الميليشيات ترتكب 530 حالة انتهاك للحريات الإعلامية

630 من الصحافيين يفقدون أعمالهم في المحافظات اليمنية التي يسيطر عليها الانقلابيون

مراسل الجزيرة الذي اعتقل في تعز من قبل الحوثيين وأطلق سراحه لاحقًا
مراسل الجزيرة الذي اعتقل في تعز من قبل الحوثيين وأطلق سراحه لاحقًا
TT

الميليشيات ترتكب 530 حالة انتهاك للحريات الإعلامية

مراسل الجزيرة الذي اعتقل في تعز من قبل الحوثيين وأطلق سراحه لاحقًا
مراسل الجزيرة الذي اعتقل في تعز من قبل الحوثيين وأطلق سراحه لاحقًا

تستمر ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، وبشكل ممنهج، على إسكات أصوات الصحافيين في اليمن، سواء كان مراسلاً لوسيلة خارجية أو محلية، وذلك من خلال التحريض والمطاردة والاعتقالات والقتل، حيث لا يزال عدد من الصحافيين اليمنيين مغيبين خلف القضبان من قبل الميليشيات الانقلابية بسبب عملهم في نقل الحقيقة.
إذ كشف مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، منظمة مجتمع مدني مستقلة في اليمن، ارتكاب الميليشيات الانقلابية لـ530 حالة انتهاك للحريات الإعلامية في اليمن خلال سنة 2015، تنوعت بين قتل واختطاف وتهديد وغيرها، معبرًا عن قلقه الشديد الذي يمر به الصحافيون ونشطاء التواصل الاجتماعي في اليمن في محاولة من الميليشيات إسكات الأصوات المعارضة لها.
وقال المركز في بلاغ صحافي له، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنهم رصدوا 530 حالة انتهاك للإعلام في اليمن خلال عام 2015م «تعرض لها إعلاميون ونشطاء التواصل الاجتماعي وتوزعت بين حالات قتل واختطاف وإصابة وتهديد ومحاولة قتل واقتحام ونهب منازل ومؤسسات إعلامية واعتداء بالضرب وإيقاف ومصادرة الصحف إلى جانب حجب واختراق مواقع إلكترونية وشملت الانتهاكات أيضًا ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي».
وأضاف: «تنوعت الانتهاكات لعام 2015 بين حالات قتل بلغت 14 حالة، و9 محاولات قتل، و214 حالة اختطاف، و40 حالة اعتقال، و69 حالة تهديد، و42 حالة اعتداء، و13 حالة إصابة، و83 حالة توزعت بين إيقاف قنوات محلية وعالمية وإذاعات ومصادرة وإيقاف الصحف والمجلات وحجب مواقع إخبارية، و46 حالة اقتحام ونهب مؤسسات إعلامية ومنازل إعلاميين وناشطي وسائل التواصل الاجتماعي».
وأكد التقرير «فقدان أكثر من 630 من الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام أعمالهم جراء وقف ومصادرة واجتياح عدد من المواقع والصحف والقنوات والإذاعات في المحافظات اليمنية التي تسيطر عليها جماعة الحوثي والسلطات التي تخضع لسيطرتها، ونشر قوائم بأسماء الصحافيين تمهيدا لاعتقالهم».
وذكر مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي إلى أن محافظة صنعاء احتلت المرتبة الأولى للانتهاكات بعدد 196 حالة بنسبة 37 في المائة من إجمالي عدد الانتهاكات، تلتها محافظة شبوة بعدد 49 انتهاكًا وبنسبة 9 في المائة من إجمالي عدد الانتهاكات، ثم محافظة إب بعدد 41 حالة انتهاك وبنسبة 8 في المائة، ثم محافظة تعز بعدد 38 حالة انتهاك وبنسبة 7 في المائة، ثم محافظة عدن بعدد 31 حالة انتهاك وبنسبة 6 في المائة، ثم محافظة الحديدة بعدد 28 حالة انتهاك وبنسبة 5 في المائة، ثم محافظة الضالع بعدد 24 حالة انتهاك وبنسبة 5 في المائة، وتوزعت بقية الانتهاكات في محافظة حضرموت 27 حالة وحجة 17 حالة وذمار 22 حالة ومأرب 19 حالة، وعمران 17 حالة والمحويت 11 حالة والبيضاء 9 حالات والجوف حالة، وبأن جميع حالات الانتهاك التي يمر بها الإعلام تتمركز غالبيتها في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون ومناطق الصراع التي تسعى الجماعة للسيطرة عليها تلتها المناطق التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة.
وأوضح التقرير أن 425 حالة انتهاك أي ما يساوي 80 في المائة من إجمالي الانتهاكات مارستها جماعة الحوثيين، تلتها 46 انتهاكا مارسها مجهولون، أي ما يساوي 9 في المائة و22 انتهاكًا مارسها تنظيم القاعدة أي ما يساوي 4 في المائة. واستنكر مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي الانتهاكات ضد الإعلاميين وناشطي التواصل الاجتماعي من قتل وتعذيب واختطافات وإخفاء قسري للمعتقلين دون السماح لأسرهم من التواصل معهم، حيث قامت بإيقاف صرف رواتب ومستحقات كثير من الإعلاميين إلى جانب إيقاف ونهب عدد من الصحف والمجلات، وحجب كثير من المواقع الإخبارية، ومؤسسات إعلامية توقف نشاطها تماما نتيجة للانتهاكات التي تمارسها هذه الجماعات.
وأعرب التقرير عن قلق المركز للوضع الإعلامي في المحافظات التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة والذي بات يشكل قلقا لكل العاملين في الحقل الإعلامي، ومنذ سيطرة جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة على كثير من المحافظات تعرض الإعلاميون للقتل والاختطاف، مما جعلهم يمارسون أعمالهم من أماكن سرية ومتخفين. وطالب المركز جماعة الحوثي بالتوقف عن استخدام سياسة تكميم الأفواه والقمع والمضايقات ضد الإعلاميين.
وكان زعيم جماعة الحوثي عبد الملك الحوثي، شن في أحد خطاباته في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي هجوما على الصحافيين، الذي وصفهم بالمرتزقة وأنهم أكثر سوءًا من المقاتلين المرتزقة الجهلة.
من جانبها، وصفت منظمة صحافيات بلا قيود في تقرير لها نشرته «الشرق الأوسط»، أول من أمس، بأن «عام 2015 أسوأ عام مر على الصحافة منذ إعلان الجمهورية اليمنية». مؤكدة أن جماعة الحوثيين تسببت بانتكاسة كبيرة لمسار التطور الطبيعي الذي كانت قد وصلت إليه الحريات الإعلامية بعد ثورة 11 فبراير (شباط) 2011 التي راهن عليها اليمنيون لتغيير حياتهم إلى الأفضل، وتعمدت الجماعة الانقلابية ارتكاب جرائم ممنهجة ضد الصحافيين والحريات الإعلامية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.