العبادي يرفض تهديدات الصدر باقتحام المنطقة الخضراء.. والجبوري دعا لتفاهم لمواجهة التحديات

طالب بقيام كتل سياسية عابرة للطائفية.. ودعا الأحزاب إلى إصلاح نفسها

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في صورة تعود إلى 11 فبراير أثناء زيارته إلى برلين (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في صورة تعود إلى 11 فبراير أثناء زيارته إلى برلين (إ.ب.أ)
TT

العبادي يرفض تهديدات الصدر باقتحام المنطقة الخضراء.. والجبوري دعا لتفاهم لمواجهة التحديات

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في صورة تعود إلى 11 فبراير أثناء زيارته إلى برلين (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في صورة تعود إلى 11 فبراير أثناء زيارته إلى برلين (إ.ب.أ)

رفض رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ضمنًا التهديدات التي أطلقها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر خلال خطبة ألقاها أول من أمس الجمعة، أمام الآلاف من أتباعه، وهدد فيها باقتحام المنطقة الخضراء في مسيرات جماهيرية غاضبة.
وقال العبادي في كلمة له خلال المؤتمر الذي عقده البرلمان العراقي بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة في العراق، أمس في فندق الرشيد، وحضرته «الشرق الأوسط»، إن «هناك شعارات يطلقها الكثيرون التي تدعو إلى عبور الخطوط المجتمعية والمذهبية والفواصل بين المكونات، ولكنها في نهاية المطاف لم تحقق الكثير على أرض الواقع»، مشيرا إلى أنه «لا توجد كتلة سياسية تعترف بأنها مسؤولة عن الفساد في البلد، فالكل يتبرأ، ويعينون وزراءهم ويفرضونهم على رئيس الوزراء ومن ثم يتبرأون منهم». وأكد العبادي أن «الكثير من الكتل السياسية قامت إما على أساس اسمي، أو على أساس مذهبي»، داعيًا إلى «تشكيل كتلة كبيرة عابرة للطائفية وعابرة للاسمية قادرة على أن تعبر الخلافات الطائفية والمجتمعية».
وأوضح رئيس الوزراء العراقي أن «الكتل السياسية ما زالت متمسكة بوزرائها، وبهذا العمل لا نستطيع أن نصلح البلاد»، مطالبًا الأحزاب المتنفذة بـ«إصلاح نفسها، فليس من الممكن أن نصلح المجتمع والأحزاب غير صالحة، وما ممكن أن نعمق مفهوم الديمقراطية والحرية في المجتمع وأحزابنا المتنفذة غير ديمقراطية ولا تملك الحرية في داخلها». كما حذر العبادي من «تحفيز المجتمع للخلافات المذهبية وللأطماع الذاتية»، ودعا إلى «تشكيل كتلة كبيرة عبارة للطائفية لتتجاوز جميع الخلافات». وفيما أكد «تمسك الكتل السياسية بوزرائها»، طالب الأحزاب المتنفذة بـ«إصلاح نفسها قبل إصلاح المجتمع». ولفت العبادي إلى أن «العملية السياسية لا يمكن أن تنصلح إلا أن نصلحها من الداخل، وليس بطريقة التهديد»، مشيرًا إلى أن «طريقة التهديد لا توصلنا إلى نتيجة، فهذا مخالف للعملية السياسية».
من جهته، كشف رئيس البرلمان سليم الجبوري أنه «بدءا من الأسبوع المقبل ستبدأ اللقاءات وبشكل مكثف بين العبادي والكتل السياسية بما فيها (تحالف القوى) لتنفيذ آلية التغيير الوزاري». وقال الجبوري في حديث لعدد من وسائل الإعلام على هامش مؤتمر المصالحة المجتمعية، من بينها «الشرق الأوسط»، إن «ما سيتم الاتفاق عليه سيعرض على البرلمان للتصويت عليه». وأضاف الجبوري أن «البرلمان لا يستطيع إعطاء صلاحياته لأي جهة، ولم يعطيها سابقا، ولن يعطيها مستقبلا»، لافتا إلى أن «استقالات وزراء (اتحاد القوى) تحت تصرف الرؤيا الجمعية لـ(اتحاد القوى)». وكان الجبوري، وفي الكلمة التي ألقاها في المؤتمر، دعا إلى الشروع الفعلي بالخطوات العملية للمصالحة المجتمعية في العراق، فيما خالف رؤية العبادي بشأن المظاهرات الجماهيرية الحاشدة الني رعاها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر. وقال إن «العراق يحتاج إلى الشروع الفعلي بالخطوات العملية للمصالحة المجتمعية، التي بقيت طوال الفترة الماضية قيد البحث والحوار والإنضاج والاقتراح». وأضاف الجبوري أنه آن «الأوان لتنتقل المصالحة من دائرة النظرية إلى ميدان التطبيق»، عادّا أن «كل مستلزمات نجاح هذا المشروع حضرت أو أوشكت، وأولها الحاجة الماسة والضرورة الحتمية له».
وأكد الجبوري أن «مواجهة الإرهاب ومشروع الإعمار يتطلبان قدرًا عاليًا من التفاهم والدعم الذي توفره المصالحة المجتمعية»، داعيا إلى «البدء بجدية لإنجاز الحوار الوطني العراقي والتفاهم على خارطة طريق واضحة وواقعية تتعدى المجاملات واللغة الدبلوماسية، على أن تتوفر الإرادة بالبدء والاتفاق على إنجاز المؤجل منها والتعهد بتطبيقه بتوقيتاته». وطالب الجبوري «بدراسة للأسباب التي أدت إلى التلكؤ، أو فشل، أو عدم تنفيذ المبادرات السابقة كاتفاق أربيل، و(وثيقة مكة)، أو حتى وثيقة الاتفاق السياسي، التي لم تدخل جميعها حيز التنفيذ»، محذرا من «إضافة وثيقة جديدة لا تتعدى كونها وثيقة، قد تزيد الأمر سوءًا وتعزز حالة الإحباط التي تنتاب الجماهير وتهيمن عليهم سنوات طوال».
في سياق ذلك، أكد عضو البرلمان العراقي عن «تحالف القوى العراقية» عضو لجنة المصالحة الوطنية في البرلمان العراقي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «قضية المصالحة المجتمعية هي الأساس الذي يمكن أن تنطلق منه المصالحة الوطنية الحقيقية، شريطة توفر الإرادة الحقيقية لدى الكتل السياسية التي هي من تعمل على إعاقة مشروع المصالحة لأسباب وعوامل مختلفة». وبشأن الحراك السياسي الحالي والدعوة إلى التغيير الجوهري، قال الكريم إن «الكتل السياسية ترغب في التغيير حتى لو كان جوهريا، لكنها تنظر إلى مفهوم التكنوقراط والاستقلالية بطرق مختلفة؛ حيث إنها ترى أن اقتصار الاستقلالية على الكتل التي ترشح الوزراء في حين ينتمي رئيس الوزراء إلى كتلة سياسية هي حزب الدعوة، يعني استمرار هيمنة حزب الدعوة على الحياة السياسية في العراق». وأوضح الكريم أن «هذه الإشكالية لم يتم تجاوزها، ومن الواضح أن من الصعب تجاوزها بسبب تراكم الأخطاء وأزمة الثقة وعدم وجود رغبة متكاملة من كل الأطراف للشروع بعملية تغيير حقيقي يمكن من خلالها مواجهة التحديات التي يواجهها العراق على كل المستويات».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم