الاتحاد الأوروبي يمهل الدول الأعضاء 10 أيام للحؤول دون انهيار نظام الهجرة

وزير الهجرة اليوناني: لن نتحول إلى لبنان أوروبا

وزير خارجية لوكسمبورغ جون أسيلبورن برفقة وزير داخلية ألمانيا توماس ديمزيير والمفوض الأوروبي المكلف شؤون الهجرة ديمتريس افراموبولوس أمس في بروكسل (أ.ف.ب)
وزير خارجية لوكسمبورغ جون أسيلبورن برفقة وزير داخلية ألمانيا توماس ديمزيير والمفوض الأوروبي المكلف شؤون الهجرة ديمتريس افراموبولوس أمس في بروكسل (أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يمهل الدول الأعضاء 10 أيام للحؤول دون انهيار نظام الهجرة

وزير خارجية لوكسمبورغ جون أسيلبورن برفقة وزير داخلية ألمانيا توماس ديمزيير والمفوض الأوروبي المكلف شؤون الهجرة ديمتريس افراموبولوس أمس في بروكسل (أ.ف.ب)
وزير خارجية لوكسمبورغ جون أسيلبورن برفقة وزير داخلية ألمانيا توماس ديمزيير والمفوض الأوروبي المكلف شؤون الهجرة ديمتريس افراموبولوس أمس في بروكسل (أ.ف.ب)

