مندوب اليمن في الأمم المتحدة: نسعى إلى وضع حزب الله على قائمة الإرهاب الدولية

مصادر تكشف لـ {الشرق الأوسط} عن صلات وثيقة للمخلوع صالح بالتنظيم اللبناني

مندوب اليمن في الأمم المتحدة: نسعى إلى وضع حزب الله على قائمة الإرهاب الدولية
TT

مندوب اليمن في الأمم المتحدة: نسعى إلى وضع حزب الله على قائمة الإرهاب الدولية

مندوب اليمن في الأمم المتحدة: نسعى إلى وضع حزب الله على قائمة الإرهاب الدولية

قال السفير خالد حسين اليماني، مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة، أمس، إن الحكومة اليمنية أصبحت تمتلك وثائق متكاملة عن تورط حزب الله اللبناني في دعم المتمردين الحوثيين، في الوقت الذي كشفت فيه مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن علاقة تربط التنظيم اللبناني المتطرف بالمخلوع علي عبد الله صالح.
وذكر اليماني، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن تقريرا متكاملا سيقدم إلى مجلس الأمن الدولي بخصوص دور حزب الله في اليمن، وأن الحكومة اليمنية سوف تضع المجتمع الدولي أمام صورة كاملة لهذا الدور لحزب الله، الذي وصفه بالإرهابي، وأن والوثائق دامغة بالصوت والصورة.. وغيرها.
وأكد سفير اليمن لدى الأمم المتحدة أن الحكومة اليمنية، وفي ضوء ما تمتلكه من دلائل وبراهين على تورط حزب الله في زعزعة استقرار اليمن ودعم جماعة الحوثي المتمردة، ستطالب مجلس الأمن الدولي بوضع حزب الله في «قائمة المنظمات الإرهابية والداعمة للإرهاب»، مشيرا إلى أن هذه التنظيم اللبناني هو بمثابة مخلب القط للمشروع الإيراني في المنطقة، وإلى أنه يسعى إلى تدمير اليمن، كما عطل الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية في لبنان. كما أشار إلى أن الحديث عن هذا الحزب الإرهابي، لا يعني الحديث، بأي حال من الأحوال، عن لبنان كبلد وشعب.
وفي الوقت نفسه، كشفت مصادر سياسية يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» مزيدا من المعلومات حول دور ووجود حزب الله في اليمن، حيث أشارت المصادر إلى دور الحزب في الانقلاب الذي قاده الحوثيون بالتحالف مع علي عبد الله صالح، على الشرعية اليمنية، إضافة إلى العلاقات التي ربطت التنظيم اللبناني بعدد من الأطراف في الساحة اليمنية، خلال السنوات القليلة الماضية، وكذلك العلاقات الاستثمارية المشبوهة مع تلك الأطراف. فقد أكد السفير اليماني أن جهاز الأمن القومي (المخابرات) الذي كان يتبع المخلوع صالح، كان على اطلاع كامل بكل أنشطة حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني في اليمن، وكذلك عمليات تدريب مئات كوادر الحوثيين في لبنان وغيره، على يد خبراء في حزب الله، في المجالات العسكرية والأمنية والاتصالات والدعاية والإعلام وغيرها من المجالات، مشيرا إلى أن صالح كان يرغب في استخدام تلك المعلومات أوراقا في الصراع، كما أشار إلى العلاقات التي تربط المخلوع صالح بشخصيات في حزب الله، في مجال غسل الأموال وتهريب الأسلحة، وتهريب الأموال إلى الخارج، مؤكدا أن لجنة الخبراء سوف تبحث هذه القضايا في ما يتعلق بالأموال المهربة لتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي بحقها. وفي السياق ذاته، كشفت مصادر «الشرق الأوسط» أن المخلوع علي عبد الله صالح هو من سهل لحزب الله التحرك في اليمن والتواصل مع المتمردين الحوثيين، طوال أكثر من 15 عاما، وأن هناك عناصر مقربة من صالح ارتبطت بالتنظيم اللبناني المتطرف، الذي استخدم تلك العناصر والتسهيلات التي منحت له من صالح، لتوسيع شبكاته واتصالاته في اليمن.
