارة أوباما بيعها منذ فترة طويلة، والتي ساعدت في منع القوات الروسية من الاستيلاء على العاصمة في أوائل عام 2022. وأشار ترمب لاحقاً إلى تلك المبيعات، ليزعم أنه كان أكثر صرامة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الديمقراطيين.

السلام من خلال القوة

أشخاص يحتمون داخل محطة مترو خلال هجوم عسكري روسي على أوكرانيا (أ.ف.ب)

وقال دميتري كوليبا، الذي شغل منصب وزير خارجية أوكرانيا حتى سبتمبر (أيلول): «الأسلحة الأولى التي تلقتها أوكرانيا من الولايات المتحدة جاءت من رئيس يكره أوكرانيا». وقال إنه على الرغم من عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترمب، فإن رئاسته قد تكون بداية حقبة من التغيير الإيجابي لأوكرانيا.

ورأى الأوكرانيون أن نهج إدارة بايدن المقيد تجاه المساعدات يضر بمصداقية الولايات المتحدة بوصفها ضامنةً للأمن العالمي. كما شعروا بالإحباط لأن بايدن أعرب عن دعمه لأوكرانيا، ولكن عندما يتعلق الأمر بقرارات الأسلحة الرئيسية اتخذ نهجاً متحفظاً، معرباً عن مخاوفه بشأن الانتقام الروسي. وفي الأسابيع الأخيرة، بدأ الأوكرانيون في التحدث عن حقبة جديدة لسياسة أميركا تجاه أوكرانيا، تقوم على مبدأ «السلام من خلال القوة». ويأملون أن يتردد صدى هذه الرسالة لدى ترمب، بخلاف ما كان الحال عليه مع بايدن.

موارد أوكرانيا أمام ترمب

وقال ميخايلو بودولياك، مستشار المكتب الرئاسي الأوكراني، إنه سيكون على كييف أن تشرح لترمب البراغماتية السياسية وراء دعم أوكرانيا. وقال: «نحن بحاجة إلى تزويد ترمب وممثلي إدارته بالمعلومات الأكثر شمولاً حول منطق العملية».

وتخطط أوكرانيا لوضع احتياطيات مواردها كفرص عمل مثمرة للأميركيين، مثل تخزين الغاز الطبيعي، وهو الأكبر في أوروبا، والمعادن، بما في ذلك الليثيوم، بوصفه أمراً قد يغير قواعد اللعبة في صناعة الرقائق الدقيقة والسيارات الكهربائية، وهو أمر قد يكون موضع اهتمام إيلون ماسك وأعماله في مجال السيارات الكهربائية أيضاً.

وفي حديثه على قناة «فوكس نيوز»، الأسبوع الماضي، وصف السيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، أوكرانيا التي زارها مرات عدة طوال الحرب، بأنها موطن لتريليونات الدولارات من المعادن الأرضية النادرة. وقال: «أوكرانيا مستعدة لإبرام صفقة معنا، وليس مع الروس. لذا فمن مصلحتنا التأكد من عدم سيطرة روسيا على المكان».