حض الاتحاد الأوروبي أمس الدول الأعضاء على تحقيق نتائج ملموسة في إدارتها لأزمة المهاجرين خلال مهلة عشرة أيام، وإلا فإن نظام الهجرة بأكمله سينهار، فيما هيمن توتر شديد بين اليونان والنمسا على لقاء وزاري في بروكسل.
وحذر المفوض الأوروبي المكلف بشؤون الهجرة، ديمتريس إفراموبولوس، في ختام اجتماع وزراء داخلية الدول الأعضاء الـ28 في بروكسل من أنه «خلال الأيام العشرة المقبلة، يجب أن نحقق نتائج واضحة وملموسة على الأرض. وإلا فهناك خطر انهيار النظام بالكامل». وفيما لم يذكر إفراموبولوس نظام «شينغن» بالاسم، إلا أن مراقبين عدوا أنه يقصد هنا نظام شينغن في حد ذاته. إلا أن المسؤول الأوروبي عاد وتناول ضرورة تطبيق النظام بشكل كامل، ولمح إلى ثلاثة أمور وهي نظام اللجوء، ومعاهدة شينغن، واتفاق ديبلن. كما دعا مجددا إلى تطبيق سريع للقرارات التي اتخذتها الدول الأعضاء الصيف الماضي بالنسبة لتوزيع المهاجرين على دول الاتحاد، لتخفيف العبء عن اليونان وإيطاليا، وذلك قبل حلول 7 مارس (آذار) المقبل، أي موعد القمة الأوروبية - التركية. وستخصّص القمّة المشتركة لتقييم خطة عمل جرى الاتفاق بشأنها في وقت سابق، وتنصّ على تلقّي أنقره 3 مليارات يورو، مقابل مساعدتها في وقف تدفق المهاجرين واللاجئين عبر بحر إيجة.
وعد المفوض الأوروبي أن وضع المهاجرين «دقيق جدا»، مشيرا إلى «احتمال حصول أزمة إنسانية واسعة النطاق بشكل فعلي ووشيك جدا». وقد ردت اليونان المتهمة من عدة دول أوروبية، في مقدمتها النمسا بعدم حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي بشكل كاف، بحدة خلال اجتماع وزراء داخلية الدول الأعضاء.
من جهته، قال وزير الهجرة اليوناني، يانيس موزالاس، أمام نظرائه إن النمسا «تعاملنا كأعداء»، فيما استدعت أثينا في الوقت نفسه سفيرتها في فيينا.
وأفادت الخارجية اليونانية أن استدعاء السفيرة هدفه «حماية علاقات الصداقة بين دولتي وشعبي اليونان والنمسا»، وأن «المبادرات الأحادية لحل (أزمة) اللاجئين وانتهاكات القانون الدولي والمكتسبات الأوروبية من قبل دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي من شأنها تقويض أسس وعملية الوحدة الأوروبية». وكان موزالاس قد حذّر في وقت سابق في بروكسل من أن «اليونان لن تقبل بأن تصبح لبنان أوروبا» ضاربا المثل بالبلد المجاور لسوريا الذي أصبح يستقبل عدد لاجئين يوازي ربع عدد سكان البلاد. وكان اجتماع مصغر عقد أول من أمس في فيينا ضم اللجنة المصغرة من دول الاتحاد المكلفة بالملف ولم تدع اليونان إليه، ما أثار انتقادات شديدة.
وتشعر أثينا بشكل زائد أن الدول الأعضاء استغنوا عنها لتتحمّل أعباء تفوق طاقتها، لا سيما أن بدء تطبيق خطة توزيع طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى أراضيها ليتوجهوا إلى دول أخرى في الاتحاد، يواجه صعوبات. وقد تم توزيع أقل من 600 لاجئ وصلوا إلى اليونان وإيطاليا في الأشهر الأخيرة، من أصل 160 ألفا يفترض أن يشملهم الإجراء خلال سنتين. ومنذ مطلع يناير (كانون الثاني) وصل أكثر من 102 ألف مهاجر إلى اليونان عبر المتوسط بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
وفي هذا الإطار، يأتي قرار مقدونيا رفض السماح للأفغان بعبور حدودها مع اليونان، ومطالبة السوريين والعراقيين بوثائق تثبت هويتهم، ليزيد من صعوبة عمل اليونانيين. وبدأ مئات المهاجرين يسيرون أمس على الطرقات اليونانية في طريقهم إلى الحدود مع مقدونيا في شمال اليونان، بعدما حدت سلطات هذا البلد من عدد الحافلات المتوجهة إلى هناك بهدف عدم زيادة العبء على معبر إيدوميني بين البلدين. وقال رئيس بلدية تيسالونيكي، يانيس بوتاريس «إنهم لا يريدون انتظار الحافلات لنقلهم. ولا يمكن للجيش أو الشرطة وقفهم بسبب خطر وقوع حوادث».
بهذا الصدد، دعت المفوضية الأوروبية مرة جديدة الدول الأعضاء إلى وقف سياسة «تصاريح المرور»، لكنها شددت على أن هذا الأمر يجب أن يتم بطريقة منسقة.
واستهدفت المفوضية بشكل خاص النمسا، التي فرضت سقفا يوميا على دخول المهاجرين، حيث لم تعد سوى لنحو 3200 بالمرور عبر أراضيها للوصول إلى دول أوروبية يريدون الاستقرار فيها.
وبالتزامن مع ذلك، أعلن حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أمس، إقرار المهمة التي سيساهم فيها لمواجهة أزمة الهجرة واللاجئين. وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ إن القرار اتخذه وزراء الدفاع قبل أسبوعين بناء على مقترح من ألمانيا وتركيا واليونان. وجرى تكثيف المشاركة في الجهود الدولية لمواجهة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية في بحر إيجة. وأضاف الأمين العام أن «هذه المشكلة تؤثر علينا جميعا، وينبغي أن نجد لها حلولا».
وجاء في بيان الناتو كذلك أن القوة البحرية التابعة له، والمعروفة باسم «المجموعة 2» وصلت إلى بحر إيجة بعد 48 ساعة من قرار الوزراء، وستقوم بعمليات المراقبة والاستطلاع والرصد، كما ستوفر كل المعلومات المطلوبة لخفر السواحل والسلطات المدنية في تركيا واليونان، ومساعدتهم على القيام بواجبهم بشكل أكثر فاعلية، للتعامل مع شبكات التهريب غير الشرعية.
وأشار «الناتو» إلى بدء التنسيق مع وكالة مراقبة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي «فرونتكس»، ونشر السفن في بحر إيجة بالتنسيق مع اليونان وتركيا. ولمح ستولتنبرغ إلى أن المهمة تعني أن العمل بدأ عن كثب مع الاتحاد الأوروبي وأكثر من أي وقت مضى، في إطار التعاون المشترك، لافتا إلى أن مهمة البحث والإنقاذ هي مهمة عالمية وعامة، وتنطبق على جميع السفن التي يجب أن تقدم المساعدة لكل من يواجه محنة في البحر. وأردف: «في حال إنقاذ أشخاص جاءوا من تركيا، سيتم إعادتهم إلى تركيا وستتولى السلطات المدنية عملها بعد ذلك».