وفي حين عدّت المصادر ملف علاقة صالح بحزب الله «غامضا في جوانب كثيرة منه»، فقد أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الحزب «تمكن من بناء شبكات منظمة في اليمن، وكانت هناك ثقة بالحزب حتى من قبل بعض الجهات الرسمية. وكانت علاقة صالح بالحزب قوية، واستغل الحزب هذه العلاقة في تنفيذ أجنداته، وقدم حزب الله خدمات لعصابات التهريب ومافيا تجارة الأسلحة والمخدرات، حيث كان شريكا وكانت مهمته الرئيسية هي غسل الأموال». وأضافت المصادر اليمنية المطلعة: «ظل صالح يتبادل الهدايا مع حسن نصر الله وقيادات من الحزب خلال الحروب الست، التي كان يخوضها صالح (صوريًا) ضد الحوثيين في محافظة صعدة ومنطقة حرف سفيان في محافظة عمران»، وأشارت إلى أن «العلاقة تمتنت وتزايدت تدخلات الحزب، بعد أن تكشفت ملفات تدخلات الحزب في اليمن وقوة تأثيره في الملف اليمني». وأكدت أن «المسألة لم تقتصر على شخصيات تنتمي إلى الحزب، وإنما تجاوزت ذلك إلى أشخاص آخرين استخدموا غطاء لبعض الأنشطة والتحركات، يمكن وصفهم بأصحاب مصالح ومرتزقة»، وأردفت المصادر: «كما كانت للحزب علاقات بأطراف يمنية، وكل هذه العلاقات تم توظيفها في خدمة مشروع تصدير الثَّوْرَة الذي انتهى بالانقلاب، وكان لحزب الله دور بارز في التخطيط لهذا الانقلاب»، وتناولت المعلومات دورا مهما لأحد أقرباء صالح، المقيم في بيروت، على صعيد الجوانب المشتركة بين صالح والحوثيين وحزب الله، في المجالات الاستثمارية والأمنية، «المشروعة وغير المشروعة»، بحسب تعبير المصادر.
وكانت الحكومة اليمنية كشفت، اليومين الماضيين، عن تورط حزب الله اللبناني في الحرب في اليمن، من خلال عناصره الموجودة في الميدان، التي أثبتت بعض التسجيلات المصورة دورها في عمليات تدريب عناصر الميليشيات الحوثية لشن هجمات على الحدود السعودية، إضافة إلى التخطيط لاغتيال شخصيات يمنية وسعودية في اليمن والمملكة العربية السعودية، وذكرت الحكومة اليمنية أنها ستلجأ إلى مجلس الأمن الدولي لتقديم شكوى ضد الحزب وللمطالبة بقرار يعده منظمة إرهابية، نظرا لتدخلاته في الشؤون الداخلية لدول المنطقة والتخطيط لشن عمليات إرهابية.
على صعيد آخر، حركت قيادة الشرعية، في الأيام القليلة الماضية، جملة من الملفات والقضايا السياسية والأمنية والعسكرية على الساحة اليمنية، وتزامن تحريك هذه الملفات مع زيارة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى الرياض واللقاءات الموسعة التي أجراها مع القيادات اليمنية في الحكومة ومجلس الدفاع الوطني والهيئة الاستشارية، وأكدت مصادر مقربة من الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» أن القيادة اليمنية تجري ترتيبات واسعة النطاق في الرياض ومأرب لعملية تحرير صنعاء بعملية عسكرية كبيرة وخاطفة، وأشارت المصادر إلى أن الفريق علي محسن الأحمر، الذي تسلم مهامه نائبا للقائد الأعلى للقوات المسلحة، بدأ في إجراء لقاءات موسعة على صعيد القيادات العسكرية، وكذا على مستوى دبلوماسي، إضافة إلى الاتصالات المكثفة التي يجريها وتجريها قيادات الشرعية وقيادات المقاومة وقوات الجيش الوطني، بالفعاليات السياسية والحزبية والقوى القبلية في العاصمة صنعاء والمناطق القبلية المحيطة بها.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.