الهدنة السورية في يومها الثاني.. خروقات للنظام وحليفه الروسي وتحذيرات من انهيارها

روسيا: تلقينا موافقة 69 جماعة معارضة على وقف القتال

الهدنة السورية في يومها الثاني.. خروقات للنظام وحليفه الروسي وتحذيرات من انهيارها
TT

الهدنة السورية في يومها الثاني.. خروقات للنظام وحليفه الروسي وتحذيرات من انهيارها

الهدنة السورية في يومها الثاني.. خروقات للنظام وحليفه الروسي وتحذيرات من انهيارها

شهدت الهدنة في يومها الثاني بسوريا خروقات للنظام وغارة للطيران الروسي، ما دفع بالمعارضة السورية للتحذير من انهيارها بسبب تلك الخروقات.
واتهمت نغم الغادري نائبة رئيس الائتلاف السوري، روسيا والنظام السوري بخرق الهدنة، وقالت إنه تم تقديم شكوى بذلك إلى المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا.
رعاة وقف إطلاق النار في سوريا، وصفوا أول أيام الهدنة بالإيجابي، في حين أقر المبعوث الدولي إلى سوريا دي ميستورا، بوقوع حوادث متفرقة شابت الهدوء على مختلف جبهات القتال، وأعلن عزمه استئناف محادثات السلام في جنيف في السابع من مارس (آذار) المقبل.
وشهدت 15 منطقة خرقاً للهدنة قامت بها قوات النظام في سوريا.
الائتلاف السوري وجه اتهاماً مباشراً لقوات النظام السوري وروسيا، التي أعلنت تعليق غاراتها الجوية، بالخرق المتكرر للهدنة.
ويبقى التحدي الأكبر أمام العاملين في هذا المجال هو السباق مع الوقت لاستغلال أيام الهدنة الأربعة عشر - إن صمدت - في إيصال أكبر قدر ممكن من مواد الإغاثة لمحتاجيها، وإخراج الجرحى والمرضى من المناطق المحاصرة.
وفي ذات السياق، قال متحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن المعارضة السورية، اليوم (الأحد)، إن المعارضة ستلتزم بوقف القتال رغم وقوع 15 انتهاكاً على الأقل لوقف إطلاق النار.
وأضاف المتحدث سالم المسلط أن الهيئة سترفع شكوى إلى الأمم المتحدة والدول التي تدعم عملية السلام بشأن ضربات جوية روسية مزعومة حول مدينة حلب وهجمات نفذها حزب الله اللبناني في مدينة الزبداني، دون أن يقدم تفاصيل، مؤكداً أن المعارضة تنتظر إجابات بشأن طريقة مراقبة الهدنة التي بدأت منتصف ليل الجمعة.
فيما نقلت وكالات أنباء روسية عن رئيس مركز التنسيق الروسي في سوريا قوله، اليوم، إن المركز سجل 9 انتهاكات لاتفاق وقف الأعمال القتالية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، لكن سيرجي كورالينكو رئيس المركز، ذكر أن وقف الأعمال القتالية الذي تم الاتفاق عليه في إطار خطة أميركية - روسية متماسك "بشكل عام"، مضيفاً أن الانتهاكات تشمل قصفاً في محافظة اللاذقية.
من جة أخرى، قالت وكالة انترفاكس للأنباء اليوم، إن مركز التنسيق الروسي في سوريا تلقى قائمة من الولايات المتحدة بأسماء 69 جماعة معارضة مسلحة وافقت على شروط وقف الأعمال القتالية في سوريا، على حد قوله.
وأضاف المركز، أن الجماعات المدرجة على القائمة شملت بعضاً من تلك التي أكدت موافقتها عن طريق اللجنة العليا للمفاوضات إلى جانب بعض الجماعات التي أبلغت الولايات المتحدة مباشرة بقبول الهدنة.
ونقلت الوكالة، عن بيان للمركز، أن روسيا نفسها تلقت إعلان موافقة 17 جماعة مسلحة من المعارضة السورية المعتدلة، وأنه سجل ست وقائع قصف لمناطق سكنية في دمشق أمس (السبت)، من مناطق تسيطر عليها المعارضة المعتدلة.
وفي وقت سابق صباح اليوم، قصفت طائرات حربية ست بلدات سورية في الجزء الغربي من محافظة حلب، بعد انقضاء يوم واحد من بدء سريان اتفاق وقف الأعمال القتالية، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأكد مقاتلو المعارضة وقوع الضربات الجوية، وقالوا إن طائرات حربية روسية نفذتها لكن المرصد قال إن هوية الطائرات لم تتضح.
وشهدت أطراف العاصمة السورية هدوءاً إلى حد كبير من دون رصد أي خروقات تذكر، واستيقظ سكان دمشق لليوم الثاني على التوالي من دون سماع دوي القصف من مناطق ريف دمشق.
وهذه الهدنة هي الأولى بهذا الحجم التي تلتزم بها قوات النظام والفصائل المعارضة منذ بدء النزاع الذي أسفر خلال خمس سنوات عن سقوط أكثر من 270 ألف قتيل.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.