ماكرون يدعو أوكرانيا للتحلي بـ«الواقعية» ويعتبر ماسك خطراً على الديمقراطية

TT

ماكرون يدعو أوكرانيا للتحلي بـ«الواقعية» ويعتبر ماسك خطراً على الديمقراطية

ماكرون يلقي كلمته خلال اجتماع سفراء فرنسا حول العالم في الإليزيه الاثنين (رويترز)
ماكرون يلقي كلمته خلال اجتماع سفراء فرنسا حول العالم في الإليزيه الاثنين (رويترز)

للمرة الثلاثين، تجمهر سفراء فرنسا عبر العالم وكبار المسؤولين الحكوميين، الاثنين،

ماكرون لدى وصوله لحضور اجتماع سفراء فرنسا حول العالم في الإليزيه الاثنين (أ.ف.ب)

في قصر الإليزيه للاستماع لرئيس الجمهورية يعرض أمامهم العالم كما يراه والتحديات التي تواجهها بلادهم والتي يتعين عليهم التعامل معها. ومرة أخرى، كان الرئيس إيمانويل ماكرون مجليا، وهو المعروف عنه شغفه بالتحديات الجيوسياسية، في رسم صورة شاملة وواقعية، لما يعاني منه عالم اليوم، خصوصا على ضوء نزاعات وحروب وميل نحو اللجوء إلى القوة وتحولات لم يكن أحد ينتظرها في الماضي القريب.

أوكرانيا والواقعية السياسية

رغم أن ما جاء على لسان ماكرون لم يكن جديدا تماما، فإنه حمل عدة رسائل للأوكرانيين من جهة، وللرئيس الأميركي المنتخب ترمب من جهة ثانية، وللأوروبيين من جهة ثالثة. وأهمية الرسالة الأولى أن ماكرون الذي يريد أن يفرض نفسه أفضل صديق لأوكرانيا، لمح للأوكرانيين بأن وضع حد للحرب لا يمكن أن يتم من غير تنازل كييف عن بعض أراضيها، وذلك من خلال قوله إن على الأوكرانيين أن يتقبلوا «إجراء مناقشات واقعية حول القضايا الإقليمية» أي حول الأراضي. بيد أنه سارع إلى التنبيه من أن أمرا كهذا لا يمكن أن يقوم به سوى الأوكرانيين، مؤكدا أن «لا حل في أوكرانيا من غير الأوكرانيين». وتحذير ماكرون الأخير موجه بالطبع لكييف، لكنه موجه أيضا للرئيس ترمب الذي زعم مرارا في السابق أنه قادر على إيجاد حل للحرب الروسية الأوكرانية سريعا. والتخوف الفرنسي - الأوروبي أن يعمد الأخير لاستخدام الدعم السياسي والمساعدات الاقتصادية والمالية وخصوصا العسكرية لأوكرانيا وسيلة ضغط من أجل حملها على قبول السلام وفق الرؤية الأميركية. كذلك وجه ماكرون رسالة مباشرة ومزدوجة الى ترمب بقوله، من جهة، إنه «لا يوجد حل سريع وسهل في أوكرانيا» ومن جهة ثانية دعوته واشنطن إلى «توفير المساعدة من أجل تغيير طبيعة الوضع وإقناع روسيا بالجلوس إلى طاولة المفاوضات».

السفراء يستمعون إلى كلمة ماكرون في الإليزيه الاثنين (إ.ب.أ)

وفي السياق نفسه، حذر الرئيس الفرنسي ترمب الذي استضافه في قصر الإليزيه وجمعه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمناسبة احتفال انتهاء ترميم كاتدرائية نوتردام، في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) الماضي من أن الولايات المتحدة «لا تملك أي فرصة للفوز بأي شيء إذا خسرت أوكرانيا»، مضيفا أن خسارتها ستعني أن الغرب سيفقد مصداقيته وأن استسلامها سيكون «كارثيا» ليس فقط للأوروبيين ولكن أيضا للأميركيين.

