السلطة الفلسطينية تتبرأ من تصريحات مسؤول كبير بسبب موقفه من المال الإيراني

توتر بينها وبين طهران وتراشق كلامي لتجاوزها المؤسسات الرسمية

السلطة الفلسطينية تتبرأ من تصريحات مسؤول كبير بسبب موقفه من المال الإيراني
TT

السلطة الفلسطينية تتبرأ من تصريحات مسؤول كبير بسبب موقفه من المال الإيراني

السلطة الفلسطينية تتبرأ من تصريحات مسؤول كبير بسبب موقفه من المال الإيراني

تصاعد التوتر بين السلطة الفلسطينية وإيران، بعد التراشق الكلامي المتعلق بإعلان إيران تقديمها دعما للعائلات الفلسطينية المتضررة في الانتفاضة، من دون علم السلطة أو مشاركتها. وقد لجأت الرئاسة الفلسطينية إلى التبرؤ من تصريحات وأفعال مسؤول فلسطيني رفيع، كان زار إيران أخيرا، ورحب بأي دعم مالي لها. وأصدرت الرئاسة الفلسطينية بيانا مقتضبا، قالت فيه: «إن عباس زكي، لا يمثل إلا نفسه، ولا يمثل منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الوطنية في ما يتعلق بتصريحاته حول دعم إيران لأسر الشهداء».
وبدا بيان الرئاسة مفاجئا لكثيرين، حتى في أوساط حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس؛ إذ يعد زكي، الذي لم يشر البيان إلى ألقابه أو مركزه، أحد قادة الحركة القدماء، وهو عضو اللجنة المركزية للحركة (أعلى هيئة في الحركة)، ومسؤول العلاقات العربية فيها، ويفترض أنه مساعد بارز لعباس في شؤون الحركة.
وكان زكي زار طهران الشهر الحالي، وشارك في مراسم ذكرى الثورة الإيرانية، وصرح مرحبا بإعلان إيران تقديم دعم مالي لأسر «شهداء» الانتفاضة الحالية، وأسر الذين هدمت إسرائيل منازلهم بسبب تنفيذ أحد أفراد العائلة عملية.
وأثار هذا الموضوع تحديدا، خلافات كبيرة بين السلطة وإيران. وهاجمت الرئاسة الفلسطينية، إيران على خلفية تعهد الأخيرة بإدخال أموال للفلسطينيين في الضفة الغربية بكل طريقة ممكنة. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، إنه كان من الأجدى أن ترسل إيران الأموال بشكل رسمي، إلى «مؤسسة الشهداء والأسرى» بدل اللجوء إلى طرق ملتوية ووسائل غير مشروعة، واصفا تدخلات إيران المالية بأنها تجاوز للشرعية الفلسطينية، وخرق لكل القوانين.وجاء هجوم الرئاسة بعد أن أعلن السفير الإيراني لدى لبنان، محمد فتح علي، أن إيران قررت «دفع مبلغ 7 آلاف دولار لكل أسرة من أسر شهداء الانتفاضة، و30 ألف دولار لكل أسرة هدم الاحتلال منزلها بسبب مشاركة أحد أبنائها» في الأحداث. ثم أعلن رئيس مجلس الشورى الإيراني، حسين شيخ الإسلام، أن طهران ستدخل الأموال إلى الضفة الغربية عبر طرقها الخاصة.
وبعد هجوم أبو ردينة، عاد حسين شيخ الإسلام وقال إن السلطة غير مؤتمنة كي ندفع لها.
ورفضت السلطة الفلسطينية أسلوب طهران بالكامل، ووصفته بأنه محاولة للالتفاف حولها والمزايدة على معاناة العائلات.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن غضب الرئيس الفلسطيني على إيران وزكي له أسباب عدة. وأوضحت المصادر أن الرئاسة رفضت الأسلوب والطريقة التي أعلنت بها إيران عن تقديم الدعم (مع الفصائل) وبعيدا عن السلطة، والأسباب التي لها علاقة بمحاولة استقطاب حماس والفصائل الأخرى والفلسطينيين في حربها ضد السعودية، كما أنها لا تريد إعطاء الإسرائيليين أي مبررات من أي نوع. وبحسب المصادر، فإن السعودية كانت عبرت عن غضبها كذلك من المشاركة الفلسطينية الرسمية في احتفالات طهران. وقالت المصادر إن الرئيس عباس، الذي أعلن، منذ البداية، أنه مع السعودية في كل تفعله ويؤيدها على الدوام، يرفض أي اصطفاف من أي نوع ضدها مهما كان شكله. وأوضح المصدر أن بيان الرئاسة حول عباس زكي، جاء لقطع الطريق على أي تأويلات.
ولمح عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، حسين الشيخ، إلى سبب ثان وراء البيان ضد زكي، وكتب على «فيسبوك»: «الدم الفلسطيني الحر، هل يتحول إلى جزء من صراع النفوذ الإقليمي، أو جسر عبور لمناورات الوهم الوراثي، أو هروب البعض من الاستحقاقات الوطنية الكبرى؟». وأضاف: «الجهل في معرفة أسباب التحولات الاستراتيجية في فكر الجيل الجديد من الفلسطينيين، يدفع البعض إلى محاولات يائسة من أجل حرف المسار أو توظيف ما يجري لخدمة أجندات شخصية أو حزبية أو إقليمية، والهروب من الاستحقاق».
وتابع: «الحدث أكبر ممن يعتقدون أن قوانين اللعب بأيديهم، فالدم لا يقايض بالدولار، وجثمان شهيد ليس الطريق المعبد لكل متوهمي الخلافة والوراثة، ودموع أم ثكلى ليست جسرا لتكريس إمارة هنا أو هناك، أو مفاوضات في الباطن لتأييد الانقسام».
ومضى يقول إن «الفعل الفلسطيني الميداني مرة أخرى يسبق (عبقرية) الأُطر والفصائل والتنظيمات، ويسكت هنا الكلام وتجف الأقلام، وتنهار الخطابات الرنانة والجمل المزركشة، فالحبر الأحمر في الميدان لا تحكمه قرارات في طهران أو إسطنبول أو تل أبيب».
ولم يعقب عباس زكي على بيان الرئاسة سوى بجملة أنه له الشرف أن يمثل نفسه. ويعتقد أنه سيعقد مؤتمرا صحافيا اليوم.
من جهة ثانية، لمحت مصادر أمنية إسرائيلية إلى إمكانية اعتقال عباس زكي في حال ثبت تورطه في عمليات تمويل عبر إيران. ونقلت إذاعة جيش الاحتلال عن مصادر أمنية إسرائيلية أن تل أبيب تنظر بعين الخطورة إلى إمكانية تورط التيار الرسمي في السلطة في تمويل نشاطات من شأنها أن تشجع على العمليات ضد إسرائيليين.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.