العربي يعلن انتهاء مهامه كأمين عام للجامعة العربية بنهاية الولاية الحالية

تنتهي في الأول من يوليو المقبل.. توقعات بترشيح وزير الخارجية السابق أحمد أبو الغيط

نبيل العربي (رويترز)
نبيل العربي (رويترز)
TT

العربي يعلن انتهاء مهامه كأمين عام للجامعة العربية بنهاية الولاية الحالية

نبيل العربي (رويترز)
نبيل العربي (رويترز)

أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي انتهاء فترة ولايته كأمين عام للجامعة العربية اعتبارا من أول يوليو (تموز) المقبل، وعدم التجديد لفترة جديدة. وقال العربي أمس: «لقد تم انتخابي في 15 مايو (أيار) 2011 لمدة خمس سنوات وتسلمت ولايتي كأمين عام للجامعة العربية في أول يوليو من العام نفسه وتنتهي في يوليو 2016». وأضاف: «طلبت من الحكومة المصرية عدم التفكير في طلب التجديد لي لفترة جديدة»، مشيرا إلى أن مدة ولايته الحالية كأمين عام للجامعة العربية تنتهي في أول يوليو 2016 وأنه مستمر حتى انتهاء ولايته. وأشار العربي إلى أنه خلال الفترة التي قضاها كأمين عام للجامعة العربية على مدى خمس سنوات شهدت كلها اضطرابات وتحديات جساما، لكن على الرغم من ذلك حاولت الجامعة العربية القيام بدورها، مؤكدا أن «الجامعة العربية مؤهلة لذلك»، مشيدا بجميع العاملين في الجامعة وقال: «أشهد بأنهم يقومون بواجباتهم على أكمل وجه». وقال العربي إنه «أكد منذ مشاركته في أول اجتماع لوزراء الخارجية العرب في سبتمبر (أيلول) 2011 ضرورة تطوير وتحديث ميثاق جامعة الدول العربية الذي تم كتابته عام 1944، وأنه كرر هذا الطلب عشرات المرات، وذلك حتى تكون الجامعة منظمة معاصرة تستطيع أن تواجه التحديات الجسام التي نراها حولنا في المشرق والمغرب». وأضاف العربي أنه «بالفعل تم إنشاء لجنة برئاسة الوزير الجزائري الأسبق الأخضر الإبراهيمي ووضعت تقريرا هاما أقرته القمة العربية»، مؤكدا أن الموضوع في يد الدول العربية الآن ويتوقف على إرادتها ليتم إقرار الميثاق الجديد، مشيرا إلى أنه كانت هناك تطويرات أخرى في هذا الإطار.
وأكد أنه كانت هناك أمور أخرى هامة بحثت خلال هذه الفترة وفي مقدمتها موضوع القوة العربية المشتركة التي اقترحها الرئيس عبد الفتاح السيسي في قمة شرم الشيخ، وتم بالفعل عقد اجتماعين تاريخيين لرؤساء الأركان في الدول العربية والموضوع مطروح الآن أمام الدول العربية عندما تقرر اتخاذ القرار بشأن إنشاء هذه القوة، مشيرا إلى أن هناك أمورا أخرى كثيرة لم تتبلور بعد مثل المحكمة العربية لحقوق الإنسان. وتابع «أستطيع أن أقول إن التوجه العام يرمي إلى الإصلاح والتطوير». من جانبها، أعربت الرئاسة المصرية عن عميق الشكر والتقدير للدكتور العربي في ختام مهام عمله، إذ كرس وقته وجهده وخلاصة خبرته القانونية والدبلوماسية لصالح خدمة القضايا العربية والدفاع عن مصالح الدول والشعوب العربية، في مرحلة تاريخية صعبة وغير مسبوقة واجهت فيها الدول العربية - ولا تزال - تحديات جسيمة طالت كياناتها ومؤسساتها الوطنية ومقدرات شعوبها. وذكر بيان أصدرته أمس أن «العربي بخبرته القانونية والدبلوماسية الكبيرة قاد مسيرة العمل العربي المشترك، وواصل بجهد وإتقان الجهود المبذولة لتطوير الجامعة العربية، من خلال تطوير ميثاق الجامعة وآليات عملها، لتصبح أكثر تعبيرًا عن آمال وتطلعات دولها الأعضاء من شعوبٍ وحكومات في دعم أواصر علاقاتها العربية ومواجهة تحديات العلاقات الدولية المعاصرة».
وأعربت الرئاسة مجددًا عن تقديرها البالغ للجهود المُقدرة التي بذلها العربي، سواء على صعيد توليه أمانة الجامعة، أو من خلال رفع اسم مصر عاليًا في المحافل القانونية الدولية، متمنية للفقيه القانون الدولي الكبير كل الخير والتوفيق، ومواصلة عطائه في مختلف المجالات التي طالما أثراها بعلمه الغزير وخلقه الرفيع، فهو نموذج مشرف للمواطن المصري المحب لوطنه، وللمواطن العربي المنتمي لأُمَته. وفي تعقيبه على اعتزام العربي عدم التجديد في منصبه قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن المسيرة الدبلوماسية للدكتور العربي حافلة عبر إسهاماته الداعمة لوحدة الصف وحماية المصالح العربية، معربا عن عميق تقديره لما بذله من جهود كبيرة وقدمه من إسهامات لدعم وحدة الصف العربي وحماية المصالح العربية خلال توليه منصب أمين عام جامعة الدول العربية في ظل ظروف إقليمية ودولية دقيقة.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن وزير الخارجية الأسبق أحمد أبو الغيط مرشح لخلافة الدكتور نبيل العربي كما طرحت أسماء أخرى من بينها نبيل فهمي وزير الخارجية السابق، بينما استبعدت بعض المصادر ترشيح مصر للوزير سامح شكري وزير الخارجية الحالي، كما يتوقع البعض أن تقوم بعض الدول العربية بترشيح بعض الشخصيات العامة والسياسية لديها.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.