وقف إطلاق النار في سوريا خرق دولي كبير في جدار الأزمة

مسيرة طويلة منذ خريف 2011

وقف إطلاق النار في سوريا خرق دولي كبير في جدار الأزمة
TT

وقف إطلاق النار في سوريا خرق دولي كبير في جدار الأزمة

وقف إطلاق النار في سوريا خرق دولي كبير في جدار الأزمة

يُعد احتمال نجاح وقف الأعمال العدائية في سوريا، المقرر اعتبارا من اليوم السبت، «خرقا دوليا كبيرا» في جدار الأزمة المستمرة منذ عام 2011 التي أوقعت أكثر من 270 ألف قتيل، وساهمت في تهجير ملايين الأشخاص.
وقد شهدت السنوات الخمس الماضية محاولات كثيرة لوقف إطلاق النار لتسوية هذا النزاع باءت بالفشل. وأبرز هذه المحاولات:
- نوفمبر (تشرين الثاني) 2011: أعلنت الجامعة العربية عن اتفاق حول خطة تنص على وقف لأعمال العنف والإفراج عن السجناء وانسحاب الجيش من المدن. ولم تحترم أي من البنود. وفي الأسابيع التالية علقت الجامعة العربية عضوية سوريا وفرضت عليها عقوبات غير مسبوقة.
- مطلع عام 2012 أغلق النظام الباب أمام أي حل عربي، وأكد تصميمه على القضاء على «الثورة الشعبية» التي تحولت إلى نزاع مسلح.
- أبريل (نيسان) 2012: لم يصمد وقف لإطلاق النار في إطار خطة لموفد الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان إلا ساعات. في 14 و21 أبريل، أجاز قراران لمجلس الأمن الدولي بنشر 30 ثم 300 مراقب. لكن في 16 يونيو (حزيران) أعلن رئيس المراقبين الدوليين «تعليق» مهمتهم بسبب «احتدام المعارك».
- يونيو 2012: في جنيف اتفقت مجموعة العمل (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وتركيا ودول عربية) على مبادئ عملية انتقالية قبل الاختلاف على تفسيرها. وترى واشنطن أن هذا الاتفاق الذي لم يطبق أبدا يفسح المجال لحقبة «ما بعد الأسد»، في حين تؤكد موسكو وبكين أن على السوريين تقرير مستقبلهم.
- سبتمبر (أيلول) 2013: أبرمت الولايات المتحدة وروسيا في جنيف اتفاقا حول تفكيك الترسانة الكيميائية السورية. وإبرام هذا الاتفاق أبعد في اللحظة الأخيرة تهديد الضربات الأميركية الذي تم التلويح به بعد هجوم كيميائي نسب إلى النظام.
- يناير (كانون الثاني) 2014: انتهت أول المفاوضات بين المعارضة والنظام التي أطلقت بضغط من واشنطن وموسكو دون نتيجة ملموسة.
- فبراير (شباط): أنهى وسيط الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي الذي خلف كوفي أنان في 2012 المفاوضات.
- مايو (أيار) 2014: استقال الإبراهيمي. وفي يوليو (تموز) خلفه الإيطالي - السويدي ستيفان دي ميستورا.
- أكتوبر (تشرين الأول) 2015: بعد شهر على بدء التدخل العسكري الروسي درس 17 بلدا بينها روسيا والولايات المتحدة وفرنسا، ولأول مرة إيران، في فيينا عاصمة النمسا، سبل التوصل إلى تسوية سياسية في غياب ممثلين سوريين. وانتهت المفاوضات على خلافات كبيرة حول مصير الأسد.
- نوفمبر 2015: اتفقت الدول العظمى على خريطة طريق، لكن خلافات بقيت حول مستقبل الرئيس السوري.
- ديسمبر (كانون الأول) 2015: لأول مرة تبنى مجلس الأمن بالإجماع قرارا يحدد خريطة طريق لإيجاد حل سياسي. وإضافة إلى المفاوضات بين المعارضة والنظام ووقف لإطلاق النار، نص القرار على تشكيل حكومة انتقالية خلال 6 أشهر وتنظيم انتخابات خلال 18 شهرا.
- يناير 2016: بدء محادثات برعاية الأمم المتحدة في جنيف. في الثالث من فبراير علقت المفاوضات السورية، بسبب هجوم لنظام دمشق بدعم من الطيران الروسي، على المعارضة.
- فبراير 2016: اتفقت الولايات المتحدة وروسيا اللتان تتوليان رئاسة «المجموعة الدولية لدعم سوريا» في ميونيخ بألمانيا على «وقف الأعمال العدائية» خلال أسبوع. ولم يصمد وقف إطلاق النار. وأعلنت واشنطن وموسكو «وقف الأعمال العدائية» عند منتصف ليل 27 فبراير بتوقيت دمشق، ووافق على الاتفاق النظام والمعارضة والميليشيات الكردية السورية، ولا يشمل مسلحي تنظيم داعش وجبهة النصرة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.