«داعش» يطرق أسوار بغداد بعد سنة ونصف على إعلان زوال خطره

الصدر يطالب أتباعه بالاستعداد للدفاع عن العاصمة

«داعش» يطرق أسوار بغداد بعد سنة ونصف على إعلان زوال خطره
TT

«داعش» يطرق أسوار بغداد بعد سنة ونصف على إعلان زوال خطره

«داعش» يطرق أسوار بغداد بعد سنة ونصف على إعلان زوال خطره

عقب نحو أكثر من سنة على الإعلان عن زوال خطر تنظيم داعش عن العاصمة العراقية بغداد، طرق التنظيم الإرهابي فجر أمس، أسوار بغداد من الجهة الغربية منها وخصوصا من قضاء أبو غريب الذي يعد البطن الرخوة للعاصمة.
وأعلنت القيادات الأمنية والسياسية العراقية أن «عناصر من تنظيم داعش يقدر عددهم بنحو 30 شخصا من بينهم قياديون وانتحاريون بالتنظيم هاجموا قضاء أبو غريب غربي بغداد. وتمكنوا خلاله من السيطرة على سايلو الحبوب التابع للقضاء».
وفي وقت تضاربت المعلومات والروايات بشأن الهجوم فإنه طبقا لما أعلنه مصدر استخباري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فإن «المهاجمين تسللوا إلى القضاء من منطقة الصبيحات بالقرب من قضاء الكرمة الذي لا يزال قسم كبير منه تحت سيطرة (داعش) رغم محاصرته حاله في ذلك حال الفلوجة التي لا تزال تشكل خطرا على العاصمة بغداد في حال لم يتم تحريره بالكامل»، مبينا أن «هناك منطقة واسعة تبدأ من مركز قضاء أبو غريب باتجاه الكرمة والفلوجة غير مسيطر عليها تماما بيد القوات العراقية مما يجعل عملية التسلل سهلة إلى حد كبير».
وفيما إذا كان مثل هذا الهجوم يشكل خطرا على العاصمة بغداد، قال المصدر الاستخباري: «من الجانب العسكري، لا نستطيع القول إن هناك خطرا على بغداد حتى على افتراض وجود خلايا نائمة في بعض المناطق في حزام بغداد»، وأضاف المصدر «لكن الأمر يتطلب سرعة المباغتة حتى لا تكون مثل هذه الهجمات مدخلا لهجمات أخرى تشجع الدواعش على توسيع نطاق هجماتهم على بغداد».
ومن جانبها، أكدت المصادر الأمنية العراقية أن «نحو 30 عنصرًا من تنظيم داعش يشكلون 4 مفارز: الانتحاريون والقناصون والإسناد والاقتحامات، تسللوا سيرًا على الأقدام وهم يحملون أسلحة خفيفة ومتوسطة من قضاء الكرمة، (19 كيلومترا شرقي الفلوجة)، باتجاه قضاء أبو غريب، (20 كيلومترا غربي بغداد)»، مبينًا أن «المسلحين تمركزوا في مقبرة الكرخ، شمالي قضاء أبو غريب».
كما تابعت المصادر أن «عناصر (داعش) بدأوا بتنفيذ الهجوم انطلاقًا من مقبرة الكرخ لاستهداف نقاط التفتيش والمقار الأمنية التابعة للجيش والشرطة والحشد الشعبي»، مشيرًا إلى أن «أولى الهجمات كانت بتفجيرين انتحاريين بحزامين ناسفين استهدفا نقطتي تفتيش تابعتين للجيش قرب معمل الفارس، شمالي قضاء أبو غريب، بعدها اندلعت اشتباكات عنيفة بين المسلحين والقوات الأمنية أدت إلى مقتل نحو ثمانية من عناصر (داعش) على الأقل».
ومن جهته، أكد الخبير الأمني العميد المتقاعد ضياء الوكيل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المنطقة التي تمت مهاجمتها من قبل تنظيم داعش تعد بعيدة ليس عن بغداد فقط وإنما حتى عن مركز قضاء أبو غريب، والهجوم وقع على منطقة السايلو التابعة لخان ضاري الذي يتبع إداريا قضاء أبو غريب»، وتابع أن عناصر تنظيم داعش تحولوا إلى حرب العصابات، وبالتالي فإنه لم يعد مستغربا أن يضربوا في أي مكان لتحقيق أكثر من هدف في آن واحد وهو الإرباك وإثبات الوجود لكنه لا يستطيع مسك الأرض. كما أضاف الوكيل أن «تنظيم داعش استغل غفلة القوات الأمنية التي بدأت تشتبك معه في مناطق الكرمة والفلوجة، ولذلك فإنه من أجل مباغتتها وإشغالها معا استثمر زاوية تعد ميتة وقامت بتنفيذ هذا الهجوم». وأوضح أن «هناك مناطق كثيرة تقع بين الكرمة والفلوجة وصولا إلى ناظم الثرثار لا تزال مفتوحة وبيد (داعش)»، الأمر الذي يتطلب الآن وبعد هذا الهجوم من حسم ملف شمال غربي بغداد وإعادة التفكير في وضع الخطط الخاصة بتحرير الفلوجة قبل الموصل. لأن الموصل تبعد عن بغداد 400 كيلومتر بينما تبعد الفلوجة 60 كيلومترا فقط.
من جانبه أمر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، (لواء بغداد) التابع لسرايا السلام بالاستعداد للدفاع عن العاصمة.
وقال مقتدى الصدر في بيان له ردًا على سؤال من أحد أتباعه بشأن الهجمات التي نفذها تنظيم داعش على أطراف العاصمة بغداد، وإصدار أوامر أخرى لسرايا السلام إن «مشروع الإصلاح لحماية العراق وبغداد يجب أن يستمر»، مؤكدًا أنه «لقد حذرنا من الخطر المحدق ببغداد كثيرًا فلم تك له أذن واعية».
ودعا الصدر، (لواء بغداد) التابع لسرايا السلام، إلى أن «يكونوا على أهبة الاستعداد وانتظار الأمر بالدفاع عنها»، في إشارة إلى العاصمة بغداد، مشيرًا إلى أن «هذا لن يثنينا عن الإصلاحات السياسية الحكومية وسنبقى مطالبين بالإصلاحات الجذرية لكل الأحزاب وإبعاد الشبح الطائفي عن المنطقة». وأكد الصدر أن «مثل هذه الهجمات الداعشية لن تؤخر مشروعنا ولن تكون مثل هذه الهجمات نافعة للفاسدين في درء الإصلاح»، مطالبًا الحكومة الحالية بـ«الانتباه إلى الخطر المحدق ببغداد بدل أن تجمع الأموال». وأعرب زعيم التيار الصدري عن أمله بـ«الجيش العراقي الباسل والقوات الأمنية بالدفاع عن بغداد وكل شبر في العراق».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.