أما بالنسبة للأوروبيين، فإن ماكرون دعاهم للعمل من أجل «إيجاد الضمانات الأمنية» لأوكرانيا بديلا عن انضمامها إلى الحلف الأطلسي الذي ترفضه موسكو بالمطلق. وفي هذا السياق، سبق لماكرون أن اقترح أن يرسل الأوروبيون قوات لمراقبة وقف إطلاق النار في حال التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن وتعزيز أمن أوكرانيا فضلا عن الاتفاقيات الأمنية الثنائية المبرمة بين عواصم أوروبا وكييف. بيد أن مقترح ماكرون لم يلق حماسة أوروبية من جهة، كما أن زيلينسكي لا يرى أنه سيكون كافيا. وعلى خلفية تساؤلات أوروبية وأميركية متكاثرة لجهة استمرار الحرب وأنه لا أفق لنهايتها، فإن الرئيس الفرنسي نبه من شعور «الإرهاق» الذي يمكن أن يضرب الغربيين ومن انعكاساته الكارثية ليس على أوكرانيا وحدها بل على الأمن الأوروبي. وتوجه ماكرون إلى الأوروبيين بقوله: «إذا قررنا أن نكون ضعفاء وانهزاميين، فإن هناك فرصة ضئيلة لأن تحترمنا الولايات المتحدة في عهد الرئيس ترمب».

الاستقلالية الاستراتيجية مجدداً

لم يفوت ماكرون فرصة التذكير بأنه كان أول من طرح فكرة الاستقلالية الاستراتيجية وبناء الدفاع الأوروبي وقد فعل ذلك في عام 2017، أي في العام الذي انتخب فيه رئيسا للمرة الأولى. من هنا، عودته مجددا لدفع الأوروبيين «للمضي قدما بشكل أسرع وأقوى» من أجل تعزيز صناعاتهم الدفاعية بوجه تصاعد التهديدات. وأضاف: «المسألة تكمن في معرفة ما إذا كان الأوروبيون يريدون أن ينتجوا خلال السنوات العشرين المقبلة ما سيحتاجون إليه لأمنهم أم لا»، محذرا من أنه «إذا كنا نعول على القاعدة الصناعية والتكنولوجية للدفاع الأميركي، فعندها سنكون أمام معضلات صعبة وتبعيات استراتيجية خاطئة». وسخر ماكرون من الذين كانوا ينظرون سابقا بكثير من الشك لمبدأ الدفاع الأوروبي أما اليوم فقد تبنوا المبدأ وأخذوا في الدفاع عنه.

ماكرون وترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عند اجتماعهم في «قصر الإليزيه» مساء 7 ديسمبر الحالي (رويترز)

الشعور المسيطر من خلال كلمة ماكرون أنه يسعى، منذ إعادة انتخاب ترمب، إلى بناء علاقة قوية معه على غرار ما فعل في عام 2017 ولكن دون طائل، لا، بل إن هناك نوعا من التسابق لكسب ود الأخير بين القادة الأوروبيين. من هنا، يتعين النظر إلى ما جاء به ماكرون لجهة التذكير بأن باريس «أحسنت التعامل مع الرئيس ترمب» في ولايته الأولى، وهذا الكلام ليس دقيقا، لأن القادة الأوروبيين بمن فيهم ماكرون لم يحصلوا على أي شيء من ترمب، لا في ملف البيئة ولا في الملف النووي الإيراني ولا بالنسبة للحرب في سوريا وحماية الأكراد. ومع ذلك، فقد حرص ماكرون على إيصال رسالة للرئيس المعاد انتخابه بقوله: «يعلم دونالد ترمب أن لديه حليفاً قوياً في فرنسا، حليفاً لا يستهين به، حليفاً يؤمن بأوروبا ويحمل طموحاً واضحاً للعلاقة عبر الأطلسي»، مؤكداً التزام فرنسا بتعزيز التعاون مع حث الدول الأوروبية على تحصين وحدتها وصمودها. كذلك دعا ماكرون إلى «التعاون مع الخيار الذي أقدم عليه الأميركيون».

بيد أن امتداح ترمب لا ينسحب على أقرب المقربين منه وهو الملياردير إيلون ماسك الذي هاجمه الرئيس الفرنسي بعنف، متهما إياه بحمل لواء «الرجعية الدولية الجديدة» من خلال منصته على وسائل التواصل الاجتماعي «إكس». وامتنع ماكرون عن تسمية ماسك، مشيرا لدعمه المزعوم لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف في ألمانيا وتدخله المتزايد في الانتخابات الأوروبية. وأضاف: «من كان يتصور، قبل 10 سنوات، أن مالك إحدى أكبر شبكات التواصل الاجتماعي في العالم سيتدخل مباشرة في الانتخابات، بما في ذلك في ألمانيا». ويرى ماكرون في ماسك الذي سبق له أن استقبله عدة مرات في قصر الإليزيه ولكن قبل شرائه لـ«تويتر» خطرا على الديمقراطية ومؤسساتها وعاملا مزعزعا للاستقرار.