مركز المراقبة الروسي يتهم المعارضة وتركيا بـ«خروقات محدودة»

تحدث عن مصالحات محلية بوساطة روسية مع شيوخ 13 منطقة سكنية

امرأة من قرية دارة عزة بريف حلب تتأمل آثار الدمار الذي طال بيتها بعد غارة روسية أمس (غيتي)
امرأة من قرية دارة عزة بريف حلب تتأمل آثار الدمار الذي طال بيتها بعد غارة روسية أمس (غيتي)
TT

مركز المراقبة الروسي يتهم المعارضة وتركيا بـ«خروقات محدودة»

امرأة من قرية دارة عزة بريف حلب تتأمل آثار الدمار الذي طال بيتها بعد غارة روسية أمس (غيتي)
امرأة من قرية دارة عزة بريف حلب تتأمل آثار الدمار الذي طال بيتها بعد غارة روسية أمس (غيتي)

حمل المركز الروسي في مطار حميميم لمراقبة وقف إطلاق النار في سوريا، قوى المعارضة المعتدلة بخرق الهدنة، على الرغم من أنه أشاد بالالتزام النوعي بشكل عام بوقف إطلاق النار في سوريا، ليعود مرة أخرى محملا مجموعات الإرهاب المسؤولية عن تلك الخروقات التي لم يفصح عنها.
وفق ما جاء في تقريره اليومي الذي أعده المركز ونشرته وزارة الدفاع الروسية على صفحتها الرسمية، أنه وحتى منتصف نهار الثامن والعشرين من فبراير (شباط)، تسلم 17 طلبا للانضمام إلى وقف إطلاق النار من مجموعات مسلحة قال إنها تابعة للمعارضة المعتدلة، فضلا عما قال إنها اتفاقيات مصالحة محلية تم توقيعها بوساطة روسية مع شيوخ ثلاث عشرة منطقة سكنية، حيث غادر عناصر المجموعات المسلحة تلك المناطق، ومن بقي منهم شكلوا مجموعات حماية ذاتية.
وأكد المركز الروسي لمراقبة وقف إطلاق النار في تقريره اليومي، تسلمه يوم السابع والعشرين من شهر فبراير «قائمة من الجانب الأميركي تتضمن 69 فصيلا مسلحًا من فصائل المعارضة السورية، أكدوا من خلال الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة السورية، أو من خلال الولايات المتحدة بشكل مباشرة، على موافقتهم والتزامهم بوقف إطلاق النار»، وفق ما جاء في التقرير اليومي عن مركز التنسيق الروسي، موضحًا أن ضباط المركز والخبراء فيه يعملون حاليا على تحليل تلك المعلومات.
أما خروقات وقف إطلاق النار المحدودة فقد خصص المركز لها في تقريره فقرة موسعة تناول فيه كل حادثة خرق بالتفصيل، ومنها: 6حالات إطلاق قذائف في النصف الأول من اليوم الأول من الهدنة، استهدفت الأحياء السكنية في مناطق كراجات العباسيين، وآسيا وجوبر والمامونية وميسلون. ويؤكد تقرير المركز أنه «تم إطلاق 20 قذيفة نجم عنها سقوط ضحايا وجرحى بين المدنيين، مصدرها مناطق جوبر والغوطة الشرقية الواقعة تحت سيطرة المعارضة المعتدلة المدرجة على القائمة الأميركية للمجموعات التي انضمت إلى اتفاق وقف إطلاق النار»، حسب ما جاء في التقرير، ليؤكد بعد ذلك أن «القوات الحكومية لم ترد على هذا القصف بطلب من الجانب الروسي».
وواصل الجانب الروسي تحميل المعارضة السورية المسؤولية عن خروقات وقف إطلاق النار حين أشار إلى قصف من جانب «جبهة النصرة» في ريف اللاذقية وعمد إلى التأكيد على أن «النصرة» قصفت من المناطق الخاضعة لسيطرة «المعارضة المعتدلة» مستهدفة مواقع تابعة لفصيل «صقور الصحراء» (ميليشيا تقاتل إلى جانب النظام). ويؤكد التقرير أن هذا القصف خلف عددا كبيرا من الضحايا بين المقاتلين من «صقور الصحراء» والسكان المدنيين على حد سواء. وفي تناوله لخرق وقف إطلاق النار في ريف حماه الشرقي، حيث فجر انتحاري نفسه في سيارة مفخخة، يصر التقرير الروسي على الإشارة بأصابع الاتهام، ولو بطريقة غير مباشرة، إلى المعارضة السورية، حين أكد أن «السيارة المفخخة كانت قادمة من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المعتدلة».
خرق وقف إطلاق نار أخرى جرى وأشار إليه تقرير المركز الروسي هو الهجوم على تل أبيض. هنا لم يوجه معدو التقرير الاتهام للمعارضة السورية، بل إلى تركيا حين قال إن المقاتلين الذين شنوا الهجوم اجتازوا الحدود التركية باتجاه الرقة، وأن مقاتلي «داعش» سيطروا على تل أبيض تحت غطاء مدفعي من الجانب التركي. وبعد ذلك يختم التقرير مشيرًا إلى أنه سلم مركز المراقبة الأميركي في العاصمة الأردنية عمان كل المعلومات حول خروقات وقف إطلاق النار.
ونقلت وكالة «رويترز» عن وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء نقلا عن وزارة الدفاع، أمس، أن مركز التنسيق الروسي في سوريا تلقى معلومات عن هجوم بالمدفعية الثقيلة على بلدة تل أبيض السورية من أراضٍ تركية.
ونقلت عن رئيس مركز التنسيق قوله إن روسيا أجرت اتصالات مع مركز التنسيق الأميركي في العاصمة الأردنية في عمان للاستفسار عن الهجوم.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.